مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثاني (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1936م لغاية 26 أكتوبر سنة 1939م) - صـ 141

جلسة أوّل إبريل سنة 1937

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة باشا ومحمد فهمي حسين بك وحامد فهمي بك وعلي حيدر حجازي بك المستشارين.

(50)
القضية رقم 5 سنة 7 القضائية

مجالس حسبية. حساب القصر. مطالبة الوصي أمام المحاكم الأهلية بتقديم حساب عن الوصاية. متى تمتنع ومتى تجوز؟ (المادة الثالثة من قانون المجالس الحسبية الصادر في 13 أكتوبر سنة 1925)
إذا كان المجلس الحسبي قد اعتمد نهائياً الحساب المقدّم من وصي القصر، ولم يطعن في هذا الحساب - لا أمام المجلس الحسبي ولا أمام المحاكم - بالخطأ أو الغش أو غير ذلك مما ينصب على جوهر الحساب أو الظروف التي تم فيها اعتماده، فلا يجوز بعد ذلك مطالبة الوصي بتقديم الحساب أمام المحاكم. ولكن إذا كان المجلس الحسبي لم يعتمد الحساب نهائياً بل قرّر إعادة النظر فيه، ولم يتم تنفيذ ذلك القرار بسبب بلوغ القصر سنّ الرشد، فإن لهؤلاء القصر أن يطالبوا وصيهم أمام المحاكم بتقديم حساب عن وصايته(1).
المحكمة
وبما أن مرمى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون حين قضى بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر دعوى الحساب عن المدّة من تاريخ وفاة مورّث الطاعنتين لحين بلوغ أولاهما سنّ الرشد في 9 سبتمبر سنة 1932 وثانيتهما في 5 ديسمبر سنة 1934 استناداً إلى أن المجلس الحسبي قد نظر في هذا الحساب، ولا يجوز للطاعنتين طلب إعادة نظره أمام المحاكم الأهلية. وتقول الطاعنتان إنه حتى على فرض أنه لا يجوز إعادة النظر في الحساب المعتمد من المجلس الحسبي فإنه كان مما لا نزاع فيه أن المجلس الحسبي نفسه قد قرّر بتاريخ 2 إبريل سنة 1935 - بناءً على تظلم الطاعنتين له من اعتماد الحساب - بإعادة النظر فيه من تاريخ ابتداء الوصاية لحين بلوغ الطاعنتين سنّ الرشد، وبقي أمر الحساب معلقاً بدون اعتماد جديد نظراً لبلوغهما فعلاً تلك السنّ. من أجل هذا طلبت الطاعنتان نقض الحكم المطعون فيه وتأييد حكم محكمة مصر واحتياطياً إعادة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتحكم فيها دائرة أخرى من جديد.
وبما أن ما أورده الحكم المطعون فيه بشأن عدم اختصاص المحاكم الأهلية هو ما يأتي:
"وحيث إنه بالنسبة لكل من السيدة فتحية والآنسة عزيزة حسن إبراهيم فإن المجلس الحسبي هو المختص بفحص حسابهما مدّة قصرهما عملاً بالمادة الثالثة من قانون المجالس الحسبية الصادر في 13 أكتوبر سنة 1925 وقد أيدت محكمة النقض والإبرام بحكمها الصادر في 5 ديسمبر سنة 1935 هذا المبدأ وتأخذ به هذه المحكمة. وإذن يتعين إلغاء الحكم الخاص بتقديم الحساب عن المدّة من تاريخ الوفاة لغاية بلوغ كل منهما رشده والحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظرها".
وبما أن مؤدى هذا الذي ذكرته محكمة الاستئناف هو أنها - اعتماداً على ما فهمته من قضاء محكمة النقض الصادر في الطعن رقم 43 سنة 5 قضائية بتاريخ 5 ديسمبر سنة 1935 - ترى أن لا اختصاص للمحاكم الأهلية في نظر دعاوى حساب القصر لاختصاص هيئة أخرى بنظره.
وبما أنه بقطع النظر عن أن الحكم الذي اقتبس إنما كان في دعوى حساب اعتمده المجلس الحسبي اعتماداً نهائياً ولم يطعن فيه أحد، لا أمام ذلك المجلس ولا أمام المحاكم، بالخطأ أو الغش أو غير ذلك من الدفوع التي تنصب على جوهر الحساب أو على الحواشي التي لحقت ظروف اعتماده، وأن الدعوى في ذلك الطعن كان موضوعها مطالبة الوصي بالحساب عن مدّة وصايته، ولذلك فإن محكمة النقض منعت هذه المطالبة - بقطع النظر عن ذلك جميعاً فإنه في الدعوى الحالية قد ثبت من المستندات المقدّمة لهذه المحكمة ولمحكمة الاستئناف من قبل أن الحساب لم يعتمد نهائياً من المجلس الحسبي، بل إن ذلك المجلس قرّر في 2 إبريل سنة 1935 إعادة النظر فيه، ولكن نتيجة ذلك لم تتم لبلوغ الطاعنتين الرشد إبان إعادة النظر، فلم يكن عند ذلك من سبيل لهما إلا طرق باب المحاكم الأهلية للمدافعة في حقهما.
وبما أنه يبين من ذلك أن المسألة على هذا الوضع ليست مسألة تنازع في الاختصاص بين المجالس الحسبية والمحاكم الأهلية وإنما هي نزاع في حجية القرارات التي تصدرها المجالس الحسبية باعتماد حساب في علاقة القصر بالأوصياء. وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه أخطأ في الحكم بعدم الاختصاص كما أخطأ في الحكم في موضوع الدعوى ويتعين إذن نقضه.
وبما أن الاستئناف رقم 46 سنة 53 قضائية المرفوع من المدّعى عليه في الطعن بصفته صالح للحكم فيه.
وبما أن الحكم الابتدائي الصادر من محكمة مصر الابتدائية بتاريخ 15 سبتمبر سنة 1935 في الدعوى رقم 1021 كلي سنة 1935 قد أصاب الحق للأسباب التي استند إليها ولما ذكر آنفاً فيتعين تأييده.


(1) راجع مع هذا حكم محكمة النقض الصادر في القضية رقم 43 سنة 5 ق بجلسة 5 ديسمبر سنة 1935 المنشور في الجزء الأوّل تحت رقم 306 بالصفحات 957 - 964