أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 368

جلسة 8 من مارس سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الاكيابي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد جمال الدين وبدر الدين السيد نائبي رئيس المحكمة ومحمد محمود إبراهيم وعادل السيد السعيد الكناني.

(51)
الطعن رقم 4291 لسنة 66 القضائية

(1) بطلان "بطلان الإعلان". نظام عام. إعلان. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
أوجه البطلان المتعلقة بالتكيف بالحضور. ليست من النظام العام. حضور المتهم الجلسة بنفسه أو بوكيل عنه. تمسكه ببطلان أوراق التكليف بالحضور. غير مقبول.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام الحكم بأن يورد من أقوال الشهود إلا ما يقيم عليه قضاءه.
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد المتعددة. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى. متى اطمأنت إليها.
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم ما دام استخلاصه سائغاً.
الجدل في تقدير الأدلة. تستقل به محكمة الموضوع.
(5) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. لا يجوز إثارته أمام النقض.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم"حجيته". إثبات "بوجه عام".
أدلة الدعوى. حرية القاضي في تقديرها لتكوين عقيدته ولو ترتب على حكمه قيام تناقض بينه وبين حكم سابق أصدرته هيئة أخرى على متهم آخر في ذات الواقعة.
(7) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الاستغناء عن سماع بقبول المتهم أو المدافع عنه. أساس ذلك؟
1 - من المقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بالتكليف بالحضور ليست من النظام العام، فإذا حضر المتهم بالجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، وكان الثابت أن الطاعن مثل أمام محكمة الجنايات ومعه المحامي المنتدب، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم إعلانه بالجلسة المحددة لنظر الدعوى يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصاً سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت كل الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول.
4 - لما كان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى مادامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى، وهو من إطلاقاتها.
5 - لما كانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى, وكان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه مطرحاً للأسباب السائغة التي أوردها تلك الورقة الرسمية التي قدمها الطاعن وأراد بها التشكيك في الأدلة المستمدة من أقوال الشهود التي عولت عليها المحكمة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض.
6 - من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
7 - لما كانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ...... أن الدفاع - خلافاً لما ذهب إليه الطاعن في أسباب الطعن - قد تمسك بسماع الشاهد......، واستغنى صراحة عن سماع بقية الشهود - وإجابته المحكمة لذلك - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بقالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخرين (سبق الحكم عليهم) - بأنه اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الآخرين في الاستيلاء بغير حق على كمية الغلال المبينة بالأوراق والمملوكة للشركة العامة للمطاحن والصوامع التابعة لوزارة المالية على النحو المبين بالتحقيقات وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً..... عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 113/ 1، 116 مكررا/ 1، 118 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ستمائة وثمانية وثمانين جنيهاً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك مع آخرين (سبق الحكم عليهم) في الاستيلاء على مال عام قد شابه البطلان، والفساد في الاستدلال والتناقض، وانطوى على إخلال بحق الدفاع. ذلك بأنه لم يعلن بالجلسة المحددة لنظر الدعوى، وعول الحكم على أقوال الشاهد..... وحدها رغم مجافاتها للحقيقة، إذ أن الطاعن لم يكن له دور على مسرح الجريمة، كما أن الشاهد المذكور طاعن في السن وضعيف البصر ويكيد له لخلف سابق بينهما، فضلاً عن تباين شهادته بالتحقيقات عنها أمام المحكمة، هذا إلى أن المحكمة دانته رغم تقدمه بشهادة تفيد حجزه - وقت الحادث - بمستشفى الحامول ورغم قضائها ببراءة آخرين في ذات الدعوى، كما لم تعن بسماع الشهود في الجلسة اكتفاء بسماع الشاهد السالف ذكره، وذلك كله مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الاشتراك في الاستيلاء على مال عام التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بالتكليف بالحضور ليست من النظام العام، فإذا حضر المتهم بالجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، وكان الثابت أن الطاعن مثل أمام محكمة الجنايات ومعه المحامي المنتدب، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم إعلانه بالجلسة المحددة لنظر الدعوى يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعن - خلافاً لما يزعمه الطاعن - على أقوال كل من..... و.... و.... و.... و....، والرائد..... والمقدم..... و..... وما أقربه المتهمان الأول والثاني، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصهاً سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت كل الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم من أقوال الشاهد...... له أصله الثابت في الأوراق، وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى مادامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - وهو الحال في الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى، وهو من إطلاقاتها. لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق وسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى, وكان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه مطرحاً للأسباب السائغة التي أوردها تلك الورقة الرسمية التي قدمها الطاعن وأراد بها التشكيك في الأدلة المستمدة من أقوال الشهود التي عولت عليها المحكمة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا وجه لقالة التناقض التي أثارها الطاعن مستنداً فيها إلى الحكم الصادر بالبراءة لمتهم آخر في الدعوى عن ذات التهمة، إذ أنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اعتقادها ما دامت قد بنت اقتناعها على أسباب سائغة، فإن الأمر يتعلق بتقدير الدليل، ولا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه، ذلك بأنه من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدي القاضي الآخر، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ..... أن الدفاع - خلافاً لما ذهب إليه الطاعن في أسباب الطعن - قد تمسك بسماع الشاهد......، واستغنى صراحة عن سماع بقية الشهود - وإجابته المحكمة لذلك - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بقالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.