أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 32 - صـ 32

جلسة 8 من يناير 1981

برياسة السيد المستشار/ صلاح نصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن جمعه، وأحمد محمود هيكل، ومحمد عبد الخالق النادي، وأحمد أبو زيد.

(2)
الطعن رقم 1627 لسنة 50 القضائية

1 - نقض. "الحكم في الطعن" "ترتيب الجزاءات الإجرائية".
جواز الطعن من عدمه، مسألة سابقة على النظر في شكله.
2 - نقض "الصفة والمصلحة في الطعن"، "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". دعوى مدنية.
حق الطعن بالنقض. مناطه: أن يكون الطاعن طرفاً في الحكم النهائي الصادر من آخر درجة، وأن يكون هذا الحكم قد أضر به. إغفال الحكم الابتدائي الفصل في الدعوى المقامة ضد المسئول عن الحقوق المدنية، وعدم اختصامه بالتالي في الاستئناف المقام من المتهم وحده. أثره. عدم جواز طعنه في الحكم الصادر برفض الاستئناف.
3 - إثبات "بوجه عام". مرور. خطأ. قتل خطأ. مسئولية جنائية. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه، تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً ومدنياً، موضوعي. السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ؟
مجاوزة الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه. تقدير توافر ذلك: موضوعي.
4 - نقض "الصفة في الطعن". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دعوى مدنية. بطلان.
الطعن بالنقض لبطلان الإجراءات لا يقبل ممن لا شأن له بالبطلان. ليس للمحكوم عليه النعي على الحكم بالبطلان لعدم إخطار المدعي المدني بالجلسة وصدور الحكم في غيبته.
5 - إثبات "شهود". دعوى مدنية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سماع المدعي المدني. كشاهد. إذا طلب ذلك أو ارتأت المحكمة سماعه.
6 - حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره". "بطلانه". بطلان. نقض. "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها".
تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يبطله طالما قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي المستأنف أخذاً بأسبابه.
1 - وإن كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 10 من يونيو سنة 1978 وقدمت شركة النيل العامة لأتوبيس الوجه القبلي أسباب طعنها بالنقض في 20 من يوليو سنة 1978 بيد أنها لم تقرر بالطعن بالنقض في الميعاد المقرر لذلك مما يجعل طعنها - في الأصل - غير مقبول شكلاً، إلا أن النظر في شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل في جواز الطعن من جانب الشركة المسئولة المحتملة عن الحقوق المدنية.
2 - لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 إذ أجازت لكل من المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها - فيما يتعلق بالحقوق المدنية - الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة وأن يكون هذا الحكم قد أضر به، فإذا تخلف هذا الشرط فإن طعنه في الحكم الصادر فيها بطريق النقض يكون غير جائز، وكان من المقرر أنه لا يكفي لاعتبار الطاعن طرفاًً في الحكم المطعون فيه أن يكون قد اختصم أمام محكمة أول درجة دون محكمة ثاني درجة، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة - شركة النيل العامة لأتوبيس الوجه القبلي وإن اختصمت أمام المحكمة الجزئية إلا أن حكمها الصادر في 13 من فبراير سنة 1977 قضى حضورياً بتغريم المتهم (الطاعن الأول) عشرين جنيهاً وإلزامه أن يدفع قرشاً صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت، وأغفل الفصل في الدعوى المدنية المقامة من المدعي بالحقوق المدنية ضد الشركة المسئولة عنها، فاستأنف المتهم وحده هذا الحكم وقضت المحكمة الاستئنافية برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وبالتالي لم تكن الشركة المسئولة مختصمة أمام محكمة ثاني درجة ومن ثم لم يلزمها الحكم المطعون فيه بشيء إذ اقتصر قضاؤه على تأييد الحكم الابتدائي الصادر ضد الطاعن الأول وحده فإنه يتعين - والحال هذه - القضاء بعدم جواز الطعن المقدم من المسئولة عن الحقوق المدنية.
3 - من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً ومدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى وأن السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ ليس لها حدود ثابتة وإنما هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الجرح وكان تقدير ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا تعد مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق.
4 - من المقرر أن الطعن بالنقض لبطلان الإجراءات التي بني عليها الحكم لا يقبل ممن لا شأن له بهذا البطلان، فإن ما يثيره الطاعن من بطلان في الإجراءات لعدم إخطار المدعي بالحقوق المدنية بتاريخ جلسة نظر الاستئناف وصدور الحكم في غيبته - مما لا شأن له به - لا يكون له محل.
5 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المدعي بالحقوق المدنية إنما يسمع كشاهد ويحلف اليمين إذا طلب ذلك أو طلبته المحكمة - سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم - وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعن لم يطلب سماع أقوال المدعي بالحقوق المدنية ولم تر هي ذلك، فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن من بطلان الإجراءات لإغفال المحكمة إعمال حكم المادة 288 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب سماع المدعين بالحقوق المدنية كشهود بعد حلف اليمين.
6 - من المقرر أن تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه ما دام قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي المستأنف أخذاً بأسبابه مما يجب معه اعتبار هذه الأسباب صادرة من محكمة ثاني درجة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المحكوم عليه (الطاعن الأول) بأنه: أولاً: تسبب بخطئه في إصابة...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجني عليه وأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي. ثانياً: قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر على الأشخاص والأموال. وطلبت عقابه بالمادة 244/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 4، 77، 79 من القانون رقم 66 لسنة 1973. وادعى...... مدنياً قبل المتهم وشركة النيل العامة لأتوبيس الوجه القبلي متضامنين بأن يدفعا له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح بندر ثاني أسيوط الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشرين جنيهاً وإلزامه بأن يدفع قرشاً صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة أسيوط الابتدائية بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 10 يونيه 1978 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 10 من يونيه سنة 1978 وقدمت شركة النيل العامة لأتوبيس الوجه القبلي أسباب طعنها بالنقض في 20 من يوليو سنة 1978 بيد أنها لم تقرر بالطعن بالنقض في الميعاد المقرر لذلك مما يجعل طعنها - في الأصل - غير مقبول شكلاً، إلا أن النظر في شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل في جواز الطعن من جانب الشركة المسئولة المحتملة عن الحقوق المدنية. لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 إذ أجازت لكل من المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها - فيما يتعلق بالحقوق المدنية - الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة وأن يكون هذا الحكم قد أضر به، فإذا تخلف هذا الشرط فإن طعنه في الحكم الصادر فيها بطريق النقض يكون غير جائز، وكان من المقرر أنه لا يكفي لاعتبار الطاعن طرفاًً في الحكم المطعون فيه أن يكون قد اختصم أمام محكمة أول درجة دون محكمة ثاني درجة، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة - شركة النيل العامة لأتوبيس الوجه القبلي وإن اختصمت أمام المحكمة الجزئية إلا أن حكمها الصادر في 13 من فبراير سنة 1977 قضى حضورياً بتغريم المتهم (الطاعن الأول) عشرين جنيهاً وإلزامه أن يدفع قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، وأغفل الفصل في الدعوى المدنية المقامة من المدعي بالحقوق المدنية ضد الشركة المسئولة عنها، فاستأنف المتهم وحده هذا الحكم وقضت المحكمة الاستئنافية برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وبالتالي لم تكن الشركة المسئولة مختصمة البتة أمام محكمة ثاني درجة ومن ثم لم يلزمها الحكم المطعون فيه بشيء إذ اقتصر قضاؤه على تأييد الحكم الابتدائي الصادر ضد الطاعن الأول وحده فإنه يتعين - والحال هذه - القضاء بعدم جواز الطعن المقدم من المسئولة عن الحقوق المدنية.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي الإصابة الخطأ وقيادة السيارة بحالة ينجم عنها الخطر قد شابه فساد في الاستدلال وبطلان وانطوى على قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه ركن في إدانته إلى أنه كان يقود السيارة بسرعة في حين أن أحداً ممن سئلوا بالتحقيقات لم يحدد السرعة التي كانت عليها السيارة وقت الحادث سوى المجني عليه الذي قرر بأنها كبيرة وقد خلا محضر الضبط من تحديد موقفه من السيارة وكذا مكان عربة النقل البطيء (الكارو) التي قرر أنها كانت تسير بمكان الحادث وقت حصوله، كما أن الحكم المطعون فيه صدر في غيبة المدعي بالحقوق المدنية الذي لم يخطر بتاريخ الجلسة التي تحددت لنظر الدعوى أمام محكمة ثاني درجة التي فصلت فيها دون سماع المدعي بالحقوق المدنية مما توجب المادة 288 من قانون الإجراءات الجنائية من سماعه كشاهد بعد تحليفه اليمين هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه حرر على نموذج مطبوع ولم يعن بالرد على دفاعه الوارد بمذكرته المقدمة لمحكمة ثاني درجة في فترة حجز الدعوى للحكم - كل ذلك مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الإصابة الخطأ وقيادة السيارة بحالة ينجم عنها الخطر اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، ولم ينازع الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً ومدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى وأن السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ ليس لها حدود ثابتة وإنما هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الجرح وكان تقدير ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا تعد مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق، وإذ كان الحكم قد استخلص في تدليل سائغ ومنطق مقبول مما أخذ به واطمأن إليه من أقوال المجني عليه وسائر العناصر المطروحة أن الطاعن كان يقود السيارة بسرعة وانحرف بها فجأة نحو المجني عليه فصدمه وأحدث إصابته، فإنه يكون قد استظهر الخطأ في حق الطاعن، وما يثيره في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلى جدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطعن بالنقض لبطلان الإجراءات التي بني عليها الحكم لا يقبل ممن لا شأن له بهذا البطلان، فإن ما يثيره الطاعن من بطلان في الإجراءات لعدم إخطار المدعي بالحقوق المدنية بتاريخ جلسة نظر الاستئناف وصدور الحكم في غيبته - مما لا شأن له به - لا يكون له محل. ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المدعي بالحقوق المدنية إنما يسمع كشاهد ويحلف اليمين إذا طلب ذلك أو طلبته المحكمة - سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم - وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعن لم يطلب سماع أقوال المدعي بالحقوق المدنية ولم تر هي ذلك، فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن من بطلان الإجراءات لإغفال المحكمة إعمال حكم المادة 288 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب سماع المدعين بالحقوق المدنية كشهود بعد حلف اليمين. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه ما دام قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي المستأنف أخذاً بأسبابه مما يجب معه اعتبار هذه الأسباب صادرة من محكمة ثاني درجة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أمام المحكمة الاستئنافية أنها قررت بجلسة 12/ 5/ 1978 التي حضر فيها الطاعن حجز الدعوى للحكم لجلسة 10/ 6/ 1978 دون أن تصرح لأي من الخصوم بتقديم مذكرات، وفي تلك الجلسة صدر الحكم المطعون فيه، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن الرد على دفاع الطاعن الذي ضمنه مذكرته المقدمة خلال فترة حجز الدعوى للحكم - بفرض صحة ما ذهب إليه في وجه الطعن - طالما أن المحكمة لم تصرح له بتقديم مذكرات، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يكشف عن ماهية الدفاع الذي ينعى على الحكم إعراضه عنه بما يغدو معه منعاه في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.