مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثاني (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1936م لغاية 26 أكتوبر سنة 1939م) - صـ 206

جلسة 9 ديسمبر سنة 1937

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة باشا ومحمد فهمي حسين بك وحامد فهمي بك وعلي حيدر حجازي بك المستشارين.

(76)
القضية رقم 61 سنة 7 القضائية

( أ ) نقض وإبرام. وجه الطعن. انحصاره في الوقائع الإجرائية. حق محكمة النقض في استظهاره من الأوراق. الرجوع إلى صحيفة الدعوى والمذكرات.
(ب) دعوى بوليصية. تعريفها. طلب تثبيت ملكية العين. طلب إبطال تصرف في ذات العين حصل للغير من البائع. لا يجوز الجمع بينهما. التنافي بين الدعويين.
(جـ) دعوى ملكية عين. طلب إبطال تصرف في ذات العين للصورية المطلقة. الجمع بينهما. جوازه. مثال. حكم لشخص بصحة توقيع البائع على العقد الصادر له منه. تسجيله بعد تسجيل عقد آخر صدر ببيع العين ذاتها لغير هذا الشخص. تمسكه بصورية العقد الآخر صورية مطلقة. جوازه. (المادة 143 مدني)
1 - إذا كان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لا يعدو الوقائع الإجرائية في الدعوى (Faits procéduriaux) فلمحكمة النقض أن تستظهر وجه الحقيقة من الأوراق المكتوبة فيها. فإذا كان مؤدى الطعن أن الدعوى بنيت على الطعن بالصورية في العقد، وأن محكمة الاستئناف اعتبرتها مؤسسة أولاً على الدعوى البوليصية ثم تطوّرت إلى الدعوى بالصورية، فلمحكمة النقض أن ترجع إلى صحيفة الدعوى والمذكرات المقدّمة، فإن وجدت فيها ما يشهد للطاعن بصحة مدعاه نقضت الحكم لفصله في الدعوى على غير الأساس الذي أقيمت عليه.
2 - الدعوى البوليصية هي وسيلة يتمكن بها الدائن من أن يستد بدينه من ثمن العين المطلوب إبطال التصرف الحاصل من مدينه فيها في مواجهة المتصرف له. فمن يطلب تثبيت ملكيته لعين لا يجوز له أن يطلب بطلان تصرف حصل للغير ممن باع له هو هذه العين بدعوى تواطؤ هذا البائع مع المشتري الثاني على الإضرار به. وذلك لأن كلاً من الدعويين تتنافى مع الأخرى.
3 - إن القانون لا يمنع من الجمع بين دعوى طلب تثبيت الملكية في عين وطلب بطلان تصرف صادر في ذات العين للصورية المطلقة، فإن المقصود من التمسك بهذه الصورية هو اعتبار العقد المطعون عليه منعدماً لا أثر له ليتمكن الطاعن فيه من تحقيق أثر العقد الصادر له. فإذا صدر حكم لشخص بصحة توقيع البائعين على العقد الصادر منهما له، وسجل هذا الحكم بعد تسجيل عقد آخر صدر ببيع العين ذاتها لغيره، فلهذا الشخص أن يتمسك بصورية العقد الآخر صورية مطلقة ليزيل جميع العوائق القائمة في سبيل تحقيق أثر عقده، وذلك سواء باعتباره دائناً للبائعين في الالتزامات التي ترتبت على العقد الصادر له منهم من جهة وجوب قيامهم بجميع الإجراءات اللازمة لنقل الملكية أم باعتباره صاحب حق عيني موقوف انتقاله إليه إلى ما بعد التسجيل.


الوقائع

تتحصل وقائع هذه المادة - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق والمستندات المقدّمة لهذه المحكمة والتي كانت مقدّمة من قبل لمحكمة الموضوع - فيما يأتي:
بمقتضى عقد عرفي مؤرّخ في أوّل مايو سنة 1933 باع عبد العزيز أحمد محمد حميد أبو ستيت وأخوه بكري أحمد إلى الشيخ محمد السمان علي تمام 10 فدادين و9 قراريط كائنة بزمام ناحية الغبيرات التابعة لمركز البلينا. ولامتناع البائعين عن توقيع العقد النهائي رفع المشتري عليهما الدعوى رقم 3436 مدني البلينا سنة 1933 طلب فيها الحكم بصحة توقيعهما على عقد البيع المذكور، فقضت له المحكمة المذكورة بذلك في 3 يونيه سنة 1933، وسجل الحكم في 27 يوليه سنة 1933، ولكن قبل تسجيل هذا الحكم بثلاثة أيام كان البائعان المذكوران باعا هذه العين بذاتها مرة أخرى إلى الشيخ شمس الدين عثمان أبو ستيت بمقتضى عقد مؤرّخ في 24 يوليه سنة 1933، وتسجل تسجيلاً تاماً في 26 منه من السنة عينها. فرفع الشيخ محمد السمان علي تمام وهو المشتري الأوّل هذه الدعوى أمام محكمة أسيوط الابتدائية حيث قيدت بجدولها العمومي برقم 771 مدني كلي سنة 1933 ضدّ بائعيه عبد العزيز وبكري أحمد محمد حميد أبو ستيت وضد المشتري الثاني الشيخ شمس الدين عثمان أبو ستيت، والشيخ علي إبراهيم كريم عمدة ناحية العقارية مركز البلينا، وطلب الحكم فيها (أوّلاً) بتعيين الشيخ علي إبراهيم كريم حارساً قضائياً على ال 10 فدادين و9 قراريط وتسليمها له لإدارتها من تأجير وزراعة وإيداع صافي ريعها بخزينة المحكمة حتى يفصل نهائياً في الدعوى وشمول الحكم بالنفاذ المؤقت وبنسخته الأصلية. (ثانياً) تثبيت ملكيته إلى القدر المذكور ومحو وشطب جميع التسجيلات التي توقعت عليها وتكليفها باسمه، وكف المنازعة والتسليم وإلغاء عقد البيع الصادر إلى الشيخ شمس الدين عثمان أبو ستيت المؤرخ في 16 يوليه سنة 1933 مع إلزامهم جميعاً عدا علي إبراهيم كريم بالمصاريف والأتعاب.
وفي أثناء سير الدعوى طلبت الست ستيتة السمان قبولها خصماً ثالثاً في الدعوى قائلة بأن الأطيان المتنازع عليها إنما هي ملك لها بالميراث عن زوجها أحمد محمد حميد أبو ستيت فأجابتها المحكمة إلى طلبها وقبلتها خصماً ثالثاً.
وفي أوّل نوفمبر سنة 1933 حكمت المحكمة بتعيين فؤاد أبو ستيت أفندي حارساً قضائياً على الأطيان المتنازع عليها، ثم نظرت الموضوع فقضت فيه أوّلاً بتاريخ 22 إبريل سنة 1934 تمهيدياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الشيخ محمد السمان علي تمام التواطؤ والقرابة بين البائعين والشيخ شمس الدين عثمان أبو ستيت وتجرّد البائعين من جميع أملاكهم وذلك بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة، وصرحت للبائعين وللست ستيتة السمان بالنفي بالطرق عينها.
وبعد أن تم التحقيق وسمعت أقوال الشهود إثباتاً ونفياً قررت المحكمة انتداب حضرة قاضي محكمة سوهاج الجزئية للانتقال إلى قسم المساحة المحلي بسوهاج للاطلاع على تعهد قيل إنه صادر من الشيخ شمس الدين عثمان أبو ستيت بإقراره قبل تسجيل عقده بأنه يعلم أن الصفقة موضوع عقده صدر عنها حكم بصحة توقيع البائعين له على عقد بيعهما إلى الشيخ محمد السمان علي تمام. وبعد أن تم الانتقال واتضح من محضره صحة صدور هذا الإقرار قضت المحكمة بتاريخ 26 مايو سنة 1935 بطلبات الشيخ محمد السمان علي تمام وبرفض دعوى الخصم الثالث الست ستيتة السمان وألزمت البائعين والشيخ شمس الدين بالمصاريف و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
استأنف الشيخ شمس الدين عثمان أبو ستيت هذا الحكم بالاستئناف رقم 7 سنة 11 قضائية طالباً الحكم بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه ورفض دعوى الشيخ محمد السمان علي تمام مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين مستنداً في ذلك إلى أن عقده هو الأسبق تسجيلاً فيكون قد تلقى الملكية من المالكين الحقيقيين.
فدفع الشيخ محمد السمان علي تمام بأنه كان قد دفع الدعوى أمام محكمة أوّل درجة بالصورية وبالدعوى البوليصية معاً، ولكنه بعد صدور الحكم التمهيدي الصادر في 22 إبريل سنة 1934 بإحالة الدعوى إلى التحقيق وتنفيذه قرّر أنه اتضح له أن البائعين كانا يملكان أعياناً وقت البيع إليه وإن كانا تصرفا فيها بعد ذلك، ولذلك يترك الكلام عن الدعوى البوليصية ويكتفي بالطعن على العقد الثاني بالصورية التي تجعل العقد غير قائم ولا وجود له، وأنه يصر على الطعن على هذا العقد بالصورية فقط.
نظرت محكمة استئناف أسيوط في هذه الدعوى. وبعد أن سمعت أقوال وملاحظات الخصوم قضت فيها بتاريخ 17 إبريل سنة 1937 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الشيخ محمد السمان علي تمام وألزمته بمصاريف الدرجتين و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما للشيخ شمس الدين عثمان أبو ستيت.
وقد أعلن هذا الحكم إلى الشيخ محمد السمان علي تمام بتاريخ 10 يونيه سنة 1937 فطعن فيه بطريق النقض في 8 يوليه سنة 1937 الخ.


المحكمة

وحيث إن أهم ما عاب به الطاعن الحكم المطعون فيه قول المحكمة إنه لا صحة لدعوى الصورية لأنه (أي الطاعن) قد اعترف ضمنياً بجدّية العقد عندما طعن بالتواطؤ، ولأنه لا محل للطعن بالصورية بعد الطعن بالتواطؤ. ويقول الطاعن في بيان ذلك إن المحكمة لم تستخلص عدم الصورية من وقائع الدعوى وملابساتها أو من التحقيق، ولكنها قرّرت مبدأ عاماً لا يتناول هذه القضية بالذات بل يصح أن يكون حكماً في كل قضية من نوعها وهو أن ادعاء الصورية بعد ادعاء التواطؤ غير مقبول. وهذه القاعدة القانونية التي بنت المحكمة عليها حكمها في نفي الصورية غير صحيحة إذ من المقرر أنه لا تنافي بين الدعوى البوليصية والدعوى بالصورية، فيجوز رفع الدعويين إحداهما بعد الأخرى، كما يجوز رفعهما معاً على سبيل الخيرة، ولا يوجد ثمة مانع من تحويل الدعوى البوليصية إلى الدعوى بالصورية.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أن محكمة الاستئناف - بعد أن استعرضت وقائع الدعوى بما لا يخرج عن البيان الوارد في صدر هذا الحكم وبعد أن استظهرت أن العين المبيعة إلى الطاعن هي بذاتها المبيعة إلى المدّعى عليه الأوّل في الطعن الشيخ شمس الدين عثمان أبو ستيت؛ وبعد أن بينت أوجه دفاع كل من الخصوم وما كان عليه هذا الدفاع أمام محكمة أوّل درجة وما تطوّر إليه، واستقرار دفاع الطاعن على دعوى الصورية فقط - بعد كل ذلك أخذت تبين أحكام قانون التسجيل الجديد الصادر برقم 18 لسنة 1923 بخصوص انتقال الملكية وبقائها للبائع حتى تسجيل عقد البيع وما جرى عليه قضاء محكمة النقض والإبرام من أن العبرة في نقل الملكية بالتسجيل وحده، ولو كان المتصرف والمتصرف إليه الثاني سيئ النية متواطئين أشدّ التواطؤ على حرمان المتصرف إليه الأوّل من الصفقة، ثم استخرجت من بحثها هذه النتيجة المنطقية له بأن قالت:
"وحيث إنه ثابت أن عقد المستأنف سجل قبل عقد المستأنف ضدّه الأوّل (الطاعن) بيوم فيكون المستأنف قد تلقى الملك عن المالكين الحقيقيين. ومن ثم فعقده أولى بالتفضيل على عقد المستأنف ضدّه الأوّل الذي تلاه في التسجيل".
وتعّرضت بعد ذلك لدفاع المستأنف ضدّه الأوّل (الطاعن) فقالت:
"وحيث إنه علاوة على ما تقدّم فلا صحة لدعوى الصورية التي يزعم المستأنف ضدّه الأوّل بأنها تعيب عقد المستأنف لأن المستأنف ضدّه الأوّل قد اعترف ضمنياً بجدّية عقد المستأنف عند طعنه على عقد الأخير أمام محكمة أوّل درجة بالتواطؤ فمعناه أن البيع حقيقي ومقابل ثمن ولكنه عمل إضراراً بحق الدائنين، فلا محل للطعن بالصورية الآن بعد سبق الاعتراف ضمناً بجدّية البيع". وانتهت من ذلك كله إلى الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن.
وحيث إنه يبين من هذا الذي ذهبت إليه محكمة الاستئناف - إذ اعتبرت أن لا صحة لدعوى الصورية - أن الطاعن كان أسس دعواه أوّلاً على الدعوى البوليصية، ثم عدل عنها إلى الدعوى بالصورية، فأخذت من ذلك اعترافاً ضمنياً منه بجدّية العقد المطعون فيه.
وحيث إن الطاعن يقول في مذكرته المقدّمة منه لهذه المحكمة بشرح أسباب الطعن إن دعواه مبنية من أساسها على الطعن بالصورية في العقد الثاني، وقدّم جملة مستندات رسمية لتأييد قوله هذا، فالخلاف إذن بين المحكمة والطاعن هو في الوقائع الإجرائية في الدعوى (Faits procéduriaux). أي هل في صحيفة الدعوى أو المذكرات المقدّمة فيها ما يشهد للطاعن بأن أساس دعواه الصورية أم ما يؤيد نظر محكمة الاستئناف بأن الدعوى أساسها الدعوى البوليصية وتطوّرت إلى الدعوى بالصورية.
وحيث إن استظهار ذلك مما تملكه محكمة النقض لأنه متعلق بالإجراءات المكتوبة في الأوراق الرسمية.
وحيث إن الطاعن عندما رفع دعواه في سبتمبر سنة 1933 قال في عريضتها ما نصه:
"وحيث إن البيع المذكور هو صوري وفضلاً عن ذلك فإن المعلن إليه الثالث وهو المشتري يعلم بأن الصفقة المذكورة مباعة للطالب. ولذلك يكون شراؤه باطلاً".
ثم قدّم مذكرته الأولى لمحكمة أوّل درجة يبين فيها أدلته على تواطؤ المدّعى عليه الأوّل في الطعن مع بائعيه وانتهى منها بقوله:
"وعلى ذلك فالعقد الصادر إلى المدّعى عليه الثالث والمسجل في 26 يوليه سنة 1933 باطل من جميع الوجوه وما قصده به في الحقيقة إلا التواطؤ والإضرار بحقوق المدّعي واغتيال مبلغ الـ 400 جنيه التي دفعت منه ثمناً للأطيان المباعة".
وبعد أن صدر الحكم التمهيدي بإحالة الدعوى إلى التحقيق وبانتقال المحكمة لقسم المساحة المحلي بسوهاج، وتم هذا وذاك، قدّم مذكرة أخيرة وقبل قفل باب المرافعة قال في نهايتها بعد أن تكلم عن الدعوى البوليصية وتوفر أركانها: "ومع ذلك فعقد شمس الدين يمتاز عن غيره بعيب آخر لا دخل له لا بالعلم السابق ولا بالاتفاق التدليسي. وهذا العيب هو الصورية التي تكلمت عنها في صدر التحقيق الذي أجرته المحكمة. وهذه الصورية تجعل العقد كأنه غير قائم فلا وجود له. ومن الأمور البديهية أن الصورية يجوز لغير المتعاقدين أن يثبتوها بالبينة، وقد أثبتناها لا بالبينة فقط بل بالقرائن أيضاً".
ثم أضاف ملحوظة إلى ذلك بأن قال:
"كنا دفعنا ببطلان عقد شمس الدين على أساس الدعوى البوليصية ولكن اتضح لنا أن البائعين كانا يملكان أعياناً وقت البيع إلينا وإن كانا تصرفا فيها بعد ذلك، ولذا نترك الكلام عن الدعوى البوليصية".
وحيث إن الثابت من هذا البيان أن الطاعن جعل من الصورية أساساً لدعواه، وأنه عند التكلم على تواطؤ بائعيه مع المشتري الثاني انساق إلى بحث أركان الدعوى البوليصية بدون أن يفقه إلى أن هذه الدعوى لا تتفق وطلبه تثبيت الملكية له هو، إذ من خصائص الدعوى البوليصية إعادة الملكية للمدين، وأنه مع ذلك استمر في جميع أدوار التقاضي أمام محكمة أوّل درجة يذكر أن العقد باطل مما يشعر بأنه يريد القول بأن ثمناً مّا لم يدفع، وأنه على أي حال جاء في طلباته الختامية، وهي الطلبات الواجبة الاعتبار، وترك الكلام عن الدعوى البوليصية وتمسك بدفاعه الأصلي وهو الصورية.
وحيث إنه يستنتج من ذلك أن أساس دفاع الطاعن كان بالصورية وأن لا شأن لقانون التسجيل الجديد للمفاضلة بين العقدين. فبصرف النظر عما إذا كان يجوز أو لا يجوز الدفع بالصورية بعد الدفع بالدعوى البوليصية، لأن هذه الحالة لم تكن محل نظر في الدعوى الحالية، تكون محكمة الاستئناف قد أخطأت المرمى باعتبار الدعوى مؤسسة أصلاً على الدعوى البوليصية، وفي الفصل فيها على هذا الاعتبار مطبقة قانون التسجيل. وقد أخطأت أيضاً في رفضها البحث في دعوى الصورية ارتكاناً على هذا الاعتقاد. ولذلك يكون حكمها معيباً من هذه الناحية متعيناً نقضه بدون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم في موضوعها.
وحيث إن الحكم المستأنف قد فصل أركان الصورية وتوفر تلك الأركان في الدعوى المطروحة.
وحيث إن الصورية التي تمسك بها الطاعن هي الصورية المطلقة التي يقصد بها إعدام العقد إعداماً كلياً وإزالته من الوجود ليتمكن هو من تحقيق أثر الحكم الصادر له بصحة توقيع البائعين له على العقد الصادر له منهما بالبيع - ذلك الحكم السابق تسجيله متأخراً عن العقد المطعون فيه بهذه الصورية.
وحيث إنه لا مانع قانوناً أن يكون لمثل الطاعن أن يتمسك بصورية عقد المشتري الثاني الصورية المطلقة لأنه - سواء أكان باعتباره دائناً للبائعين في الالتزامات التي ترتبت على العقود الصادرة له منهما من جهة القيام بجميع الإجراءات اللازمة لنقل الملكية أم باعتباره صاحب حق عيني موقوف انتقاله إليه إلى ما بعد التسجيل - له بأي هذين الاعتبارين أن يتمسك بالصورية ليزيل جميع العوائق التي تصادفه لتحقيق أثر عقده.
وحيث إنه لذلك وللأسباب الواردة في حكم محكمة أوّل درجة يكون هذا الحكم في محله ويتعين تأييده.