أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 32 - صـ 79

جلسة 26 من يناير سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ الدكتور أحمد رفعت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أمين أمين عليوه، فوزي المملوك وفوزي أسعد، عبد الرحيم نافع.

(12)
الطعن رقم 1734 لسنة 50 القضائية

1 - إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. تحقيق.
الندب للتحقيق. كفاية ثبوته من أوراق الدعوى.
2 - تفتيش "إذن التفتيش، إصداره". نيابة عامة.
التفتيش الذي تجريه النيابة العامة. أو تأذن في إجرائه. شرط صحته؟
3 - إثبات "بوجه عام". استدلالات. إذن تفتيش، إصداره.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
4 - تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة.
كون التحريات أسفرت عن أن المتهم وآخرين يجلبون المواد المخدرة ويروجونها بالبلاد. إصدار الإذن بضبط المتهم حال نقلها من المكان الذي يخفيها فيه. مؤداه: صدور الأمر لضبط جريمة تحقق وقوعها.
5 - إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن, ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى.
6 - إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن, ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
7 - إثبات "شهود". نقض. "أسباب الطعن, ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه.
8 - إجراءات "إجراءات التحريز". نقض "أسباب الطعن, ما لا يقبل منها".
إجراءات تحريز المضبوطات. عدم ترتب البطلان على مخالفتها.
9 - إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". إثبات "بوجه عام" "خبرة". حكم "تسبيبه، تسبيب غير معيب". مواد مخدرة نقض "أسباب الطعن, ما لا يقبل منها".
اطمئنان المحكمة إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت إلى التحليل وأخذها بالنتيجة التي انتهى إليها. عدم جواز مجادلتها فيه.
10 - جريمة "أركانها". قصد جنائي. مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن, ما لا يقبل منها".
تقصي العلم بحقيقة المخدر. موضوعي.
11 - إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإطراح ما يخالفها.
12، 13 - إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن, ما لا يقبل منها".
12 - جواز إثبات الجرائم - على اختلاف أنواعها - إلا مما استثنى منها - بكافة طرق الإثبات.
13 - العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه.
14 - إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". جريمة "أركانها". وصف التهمة.
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. حقها في تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم. تعديل وصف تهمة جلب المخدر - المقامة به الدعوى - إلى حيازته بقصد الاتجار. وهو وصف أخف. عدم تضمنه إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة.
15 - إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع، ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
سكوت الدفاع عن طلب سماع الشهود. مفاده؟
16 - دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
تولي محام المرافعة عن موكله فقط. مفاده؟
إثبات حضوره مع آخر في بعض محاضر جلسات المحاكمة. خطأ مادي لا يعيب إجراءات المحاكمة.
17 - إثبات "شهود" دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ثبوت وفاة شاهده أثره. تعذر سماع شهادته.
تلاوة أقوال الشاهد الغائب. من الإجازات. تكون واجبة. إذا طلبها المتهم أو المدافع عنه.
18 - دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في الإعراض عن طلب الدفاع إذا كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى. بشرط بيان العلة.
19 - جريمة "أركانها". مواد مخدرة. اختصاص "الاختصاص الولائي والنوعي" "الاختصاص المحلي" "الاختصاص المكاني".
جريمة إحراز أو حيازة المخدر. طبيعتها: جريمة مستمرة. أثر ذلك؟
20 - اختصاص "الاختصاص الولائي" "النوعي". محكمة الجنايات.
محاكم الجنايات. تشكيلها. المادتان 366، 367 أ. ج.
توزيع العمل على دوائر محكمة الاستئناف وتعيين من يعهد إليه من المستشارين القضاء بمحكمة الجنايات. تنظيم إداري بين دوائر المحكمة. أثر ذلك؟
21 - رد القضاة. حكم "بطلان الحكم". قضاة. "ردهم".
إصدار الحكم قبل إحاطة أعضاء الهيئة التي أصدرته علماً بحصول التقرير بطلب ردهم. لا عيب.
1 - "لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت على النحو سالف البيان أن رئيس النيابة عندما أصدر الإذن قد وقعه باعتباره منتدباً من النائب العام وهو ما لا يماري فيه الطاعن فإن مفاد ذلك أنه كان منتدباً ممن يملك ندبه قانوناً" وكان يكفي في أمر الندب للتحقيق أن يثبت حصول هذا الندب من أوراق الدعوى، فإن ما أثبته الحكم يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره ويكون الحكم سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش.
2 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بالجريمة.
3 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
4 - إذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي أسفرت عن أن الطاعن الأول وآخرين يجلبون كميات كبيرة من المواد المخدرة ويروجونها بالبلاد وأن الأمر بالتفتيش إنما صدر لضبط الطاعن الأول حال نقلها إلى القاهرة من المكان الذي يخفونها فيه بعد تهريبها إلى الساحل الشمالي الغربي للبلاد باعتبار أن هذا النقل مظهر لنشاطه في ترويج المواد المخدرة التي يحوزها ويتجر فيها بما مفهومه أن الأمر صدر لضبط جريمة تخضع للقانون الجنائي المصري تحقق وقوعها من مقارفيها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة ومن ثم فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه ويكون ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد غير سديد.
5 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى، وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة السائغة التي أوردتها إلى المراقبة التليفونية لم يكن لها أثر في إجراءات القبض والتفتيش التي تمت تنفيذاً للإذن الصادر من النيابة العامة بذلك فإن ردها على الدفع ببطلان الإذن بإجراء المراقبة التليفونية يكون رداً كافياً وسائغاً لتبرير رفضه.
6 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب عليها.
7 - تناقض الشهود في أقوالهم لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
8 - قضاء محكمة النقض قد استقر على أن إجراءات تحريز المضبوطات وفقاً لما نصت عليه المادة 52 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية لا يترتب على مخالفتها أي بطلان وترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لم يصل إليها العبث.
9 - لما كان ما يثيره الطاعنان من اختلاف وزن المخدر وشكله مردود بما هو مقرر من أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك ولا جناح عليها إن هي التفتت عن الرد على دفاعه في هذا الشأن ما دام أنه ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب.
10 - لما كان الحكم قد أورد: "أنه بالنسبة للمتهم الثاني فإن ركن علمه بالمخدرات مستفاد من ملازمته للمتهم الأول ثم قيادته السيارة من الإسكندرية ومن الحالة التي كانت عليها المخدرات بالسيارة فقد عثر عليها بداخل الحقيبة الخلفية وعلى المقعد الخلفي وفي الفراغ بين هذا المقعد والمقعد الأمامي أي كانت خلف المتهم المذكور مباشرة مما يقطع بأنه كان قد علم بأمرها وشارك بصفته القائد في وضعها على هذه الصورة، وكان تقصي العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وإذ كان هذا الذي ساقته المحكمة فيما تقدم كافياً في الدلالة على أن الطاعن الثاني كان يعلم بكنه المادة المخدرة المضبوطة فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون له محل.
11 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
12 - الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثنى بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين.
13 - العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ما دام أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى.
14 - لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم، وكانت المحكمة قد رأت أن أوراق الدعوى خالية من الدليل اليقيني القاطع على قيام واقعة الجلب في حق الطاعن الأول وقدرت أنه نظراً لكبر حجم كمية المخدرات المضبوطة وما قرره جميع الشهود من أنه يتجر في المواد المخدرة وانتهت إلى أن التكييف الصحيح للواقعة قبله هو حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار فلا يكون هناك وجه لدعوى الإخلال بحق الدفاع أو البطلان في الإجراءات ذلك أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس متى تجاوز بفعله الخط الجمركي ومن حق المحكمة أن تنزل على الواقعة التي صحت لديها الوصف القانوني السليم نزولاً من الوصف المبين بأمر الإحالة وهو الجلب إلى وصف أخف هو الحيازة بقصد الاتجار ولا يتضمن هذا التعديل إسناداً لواقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة التي اتخذها أمر الإحالة أساساً للوصف الذي ارتآه.
15 - من المقرر أن سكوت المدافع عن التمسك بإعادة مناقشة الشهود في حضرته ومواصلة المرافعة دون إصرار على طلب سماعهم إنما يفيد أنه قد تنازل عن ذلك ضمناً.
16 - لما كان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المحامي الموكل عن الطاعن الثاني...... قد تولى في مرافعته الدفاع عن موكله فقط مشيراً إلى اختلاف موقفه عن موقف الطاعن الأول فإن مفاد ذلك أنه حضر جلسات المحاكمة موكلاً عن الطاعن الثاني وحده ويكون ما ورد ببعض تلك المحاضر من إثبات حضوره مع الطاعن الأول أو مع الطاعنين معاً هو مجرد خطأ مادي لا يقدح في صحة الحكم أو يؤثر في سلامة إجراءات المحاكمة. هذا فضلاً عن أن كلاً من الطاعنين قد انفرد بالدفاع عنه أكثر من محام تسنى له أن يبدي ما يعن له من أوجه الدفاع في نطاق مصلحة موكله الخاصة دون غيرهما بما تنتفي معه مظنة الإخلال بحق أيهما في الدفاع.
17 - لما كان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن الشاهد التاسع المقدم....... قد توفى إلى رحمة الله وبات سماع شهادته متعذراً فلا على المحكمة إن هي لم تقرر تلاوة أقواله بالجلسة، ذلك أن تلاوة أقوال الشاهد الغائب هي من الإجازات ولا تكون واجبة إلا إذا طلب المتهم أو المدافع عنه ذلك وهو ما خلت محاضر جلسات المحاكمة من إثباته الأمر الذي ينتفي معه وجه الطعن على الحكم في هذا الخصوص.
18 - من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة.
19 - لما كان من المقرر أن جريمة إحراز أو حيازة المخدر من الجرائم المستمرة، وكان وقوع الجريمة موضوع الدعوى الماثلة وإن بدأ بدائرة محافظة الإسكندرية وكان ضبط المخدر قد تم عند الكيلو متر 52/ 53 من الطريق الصحراوي إلى القاهرة في مكان تابع لمحافظة الجيزة إلا أنه ليس من شأن هذا أن ينفي وقوع الجريمة بدائرة اختصاص محافظة البحيرة التي مر بها الطاعنان حيث فطن أفراد الكمين الأول إلى مرور سيارتهما، ولا يغير من ذلك الأمر أن يكون ضبطهما قد اقتضى استمرار المطاردة حتى حدود المحافظة التالية والحكم المطعون فيه إذ اعتنق هذا النظر واعتبر أن الدفع بعدم اختصاص محكمة جنايات دمنهور على غير سند من القانون فإنه لا يكون قد خالف القانون في شيء ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد.
20 - لما كانت المادة 366 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن تشكل محكمة الجنايات من ثلاثة من مستشاري محكمة الاستئناف، وكانت المادة 367 من القانون ذاته تنص على أن "تعين الجمعية العامة لكل محكمة من محاكم الاستئناف في كل سنة بناء على طلب رئيسها من يعهد إليه من مستشاريها القضاء بمحاكم الجنايات وأنه إذا حصل مانع لأحد المستشارين المعينين لدور من أدوار محكمة الجنايات يستبدل به آخر من المستشارين يندبه رئيس محكمة الاستئناف، ويجوز عند الاستعجال أن يجلس مكانه رئيس المحكمة الابتدائية الكائنة بالجهة التي تنعقد بها محكمة الجنايات أو وكيلها، ولا يجوز في هذه الحالة أن يشترك في الحكم أكثر من واحد من غير المستشارين" وكان مؤدى ذلك أن الشارع لم يرتب البطلان إلا في هذه الحالة الأخيرة التي تشكل فيها الدائرة من أكثر من واحد من غير المستشارين. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة ملف طلب الرد رقم 209 لسنة 35 قضائية استئناف الإسكندرية أن هذا الطلب قد نظرته محكمة جنايات دمنهور مشكلة من ثلاثة من مستشاري محكمة استئناف الإسكندرية في حضور ممثل للنيابة العامة وأصدرت فيه حكمها بتاريخ 5 من مارس سنة 1979 قاضياً بقبول طلب الرد شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتغريم طالب الرد مبلغ ثلاثمائة جنيه ومصادرة الكفالة فإن حكمها يكون قد صدر من هيئة مشكلة وفق القانون، ولا يؤثر في هذا أن تكون تلك الدائرة مختصة أصلاً بالمواد المدنية ذلك أن توزيع العمل على دوائر محكمة الاستئناف وبالتالي تعيين من يعهد إليه من المستشارين القضاء بمحكمة الجنايات لا يعدو أن يكون تنظيماً إدارياً بين دوائر المحكمة المختصة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون دائرة أخرى مما لا يترتب البطلان على مخالفته، ويكون ما يدعيه الطاعنان من بطلان الحكم الصادر في دعوى الرد لصدوره من دائرة لا اختصاص لها بإصداره لا أساس له.
21 - لما كان الأصل في الإجراءات الصحة، فإن الحكم برفض طلب الرد الأصلي الصادر بتاريخ 5 من مارس سنة 1979 من قبل أن يحاط أعضاء الهيئة التي أصدرته علماً بحصول التقرير بطلب ردهم يكون قد صدر صحيحاً في القانون ويكون النعي على الحكم بالبطلان لصدوره من هيئة محجوبة عن نظر الدعوى الجنائية على غير سند ويتعين رفضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بدائرة مركز وادي النطرون محافظة البحيرة. (أولاً) المتهم الأول (1) جلب جواهر مخدرة (حشيشاً) قبل الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة (2) تعدى وقاوم بالعنف موظفين عموميين من القائمين على تنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960 بأن أطلق عليهم العديد من الأعيرة النارية وذلك أثناء تأديتهم لوظيفتهم حالة كونه حاملاً سلاحاً نارياً. (3) حاز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (مسدس). (4) حاز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته وإحرازه. (ثانياً) المتهم الثاني: أحرز جواهر مخدرة (حشيشاً) وكان ذلك بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتها بالمواد 1، 2، 3، 6، 33/ أ، 42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 46 لسنة 1953، 40 لسنة 1966 والبند 57 من قرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 6، 26/ 2 - 4، 30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات دمنهور - بعد أن عدلت وصف التهمة الأولى المسندة إلى المتهم الأول بجعل إحراز الجوهر المخدر بقصد الاتجار - قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 37، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 57 من الجدول المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 6، 26/ 2 - 4، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1974، 75 لسنة 1958 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق، ورقم 1، 37، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976، 32/ 2 من قانون العقوبات (أولاً) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها. (ثانياً) بمعاقبة المتهم الأول....... بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه عشرة آلاف جنيه. (ثالثاً) بمعاقبة المتهم الثاني بالسجن لمدة عشر سنوات وتغريمه ألف جنيه. (رابعاً) بمصادرة جميع المضبوطات.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقارير الأسباب الأربعة المقدمة من الطاعنين هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بجرائم حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار وسلاح ناري مششخن وذخائر بغير ترخيص ومقاومة رجال مكافحة المخدرات بالقوة والعنف بإطلاق أعيرة نارية عليهم، ودان الطاعن الثاني بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي - قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وأخطأ في تطبيق القانون كما اعتراه البطلان في الإجراءات، ذلك بأنه تساند في قضائه على ما ترتب على الإذن الصادر بالضبط والتفتيش من رئيس نيابة بالمكتب الفني للنائب العام على الرغم من بطلانه وأورد رداً غير سائغ على ما أبداه الطاعنان من دفوع في هذا الصدد قوامها بطلان هذا الإذن لصدوره ممن لا يملكه قانوناً لعدم وجود ندب كتابي ممن اختصه القانون بإصداره وهو النائب العام ولصدوره - عن جريمة لم تقع بعد ولا تخضع للقانون الجنائي المصري - بناء على تحريات غير جدية. كما عول الحكم على ما ترتب على الإذن بإجراء المراقبة التليفونية على الرغم من بطلانه أيضاً لصدوره من رئيس محكمة كلية بناء على طلب رجال الشرطة وندب أحدهم للقيام بذلك والصحيح في القانون أن يصدر الإذن بناء على طلب النيابة العامة من القاضي الجزئي المختص كي تندب النيابة من تراه لإجراء المراقبة وبالتالي فإن جميع ما ترتب على إجراءات المراقبة التليفونية الباطلة يكون باطلاً بدوره ولا يصح الأخذ بشهادة من باشروا هذه الإجراءات، وقد عولت المحكمة في قضائها على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها في شأن مصدر علمهم بإحراز المخدرات والطريق الذي سيسلكه الطاعنان لنقلها إلى القاهرة، وعلاوة على ذلك فقد رد الحكم على ما أثاره الدفاع في شأن بطلان إجراءات التحريز بما لا يصلح رداً، والتفتت عما أشار إليه من اختلاف المخدرات المضبوطة شكلاً ووزناً عما تم عرضه على المحكمة في إحدى الجلسات، ودلل على توافر ركن العلم بكنه المادة المضبوطة في حق الطاعن الثاني بما لا يصلح دليلاً على ذلك وبعد أن أورد الحكم مضمون التقارير التي قدمها الخبراء الفنيون عاد فأطرحها دون سند يبرر ذلك، كما كشفت مدونات الحكم عن أن الواقعة لم تكن مستقرة في ذهن المحكمة فتارة توردها على أنها إعداد لجريمة جلب تتم في لبنان وتارة على أنها إحراز لجواهر مخدرة بقصد الاتجار فيها بمصر ثم انتهت إلى تعديل وصف التهمة الأولى المسندة إلى الطاعن الأول من جلب المخدر إلى حيازة له بقصد الاتجار دون أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التغيير. وقد نظرت الدعوى في إحدى الجلسات دون أن يكون المدافع عن الطاعن الثاني حاضراً فيها وسمحت المحكمة في بعض الجلسات بحضور محام واحد عن الطاعنين معاً رغم ما بين مصالحهما من تعارض واستندت إلى أقوال المقدم........ الذي ثبت للمحكمة وفاته دون أن تأمر بتلاوة شهادته في الجلسة. هذا إلى أن المحكمة لم تستجب لما أبداه الدفاع من طلبات جازمة في شأن ضم دفتر الأحوال ودفاتر المكافآت الخاصة بإدارة مكافحة المخدرات للتعرف على أسماء المخبرين الذين شاركوا في الضبط من أجل سماع أقوالهم كشهود في الدعوى، واستدعاء رؤساء أقسام مكافحة المخدرات بمحافظات الجيزة والإسكندرية ومطروح الذين شاركوا في إجراء التحريات لسماع شهادتهم فضلاً عن ضرورة سماع أقوال رئيس قسم الحرائق بمحافظة البحيرة الذي أعد أول تقرير فني في الدعوى. كما التفتت عما تمسك به الدفاع من طلب ضم أشرطة تسجيل المراقبة التليفونية وسماعها بمعرفة هيئة المحكمة في حضور الطاعنين والمدافعين عنهما، ووجوب معاينة خزان الوقود بالسيارة وضم أحراز المضبوطات في هذه الدعوى وفي القضية رقم 101 لسنة 1977 جنايات الحمام وتحليل عينة من كل لبيان ما إذا كانتا من مصدر واحد. ورفضت المحكمة رفع البصمات الموجودة على المسدس المضبوط لمضاهاتها ببصمات الطاعن الأول، وإجراء تجربة على الطبيعة للتحقق من مدى قدرة سيارة مماثلة للسيارة التي احترقت على السير فوق الرمال الناعمة واستظهار أثر اشتعال النار فيها على ما قد يكون بداخلها من مخدر الحشيش، كما رفضت المحكمة ندب خبير فني من قسم ميكانيكا السيارات بأي من الجامعات المصرية لبيان مدى صحة التصوير الذي أدلى به شهود الإثبات سواء فيما يتعلق بإمكان سير السيارة فوق الرمال الناعمة أو بقاء أي أثر للمادة المخدرة بعد استمرار الحريق بداخلها لمدة تزيد على الساعة، وقد أصر الدفاع على طلب مناقشة شهود الإثبات فيما أورده بمذكرته في شأن ما سلف من أوجه الدفاع إلا أن المحكمة رفضت كل هذه الطلبات بما لا يبرر رفضها. وأخيراً فإن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة جنايات دمنهور وهي غير مختصة مكانياً بنظر الدعوى, ومع أن الدفاع تمسك بذلك إلا أن المحكمة رفضت هذا الدفع بما لا يصلح رداً عليه، فضلاً عن أن الهيئة التي أصدرته محجوبة عن نظرها إذ لا ولاية لها بالفصل فيها، ذلك أن الطلب المقدم من الطاعن الأول برد هيئة المحكمة عن نظر هذه الدعوى عرض على الدائرة العاشرة استئناف الإسكندرية وهي دائرة مدنية غير مختصة بالفصل فيه فالاختصاص في ذلك ينعقد لمحكمة الجنايات دون غيرها، كما أنه لدى نظر طلب الرد أمام تلك الدائرة المدنية بجلسة 3 من مارس سنة 1979 استشعر الطاعن الأول ما دعاه إلى رد هيئة هذه الدائرة ذاتها فقرر بذلك لدى قلم كتاب محكمة الاستئناف بتاريخ 4 من مارس سنة 1979 وهو ما ترتب عليه قانوناً حجب دائرة الرد عن نظر طلب الرد الأصلي إلا أنه على الرغم من ذلك فقد أصدرت الدائرة العاشرة استئناف مدني الإسكندرية في اليوم التالي حكمها برفض طلب الرد الأصلي، وإذ صدر هذا الحكم من هيئة لا ولاية لها فإنه يكون باطلاً ولا أثر له، وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه يكون صادراً من هيئة ما زال حجبها عن نظر الدعوى الجنائية قائماً ما دام الطلب الأصلي المقدم لردها لم يصدر فيه حكم نهائي صحيح في القانون ولكل هذا يكون الحكم المطعون فيه معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها - عرض للدفع ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش ورد عليه في قوله: إنه مردود بأنه من المقرر قانوناً أن النائب العام هو الممثل للنيابة برمتها والمكلف أصلاً بمباشرة الدعوى الجنائية أمام جميع المحاكم وعلى مستوى الجمهورية وباقي الأعضاء هم منه بمنزلة الوكيل من الموكل ولكل من أعضاء النيابة ابتداء من المحامي العام الأول حتى معاون النيابة اختصاصات وسلطات محددة، وبمقتضى السلطات المخولة للنائب العام مباشرة أي إجراء من إجراءات التحقيق بنفسه أو ينوب للقيام بهذا الإجراء أحد أعوانه مهما كانت درجته الوظيفية إما كتابة أو شفوياً حيث لم يحدد القانون شكلاً معيناً لهذا الندب. ويبين من مطالعة محضر التحريات موضوع الدعوى أن المستشار المحامي العام رئيس المكتب الفني للنائب العام أثبت بنهاية المحضر أنه اتصل تليفونياً بالسيد المستشار النائب العام وتلا عليه ما جاء بمحضر التحريات فندب سيادته الأستاذ رئيس النيابة بالمكتب الفني لاتخاذ اللازم بشأن المحضر وطلب من المحامي العام إثبات ذلك في المحضر. وهذا يدل دلالة قاطعة على أن هناك ندباً شفوياً صدر من السيد النائب العام للأستاذ..... رئيس النيابة بإصدار إذن التفتيش بعد أن أحيط علماً بالأمر وأثبت رئيس النيابة في صدور الإذن أنه بناء على انتدابه من السيد المستشار النائب العام مما يدل على صدور هذا الندب من السيد النائب العام في حدود سلطاته المخولة له قانوناً ومن ثم يكون القول بعدم اختصاص الأستاذ....... بإصدار الإذن على غير سند من القانون، وقد جاء بمحضر التحريات المشار إليه أن المتهم الأول وأشخاص آخرين وردت أسماؤهم بالمحضر يكونون عصابة من المصريين والسوريين واللبنانيين لتهريب المخدرات والاتجار فيها داخل البلاد وأنهم تمكنوا من إعداد شحنة كبيرة منها تقدر بحوالي 2 طن اتفقوا على تهريبها عن طريق الساحل الشمالي الغربي بمنطقة النجيلة التابعة لقسم شرطة مطروح ونقلها بعد ذلك إلى منطقة عزبة الوقاد التابعة لمحافظة الإسكندرية تمهيداً لنقل جزء منها إلى جراج المتهم الأول الكائن بالقاهرة ومفاد هذه التحريات تحقق وقوع جريمة داخل النطاق الإقليمي معاقب عليها قانوناً وليس عن جريمة مستقبلة أو محتملة مما يستوجب معه الإذن بضبطها، وترى المحكمة أن تلك التحريات جدية ومن ثم يعتبر إذن التفتيش محمولاً على تحريات كافية لإصداره ويكون الدفع ببطلان إذن القبض والتفتيش على غير سند من القانون خليقاً برفضه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت على النحو سالف البيان أن رئيس النيابة عندما أصدر الإذن قد وقعه باعتباره منتدباً من النائب العام وهو ما لا يماري فيه الطاعن فإن مفاد ذلك أنه كان منتدباً ممن يملك ندبه قانوناً, وكان يكفي في أمر الندب للتحقيق أن يثبت حصول هذا الندب من أوراق الدعوى، فإن ما أثبته الحكم يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره ويكون الحكم سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي أسفرت عن أن الطاعن الأول وآخرين يجلبون كميات كبيرة من المواد المخدرة ويروجونها بالبلاد وأن الأمر بالتفتيش إنما صدر لضبط الطاعن الأول حال نقلها إلى القاهرة من المكان الذي يخفونها فيه بعد تهريبها إلى الساحل الشمالي الغربي للبلاد باعتبار أن هذا النقل مظهر لنشاطه في ترويج المواد المخدرة التي يحوزها ويتجر فيها بما مفهومه أن الأمر صدر لضبط جريمة تخضع للقانون الجنائي المصري تحقق وقوعها من مقارفيها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة ومن ثم فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه ويكون ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان الإذن الصادر بمراقبة وتسجيل المحادثات التليفونية وأطرحه بقوله: "إنه غير منتج في الدعوى متعين الالتفات عنه ذلك أن الثابت من الأوراق أن إذن القبض والتفتيش الذي انتهت المحكمة إلى صحته قانوناً صدر بتاريخ 21/ 7/ 1977 في حين أن إذن المراقبة صدر بتاريخ 25/ 7/ 1977 أي عقب صدور إذن القبض والتفتيش بأربعة أيام وبمقتضى إذن القبض والتفتيش يحق لمن صدر له الإذن تحين الفرصة التي يراها ملائمة لتنفيذه وتتبع جميع حركات وخطوات المأذون بتفتيشه وصولاً إلى الغاية المنشودة من الإذن وبالإضافة إلى ما تقدم فقد شهد كل من العميد..... والعقيد..... والعقيد..... واللواء..... أن هناك تحريات وصلتهم بعزم المتهم الأول على نقل المخدرات إلى القاهرة فأعدوا الكمائن اللازمة لضبطه مما يستفاد منه أن مراقبة المكالمات التليفونية لم تكن هي وحدها التي أشارت إلى عملية النقل وتلك التحريات بمفردها تعتبر كافية لاتخاذ اللازم لتنفيذ الإذن، يؤكد ذلك أن المكالمات لم تشر إلى خط السير الذي سوف يسلكه المتهمان في العودة إلى القاهرة حتى يقال أن مراقبة التليفون كانت الخيط الأول المباشر في اتخاذ اللازم نحو تنفيذ الإذن"، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى، وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة السائغة التي أوردتها إلى المراقبة التليفونية لم يكن لها أثر في إجراءات القبض والتفتيش التي تمت تنفيذاً للإذن الصادر من النيابة العامة بذلك فإن ردها على الدفع ببطلان الإذن بإجراء المراقبة التليفونية يكون رداً كافياً وسائغاً لتبرير رفضه. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب عليها، وكان تناقض الشهود في أقوالهم لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات سالفي البيان وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان في صدد مصدر علمهم بموعد نقل المخدرات والطريق الذي سيسلكانه في ذلك وتعويل المحكمة على أقوالهم في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد استقر على أن إجراءات تحريز المضبوطات وفقاً لما نصت عليه المادة 52 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية لا يترتب على مخالفتها أي بطلان وترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لم يصل إليها العبث، وكان الحكم قد أورد أنه: "فيما يتعلق بالدفع ببطلان إجراءات التحريز بمقولة إن المواد المخدرة ظلت في أيدي رجال الشرطة حوالي عشرين ساعة.. فإن الثابت من الأوراق أن وكيل النيابة قام بإغلاق الصناديق التي تحتوي على المواد المخدرة في الساعة الرابعة من صباح يوم 18/ 8/ 1977 بعد الانتهاء من التحقيق ثم أثبت بمحضره في العاشرة من صباح ذلك اليوم بسراي النيابة ورود الصناديق وأنه قام بفتحها حيث كانت محرزة وفك الأختام التي عليها ثم أعاد تحريزها بعد وزنها، وفضلاً عن ذلك فإن تواجد المضبوطات مع رجال مكتب المخدرات حتى تسليمها للنيابة إجراء طبيعي لأنهم هم الذين قاموا بضبط الواقعة وضبط المواد المخدرة وهذا يستلزم تحفظهم على المضبوطات حتى تسليمها إلى النيابة ولا غبار على مثل هذا الإجراء وعلاوة على كل ذلك فإن إجراءات التحريز ما هي إلا إجراءات تنظيمية لا يترتب على مخالفتها أي بطلان ويكون الدفع المذكور على غير سند خليقاً برفضه" فإن النعي بقصور الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان من اختلاف وزن المخدر وشكله مردود بما هو مقرر من أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك ولا جناح عليها إن هي التفتت عن الرد على دفاعه في هذا الشأن ما دام أنه ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد: "أنه بالنسبة للمتهم الثاني فإن ركن علمه بالمخدرات مستفاد من ملازمته للمتهم الأول ثم قيادته السيارة من الإسكندرية ومن الحالة التي كانت عليها المخدرات بالسيارة فقد عثر عليها بداخل الحقيبة الخلفية وعلى المقعد الخلفي وفي الفراغ بين هذا المقعد والمقعد الأمامي أي كانت خلف المتهم المذكور مباشرة مما يقطع بأنه كان قد علم بأمرها وشارك بصفته القائد في وضعها على هذه الصورة" وكان تقصي العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع وإذ كان هذا الذي ساقته المحكمة فيما تقدم كافياً في الدلالة على أن الطاعن الثاني كان يعلم بكنه المادة المخدرة المضبوطة فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى صدق أقوال شهود الإثبات التي أكدت ضبط الطاعنين وفي سيارتهم المواد المخدرة ومقاومة الطاعن الأول لرجال الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بإطلاق أعيرة نارية عليهم من مسدس كان يحرزه بغير ترخيص الأمر الذي رأت معه إطراح جميع تقارير الخبراء الفنيين المقدمة في الدعوى اطمئناناً منها للأدلة المستفادة من أقوال الشهود التي تقطع بصدق الواقعة وما ذهبت إليه المحكمة سديد، إذ الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثنى بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين، والعبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ما دام أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى، فلا تثريب على الحكم إذا استند إلى أقوال شهود الإثبات وما جاء بتقرير التحليل وتقرير فحص السلاح دون أن يعول على ما جاء بالتقارير الأخرى المقدمة في الدعوى ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم، وكانت المحكمة قد رأت أن أوراق الدعوى خالية من الدليل اليقيني القاطع على قيام واقعة الجلب في حق الطاعن الأول وقدرت أنه نظراً لكبر حجم كمية المخدرات المضبوطة وما قرره جميع الشهود من أنه يتجر في المواد المخدرة وانتهت إلى أن التكييف الصحيح للواقعة قبله هو حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار فلا يكون هناك وجه لدعوى الإخلال بحق الدفاع أو البطلان في الإجراءات, ذلك أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس متى تجاوز بفعله الخط الجمركي ومن حق المحكمة أن تنزل على الواقعة التي صحت لديها الوصف القانوني السليم نزولاً من الوصف المبين بأمر الإحالة وهو الجلب إلى وصف أخف هو الحيازة بقصد الاتجار ولا يتضمن هذا التعديل إسناداً لواقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة التي اتخذها أمر الإحالة أساساً للوصف الذي ارتآه وهو ما أفصح عنه الحكم في قوله: "إن المحكمة لم تر مبرراً لتنبيه المدافع عن المتهم الأول إلى هذا التعديل لأن الجلب في المواد المخدرة الذي ورد بقرار الاتهام وجرى عليه الدفاع لا يعدو أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل إلى داخل الجمهورية". لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن الثاني من أن المحكمة استمعت بجلسة 9 من يناير سنة 1979 إلى بعض الشهود في غيبة محاميه مردوداً بأن الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن محاميه الموكل والمحامي المنتدب للدفاع عنه قد حضرا بجلسة 10 من يناير سنة 1979 وما بعدها من جلسات دون أن يتمسك الطاعن أو أي منهما بإعادة مناقشة هؤلاء الشهود في حضورهما، وكان من المقرر أن سكوت المدافع عن التمسك بإعادة مناقشة الشهود في حضرته ومواصلة المرافعة دون إصرار على طلب سماعهم إنما يفيد أنه قد تنازل عن ذلك ضمناً. ولما كان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المحامي الموكل عن الطاعن الثاني....... قد تولى في مرافعته الدفاع عن موكله فقط مشيراً إلى اختلاف موقفه عن موقف الطاعن الأول فإن مفاد ذلك أنه حضر جلسات المحاكمة موكلاً عن الطاعن الثاني وحده ويكون ما ورد ببعض تلك المحاضر من إثبات حضوره مع الطاعن الأول أو مع الطاعنين معاً هو مجرد خطأ مادي لا يقدح في صحة الحكم أو يؤثر في سلامة إجراءات المحاكمة. هذا فضلاً عن أن كلاً من الطاعنين قد انفرد بالدفاع عنه أكثر من محام تسنى له أن يبدي ما يعن له من أوجه الدفاع في نطاق مصلحة موكله الخاصة دون غيرها بما تنتفي معه مظنة الإخلال بحق أيهما في الدفاع. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن الشاهد التاسع المقدم...... قد توفى إلى رحمة الله وبات سماع شهادته متعذراً فلا على المحكمة إن هي لم تقرر تلاوة أقواله بالجلسة، ذلك أن تلاوة أقوال الشاهد الغائب هي من الإجازات ولا تكون واجبة إلا إذا طلب المتهم أو المدافع عنه ذلك وهو ما خلت محاضر جلسات المحاكمة من إثباته الأمر الذي ينتفي معه وجه الطعن على الحكم في هذا الخصوص. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين في شأن ضم دفتر أحوال إدارة المخدرات ودفاتر المكافآت لمعرفة أسماء المخبرين المشتركين في الضبط وسؤالهم وأورد أنه "مردود بما ثبت على لسان الشهود الذين تطمئن المحكمة إلى أقوالهم أن أحداً من رجال الشرطة السريين لم يشترك في الضبط وأن العملية كانت قاصرة على الضباط فقط وقد أدلوا بأقوالهم في التحقيقات وبالجلسة"، وبالنسبة إلى طلب سؤال رؤساء أقسام مكافحة المخدرات بالجيزة والإسكندرية ومطروح عن تحرياتهم فقد أورد الحكم "أن العقيد...... رئيس قسم مكافحة المخدرات بالجيزة كان ضمن أفراد الكمين الثاني الذي اشترك في الضبط وسئل بالتحقيقات وبالجلسة وناقشه الدفاع أما بالنسبة لرؤساء أقسام الإسكندرية ومطروح فلم يثبت اشتراكهما في عملية الضبط ومن ثم يكون طلب سؤالهما بشأن التحريات غير منتج"، وفيما يتعلق بطلب رفع البصمات التي على المسدس المضبوط وإجراء المضاهاة بينها وبين بصمات الطاعن الأول فقد رد عليه الحكم بقوله: "إنه مردود بأنه غير منتج بسبب تداول المسدس بين أيد عديدة فضلاً عن أنه ثبت من أقوال الشهود التي تطمئن إليها المحكمة أن المسدس المذكور كان في حيازة الطاعن الأول وكان يطلق منه النار على أفراد القوة مما يتعين معه طرح هذا الطلب جانباً" كما عرض الحكم لما طلبه الدفاع من مناقشة شهود الإثبات فيما جاء بالمذكرة المقدمة منه ورد عليه بقوله: "إن المحكمة ناقشت جميع شهود الإثبات الذين تضمنتهم قائمة الشهود المقدمة من النيابة عدا الشاهد الأخير وهو المرحوم........ الذي ثبت أنه توفى إلى رحمة الله - ناقشت المحكمة شهود الإثبات وناقشهم الدفاع تفصيلاً في كل وقائع الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات واستغرقت مناقشتهم أربع جلسات وأصر كل منهم على أقواله بالتحقيقات ولا ترى المحكمة داعياً لتكرارها نظراً لأنها أشارت إلى أقوالهم في صدر الحكم ومن ثم يكون الطلب المذكور عديم الجدوى ويتعين طرحه جانباً" ثم أورد الحكم في أعقاب كل ذلك "وحيث إنه بالنسبة لباقي الطلبات التي أثارها الدفاع فتلتفت عنها المحكمة جميعاً لأنها غير منتجة فقد ثبت من أقوال الشهود واعتراف المتهمين نفسيهما أن السيارة دخلت الرمال فعلاً إلى مسافة طالت أم قصرت فهذا لا يقدم ولا يؤخر في الدعوى، وأن النيران اشتعلت فيها بالفعل ولأي سبب من الأسباب، كما أكد شهود الإثبات الذين تطمئن المحكمة إلى أقوالهم أن المتهم الأول قاومهم بإطلاق الرصاص عليهم من مسدس كان في حيازته مما اضطرهم إلى تبادل إطلاق النيران معه ولم يتوقف إطلاق النيران إلا بعد إصابته من أحد الأعيرة التي أطلقتها القوة وأنهم عملوا على إخماد النيران بإلقاء الرمال عليها فعلاً بأي وسيلة ثم تمكنوا بعد ذلك من إخراج المضبوطات وبها آثار الحريق ظاهرة وشاهدتها المحكمة عند المعاينة، وقرر المتهم الثاني بالتحقيقات أنه بعد نزوله والمتهم الأول شاهد النيران مشتعلة بالسيارة وأخمدها أشخاص لا يعرفهم ثم سألوه "هل الحشيش ده بتاعك أو بتاع المعلم" وهذه العبارة التي ذكرها المتهم الثاني تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الحشيش المضبوط أخرج من السيارة بعد إخماد النيران مباشرة خلافاً لما أثير من أن رجال مكتب المخدرات هم الذين أحضروه من المخدرات المضبوطة في الجناية رقم 101 لسنة 1977 الحمام للإيقاع بالمتهمين وإلا فلا يعقل ألا يكون هناك حشيش ويسأل عنه المتهم، كما ثبت من تقرير الطب الشرعي أن العينات التي أخذت من بعض الطرب حشيش وفي هذا ما يكفي لإثبات وجود المواد المخدرة بلا حاجة إلى أخذ عينة من جميع المضبوطات وتحليلها". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة، وإذ كان ما أورده - الحكم فيما تقدم - كافياً وسائغاً ويستقيم به إطراح طلبات الطاعنين التي جاء بأسباب الطعن أن المحكمة لم تستجب لها، دون أن يوصم حكمها بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع فضلاً عن أن هذه الأوجه من الدفاع لا تتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة بل الهدف منها إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة وتعتبر جميعها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة إحراز أو حيازة المخدر من الجرائم المستمرة، وكان وقوع الجريمة موضوع الدعوى الماثلة وإن بدأ بدائرة محافظة الإسكندرية وكان ضبط المخدر قد تم عند الكيلو متر 52/ 53 من الطريق الصحراوي إلى القاهرة في مكان تابع لمحافظة الجيزة إلا أنه ليس من شأن هذا أن ينفي وقوع الجريمة بدائرة اختصاص محافظة البحيرة التي مر بها الطاعنان حيث فطن أفراد الكمين الأول إلى مرور سيارتهما، ولا يغير من ذلك الأمر أن يكون ضبطهما قد اقتضى استمرار المطاردة حتى حدود المحافظة التالية، والحكم المطعون فيه إذ اعتنق هذا النظر واعتبر أن الدفع بعدم اختصاص محكمة جنايات دمنهور على غير سند من القانون فإنه لا يكون قد خالف القانون في شيء ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة 366 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن تشكل محكمة الجنايات من ثلاثة من مستشاري محكمة الاستئناف، وكانت المادة 367 من القانون ذاته تنص على أن "تعين الجمعية العامة لكل محكمة من محاكم الاستئناف في كل سنة بناء على طلب رئيسها من يعهد إليه من مستشاريها القضاء بمحاكم الجنايات وأنه إذا حصل مانع لأحد المستشارين المعينين لدور من أدوار محكمة الجنايات يستبدل به آخر من المستشارين يندبه رئيس محكمة الاستئناف، ويجوز عند الاستعجال أن يجلس مكانه رئيس المحكمة الابتدائية الكائنة بالجهة التي تنعقد بها محكمة الجنايات أو وكيلها، ولا يجوز في هذه الحالة أن يشترك في الحكم أكثر من واحد من غير المستشارين" وكان مؤدى ذلك أن الشارع لم يرتب البطلان إلا في هذه الحالة الأخيرة التي تشكل فيها الدائرة من أكثر من واحد من غير المستشارين. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة ملف طلب الرد رقم 209 لسنة 35 قضائية استئناف الإسكندرية أن هذا الطلب قد نظرته محكمة جنايات دمنهور مشكلة من ثلاثة من مستشاري محكمة استئناف الإسكندرية في حضور ممثل للنيابة العامة وأصدرت فيه حكمها بتاريخ 5 من مارس سنة 1979 قاضياً بقبول طلب الرد شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتغريم طالب الرد مبلغ ثلاثمائة جنيه ومصادرة الكفالة فإن حكمها يكون قد صدر من هيئة مشكلة وفق القانون، ولا يؤثر في هذا أن تكون تلك الدائرة مختصة أصلاً بالمواد المدنية ذلك أن توزيع العمل على دوائر محكمة الاستئناف وبالتالي تعيين من يعهد إليه من المستشارين القضاء بمحكمة الجنايات لا يعدو أن يكون تنظيماً إدارياً بين دوائر المحكمة المختصة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون دائرة أخرى مما لا يترتب البطلان على مخالفته، ويكون ما يدعيه الطاعنان من بطلان الحكم الصادر في دعوى الرد لصدوره من دائرة لا اختصاص لها بإصداره لا أساس له. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة ملف طلب الرد سالف البيان وملف طلب الرد رقم 273 لسنة 35 ق المرفق به والخاص بطلب رد الهيئة التي نظرت طلب الرد الأصلي الذي قرر به الطاعن الأول بتاريخ 4 من مارس سنة 1979 أن هذا الطلب لم يعرض على رئيس محكمة الاستئناف إلا بعد صدور الحكم في طلب الرد الأول برفضه، وأنه لم يتم عرضه على المستشارين أعضاء الدائرة التي نظرت طلب الرد الأصلي إلا بتاريخ 6 من مارس سنة 1979 لما كان ذلك، وكان الأصل في الإجراءات الصحة، فإن الحكم برفض طلب الرد الأصلي الصادر بتاريخ 5 من مارس سنة 1979 من قبل أن يحاط أعضاء الهيئة التي أصدرته علماً بحصول التقرير بطلب ردهم يكون قد صدر صحيحاً في القانون، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان لصدوره من هيئة محجوبة عن نظر الدعوى الجنائية على غير سند ويتعين رفضه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.