أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 436

جلسة 11 من مارس سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب نائبي رئيس المحكمة ومحمد عيد سالم وإبراهيم العربي عبد المنعم.

(55)
الطعن رقم 4556 لسنة 66 القضائية

(1) قضاة "رد القضاة. ميعاده". وكالة.
وجوب تقديم طلب الرد قبل أي دفع أو دفاع وإلا سقط الحق فيه. الاستثناء من ذلك؟ المادة 151 فقرة أولى وفقرة أخيرة من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
طلب الرد. كيفية حصوله. المادة 153 من قانون المرافعات المدنية التجارية.
طلب الرد حق شخصي للخصم نفسه. تقديمه من الوكيل. لزوم أن يكون مرفقاً به توكيله الخاص به. ولو كان الرد في حق قاض يجلس لأول مرة لسماعه الدعوى بمذكرة يقدمها لكاتب الجلسة. أساس ذلك؟
(2) قضاة "رد القضاة". دعوى "وقف الدعوى". حكم "بطلانه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تقديم طلب الرد. مؤداه. وقف الدعوى الأصلية بقوة القانون. الحكم فيها من القاضي المطلوب رده. قبل الفصل في طلب الرد. أثره: بطلان الحكم. علة ذلك وأساسه؟
طلب محامي الطاعن في حضوره التأجيل لاتخاذ إجراءات رد الهيئة عن نظر الدعوى. مؤداه استمرار المحكمة في نظر الدعوى والحكم فيها دون تمكين الطاعن من اتخاذ إجراءات الرد مع وجود هذا الطلب خطأ في تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع. لا يقدح في ذلك ترافع بعض المحامين في الدعوى بناء على طلب المحكمة. أساس ذلك؟
(3) نقض "الطعن لثاني مرة".
كون النقض لثاني مرة. وجوب تحديد جلسة لنظر موضوع الدعوى.
1 - لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادة 248 منه على أن "للخصوم رد القضاة عن الحكم في الحالات الواردة في المادة السابقة وفي سائر حالات الرد المبينة في قانون المرافعات المدنية والتجارية......." ثم نص في الفقرة الأولى من المادة 250 على أن "يتبع في نظر طلب الرد والحكم فيه القواعد المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية" وكان القانون الأخير وإن نص في الفقرة الأولى من المادة 151 منه على أن "يجب تقديم طلب الرد قبل تقديم أي دفع أو دفاع إلا سقط الحق فيه......" إلا أنه نص في الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أنه "يجوز طلب الرد إذا حدثت أسبابه بعد المواعيد المقررة أو إذا أثبت طالب الرد أنه لم يعلن بها إلا بعد مضي تلك المواعيد" كما نص في المادة 153 على أن "يحصل الرد بتقرير يكتب بقلم كتاب المحكمة التي يتبعها القاضي المطلوب رده يوقعه الطالب نفسه أو وكيله المفوض فيه بتوكيل خاص يرفق بالتقرير ويجب أن يشتمل الرد على أسبابه........ وعلى طالب الرد أن يودع عند التقرير بالرد مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل الكفالة" وفي المادة 154 منه على أنه "إذ كان الرد واقعاً في حق قاض جلس أول مرة لسماع الدعوى بحضور الخصوم جاز الرد بمذكرة تسلم لكاتب الجلسة وعلى طالب الرد تقييد الطلب بقلم الكتاب في اليوم نفسه أو في اليوم التالي وإلا سقط الحق فيه" كما نص في المادة 162 من القانون ذاته على أن "يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيه......" وكان مفاد هذه النصوص أن طلب رد القاضي حق شخصي للخصم نفسه وليس لمحاميه أن ينوب عنه فيه إلا بمقتضى توكيل خاص، وكان كل ما يقرره الوكيل بحضور موكله - وعلى ما يقضى به نص المادة 79 من قانون المرافعات - يكون بمثابة ما يقرره الموكل نفسه إلا إذا نفاه أثناء نظر القضية في الجلسة وأن الأصل في طلب الرد أن يحصل بتقرير في قلم كتاب المحكمة على النحو الوارد في المادة 153 من قانون المرافعات المدنية والتجارية سالفة الذكر وهو ما يفترض معه أن يكون طالب الرد على علم سابق بقيام سبب الرد بالقاضي الذي يطلب رده، أما إذا حدثت أسباب الرد أو إذا أثبت طالب الرد أنه لم يعلم بها إلا بعد إبداء دفاعه فإنه يجوز له طلب الرد برغم ذلك بما يتعين معه إتاحة الفرصة له وتمكينه من اتخاذ إجراءات الرد المقررة قانوناً.
2 - لما كان مؤدى نص المادة 162 من قانون المرافعات أن وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم في طلب الرد يتم بقوة القانون وأنه يتعين على القاضي المطلوب رده ألا يستمر في نظر الدعوى بل يتعين وقفها حتى يفصل نهائياً في طلب الرد مهما كانت وسائل الكيد واضحة فيه وقصد به مجرد تعطيل الفصل في الدعوى لأن القاضي باستمراره في نظر الدعوى يكون قد نصب من نفسه محكمة لنظر طلب الرد والفصل فيه حتماً بالرفض، وقضاؤه في الدعوى قبل الفصل في طلب الرد هو قضاء ممن حجب عن الفصل في الدعوى إلى أجل معين ومن ثم يقع باطلاً لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة تقرر لاعتبارات تتصل بالاطمئنان إلى توزيع العدالة، لما كان ما تقدم وكانت المحكمة لم تستجب إلى طلب محامي الطاعن التأجيل لاتخاذ إجراءات رد الهيئة عن نظر الدعوى والحكم فيها تأسيساً على الأسباب التي أوردتها في حكمها المطعون فيه، رغم أن محامي الطاعن أبدى هذا الطلب في حضور الطاعن بالجلسة ولم ينفه الطاعن ومن ثم فهو بمثابة ما يبديه الطاعن نفسه ورغم أن سبب الرد حدث في الجلسة الأخيرة التي نظرت فيها الدعوى ومضت في نظرها دون أن تمكن الطاعن من اتخاذ إجراءات الرد، وأصدرت حكمها المطعون فيه، فإن الحكم - يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون - قد بني على إجراءات باطلة أثرت فيه، وأخل بحق الطاعن في الدفاع بما يوجب نقضه، ولا يغير من ذلك أن محاميين آخرين عن الطاعن قد ترافعا في موضوع الدعوى بعد أن أبدى زميلهما طلب الرد بما قد يثيره ذلك من اعتبار مسلكهما تنازلاً ضمنياً عن طلب الرد ذلك أن البين من محضر الجلسة أن المحكمة هي التي طلبت إليهما الترافع في موضوع الدعوى رغم أن الدعوى بمجرد إبداء طلب الرد تكون موقوفة بقوة القانون وتكون يد المحكمة مغلولة عن النظر في موضوعها حتى يفصل في هذا الطلب من المحكمة المختصة، ومن ثم فما كان لمحكمة الموضوع أن يطلب من المحاميين الآخرين الترافع في موضوع الدعوى وتحيطهما بالحرج مما اضطرهما إلى الاستجابة إلى طلبها لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
3 - لما كان النقض لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر موضوع الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: قتل وآخران حدثان المجني عليهما..... و..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم على قتلهما وأعد لذلك سلاحاً نارياً (مسدس) وما أن ظفر بهما داخل سيارة أجرة حتى أطلق عليهما عدة أعيرة نارية من سلاحه الناري الذي كان يحمله فأحدث بكل منهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (مسدس ماركة لاما). ثالثاً: أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحمله أو إحرازه. رابعاً: أتلف عمداً السيارة رقم..... أجرة سوهاج على النحو المبين بالتحقيقات والمملوكة لـ...... وأحالته إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232، 361 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 - 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 و165 لسنة 1981 والبند ( أ ) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبمصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين.
فطعن في هذا الحكم طريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم.... لسنة 63 قضائية) وتلك المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات سوهاج لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 232، 360 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 - 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 و165 لسنة 1981 والبند ( أ ) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبمصادرة السلاح الناري والذخائر المضبوطين.
فطعن في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاح ناري مششخن وذخيرة بغير ترخيص وإتلاف منقول عمداً قد اعتراه البطلان وشابه الفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن محاميه أبدى طلباً برد الهيئة عن نظر الدعوى وطلب إلى الحكمة التأجيل اتخاذ إجراءات الرد بيد أنها مضت في نظر الدعوى وفصلت فيها، وأطرحت طلبه بما لا يسيغ إطراحه، وهو ما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من محضر جلسة المحاكمة أن محامياً حضر مع الطاعن نيابة عن محام آخر وطلب أجلاً لحضور المحامي الأصيل، ولما لم تجبه المحكمة إلى ذلك طلب رد رئيس الدائرة عن نظر الدعوى لتعنته وطلب التأجيل لاتخاذ إجراءات الرد بيد أن المحكمة مضت في نظر الدعوى وفصلت فيها في ذات الجلسة بحكمها المطعون فيه، وردت على هذا الطلب بقولها "وحيث إنه عن الطلب المبدى بالجلسة من الحاضر عن المحامي...... برد السيد الأستاذ المستشار رئيس الدائرة عن نظر الدعوى فمردود بأنه لا يعتبر رداً مجرد إبداء الرغبة في رد القاضي وإثبات ذلك في محضر الجلسة بل يتعين أن يقدم طلب الرد ويقدمه ذو المصلحة شخصياً أو بوكيله الخاص إذ هو بطبيعته حق شخصي للخصم نفسه وليس لمحاميه أن ينوب عنه فيه إلا بتوكيل خاص وهو ما لم يتم في هذه الدعوى ومن ثم فالمحكمة تلتفت عنه وتستمر في نظرها". لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادة 248 منه على أن "للخصوم رد القضاة عن الحكم في الحالات الواردة في المادة السابقة وفي سائر حالات الرد المبينة في قانون المرافعات المدنية والتجارية......." ثم نص في الفقرة الأولى من المادة 250 على أن "يتبع في نظر طلب الرد والحكم فيه القواعد المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية" وكان القانون الأخير وإن نص في الفقرة الأولى من المادة 151 منه على أن "يجب تقديم طلب الرد قبل تقديم أي دفع أو دفاع إلا سقط الحق فيه......" إلا أنه نص في الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أنه "يجوز طلب الرد إذا حدثت أسبابه بعد المواعيد المقررة أو إذا أثبت طالب الرد أنه لم يعلن بها إلا بعد مضي تلك المواعيد" كما نص في المادة 153 على أن "يحصل الرد بتقرير يكتب بقلم كتاب المحكمة التي يتبعها القاضي المطلوب رده يوقعه الطالب نفسه أو وكيله المفوض فيه بتوكيل خاص يرفق بالتقرير ويجب أن يشتمل الرد على أسبابه..... وعلى طالب الرد أن يودع عند التقرير بالرد مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل الكفالة" وفي المادة 154 منه على أنه "إذ كان الرد واقعاً في حق قاض جلس أول مرة لسماع الدعوى بحضور الخصوم جاز الرد بمذكرة تسلم لكاتب الجلسة وعلى طالب الرد تقييد الطلب بقلم الكتاب في اليوم نفسه أو في اليوم التالي وإلا سقط الحق فيه" كما نص في المادة 162 من القانون ذاته على أن "يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيه......" وكان مفاد هذه النصوص أن طلب رد القاضي حق شخصي للخصم نفسه وليس لمحاميه أن ينوب عنه فيه إلا بمقتضى توكيل خاص، وكان كل ما يقرره الوكيل بحضور موكله - وعلى ما يقضى به نص المادة 79 من قانون المرافعات - يكون بمثابة ما يقرره الموكل نفسه إلا إذا نفاه أثناء نظر القضية في الجلسة وأن الأصل في طلب الرد أن يحصل بتقرير في قلم كتاب المحكمة على النحو الوارد في المادة 153 من قانون المرافعات المدنية والتجارية سالفة الذكر وهو ما يفترض معه أن يكون طالب الرد على علم سابق بقيام سبب الرد بالقاضي الذي يطلب رده، أما إذا حدثت أسباب الرد أو إذا أثبت طالب الرد أنه لم يعلم بها إلا بعد إبداء دفاعه فإنه يجوز له طلب الرد برغم ذلك بما يتعين معه إتاحة الفرصة له وتمكينه من اتخاذ إجراءات الرد المقررة قانوناً، لما كان ذلك، وكان مؤدى نص المادة 162 من قانون المرافعات أن وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم في طلب الرد يتم بقوة القانون وأنه يتعين على القاضي المطلوب رده ألا يستمر في نظر الدعوى بل يتعين وقفها حتى يفصل نهائياً في طلب الرد مهما كانت وسائل الكيد واضحة فيه وقصد به مجرد تعطيل الفصل في الدعوى لأن القاضي باستمراره في نظر الدعوى يكون قد نصب من نفسه محكمة لنظر طلب الرد والفصل فيه حتماً بالرفض، وقضاؤه في الدعوى قبل الفصل في طلب الرد هو قضاء ممن حجب عن الفصل في الدعوى إلى أجل معين ومن ثم يقع باطلاً لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة تقرر لاعتبارات تتصل بالاطمئنان إلى توزيع العدالة، لما كان ما تقدم وكانت المحكمة لم تستجب إلى طلب محامي الطاعن التأجيل لاتخاذ إجراءات رد الهيئة عن نظر الدعوى والحكم فيها تأسيساً على الأسباب التي أوردتها في حكمها المطعون فيه على النحو سالف البيان، رغم أن محامي الطاعن أبدى هذا الطلب في حضور الطاعن بالجلسة ولم ينفه الطاعن ومن ثم فهو بمثابة ما يبديه الطاعن نفسه ورغم أن سبب الرد حدث في الجلسة الأخيرة التي نظرت فيها الدعوى ومضت في نظرها دون أن تمكن الطاعن من اتخاذ إجراءات الرد، وأصدرت حكمها المطعون فيه، فإن الحكم يكون - فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون - قد بني على إجراءات باطلة أثرت فيه، وأخل بحق الطاعن في الدفاع بما يوجب نقضه، ولا يغير من ذلك أن محاميين آخرين عن الطاعن قد ترافعا عن موضوع الدعوى بعد أن أبدى زميلهما طلب الرد بما قد يثيره ذلك من اعتبار مسلكهما تنازلاً ضمنياً عن طلب الرد ذلك أن البين من محضر الجلسة أن المحكمة هي التي طلبت إليهما الترافع في موضوع الدعوى رغم أن الدعوى بمجرد إبداء طلب الرد تكون موقوفة بقوة القانون وتكون يد المحكمة مغلولة عن النظر في موضوعها حتى يفصل في هذا الطلب من المحكمة المختصة، ومن ثم فما كان لمحكمة الموضوع أن تطلب من المحاميين الآخرين الترافع في موضوع الدعوى وتحيطهما بالحرج مما اضطرهما إلى الاستجابة إلى طلبها لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه، ولما كان النقض لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر موضوع الدعوى.