أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 32 - صـ 118

جلسة 4 من فبراير سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عثمان عمار، إبراهيم حسين رضوان، حسين كامل حنفي، ومحمد سالم يونس.

(16)
الطعن رقم 2090 لسنة 50 القضائية

1 - إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
مثال ينتفي فيه التعارض بين الدليلين.
عدم التزام الحكم بأن يورد من أقوال الشهود إلا ما يقيم عليه قضاءه.
2 - إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قيام خبراء الطب الشرعي بأعمال الخبرة. تحت رقابة القضاء.
المواد 1، 35، 36 من القانون رقم 96 لسنة 1952.
تقدير آراء الخبراء. والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع.
إطراح المحكمة طلب استطلاع رأي كبير الأطباء الشرعيين بشأن مقدرة المجني عليه على التكلم بتعقل إثر إصابته استناداً إلى اطمئنانها إلى ما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن المجني عليه كان يمكنه التكلم بتعقل إثر إصابته. لا عيب.
3 - نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تزيد الحكم فيما لم يكن في حاجة إليه. لا يعيبه. ما دام أنه أقام قضاءه على أسباب صحيحة كافية بذاتها لحمله. مثال.
1 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال الشهود من أن الطاعن أطلق النار على المجني عليه فأصابه - لا يتعارض بل يتطابق مع ما نقله عن التقرير الطبي الشرعي الذي أثبت أن المجني عليه أصيب من عيارين بأسفل مقدم العنق وبأسفل يمين القفص الصدري وأن الإصابة الأولى حدثت والضارب للأمام من المجني عليه وعلى يسار وبميل من أعلى لأسفل، وأن الإصابة الثانية حدثت والضارب في نفس مستوى المجني عليه. وعلى فرض صحة ما يثيره الطاعن من أن الشهود قرروا أن الطاعن والمجني عليه كانا في مستوى واحد وقت إطلاق العيارين فإنه لا تثريب على الحكم إن كان قد عول على شق من أقوال الشهود، وهو ما تعلق بإطلاق الطاعن النار على المجني عليه، ولم يعبأ بقالتهم في الشق الآخر أن المجني عليه والطاعن كانا في مستوى واحد وقت الإطلاق ولم يوردها في بيانه مضمون أقوالهم، ولا يعتبر هذا الذي تناهى إليه الحكم افتئاتاً على الشهادة أو ما يقوم به التعارض بين الدليلين في هذا الخصوص إذ من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ولها أن تجزئ الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه منها إذ المرجع في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها.
2 - لما كان مفاد نصوص المواد الأولى والخامسة والثلاثين والسادسة والثلاثين من القانون رقم 96 لسنة 1952 بتنظيم أعمال الخبرة أمام جهات القضاء أن لخبراء مصلحة الطب الشرعي ابتداء من كبير الأطباء الشرعيين وانتهاء بمعاون الطبيب الشرعي حق القيام بأعمال الخبرة تحت رقابة القضاء، وكان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير الدليل وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة أطرحت ما طلبه الطاعن من استطلاع رأي كبير الأطباء الشرعيين بشأن قدرة المجني عليه على التكلم بتعقل إثر إصابته، اطمئناناً منها إلى ما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن المجني عليه كان يمكنه التكلم بتعقل إثر إصابته، فإنها لم تكن ملزمة من بعد بإجابة طلب الدفاع، ويكون ما أوردته في هذا الصدد كافياً وسائغاً لإطراحه.
3 - لا ينال من الحكم خطؤه في الإسناد فيما استطرد إليه بعد أن استوفى رده على طلب الطاعن من أن التقرير الاستشاري لم ينف قدرة المجني عليه على التكلم بتعقل إذ لا يعيب الحكم تزيده، فيما لم يكن في حاجة إليه ما دام أنه أقام قضاءه على أسباب صحيحة كافية بذاتها لحمله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل....... عمداً مع سبق الإصرار بأن انتوى قتله وعقد العزم على ذلك وأعد لهذا الغرض سلاحاً نارياً (مسدساً) وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عيارين ناريين قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر شرع في قتل....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وعقد العزم على ذلك وأعد لهذا الغرض السلاح الناري سالف الذكر وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو عدم إحكام الرماية ومداركة المجني عليه بالعلاج. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. وادعت المدعية بالحقوق المدنية قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل - التعويض. ومحكمة جنايات شبين الكوم بعد أن أضافت تهمتي إحراز سلاح وذخيرة بدون ترخيص إلى وصف التهمة، قضت حضورياً عملاً بالمواد 234/ 1 و45 و32 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند أ من القسم الأول من الجدول 3 الملحق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها مبلغ أربعة آلاف جنيه على سبيل التعويض.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه فساد في الاستدلال وأخطأ في الإسناد ذلك بأنه عول على الدليلين القولي والفني برغم ما بينهما من تعارض إذ قرر الشهود أن الطاعن والمجني عليه كانا في مستوى واحد وقت إطلاق النار بينما أثبت التقرير الطبي الشرعي أن أحد العيارين اللذين أصابا الأخير أطلق بميل من أعلى إلى أسفل هذا وقد طلب الطاعن استطلاع رأي كبير الأطباء الشرعيين عن قدرة المجني عليه على التكلم بتعقل إثر إصابته نظراً لأن ما قرره من أجرى التشريح في هذا الشأن وهو بدرجة معاون طبيب شرعي لا يمكن التعويل عليه إلا أن الحكم التفت عن ذلك الطلب بمقولة إن الطبيب الشرعي أثبت إمكان تحدث المجني عليه بتعقل وأن التقرير الاستشاري لم ينف ذلك مع أن التقرير الأخير أرجأ الفصل في هذا الأمر لحين الاطلاع على أوراق علاج المجني عليه بالمستشفى، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال الشهود من أن الطاعن أطلق النار على المجني عليه فأصابه لا يتعارض بل يتطابق مع ما نقله عن التقرير الطبي الشرعي الذي أثبت أن المجني عليه أصيب من عيارين بأسفل مقدم العنق وبأسفل يمين القفص الصدري وأن الإصابة الأولى حدثت والضارب للأمام من المجني عليه وعلى يسار وبميل من أعلى لأسفل، وأن الإصابة الثانية حدثت والضارب في نفس مستوى المجني عليه. وعلى فرض صحة ما يثيره الطاعن من أن الشهود قرروا أن الطاعن والمجني عليه كانا في مستوى واحد وقت إطلاق العيارين فإنه لا تثريب على الحكم إن كان قد عول على شق من أقوال الشهود، وهو ما تعلق بإطلاق النار على المجني عليه، ولم يعبأ بقالتهم في الشق الآخر أن المجني عليه والطاعن كانا في مستوى واحد وقت الإطلاق ولم يوردها في بيانه مضمون أقوالهم، ولا يعتبر هذا الذي تناهى إليه الحكم افتئاتاً على الشهادة أو ما يقوم به التعارض بين الدليلين في هذا الخصوص إذ من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ولها أن تجزئ الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه منها إذ المرجع في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان مفاد نصوص المواد الأولى والخامسة والثلاثين والسادسة والثلاثين من القانون رقم 96 لسنة 1952 بتنظيم أعمال الخبرة أمام جهات القضاء أن لخبراء مصلحة الطب الشرعي ابتداء من كبير الأطباء الشرعيين وانتهاء بمعاون الطبيب الشرعي حق القيام بأعمال الخبرة تحت رقابة القضاء، وكان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير الدليل, وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة أطرحت ما طلبه الطاعن من استطلاع رأي كبير الأطباء الشرعيين بشأن قدرة المجني عليه على التكلم بتعقل إثر إصابته، اطمئناناً منها إلى ما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن المجني عليه كان يمكنه التكلم بتعقل إثر إصابته، فإنها لم تكن ملزمة من بعد بإجابة طلب الدفاع، ويكون ما أوردته في هذا الصدد كافياً وسائغاً لإطراحه. لما كان ذلك، وكان لا ينال من الحكم خطؤه في الإسناد فيما استطرد إليه - بعد أن استوفى رده على طلب الطاعن سالف الذكر - من أن التقرير الاستشاري لم ينف قدرة المجني عليه على التكلم بتعقل إذ لا يعيب الحكم تزيده فيما لم يكن في حاجة إليه ما دام أنه أقام قضاءه على أسباب صحيحة كافية بذاتها لحمله، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.