مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثاني (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1936م لغاية 26 أكتوبر سنة 1939م) - صـ 293

جلسة 24 فبراير سنة 1938

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وحامد فهمي بك وعبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك المستشارين.

(99)
القضية رقم 35 سنة 7 القضائية

اسم. حق تغيير الاسم. حدّه. متى تتدخل المحاكم الأهلية؟ طلب إثبات هذا التغيير في دفاتر الصحة. متى يصح رفع الدعوى به؟
لكل شخص أن يتخذ لنفسه اسماً غير اسمه المعروف به، ويذيعه في الناس بالطريقة التي يراها كفيلة بذلك ما دام هذا الاسم لم يكن اسماً معروفاً انتحله قصداً لغرض خاص. واتخاذ الشخص اسماً غير اسمه يجعله مسئولاً قِبل من يعترض بحق على انتحال اسمه. فمجرّد طلب تغيير الاسم لا يصح رفع دعوى به إلى المحاكم الأهلية. ولكن إذا رفع شخص على وزارة الصحة دعوى طلب فيها إضافة اسم إلى اسمه الشخصي لكي يعرف باسمه مضافاً إليه الاسم الجديد بدلاً من اسمه مع اسم أبيه وجدّه وإجراء التغيير المطلوب في دفاتر المواليد، واعترضت وزارة الصحة على جواز الإضافة في ذاتها فإنها باعتراضها هذا تكون قد أثارت بلا حق نزاعاً في طلب لا شأن لها به، ويجوز للمحكمة إذن أن تقضي للطالب في دعواه بأحقيته في طلب تغيير الاسم. أما عن إلزام الوزارة بإثبات الاسم الجديد في دفاترها فمحله أن تكون الوزارة قد رفضت إثبات التغيير تعنتاً منها. وهذا لا ينكشف إلا بعد أن يكون المدعي قد أشهد أمام المحكمة الشرعية - وفقاً لما جرى به العرف - على التغيير وأعلن ذلك في محل توطنه ومحل ميلاده، ومضى من الوقت ما يتسع للاعتراض من كل من يهمه التغيير. فإذا كان الخلف على إثبات التغيير قد حصل مع كل ذلك فإنه عندئذٍ يكون هناك مقتض للفصل فيه.


المحكمة

وبما أن مبنى الطعن يرجع إلى وجوه أربعة: يتلخص رابعها في أن الحكم المطعون فيه لم يسبب في قضائه بالنسبة للمصاريف فهو باطل شكلاً. وذلك أن المدعى عليه في الطعن طلب من محكمة أوّل درجة أن تكون مصاريف الدعوى على عاتقه فحكمت المحكمة بذلك، ولم يعدل عن طلبه هذا أمام محكمة الاستئناف وما كان له أن يعدل ولكن تلك المحكمة قضت بإلزام الطاعنة بمصاريف الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة عنهما من غير أن تضع لقضائها هذا الذي خالفت به الحكم الابتدائي أسباباً ما.
أما الوجوه الثلاثة الأول فتتلخص جميعاً في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله حين رفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم بنظر دعوى تغيير الاسم.
وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن محكمة الاستئناف استندت في قضائها باختصاص المحاكم الأهلية بنظر دعوى تغيير الاسم إلى أن اسم الشخص مال متعلق به حق الملكية وإلى أنه ليس لجهات الإدارة أي اختصاص في مادة تغيير الاسم لعدم وجود نص مقرر لهذا الاختصاص - استندت محكمة الاستئناف إلى ذلك مع أن موضوع دعوى تغيير الاسم ليس حقاً مالياً يصح التقاضي بشأنه، وما الاسم إلا علامة مميزة للشخصية، وصلته بصاحبه تتنافر مع طبيعة حق الملكية، بل هو أدنى أن يكون فرضاً عليه لاحقاً له، فإن تسمية الأشخاص وسيلة نظامية من وسائل تنظيمهم لا مفرّ منها ضماناً لمصالح الجماعة التي يعيش بينها الفرد. فيجب أن يكون ثابتاً مستقراً لا يتغير إلا بموافقة السلطة المسئولة عن النظام العام وهي السلطة الإدارية. أما القول بأن تلك السلطة لا اختصاص لها في ذلك لعدم وجود نص فتقول مردود بأن سلطة الإدارة واختصاصها إنما تتحددّ بحدود طبيعة وظيفتها وطبيعة الأعمال التي تتولاها.
وتقول الطاعنة أيضاً بأن محكمة الاستئناف قد أخطأت حين أجازت اختصاص المحاكم بنظر طلب تغيير الاسم قياساً على اختصاصها بنظر طلب تصحيح السجلات، فإن نص المشرع على جزئية من جزئيات موضوع يقتضي بمفهوم المخالفة أن حكم هذه الجزئية يخالف حكم الجزئيات الأخرى. على أنه إن صح أن يكون للقضاء اختصاص في شئون تغيير الاسم، فإنما يكون ذلك للقضاء بسلطته الولائية أي بطريقة الأوامر على العرائض، فتنظر المحكمة في العريضة المقدّمة من صاحب الشأن وتأمر بتحقيقها بالطريق الإداري نظراً لانعدام الخصومة من جهة ونظراً لما يجري عليه العمل فعلاً في مسائل تصحيح الدفاتر.
ذلك هو ملخص وجوه الطعن المقدّمة.
وبما أن ما تستخلصه هذه المحكمة من الوقائع التي صدر بها هذا الحكم أن دعوى المدعى عليه في الطعن أمام المحكمة الابتدائية كانت تشمل شقين: (أولهما) أنه يبغي إضافة لفظ "لندل" على اسم يوسف حتى يعرف باسم يوسف لندل بدل اسم يوسف المضاف إليه اسم أبيه وجدّه. (وثانيهما) أن تجري وزارة الصحة التغيير في دفاترها على مقتضى هذه الإضافة المبتغاة.
وبما أنه ليس من شك في أن لكل فرد أن يتخذ لنفسه اسماً غير اسمه المعروف به ويذيعه في الناس بالطريقة التي يراها كفيلة بنشره بشرط أن لا يكون عمله هذا بنية انتحال اسم معروف لغرض خاص وتحت مسئوليته لمن يعترض بحق على هذا الانتحال.
وفي خصوصية الدعوى الحالية ظاهر أن اسم لندل الذي كان يبغي المدّعى عليه في الطعن أن يضيفه على اسمه "يوسف" القديم لا يدل على نية انتحال حسب أو الاستمساك بنسب غريب منه، بل كان لأسباب وجيهة عينها. كما أنه لم تقم خصومة من معترض بين الناس يدّعي أن ضرراً لحقه من تلك الإضافة. فكان يصح اعتبار دعوى يوسف إيلي ليفي في هذا الشق منها دعوى غير مقبولة لو لم تبدِ وزارة الصحة في صراحة أنها تعترض على ذات ما يبغيه يوسف المذكور من الإضافة بقطع النظر عن أمر إثباتها في الدفاتر، فإنها بهذا الاعتراض قد أقامت خصومة في هذا الشق من دعوى المدّعى عليه في الطعن. وهذه الخصومة لا حق لها فيها لما سبق ذكره من الاعتبارات عن حرية الأفراد في إضافة ما يريدون إضافته لأسمائهم بالقيود المارّ ذكرها.
أما الشق الثاني من الدعوى وهو طلب إلزام وزارة الصحة بإثبات الإضافة في دفاترها فلا يكون له قوام إلا إذا كانت تلك الوزارة متعنتة في رفض هذا الإثبات. ولا ينكشف هذا العنت إلا بعد أن يكون طالب تغيير الاسم بالإضافة قد أشهد أمام المحكمة الشرعية على ما جرى به العرف تلك الإضافة أو التغيير وأعلن حصول هذه الإجراءات في محل توطنه وفي محل ميلاده ومضى على ذلك الوقت الكافي لتقدّم من يريد الاعتراض على الإضافة أو التغيير. فإذا حصل بعد هذا خلف بين الطالب ووزارة الصحة بشأن إثبات الاسم الجديد في دفاترها يكون للمحكمة الأهلية عندئذٍ الفصل في هذا الخلف.
وبما أن المدّعى عليه في الطعن لم يقم بشيء من ذلك في الدعوى الحالية فطلباته في الشق الثاني من دعواه كانت إذن سابقة لأوانها وكان يجب على المحكمة أن تقضي بذلك.
وبما أنه يتعين لهذا نقض الحكم المطعون فيه والقضاء في موضوع الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف على مقتضى ما تقدّم من الأسباب.