أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 32 - صـ 160

جلسة 18 من فبراير سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الواحد الديب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عثمان عمار، إبراهيم حسين رضوان، حسن كامل حنفي، محمد سالم يونس.

(24)
الطعن رقم 2050 لسنة 50 القضائية

1 - محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة في الدعوى". إثبات "بوجه عام". "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
- حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. وإطراح ما يخالفها.
2 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى مدنية.
كفاية تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة للقضاء بالبراءة. ورفض الدعوى المدنية.
3 - إثبات "قوة الأمر المقضي". دعوى جنائية. دعوى مدنية. استئناف "نطاقه" "نظره والحكم فيه". نقض "المصلحة في الطعن". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قضاء محكمة أول درجة بالإدانة وإحالة الدعوى المدنية التابعة إلى المحكمة المدنية المختصة. استئناف المتهم هذا الحكم. الأصل وجوب أن تقصر محكمة ثاني درجة حكمها على الدعوى الجنائية. التي نقلها الاستئناف إليها. قضاء محكمة ثاني درجة ببراءة المتهم استناداً إلى انتفاء الخطأ في جانبه. يمس أسس الدعوى المدنية. أساس ذلك وأثره؟
1 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق.
2 - يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلها الريبة في عناصر الاتهام.
3 - متى كان نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية يجري بأن "كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المدعي بالحقوق المدنية قبل المتهم وذلك ما لم تر المحكمة أن الفصل في هذه التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية فعندئذ تحيل المحكمة الدعوى إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف"، وكان الثابت من السياق المتقدم أن محكمة أول درجة قد دانت المطعون ضده بجريمة القتل الخطأ المسندة إليه وأحالت الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية فقد كان يتعين على محكمة ثاني درجة أن تقصر حكمها على موضوع الدعوى الجنائية التي نقلها استئناف المتهم إليها وألا تتصدى للدعوى المدنية وتفصل في موضوعها إذ لم تكن مطروحة عليها، إلا أنه لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده من التهمة المسندة إليه على انتفاء الخطأ من جانبه، وهو بهذه المثابة قضاء يمس أسس الدعوى المدنية مساساً يقيد حرية القاضي المدني اعتباراً بأن نفي الخطأ عن المتهم يؤثر بلا أدنى شبهة في رأي المحكمة المدنية المحالة عليها الدعوى مما يكون معه مصيرها حتماً إلى القضاء برفضها إعمالاً لنصوص القانون ونزولاً على قواعد قوة الشيء المقضى فيه جنائياً أمام المحاكم المدنية، فإن مصلحة الطاعنين - المدعين بالحقوق المدنية - من وراء طعنهم فيما قضى به الحكم من رفض دعواهم المدنية تكون منتفية، ويكون منعاهم في هذا الصدد غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه (أولاً) تسبب خطأ في موت...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه ومخالفته القانون والقرارات بأن قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر ودون احتياطه لمرور المشاة فصدم المجني عليه وأحدث الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. (ثانياً) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 66 لسنة 1973 وقرار الداخلية رقم 291 لسنة 1974. وادعى كل من زوجة المجني عليه وأولاده مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنح مصر الجديدة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشرين جنيهاً وإحالة الدعوى المدنية إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية. فاستأنف. ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية.
فطعن المدعون بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن المقدم من المدعين بالحقوق المدنية. أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة قتل خطأ ورفض الدعوى المدنية قد شابه بطلان وقصور في التسبيب ذلك بأنه فصل في الدعوى المدنية التي قضت محكمة أول درجة بإحالتها إلى المحكمة المدنية دون أن يضمن أسبابه ما يقيم ما انتهى إليه من قضاء في هذا الخصوص كما أنه التفت عن دفاع الطاعنين الوارد بمذكرتهم من أن وفاة مورثهم كانت نتيجة خطأ المتهم المتمثل في قيادة سيارة بسرعة دون تبصر بدلالة حدوث إصابة المجني عليه بعد أن اجتاز أكثر من اثني عشر متراً من عرض الطريق الأمر الذي يعيب الحكم ويوجب نقضه.
ومن حيث إنه من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق، كما أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية, إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينهما وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الاتهام - كما هو الحال في واقع الدعوى المطروحة - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى أقوال المطعون ضده وحاصلها أن المجني عليه قد عبر الطريق فجأة أمام السيارة التي يقودها وتردد في العبور بسبب ضعف بصره وكبر سنه وقد عول الحكم في قضائه على هذه الرواية لخلو الأوراق من أي دليل يناقضها وهو استدلال سائغ لا شائبة فيه، فإن المنازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى تنحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أن محكمة أول درجة قضت حضورياً بتغريم المتهم - المطعون ضده - عشرين جنيهاً عن تهمة القتل الخطأ المسندة إليه وأحالت الدعوى المدنية إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية، فاستأنف المطعون ضده وحده هذا الحكم وقضت محكمة ثاني درجة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعيها - الطاعنين - المصاريف ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، لما كان ذلك، وكان نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية يجري بأن "كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المدعي بالحقوق المدنية قبل المتهم وذلك ما لم تر المحكمة أن الفصل في هذه التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية، فعندئذ تحيل المحكمة الدعوى إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف"، وكان الثابت من السياق المتقدم أن محكمة أول درجة قد دانت المطعون ضده بجريمة القتل الخطأ المسندة إليه وأحالت الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية، فقد كان يتعين على محكمة ثاني درجة أن تقصر حكمها على موضوع الدعوى الجنائية التي نقلها استئناف المتهم إليها وألا تتصدى للدعوى المدنية وتفصل في موضوعها إذ لم تكن مطروحة عليها، إلا أنه لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده من التهمة المسندة إليه على انتفاء الخطأ من جانبه، وهو بهذه المثابة قضاء يمس أسس الدعوى المدنية مساساً يقيد حرية القاضي المدني اعتباراً بأن نفي الخطأ عن المتهم يؤثر بلا أدنى شبهة في رأي المحكمة المدنية المحالة عليها الدعوى مما يكون معه مصيرها حتماً إلى القضاء برفضها إعمالاً لنصوص القانون ونزولاً على قواعد قوة الشيء المقضى فيه جنائياً أمام المحاكم المدنية، فإن مصلحة الطاعنين - المدعين بالحقوق المدنية - من وراء طعنهم فيما قضى به الحكم من رفض دعواهم المدنية تكون منتفية، ويكون منعاهم في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين بالمصاريف ومصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.