أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 218

جلسة 4 من مارس سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عثمان عمار، وأبراهيم حسين رضوان، وحسين كامل حنفى، ومحمد ممدوح سالم.

(35)
الطعن رقم 2285 لسنة 50 القضائية

اثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". مسئولية جنائية. أسباب الاباحة وموانع العقاب "موانع العقاب".
حق محكمة الموضوع فى تقدير حالة المتهم العقلية. حده؟
مثال لتسبيب معيب.
تقدير حالة المتهم العقلية وان كان فى الاصل من المسائل الموضوعية التى تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، الا أنه يتعين عليها ليكون قضاؤها سليما أن تعين خبيرا للبت فى هذه الحالة وجودا وعدما لما يترتب عليها من قيام مسئولية المتهم عن الجريمة أو انتفائها، فان لم تفعل كان عليها ان تورد فى القليل أسبابا سائغة تبنى عليها قضاءها برفض هذا الطلب وذلك اذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم ان قواه العقلية سليمة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أسس اطراحه دفاع الطاعن بعدم مسئوليته عن الحادث لعاهة فى العقل على ما شهد به احد الاطباء من انه عالجه خلال عام 1969 من اشتباه فى مرض نفسى وأنه شفى ولم يتردد عليه بعد ذلك وما أثبتته المحكمة من مناقشتها للطاعن بالجلسة من أنه يجيب على ما وجهته اليه من أسئلة بتعقل وروية واتزان مع أن الامرين كليهما لا يتأدى منهما بالضرورة أن الطاعن لم يكن مريضا بمرض عقلى وقت وقوع الفعل، فانه كان يتعين على المحكمة حتى يكون حكمها قائما على أساس سليم أن تحقق دفاع الطاعن عن طريق المختص فنيا للبت فى حالته العقلية وقت وقوع الفعل او تطرحه بأسباب سائغة، اما وهى لم تفعل واكتفت بما قالته فى هذا الشأن فان الحكم المطعون فيه يكون معيبا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بانه قتل...... عمدا بان اطلق عليه عدة أعيرة نارية من مسدسه الاميرى قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت الى مستشار الاحالة احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات بنى سويف قضت حضوريا عملا بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالاشغال الشاقة المؤبدة عما أسند اليه.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

من حيث ان مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجريمة القتل العمد قد انطوى على اخلال بحق الدفاع وشابه فساد فى الاستدلال، ذلك بأن المدافع عنه دفع بأنه كان فاقد الشعور والاختيار وقت ارتكاب الجريمة وطلب تحقيق ذلك بفحص حالته العقلية عن طريق المختص فنيا الا ان المحكمة أطرحت طلبه بما لا يسوغ اطراحه مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
ومن حيث أنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع بعدم مسئوليته لاصابته بعاهة فى العقل وطلب فحصه تحقيقا لدفاعه. ويبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لهذا الدفاع واطرحه بقوله "وحيث أنه بسؤال المتهم بالجلسة انكر ما نسب اليه وطلب الحاضر معه فحص قواه العقلية واستشهد على ذلك بالدكتور....... الذى شهد بأن المتهم قد عرض عليه خلال سنة 1969 لاشتباه فى حالته النفسية وعولج وشفى ولم يتردد عليه بعد ذلك، وحيث ان ما لاذ به الدفاع من احتمال اصابة المتهم بمرض عقلى مردود عليه بشهادة شاهد النفى الدكتور..... وبما ثبت للمحكمة من مناقشة المتهم بالجلسة واجابته على كل استفسار بتعقل وروية واتزان على النحو الوارد بمحضر الجلسة". لما كان ذلك، وكان تقدير حالة المتهم العقلية وان كان فى الأصل من المسائل الموضوعية التى تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، الا أنه يتعين عليها ليكون قضاؤها سليما ان تعين خبيرا للبت فى هذه الحالة وجودا وعدما لما يترتب عليها من قيام مسئولية المتهم عن الجريمة أو انتفائها، فان لم تفعل كان عليها ان تورد فى القليل أسبابا سائغة تبنى عليها قضاءها برفض هذا الطلب وذلك اذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم ان قواه العقلية سليمة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اسس اطراحه دفاع الطاعن بعدم مسئوليته عن الحادث لعاهة فى العقل على ما شهد به أحد الأطباء من أنه عالجه خلال عام 1969 من اشتباه فى مرض نفسى وأنه شفى ولم يتردد عليه بعد ذلك وما أثبتته المحكمة من مناقشتها للطاعن بالجلسة من أنه يجيب على ما وجهتهه اليه من أسئلة بتعقل وروية واتزان مع ان الامرين كليهما لا يتأدى منهما بالضرورة أن الطاعن لم يكن مريضا بمرض عقلى وقت وقوع الفعل، فانه كان يتعين على المحكمة حتى يكون حكمها قائما على أساس سليم أن تحقق دفاع الطاعن عن طريق المختص فنيا للبت فى حالته العقلية وقت وقوع الفعل او تطرحه بأسباب سائغة، أما وهى لم تفعل واكتفت بما قالته فى هذا الشأن فان الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه والاعادة بغير حاجة الى بحث باقى أوجه الطعن.