أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 221

جلسة 9 من مارس سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أمين أمين عليوه، وراغب عبد الظاهر، وفوزى أسعد، ومصطفى عبد الرازق.

(36)
الطعن رقم 2310 لسنة 50 القضائية

1 - قانون "تفسيره" "تطبيقه" "الغاؤه". عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى جنائية "انقضاؤها بمضى المدة". دعوى مدنية "انقضاؤها بمضى المدة".
وجوب التحرز فى تفسير القوانين الجنائية. والتزام الدقة فى ذلك. وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل.
صياغة النص فى عبارات واضحة جلية. اعتبارها تعبيرا صادقا عن ارادة المشرع. عدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل.
استعمال القوة أو التهديد للاخلال بحرية الانتخاب أو الاستفتاء أو بنظام اجراءاتهما. مؤثم. المادتان 45، 46 من القانون 73 لسنة 1956.
سقوط الدعويين. العمومية والمدنية. فى الجرائم المنصوص عليها فى القانون 73 لسنة 1956 بمضى ستة أشهر من يوم إعلان نتيجة الانتخاب أو الاستفتاء أو من تاريخ آخر عمل متعلق بالتحقيق. المادة 50 من ذات القانون.
عدم جواز الرجوع الى القانون العام فيما نظمه قانون خاص. التشريع العام اللاحق. لا ينسخ ضمنا التشريع الخاص السابق. مثال.
2 - اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القضاء بالبراءة من جريمة احراز سلاح نارى بغير ترخيص استنادا الى عدم ثبوت صلاحية السلاح لعدم ضبطه. سائغ.
1 - لما كان من المقرر ان الأصل أنه يجب التحرز فى تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة فى ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فانه يجب أن تعد تعبيرا صادقا عن ارادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيا كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على النص متى كان واضحا جلى المعنى قاطعا فى الدلالة على المراد منه، وكان نص المادة 46 من القانون 73 سنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية جاء واضحا جليا فى معاقبة كل من أخل بحرية الانتخاب أو الاستفتاء أو بنظام اجراءاته باستعمال القوة أو التهديد بذات العقوبات الواردة بالمادة 45 من القانون المذكور، وهى الحبس أو الغرامة التى لا تتجاوز مائتى جنيه، وكانت الواقعة حسبما حصلها الحكم المطعون فيه تتوافر فيها عناصر الجريمة المنصوص عليها فى تلك المادة وتخضع لحكمها، فان الحكم المطعون فيه يكون صحيحا فيما انتهى اليه من اعمالها، واذ كانت المادة 50 من ذات القانون قد نصت على ان تسقط الدعوى العمومية والمدنية فى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون بمضى ستة أشهر من يوم اعلان نتيجة الانتخاب أو الاستفتاء أو من تاريخ آخر عمل متعلق بالتحقيق، وكانت الطاعنة لا تمارى فيما استخلصه الحكم المطعون فيه من توافر شروط اعماله هذه المادة على الدعوى المطروحة، فان ما تنعاه عليه من الخطأ فى تطبيق القانون لا يكون سديدا. ولا يغير من هذا النظر ان المادة 137 مكررا من قانون العقوبات المعدلة بالقانون 120 سنة 1962 اللاحق للقانون رقم 73 لسنة 1956 قد تضمنت المعاقبة بعقوبة الجناية لكل من استعمل القوة أو العنف أو التهديد مع موظف عام أو مكلف بخدمة عامة لحمله بغير حق على أداء عمل من أعمال وظيفته أو على الامتناع عنه. ذلك ان القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية هو قانون خاص يتضمن تنظيما لأحكام الجرائم الواردة به، ومن المقرر أنه مع قيام قانون خاص لا يرجع الى أحكام قانون عام الا فيما لم ينظمه القانون الخاص من أحكام، وان التشريع العام اللاحق لا ينسخ ضمنا التشريع الخاص السابق بل يظل التشريع الخاص قائما.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استند فى قضائه ببراءة المطعون ضده من جريمة احراز سلاح نارى مششخن بغير ترخيص الى عدم ثبوت صلاحية ذلك السلاح لعدم ضبطه، وكان ما ذهب اليه فى هذا الشأن سائغا يؤدى الى ما رتبه عليه، فان منعى الطاعنة عليه فى هذا الخصوص لا يكون سديدا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم وآخر - توفى وحكم بانقضاء الدعوى الجنائية لوفاته - بأنهم: (أولا) استعملو العنف والتهديد مع..... رئيس لجنة الانتخابات المحلية رقم 6 بناحية الجزيرة بوصفه موظفا عاما مكلفا بخدمة عامة ليحملوه بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفته وذلك بأن اقتحموا عليه مقر اللجنة بالقوة بينما يحمل المتهم الأول مسدسا آمرين اياه بايقاف سير أعمال اللجنة أو اعاقة سير الانتخابات، وقد بلغوا بذلك قصدهم بأن تعطلت أعمال اللجنة لمدة اربع ساعات على النحو المبين بالأوراق. (ثانيا) المتهم الأول أيضا: احرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا (مسدس). وطلبت من مستشار الاحالة احالتهم الى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 137/ 1 - 2 مكررا من قانون العقوبات و1/ 1، 26/ 2 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 2 الملحق به فقرر ذلك. ومحكمة جنايات قنا قضت حضوريا بتاريخ 4 نوفمبر سنة 1978 عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية باعتباره واقعة التهمة الأولى جنحة وسقوطها بمضى ستة شهور. (ثالثا) ببراءة........ من تهمة احراز السلاح.
فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث ان ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه اذ اعتبر الواقعة المسندة الى المطعون ضدهم جنحة اخلال بحرية الانتخاب وبنظام اجراءاته باستعمال القوة والتهديد منطبقة على المادتين 45، 46 من القانون رقم 73 سنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، وقضى فيها بالسقوط المنصوص عليه فى المادة 50 من ذات القانون، كما قضى ببراءة المطعون ضده الأول من تهمة احراز سلاح نارى المسندة اليه، فقد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه الفساد فى الاستدلال. ذلك ان الواقعة المسندة الى المطعون ضدهم حسبما حصلها الحكم تشكل الجناية المنصوص عليها بالمادة 137 مكررا من قانون العقوبات. كما أن ما تساند اليه الحكم من عدم ضبط السلاح لا يسوغ اقامة قضائه ببراءة المطعون ضده الأول من تهمة احرازه بغير ترخيص. مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن....... المدرس بمدرسة صلاح الدين الابتدائية كان منتدبا لرئاسة لجنة الانتخاب رقم 6 بالجزيرة وأثناء قيام اللجنة بأعمالها طلب منه المطعون ضدهم اقفال اللجنة وكان ذلك بالقوة حيث كان المطعون ضده الأول يحمل مسدسا مما أدى الى تعطيل أعمال اللجنة من الساعة الحادية عشرة صباحا حتى الثالثة مساء، وعرض لانزال حكم القانون على الواقعة فأورد أنها معاقب عليها بالمادتين 45، 46 من القانون رقم 73 لسنة 1956 المعدل بالقانون رقم 235 سنة 1956 ثم أعمل حكم المادة 50 من ذات القانون التى تقضى بسقوط الدعوى العمومية فى جرائم هذا القانون بمضى ستة أشهر من يوم اعلان الانتخاب أو من تاريخ آخر عمل يتعلق بالتحقيق, وذلك بعد أن حصل من التحقيقات انقضاء هذه المدة منذ آخر اجراء من اجراءات التحقيق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل أنه يجب التحرز فى تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة فى ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فانه يجب أن تعد تعبيرا صادقا عن ارادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيا كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على النص متى كان واضحا جلى المعنى قاطعا فى الدلالة على المراد منه، وكان نص المادة 46 من القانون 73 سنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية جاء واضحا جليا فى معاقبة كل من أخل بحرية الانتخاب أو الاستفتاء أو بنظام اجراءاته باستعمال القوة أو التهديد بذات العقوبات الواردة بالمادة 45 من القانون المذكور، وهى الحبس أو الغرامة التى لا تتجاوز مائتى جنيه، وكانت الواقعة حسبما حصلها الحكم المطعون فيه تتوافر فيها عناصر الجريمة المنصوص عليها فى تلك المادة وتخضع لحكمها، فان الحكم المطعون فيه يكون صحيحا فيما انتهى اليه من اعمالها، واذ كانت المادة 50 من ذات القانون قد نصت على ان تسقط الدعوى العمومية والمدنية فى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون بمضى ستة أشهر من يوم اعلان نتيجة الانتخاب أو الاستفتاء أو من تاريخ آخر عمل متعلق بالتحقيق، وكانت الطاعنة لا تمارى فيما استخلصه الحكم المطعون فيه من توافر شروط اعماله هذه المادة على الدعوى المطروحة، فان ما تنعاه عليه من الخطأ فى تطبيق القانون لا يكون سديدا. ولا يغير من هذا النظر ان المادة 37 مكررا من قانون العقوبات المعدلة بالقانون 120 سنة 1962 اللاحق للقانون رقم 73 سنة 1956 قد تضمنت المعاقبة بعقوبة الجناية لكل من استعمل القوة أو العنف أو التهديد مع موظف عام أو مكلف بخدمة عامة لحمله بغير حق على أداء عمل من أعمال وظيفته أو على الامتناع عنه. ذلك أن القانون رقم 73 سنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية هو قانون خاص يتضمن تنظيما لأحكام الجرائم الواردة به، ومن المقرر أنه مع قيام قانون خاص لا يرجع الى أحكام قانون عام الا فيما لم ينظمه القانون الخاص من أحكام، وان التشريع العام اللاحق لا ينسخ ضمنا التشريع الخاص السابق بل يظل التشريع الخاص قائما. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند فى قضائه ببراءة المطعون ضده من جريمة احراز سلاح نارى مششخن بغير ترخيص الى عدم ثبوت صلاحية ذلك السلاح لعدم ضبطه، وكان ما ذهب اليه فى هذا الشأن سائغا يؤدى الى ما رتبه عليه، فان منعى الطاعنة عليه فى هذا الخصوص لا يكون سديدا. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه.