مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثاني (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1936م لغاية 26 أكتوبر سنة 1939م) - صـ 402

جلسة 22 يونيه سنة 1938

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وحامد فهمي بك وعلي حيدر حجازي بك وأحمد مختار بك المستشارين.

(134)
القضية رقم 33 سنة 8 القضائية

بيع. بيع منجز. استيفاء عقده الشكل القانوني. قصد حرمان بعض الورثة. صحة التصرف. بيع حقيقي أو هبة يسترها عقد بيع.
إن التصرف المنجز حال حياة المتصرف، ولو كان من غير عوض ومقصوداً به حرمان بعض الورثة، هو تصرف صحيح متى كان مستوفياً شكله القانوني. فإذا كان من المسلم به أن عقد البيع المتنازع عليه قد صدر منجزاً ممن هو أهل للتصرف، ومستوفياً لكل الإجراءات التي يقتضيها القانون في مثله، وسجل قبل وفاة المتصرف بزمن طويل، فهو صحيح سواء اعتبر عقد بيع حقيقي أو هبة يسترها عقد بيع.


الوقائع

تتلخص وقائع الدعوى - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والمستندات المقدّمة وكانت من قبل تحت نظر محكمة الاستئناف - في أنه بتاريخ 25 من سبتمبر سنة 1930 حرر بين المرحوم محمود محمود الفوّال وزوجته الطاعنة عقد ببيع منزلين له بناحية فوّة، وصدّق على توقيع البائع أمام محكمة فوّة الجزئية في 18 من أكتوبر سنة 1930، ثم سجل العقد في 6 من ديسمبر سنة 1930 بقلم الرهون بمحكمة إسكندرية المختلطة تحت رقم 9998 ووضعت المشترية يدها على المنزلين من تاريخ إبرام العقد حتى توفي البائع في 3 من يناير سنة 1935 فنازعتها ابنته المدعى عليها الأولى في الطعن ورفعت عليها في 14 من يونيه سنة 1936 الدعوى رقم 347 كلي محكمة طنطا سنة 1936 طالبة الحكم بتثبيت ملكيتها إلى 82 متراً و26 سنتيمتراً مربعاً مشاعاً في المنزلين المبيعين وهو ما يعادل نصفهما الذي ورثته من والدها البائع مع تسليم هذا المقدار لها والأمر بالنفاذ العاجل مع فسخ عقد 25 سبتمبر سنة 1930 وحفظ حق المدعية في المطالبة بنصيبها في باقي تركة والدها وفي الريع بدعوى على حدتها.
نظرت محكمة طنطا الابتدائية هذه الدعوى ثم قضت بتاريخ أول نوفمبر سنة 1936 حضورياً بجميع طلباتها عدا الأمر بالنفاذ العاجل.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر في 10 من سبتمبر سنة 1937 طالبة الحكم في مواجهة ثاني المدّعى عليهما في الطعن بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الست أنيسة محمود الفوّال وإلزام المستأنف عليهما بالمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
نظرت الدعوى أمام محكمة ثاني درجة وطلبت ثانية المدّعى عليهما في الطعن بجلسة أوّل إبريل سنة 1937 إخراجه منها بلا مصاريف. والمحكمة بعد أن سمعت طلبات الطرفين حكمت في 20 من أكتوبر سنة 1937 بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام الطاعنة بالمصاريف ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة للمدّعى عليها الأولى في الطعن.
أعلن هذا الحكم للطاعنة في 12 من مارس سنة 1938، فطعن فيه وكيلها بطريق النقض في 10 من إبريل سنة 1938 الخ.


المحكمة

وبما أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون حين أبطل عقد البيع الصادر للطاعنة في 25 سبتمبر سنة 1930 على اعتبار أنه عقد مخالف لأحكام الإرث التي هي من النظام العام. ومحل ذلك الخطأ أن العقد المذكور هو عقد بيع منجز ناقل للملكية وقد صدر من شخص حر التصرف وأهل له. ولا عبرة بأنه قد حرم بمقتضاه وارث من إرثه.
هذا هو جوهر الطعن.
وبما أنه ما دام أن الحكم المطعون فيه بعد إيراده وقائع الدعوى واستناد الطاعنة في ملكيتها للمنزلين المتنازع عليهما إلى عقد 25 سبتمبر سنة 1930 الصادر ببيعهما لها من زوجها من خمس سنين قبل وفاته إنما أسس قضاءه ببطلان هذا العقد على أن تصرف زوج الطاعنة في ذلك العقد ببيع منزليه لها كان بقصد حرمان ابنته المدّعى عليها الأولى في الطعن، وأن هذا التصرف يعدّ من قبيل التحايل على قواعد الإرث فهو تصرف باطل.
وبما أن هذا النظر خطأ في القانون؛ فإن التصرف المنجز حال صحة المتصرف، حتى لو كان بغير عوض وقصد به حرمان بعض الورثة، هو تصرف صحيح متى استوفى شكله القانوني على ما جرت به أحكام هذه المحكمة. وعقد البيع موضوع الدعوى الحالية، وقد صدر منجزاً في صحة المورّث واستوفيت فيه كل الإجراءات التي يقتضيها القانون في مثله، وسجل قبل وفاة البائع بنحو خمس سنين، هو عقد صحيح لا مطعن عليه سواء باعتباره عقد بيع حقيقي أو باعتباره عقد بيع يستر هبة.
وبما أنه يتعين لهذا نقض الحكم المطعون فيه.
وبما أن الدعوى صالحة للحكم في موضوعها.
وبما أن الأسباب المتقدّمة تقتضي القضاء في موضوع الاستئناف المرفوع من الطاعنة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الست أنيسة محمود الفوّال.