أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 293

جلسة 29 مارس سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ أحمد فؤاد جنينه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حلمى راغب، وجمال الدين منصور، وسمير ناجى، ومحمد عبد المنعم البنا.

(51)
الطعن رقم 1829 لسنة 50 القضائية

1 - ضرب "ضرب افضى الى موت". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب افضى الى موت. اجراءات "اجراءات المحاكمة". اسقاط حبلى عمدا. جريمة "أركانها". قصد جنائى. محكمة الموضوع "سلطتها فى تعديل وصف التهمة". وصف التهمة. نيابة عامة. قتل عمد.
عدم التزام محكمة الموضوع بوصف النيابة العامة للواقعة. واجبها تمحيصها وانزال الوصف القانونى الصحيح عليها. حد ذلك؟
اقامة الدعوى الجنائية عن جريمة القتل العمد مع سبق الاصرار تعديل المحكمة وصف التهمة الى ضرب افضى الى الموت. لا تثريب. ليس للمحكمة - فى هذه الحالة - محاكمة المتهم عن جناية اسقاط حبلى عمدا - التى لم ترفع عنها الدعوى - ولو قامت هذه الجريمة - فعلا - فى الاوراق. أساس ذلك؟
2 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الجنايات "حقها فى التصدى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التصدى المنصوص عليه فى المادة 11 من قانون الاجراءات الجنائية. عدم التزام محكمة الجنايات باستعمال الحق فيه. اساس ذلك؟
3 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". اثبات "بوجة عام". نقض "أسباب الطعن, ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واطراح ما يخالفها.
4 - اثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". خبرة. دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن, ما لا يقبل منها".
تقدير اراء الخبراء. موضوعى. اطمئنان المحكمة الى التقرير الطبى الشرعى. عدم التزامها. من بعد. باستدعاء كبير الاطباء الشرعيين لمناقشته.
5 - اثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن, ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود الا ما تقيم عليه قضاءها.
1 - حيث ان الاصل ان محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند الى المتهم وان من واجبها ان تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع اوصافها وان تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا لانها وهى تفصل فى الدعوى لا تتقيد بالواقعة فى نطاقها الضيق المرسوم فى وصف التهمة المحال عليها بل انها مطالبة بالنظر فى الواقعة الجنائية التى رفعت بها الدعوى على حقيقتها كما تبينتها من الأوراق ومن التحقيق الذى تجريه بالجلسة، الا انه يجب ان تلتزم فى هذا النطاق بالا تعاقب المتهم عن واقعة مادية غير التى وردت فى أمر الاحالة أو طلب التكليف بالحضور دون ان تضيف اليها شيئا، واذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ان الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده بتهمة القتل العمد مع سبق الاصرار فعدلت المحكمة وصف التهمة الى الضرب المفضى الى الموت بعد استبعاد نية القتل وظرف سبق الاصرار، دون ان يتضمن التعديل واقعة مادية او عناصر جديدة مختلفة عن الاولى، ومن ثم فان الوصف المعدل الذى نزلت اليه المحكمة لا يجافى التطبيق السليم فى شىء، وما كان لها ان تحاكم المتهم عن جناية اسقاط حبلى عمدا - كما ورد بوجه الطعن، بفرض قيام تلك الجريمة فى الاوراق - باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الاشد - ذلك أن تلك الجريمة لا يكفى لتوافرها ان يكون الفعل الذى نتج عنه الاسقاط قد وقع عمدا بل يجب ان يثبت أنه أرتكب بقصد أحداث الاسقاط، فالاسقاط جريمة مستقلة قائمة بذاتها لا يمكن قطعا أن توصف بأنها ضرب افضى الى الموت، ومن ثم فان مطالبة المحكمة باجراء هذا التعديل امر مخالف للقانون.
2 - حق التصدى المنصوص عليه فى المادة 11 من قانون الاجراءات الجنائية هو حق خوله الشارع لمحكمة الجنايات لها ان تستعمله متى رأت هى ذلك، وليس فى صيغة المادة المذكورة ما يفيد ايجاب التزام المحكمة به.
3 - من المقرر ان لمحكمة الموضوع ان تستخلص من اقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة امامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وان تطرح ما يخالفها من صور اخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا الى أدلة مقبولة فى العقل ولها أصلها فى الاوراق.
4 - لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم اليها والفصل فيما يوجه اليه من اعتراضات وانها لا تلتزم باستدعاء كبير الاطباء الشرعيين لمناقشته مادام ان الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هى من جانبها حاجة الى اتخاذ هذا الاجراء او كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج قى الدعوى وطالما ان استنادها الى الرأى الذى انتهى اليه الخبير هو استناد سليم لا يجافى المنطق او القانون، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت الى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال الشاهدين والمؤيدة بالتقرير الطبى الشرعى فان ما يثيره الطاعن من منازعة فى التصوير الذى اخذت به المحكمة للواقعة او التفاتها عن دعوة كبير الاطباء الشرعيين لمحاولة مناقضة الصورة التى اعتنقتها ينحل الى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه امام محكمة النقض.
5 - الاصل ان المحكمة لا تلتزم بأن تورد من اقوال الشهود الا ما تقيم عليه قضاءها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة..... وآخر - حكم ببراءته - بأنهما فى يوم 6 من أغسطس سنة 1977 بدائرة مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية. قتلا...... عمدا مع سبق الاصرار بأن بيتا النية على قتلها واعدا لذلك جسما صلبا "قطعة حديد" وقصدا اليها حيث أيقنا وجودها وما ان ظفرا بها. حتى انهال عليها المتهم الاول ضربا قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها. وطلبت من مستشار الاحالة احالتهما الى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة فقرر ذلك. وادعت..... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا عملا بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الاول بالسجن لمدة سبع سنوات وبالزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن كل من المحكوم عليه والنيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

أولا: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
حيث ان مبنى الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم المطعون فيه لم يمحص الدعوى المطروحة بجميع كيوفها فاقتصر على ادانة المطعون ضده بجريمة الضرب المفضى الى الموت والتفت عن واقعة اسقاطه عمدا المجنى عليها الحبلى - وهى الجريمة الاشد - رغم ثبوت تلك الواقعة.
وحيث ان الاصل ان محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند الى المتهم وان من واجبها ان تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع اوصافها وان تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا لانها وهى تفصل فى الدعوى لا تتقيد بالواقعة فى نطاقها الضيق المرسوم فى وصف التهمه المحال عليها بل انها مطالبة بالنظر فى الواقعة الجنائية التى رفعت بها الدعوى على حقيقتها كما تبينتها من الأوراق ومن التحقيق الذى تجريه بالجلسة، الا انه يجب ان تلتزم فى هذا النطاق بالا تعاقب المتهم عن واقعة مادية غير التى وردت فى أمر الاحالة أو طلب التكليف بالحضور دون ان تضيف اليها شيئا، واذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ان الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده بتهمة القتل العمد مع سبق الاصرار فعدلت المحكمة وصف التهمة الى الضرب المفضى الى الموت بعد استبعاد نية القتل وظرف سبق الاصرار، دون ان يتضمن التعديل واقعة مادية او عناصر جديدة مختلفة عن الاولى، ومن ثم فان الوصف المعدل الذى نزلت اليه المحكمة لا يجافى التطبيق السليم فى شىء، وما كان لها ان تحاكم المتهم عن جناية اسقاط حبلى عمدا - كما ورد بوجه الطعن، بفرض قيام تلك الجريمة فى الاوراق - باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الاشد - ذلك ان تلك الجريمة لا يكفى لتوافرها ان يكون الفعل الذى نتج عنه الاسقاط قد وقع عمدا بل يجب ان يثبت انه ارتكب بقصد احداث الاسقاط، فالاسقاط جريمة مستقلة قائمة بذاتها لا يمكن قطعا ان توصف بأنها ضرب افضى الى الموت، ومن ثم فان مطالبة المحكمة باجراء هذا التعديل امر مخالف للقانون. لما كان ذلك، وكان حق التصدى المنصوص عليه فى المادة 11 من قانون الاجراءات الجنائية هو حق خوله الشارع لمحكمة الجنايات لها ان تستعمله متى رأت هى ذلك، وليس فى صيغة المادة المذكورة ما يفيد ايجاب التزام المحكمة به، فان منعى النيابة العامة على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون يكون غير سديد، ويضحى طعنها على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.
ثانيا: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
حيث ان مبنى الطعن هو ان الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجناية الضرب المفضى الى الموت قد شابه قصور فى التسبيب وانطوى على اخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه التفت عما تمسك به دفاع الطاعن من حصول اصابات المجنى عليها وفق تصوير احد الشهود من نطح ماشية، كما التفت عن طلبه مناقشة كبير الاطباء الشرعيين لتحقيق هذا التصوير، هذا الى أن الحكم أورد مؤدى شهادة شاهدى الاثبات اللذين عول على اقوالهما فى ادانته بما لا يكفى لتأييد الواقعة حسبما دانه بها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بعد ان بين واقعة الدعوى بما مؤداه ان الطاعن قد اعتدى على زوجة والده - المجنى عليها - لدى مشاجرة فورية بينهما بأن ضربها على صدرها وبطنها بقطعة من حديد اودت بحياتها، اورد الأدلة على ذلك مستقاة من اقوال شاهدى الاثبات ومما جاء بالتقرير الطبى الشرعى، وهى أدلة سائغة من شأنها ان تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها وتتوافر بها كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضى الى الموت التى دان الطاعن بها، وقد عرض الحكم لمؤدى الدليل المستمد من التقرير الطبى الشرعى بقوله: "وجاء فى التقرير الطبى الشرعى ان بالمجنى عليها اصابات رضية منتشرة بأسفل مقدم الصدر واعلى مقدم البطن وتحدث هذه الاصابات من المصادمة بجسم أو أجسام صلبه راضه أيا كان نوعها وتعزى وفاة المجنى عليها الى مفردات هذه الاصابات وما صاحبها من انسكابات دموية وما ضاعف ذلك من صدمة عصبية شديدة وأن هذه الاصابات تحدث من جراء اعتداء مباشر كالضرب ولا يوجد فنيا ما ينفى حدوثها وفق تصوير شهود واقعة الدعوى.."، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع ان تستخلص من اقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة امامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وان تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا الى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها اصلها فى الاوراق. وان لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم اليها والفصل فيما يوجه اليه من اعتراضات ولا تلتزم باستدعاء كبير الاطباء الشرعيين لمناقشتة ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هى من جانبها حاجة الى اتخاذ هذا الاجراء او كان الامر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى وطالما ان استنادها الى الرأى الذى انتهى اليه الخبير هو استناد سليم لا يجافى المنطق او القانون، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت الى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال الشاهدين المؤيدة بالتقرير الطبى الشرعى فان ما يثيره الطاعن من منازعة فى التصوير الذى اخذت به المحكمة للواقعة او التفاتها عن دعوة كبير الاطباء الشرعيين ينحل الى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه او مصادرة عقيدتها فى شأنه امام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل اقوال شاهدى الاثبات بما مؤداه رؤيتهما للطاعن حال اعتدائه على المجنى عليها بقطعة من الحديد. وكان الاصل ان المحكمة لا تلتزم بأن تورد من اقوال الشهود الا ما تقيم عليه قضاءها، واذ حصل الحكم مضمون اقوال الشاهدين على نحو ما سلف بيانه فان هذا حسبه لاستيفاء دليله، ويكون النعى عليه لذلك بالقصور فى غير محله. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.