أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 324

جلسة 6 من ابريل سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ فوزى المملوك، وراغب عبد الظاهر، وفوزى أسعد، وعبد الرحيم نافع.

(57)
الطعن رقم 1836 لسنة 50 القضائية

1 - قصد جنائى. حريق عمد. جريمة "أركانها".
ركن العمد فى معنى المادة 253 عقوبات مناط تحققه؟
2 - اثبات "بوجه عام".
العبرة فى المحاكمات الجنائية. باقتناع القاضى.
3 - اثبات "شهود".
لا يشترط فى شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد اثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها. كفاية أن تكون مؤدية الى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
4 - اثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة فى المواد الجنائية. مؤداه؟
5 - اثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حريق عمد.
التناقض الذى يعيب الحكم. ماهيته؟
6 - اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
البيان المعول عليه فى الحكم؟، خلوه من التناقض كفاية أثره؟ مثال لتسبيب غير معيب.
1 - ركن العمد فى معنى المادة 253 من قانون العقوبات التى دين الطاعنان بها، هو توجه الارادة اختيارا الى وضع النار.
2 - من المقرر أن العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه بادانة المتهم أو ببراءته وله أن يستمد اقتناعه من أى دليل يطمئن اليه طالما له مأخذه الصحيح فى الأوراق.
3 - لا يشترط فى شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد اثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفى أن يكون من شأنها أن تؤدى الى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه، مع عناصر الاثبات الاخرى المطروحة أمامها.
4 - لا يشترط أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى اذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر الى كل دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الادلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية الى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما انتهت اليه.
5 - التناقض هو الذى يقع بين أسباب الحكم بحيث ينفى بعضه بعضا ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة.
6 - لما كان البيان المعول عليه فى الحكم انما هو الجزء الذى يبين فيه اقتناع القاضى دون غيره من الاجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع وكان الحكم قد استخلص فى تحصيله للواقعة أخذا مما أثبته التقرير من أن الحريق أشتعل بايصال مصدر حرارى صناعى ذو لهب مكشوف بشباك الصيد الموجودة بالمخزن وامتدت النيران الى باقى محتوياته واحرقتها، وهو ما أعاد ترديده فى ختام أسبابه تأكيدا لسياق ما عول عليه منطقة فى صورة الواقعة دون أى تعارض أو تناقض مع ما ردده عن مؤدى ما أثبتته معاينة النيابة من وجود مصباح بترولى كسر زجاجه وبه آثار للبترول، فان النعى عليه بالتناقض يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بانهما وضعا النار عمدا فى مخزن الغزل المبين بالتحقيقات المملوك لمحطة البحوث المائية ببلطيم التابعة لمعهد علوم اعالى البحار والمصايد بالاسكندرية بان قاما بايصال مصدر حرارى صناعى ذى لهب مكشوف خارجى بشباك الصيد الموجودة بالمخزن فامتدت النيران الى باقى محتويات المخزن وأحرقتها. وطلبت من مستشار الاحالة احالتهما الى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضوريا عملا بالمادة 253/ 1 من قانون العقوبات ومع تطبيق المادة 17 منه بمعاقبة كل من..... و..... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث ان مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعنين بجريمة الحريق العمد فقد شابه الفساد فى الاستدلال والتناقض فى التسبيب ذلك بأنه عول فى قضائه بالادانة على ما أورده من أن الحريق اندلع بالمخزن بعد أن غادراه بفترة وجيزة، وبما جاء فى تقرير المعمل الجنائى من ان الحريق شب نتيجة تدخل ارادى، وكلا الامرين لا يفيد توافر ركن العمد فى حقهما، فضلا عن أن مدلول ما ورد بالتقرير من أن الحريق شب نتيجة تدخل ارادى هو أن الحريق لم يشتعل ذاتيا، ولا ينفى وقوع الحريق باهمال، وقد أخذ الحكم بما جاء فى تقرير المعمل الجنائى من عدم وجود أثار مواد بترولية فى مكان الحريق ومع ذلك فقد تساند فى قضائه بالادانة الى ما تبين من معاينة النيابة من وجود مصباح بترولى فى المخزن المحترق، وهو ما ينبئ عن أن المحكمة لم ترسم الصورة الصحيحة للواقعة وفى كل ذلك ما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة وضع النار عمدا التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة سائغه مستمدة من أقوال شهود الاثبات وتقرير المعمل الجنائى، وقد حصل أقوال الشهود فى أن المتهمين دخلا الى المخزن وبقيا فيه بعض الوقت وما كادا ينصرفان حتى اشتعلت النيران به وأتت على محتوياته، وأن الطاعن الاول يحتفظ بمفتاح المخزن لديه وأن الحريق شب من الداخل، وأن تحريات الشاهد الثالث أسفرت عن أن المتهمين وضعا النار عمدا بالمخزن لاحراق محتوياته بسبب الخلاف الناشب بينهما وبين القائمين على العمل بمحطة البحوث المائية التى يتبعها وأورد مؤدى ما جاء بالمعاينة من وجود مصباح به آثار بترول داخل المخزن المحترق وحصل نقلا عن تقرير المعمل الجنائى أن - قفل باب المخزن لا يمكن فتحه بمفتاح مصطنع وأنه يستبعد حدوث الحريق من الخارج أى من النافذتين لوجود موانع مادية وأن الحريق شب نتيجة تداخل ارادى بأيصال مصدر حرارى صناعى ذى لهب مكشوف خارجى بشباك الصيد التى بالمخزن، وأنتقلت النيران منها الى بقية محتوياته. لما كان ذلك، وكان ركن العمد فى معنى المادة 253 من قانون العقوبات التى دين الطاعنان بها، هو توجه الارادة اختيارا الى وضع النار، وكان من المقرر أن العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع القاضى بناء على الادلة المطروحة عليه بادانة المتهم أو ببراءته وله أن يستمد اقتناعه من أى دليل يطمئن اليه طالما له مأخذه الصحيح فى الاوراق كما لا يشترط فى شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد اثباتها باكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفى أن يكون من شأنها ان تؤدى الى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه، مع عناصر الاثبات الاخرى المطروحة أمامها كذلك فلا يشترط ان تكون الادلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى اذ الادلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر الى كل دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الادلة بل يكفى أن تكون الادلة فى مجموعها كوحدة مؤدية الى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما انتهت اليه، لما كان ما تقدم، وكان جميع ما تساند اليه الحكم من الادلة والقرائن التى سلفت الاشارة اليها التى أخذت بها المحكمة واطمأنت اليها من شأنها مجتمعة أن تحقق ما رتبه عليها من استدلال على صحة ما نسب الى الطاعنين من وضع النار عمدا فان النعى عليه فى هذا الخصوص لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان المستفاد من تقرير المعمل الجنائى الذى اطلعت عليه المحكمة بالمفردات المنضمة - أن ما حصله الحكم منه من أن عبارة التدخل الارادى الواردة به تفيد معنى العمد له صداه فى صلب التقرير الذى انتهى الى هذه النتيجة بعد أن - استبعد كافة احتمالات نشوب الحريق تلقائيا أو من مصدر خارجى أو بالدخول الى المخزن بمفتاح مصطنع غير المفتاح الذى يحمله الطاعن الاول وكان ما أخذ به الحكم من هذا التقرير متفقا مع مؤدى ما حصله وأخذ به من أقوال الشهود من توافر القصد الجنائى فى حق الطاعنين وهو يسوغ ما رتب عليه قضاءه فأن النعى عليه يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان التناقض هو الذى يقع بين أسباب الحكم بحيث ينفى بعضه بعضا ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، وكان البيان المعول عليه فى الحكم انما هو الجزء الذى يبين فيه اقتناع القاضى دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع, وكان الحكم قد استخلص فى تحصيله للواقعة أخذا مما أثبته التقرير من أن الحريق اشتعل بايصال مصدر حرارى صناعى ذو لهب مكشوف بشباك الصيد الموجودة بالمخزن وامتدت النيران الى باقى محتوياته وأحرقتها، وهو ما أعاد ترديده فى ختام أسبابه تأكيدا لسياق ما عول عليه منطقه فى صورة الواقعة دون أى تعارض أو تناقض مع ما ردده عن مؤدى ما أثبتته معاينة النيابة من وجود مصباح بترولى كسر زجاجه وبه آثار للبترول فأن النعى عليه بالتناقض يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فأن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا..