أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 380

جلسة 19 من ابريل سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ أحمد فؤاد جنينه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حلمى راغب، وجمال منصور، ومحمد محمود عمر، وسمير ناجى.

(67)
الطعن رقم 2703 لسنة 50 القضائية

مسئولية جنائية. رابطة السببية. ضرب "ضرب أفضى الى موت" "ضرب بسيط". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. مايقبل منها". قصد جنائى "القصد الاحتمالى".
الأصل: مساءلة المتهم عن الفعل الذى ارتكبه أو اشترك فى أرتكابه.
تقرير مسئولية المتهم عن النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه. خروج عن هذا الأصل. علته؟ مثال.
لما كان الأصل ان المتهم لا يسأل الا عن الفعل الذى ارتكبه أو اشترك فى ارتكابه متى وقع ذلك الفعل، الا ان الشارع وقد توقع حصول نتائج غير مقصودة لذاتها وفقا للمجرى العادى للامور خرج عن ذلك الاصل وجعل المتهم مسئولا عن النتائج المحتملة لعملة متى كان فى مقدوره أو كان من واجبه ان يتوقع حصولها على اساس ان ارادة الفاعل لا بد ان تكون قد اتجهت نحو الفعل ونتائجه الطبيعية، ولذابات من المقرر ان المتهم يسآل عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامى، ما لم تتداخل عوامل اجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجانى والنتيجة. واذ كان التقرير الطبى قد جاء قاطعا فى ان "الانفعال النفسانى المصاحب للحادث قد أدى الى تنبيه القلب عن طريق الجهاز العصبى السمبتاوى مما القى عبئا اضافيا على طاقة القلب والدورة الدموية اللتين كانتا متأثرتين أصلا بالحالة المرضية المزمنة المتقدمه بالقلب والاوعية الدموية مما مهد وعجل بظهور نوبة هبوط حاد بالقلب انتهت بالوفاة" فان فى ذلك ما يقطع بتوافره رابطة السببية بين الفعل المسند الى المطعون ضده ووفاة المجنى عليه ويحقق بالتالى مسئوليته عن نتيجة فعله التى كان من واجبه ان يتوقع حدوثها، خلافا لم ذهب اليه الحكم المطعون فيه فى قضائه اعتمادا على ماذكره التقرير الطبى من ان نوبة هبوط القلب كان يمكن ان تظهر ذاتيا اذ ان ما جاء بالتقرير الطبى فى هذا الخصوص لا يؤثر على ماابرزه وقطع به من ان ماصاحب التعدى من انفعال نفسانى لدى المجنى عليه كان سببا مهد وعجل بحصول نوبة هبوط القلب التى انتهت الى وفاته. بما يجعله مسئولا عن جريمة الضرب المفضى الى الموت لما كان ما تقدم، فان الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يبطله ويوجب نقضه والاحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المحكوم عليه بأنه ضرب عمدا.... بأن دفعه حتى سقط وصفعه على وجهه ولكمه فى صدره ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب افضى الى موته وذلك على النحو المبين بتقرير الصفة التشريحية. وطلبت من مستشار الاحالة احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا عملا بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة شهر واحد باعتبار أنه ضرب المجنى عليه ضربا لم يترك به أثرا ظاهرا.
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض فى 13 مارس و21 أبريل سنة 1979 ولم يقدم المحكوم عليه أسبابا لطعنه وقدمت النيابة العامة أسباب طعنها فى تاريخ التقرير به موقعا عليها من رئيسها... الخ.


المحكمة

حيث ان الحكم المطعون فيه صدر حضوريا بتاريخ 12 من مارس سنة 1979 وقرر المحكوم عليه بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 13 من مارس سنة 1979 - فى الميعاد القانونى - بيد أنه لم يقدم أسبابا لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا.
وحيث ان الطعن المقدم من النيابة العامة قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث ان النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه انه اذ دان المطعون ضده بجريمة الضرب البسيط المعاقب عليه بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات باعتبارها القدر المتيقن فى حقه - دون جناية الضرب المفضى الى الموت قد شابه الفساد فى الاستدلال ذلك بأنه اتخذ مما ثبت من ان المجنى عليه كان يعانى من حالة مرضية فى القلب يمكن بذاتها ان تؤدى الى الوفاة سندا للقول بانقطاع رابطة السببية بين الفعل الذى وقع من المطعون ضده وبين وفاة المجنى عليه مما يعد فسادا فى الاستدلال يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله ان المجنى عليه تدخل لفض شجار بين أحد أقاربه والمطعون ضده فاعتدى عليه الأخير بالضرب بقبضة يده - ضربا لم يترك أثرا بجسمه - انتابه على أثره اغماء ونقل الى المستشفى حيث توفى. وخلص الحكم الى ان القدر المتيقن فى حق المتهم من الأوراق أنه ضرب المجنى عليه بقبضة يده فى صدره ووجهه ضربا لم يترك أثرا ظاهرا الأمر المعاقب عليه بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات واستبعد قيام جريمة الضرب المفضى الى الموت فى حقه استنادا الى قوله ان تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليه لم يقطع بأن الاعتداء الذى وقع عليه على النحو السالف البيان هو الذى ادى الى حدوث الوفاة بل ان التقرير المذكور قد اجاز ان تكون الوفاة قد حدث تلقائيا وبغير اى مؤثر خارجى بعد ان اثبت هذا التقرير أن المجنى عليه كان حال حياته يعانى من تضخم بالقلب مع التصاقات التامور بجدار البطين الايسر قرب القمة مع تليف بالجزء المقابل له بجدار القلب والشرايين التاجية بدرجة متقدمة مع ضيق شديد فى مجراها يقرب من الانسداد ومن شأن هذه الحالة المرضية المتقدمة بالقلب انها قد تعرض حياة المجنى عليه لحصول نوبات قلبية حادة قد تنتهى بوفاته وان يكون ظهور هذه النوبات ذاتيا أى بسبب الحالة المرضية وحدها وفى أى وقت دون مؤثرات خارجية ومن ثم تكون الاوراق خلوا من دليل قاطع تطمئن اليه المحكمة على توافر السببيه بين اعتداء المتهم على المجنى عليه وبين وفاته ويكون القدر المتيقن الثابت فى حق المتهم وهو ما تطمئن اليه المحكمة انه ضرب المجنى عليه ضربا لم يترك به أثرا ظاهرا". لما كان ذلك، وكان الاصل ان المتهم لا يسأل الا عن الفعل الذى ارتكبه او اشترك فى ارتكابه متى وقع ذلك الفعل، الا ان الشارع وقد توقع حصول نتائج غير مقصودة لذاتها وفقا للمجرى العادى للامور خرج عن ذلك الاصل وجعل المتهم مسئولا عن النتائج المحتملة لعمله متى كان فى مقدوره او كان من واجبه ان يتوقع حصولها على اساس ان ارادة الفاعل لا بد ان تكون قد اتجهت نحو الفعل ونتائجه الطبيعية، ولذابات من المقرر ان المتهم يسآل عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامى، ما لم تتداخل عوامل اجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجانى والنتيجة. واذ كان التقرير الطبى قد جاء قاطعا فى ان "الانفعال النفسانى المصاحب للحادث قد ادى الى تنبيه القلب عن طريق الجهاز العصبى السمبتاوى مما ألقى عبئا اضافيا على طاقة القلب والدورة الدموية اللتين كانتا متأثرتين اصلا بالحالة المرضية المزمنة المتقدمة بالقلب والاوعية الدموية مما مهد وعجل بظهور نوبة هبوط حاد بالقلب انتهت بالوفاة" فان فى ذلك ما يقطع بتوافر رابطة السببية بين الفعل المسند الى المطعون ضده ووفاة المجنى عليه ويحقق بالتالى مسئوليته عن نتيجة فعله التى كان من واجبة ان يتوقع حدوثها، خلافا لما ذهب اليه الحكم المطعون فيه فى قضائه اعتمادا على ما ذكره التقرير الطبى من ان نوبة هبوط القلب كان يمكن ان تظهر ذاتيا اذ ان ما جاء بالتقرير الطبى فى هذا الخصوص لايؤثر على ماابرزه وقطع به من ان ما صاحب التعدى من انفعال نفسانى لدى المجنى عليه كان سببا مهد وعجل بحصول نوبة هبوط القلب التى انتهت الى وفاته. بما يجعله مسئولا عن جريمة الضرب المفضى الى الموت لما كان ما تقدم، فان الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يبطله ويوجب نقضه والاحالة.