أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 666

جلسة 7 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قوره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وأحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نواب رئيس المحكمة. وأبو بكر البسيوني.

(85)
الطعن رقم 28462 لسنة 67 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) إعدام. نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة العامة في قضايا الإعدام. غير لازم. اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ندب محامياً للدفع عن المتهم لعدم توكيله محامياً عنه أو طلبه التأجيل لتوكيل محام. ترافع المحامي المنتدب وإبداء ما عن له من دفاع. لا إخلال بحق الدفاع.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأصل. علانية جلسات المحاكمة.
للمحكمة الأمر بسماع الدعوى كلها أو بعضها في جلسات سرية. مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب.
(5) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد حنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على إثبات توافر نية القتل.
(6) خطف. هتك عرض. جريمة "أركانها". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
جريمة خطف أنثى بالتحيل أو الإكراه في مفهوم المادة 290/ 1 عقوبات المعدل. مناط تحققها؟
ركن القوة في جريمة هتك العرض. مناط توافره: أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه.
إثبات الحكم أن الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه بغير رضائه. كفايته لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض.
(7) قتل عمد. خطف. هتك عرض. ظروف مشددة. اقتران. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". عقوبة "تقديرها".
تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى. في مفهوم المادة 234/ 2 عقوبات. رهن بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن. تقدير ذلك. موضوعي.
(8) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قتل عمد. إعدام.
للمحكمة تكوين عقيدتها بالإدانة في ثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها بما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها. وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينه. غير لازم.
(9) إثبات "اعتراف" "خبرة" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الاعتراف كعنصر من عناصر الدعوى. موضوعي.
تطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة المراد إثباتها. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني. غير لازم. ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها. طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
إيراد الحكم الدليل القولي بما لا يتناقض مع ما نقله من الدليل الفني ويتلاءم معه. مؤداه: خلوه من دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني والفساد في الاستدلال.
(10) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جواز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة دون حلف يمين والأخذ بأقوالهم. على سبيل الاستدلال. إذا آنس القاضي فيها الصدق.
أخذ الحكم بأقوال طفلة كقرينة معززة لما ساقه من أدلة أخرى. لا تثريب.
(11) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". أسباب الإباحة وموانع العقاب "عاهة عقلية". مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الحالة العقلية للمتهم. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ.
(12) قتل عمد. ظروف مشددة.، عقوبة "تطبيقها". إعدام.
العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها بالمادة 234/ 2 عقوبات؟
(13) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحده إجرائية لا يقوم فيه أحدهما مقام الآخر.
2 - لما كانت النيابة العامة عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1992 إلا أنه لما كان ذلك وكان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شابه الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة للدعوى.
3 - لما كان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه، ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام، فندبت المحكمة له محامياً ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فيها، فإن المحكمة تكون قد وفرت للمتهم حقه في الدفاع.
4 - لما كان الأصل في القانون أن تكون جلسات المحاكمة علنية غير أن المادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت للمحكمة أن تأمر بسماع الدعوى كلها أو بعضها في جلسة سرية مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة سمعت الدعوى بجلسة سرية ثم تلي الحكم المطعون فيه بجلسة علنية ومن ثم يكون قد برئ من عوار البطلان.
5 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي قائمة في حق المتهم إذ قامت عليها الأدلة وكشفت عنها المظاهر الخارجية التي أتاها الجاني وأضمرها في نفسه والمحكمة تستخلص ذلك من استخدام المتهم أدوات هي فانلته الداخلية وقطعة من الحبال البلاستيك ليحيط بها عنق المجني عليها بأحكام شديد وقيامه باستعمالها في خنقها بأقصى قوته وذلك للقضاء عليها والتخلص منها خشية قيامها بافتضاح أمر فعلته التي أتاها معها وهي جريمة هتك عرضها بالقوة والإكراه ولم يتركها إلا بعد أن تأكد من وفاتها مما يقطع بأن المتهم انتوى إزهاق روح المجني عليها". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم كافياً وسائغاً في التدليل على توافر نية القتل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
6 - لما كانت جريمة خطف أنثى بالتحليل أو الإكراه المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 290 عقوبات المعدلة بالقانون 214 لسنه 1980 تتحقق بأبعاد الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً ما كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني أو باستعمال أية وسائل مادية أو معنوية من شأنها سلب إرادتها. وكان يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه وكان الذي أورده الحكم كافياً لإثبات توافر ركن القوة فإن ما انتهى إليه في ذلك يكون صحيحاً.
7 - لما كان مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن، وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة - تنبئ بذاتها عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجنايتي الخطف بالتحيل وهتك العرض بالقوة ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون فيما خلص إليه في هذا الشأن.
8 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المحكوم عليه أثار دفاعاً مؤداه أن أحداً لم يشاهده حين اقترف الجريمة وأن اعترافه يتعارض مع الدليل الفني وهذا الدفاع مردود بأنه لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضى بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب القصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه.
9 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف، وكان يبين أن الحكم اطمأن إلى الاعتراف المنسوب إلى المحكوم عليه بتحقيقات النيابة وبنى قضاءه إلى جانب أدلة الثبوت التي أخذ بها مجتمعة في غير ما لبس أو قصور. وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاًَ يستعصى على الملاءمة والتوفيق. كما وأنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أنه أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني بل يتلاءم معه فإن الحكم يكون فوق تطبيقه القانون تطبيقاً صحيحاً قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني أو الفساد في الاستدلال.
10 - لما كان المشروع قد أجاز في الفقرة الثانية من المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية - سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال ولم يحرم القاضي من الأخذ بتلك الأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذ آنس الصدق فيها فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه، فإنه لا تثريب على الحكم إذ أخذ بأقوال الطفل...... والطفلة...... كقرينة معززة لما ساقه من أدلة أخرى.
11 - لما كان الحكم قد أورد مضمون تقرير مستشفى الطب النفسي بالعباسية الذي جاء به أن المتهم لا يعاني من أيه آفة عقلية حالياً وهو مسئول عن الاتهام المنسوب إليه إذ أن وقت إتيانه الاتهام المنسوب إليه وذلك في مجال الرد على دفاع المحكوم عليه بأنه يصاب بفقدان الشعور في بعض الأحيان فإن التفكير والإدراك والاختيار والعاطفة والإرادة سليمة غير مضطربة بما مفاده أن الحكم أخذ بهذا التقرير في شأن حالة المحكوم عليه العقلية. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم يكون بريئاًً من القصور.
12 - لما كانت المادة 234 من قانون العقوبات تنص على أن "من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى....." وكان الحكم المعروض قد أثبت في حق المحكوم عليه ارتكابه جناية القتل العمد المقترنة بجنايتي خطف أنثى بالتحيل وهتك عرضها بالإكراه فإن في ذلك حسبه لكي يستقيم قضاءه بالإعدام.
13 - لما كان يبين من الاطلاع على أسباب الحكم المعروض أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة في العقل والمنطق ولها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها كما وأن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً لصحيح القانون. وصدر الحكم بإعدام المحكوم عليه بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصداره عملاً بالمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. وجاء الحكم بريئاً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره أصلح له - ومن ثم يتعين لذلك إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه......


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل عمداً..... بأن أمسك برأسها بكلتا يديه ضاغطاً على فمها وأنفها كاتماً أنفاسها وقام بخنقها مستخدماً فانلته الداخلية وقطعة من الحبل قاصداً إزهاق روحها فأحدث إصابتها المثبتة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياتها وقد تقدم ذلك جنايتين أخريتين هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفى البيان خطف المجني عليها سالفة الذكر بطريق التحايل بأن طلب منها شراء قطعة من الصابون وتوصيلها إلى مسكنه مقابل مكافأة مالية وما أن حضرت للشقة سكنه حتى جذبها لداخلها وقام بهتك عرضها بطريق الإكراه بأن شل مقاومتها معتمداً على قوته البدنية وخلع عنها ملابسها وأولج قضيبه في دبرها حال كونها لم تبلغ من العمر ستة عشر عاماً، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد من الجنيهات على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات القاهرة قررت حضورياً وبإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الديار المصرية لاستطلاع الرأي الشرعي فيما نسب إلى المتهم وحددت جلسة........ للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 30، 234، 268، 290/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً ومصادرة المضبوطات وبإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد من الجنيهات على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بنى عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحده إجرائية لا يقوم فيه أحدهما مقام الآخر.
ومن حيث إن النيابة العامة عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1992 إلا أنه لما كان ذلك وكان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شابه الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة للدعوى.
وحيث إن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ...... وأثناء تواجد المتهم....... أمام منزله بشارع...... لاحظ وجود المجني عليها..... تلهو مع الأطفال فاحتال عليها لاستدراجها إلى مسكنه بأن طلب منها القيام بشراء قطعة صابون وسلمها مبلغاً من النقود لإحضارها له مقابل مبلغ نقدي آخر تأخذه لنفسها وسبقها إلى شقته ودعاها إلى الدخول لتسليمها المكافأة التي وعدها بها وفي داخل الشقة حاول تقبيلها وضمها إليه فرفضت فقام بوضع يده على فمها لمنعها من الاستغاثة وأدخلها غرفة نومه وألقى بها على السرير على وجهها وضغط على مؤخرة رأسها لشل مقاومتها ونزع عنها ملابسها وأولج قضيبه في دبرها وأمنى بها ثم أحضر سروال المجني عليها وأستعمله في مسح قضيبه مما علق به من آثار برازها وعندما شعر بأنها على قيد الحياة وخشي من افتضاح أمر فعلته قام بلف فانلته الداخلية حول رقبتها وحاول خنقها ثم أتى بجزء من حبل وربطه حول رقبتها وشد طرفيه بقوة قاصداً من ذلك إزهاق روحها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة وفارقت الحياة. ولما تأكد من موتها أحضر جوال ووضع جثتها فيه وألقي بها داخل دورة مياه بالشقة الكائنة بالدور الأرضي بذات العقار الذي يقطن فيه وفي هارباً وساق الحكم في ثبوت الواقعة على نحو ما سلف في حق المتهم أدلة استمدها من اعتراف المتهم ومن أقوال الشهود الذين أورد ذكرهم ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية وتقرير المعمل الكيماوي وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله في الأوراق وعلى ما يبين من المفردات وأثبت أخذ رأي المفتي ثم خلص وبإجماع الآراء إلى إدانة المحكوم عليه بالعقوبة المقضى بها في حقه. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه، ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام، فندبت المحكمة له محامياً ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فيها، فإن المحكمة تكون قد وفرت للمتهم حقه في الدفاع. لما كان ذلك، وكان الأصل في القانون أن تكون جلسات المحاكمة علنية غير أن المادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت للمحكمة أن تأمر بسماع الدعوى كلها أو بعضها في جلسة سرية مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة سمعت الدعوى بجلسة سرية ثم تلي الحكم المطعون فيه بجلسة علنية ومن ثم يكون قد برء من عوار البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله "وحيث إنه عن نية القتل فهي قائمة في حق المتهم إذ قامت عليها الأدلة وكشفت عنها المظاهر الخارجية التي أتاها الجاني وأضمرها في نفسه والمحكمة تستخلص ذلك من استخدام المتهم أدوات هي فانلته الداخلية وقطعة من الحبال البلاستيك ليحيط بها عنق المجني عليها بإحكام شديد وقيامه باستعمالها في خنقها بأقصى قوته وذلك للقضاء عليها والتخلص منها خشية قيامها بافتضاح أمر فعلته التي أتاها معها وهي جريمة هتك عرضها بالقوة والإكراه ولم يتركها إلا بعد أن تأكد من وفاتها مما يقطع بأن المتهم انتوى إزهاق روح المجني عليها". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم كافياً وسائغاً في التدليل على توافر نية القتل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكانت جريمة خطف أنثى بالتحيل أو الإكراه المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 290 عقوبات المعدلة بالقانون 214 لسنة 1980 تتحقق بإبعاد الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً ما كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني أو باستعمال أية وسائل مادية أو معنوية من شأنها سلب إرادتها. وكان يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه وكان الذي أورده الحكم كافياً لإثبات توافر ركن القوة فإن ما انتهى إليه في ذلك يكون صحيحاً. لما كان ذلك، وكان مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن، وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة - تنبئ بذاتها - عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجنايتي الخطف بالتحيل وهتك العرض بالقوة، ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون فيما خلص إليه في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المحكوم عليه أثار دفاعاً مؤداه أن أحداً لم يشاهده حين اقترف الجريمة وأن اعترافه يتعارض مع الدليل الفني وهذا الدفاع مردود بأنه لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضى بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب القصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف، وكان يبين أن الحكم اطمأن إلى الاعتراف المنسوب إلى المحكوم عليه بتحقيقات النيابة وبنى قضاءه إلى جانب أدلة الثبوت التي أخذ بها مجتمعة في غير ما لبس أو قصور. وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاًَ يستعصى على الملاءمة والتوفيق. كما وأنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أنه أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني بل يتلاءم معه فإن الحكم يكون فوق تطبيقه القانون تطبيقاً صحيحاً قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني أو الفساد في الاستدلال. لما كان ذلك، وكان المشرع قد أجاز في الفقرة الثانية من المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية - سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة دون حلف يمين على سبيل الاستدلال ولم يحرم القاضي من الأخذ بتلك الأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذ آنس الصدق فيها فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه، فإنه لا تثريب على الحكم إذ أخذ بأقوال الطفل..... والطفلة...... كقرينة معززة لما ساقه من أدلة أخرى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مضمون تقرير مستشفى الطب النفسي بالعباسية الذي جاء به أن المتهم لا يعاني من أية آفة عقلية حالياً وهو مسئول عن الاتهام المنسوب إليه إذ أن وقت إتيانه الاتهام المنسوب إليه وذلك في مجال الرد على دفاع المحكوم عليه بأنه يصاب بفقدان الشعور في بعض الأحيان فإن التفكير والإدراك والاختيار والعاطفة والإرادة سليمة غير مضطربة بما مفاده أن الحكم أخذ بهذا التقرير في شأن حالة المحكوم عليه العقلية. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم يكون بريئاًً من القصور. لما كان ذلك، وكانت المادة 234 من قانون العقوبات تنص على أن "من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى...". وكان الحكم المعروض قد أثبت في حق المحكوم عليه ارتكابه جناية القتل العمد المقترنة بجنايتين خطف أنثى بالتحيل وهتك عرضها بالإكراه فإن في ذلك حسبه لكي يستقيم قضاءه بالإعدام. لما كان جماع ما تقدم ذكره، وكان يبين من الاطلاع على أسباب الحكم المعروض أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة في العقل والمنطق ولها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها كما وأن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً لصحيح القانون. وصدر الحكم بإعدام المحكوم عليه بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصداره عملاً بالمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. وجاء الحكم بريئاً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكله وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري علي واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه علي نحو ما نصت علية المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره أصلح له - ومن ثم يتعين لذلك إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه...........