أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 422

جلسة 30 من أبريل سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ حسن جمعه، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد محمود هيكل، ومحمد عبد الخالق النادى، وصفوت خالد مؤمن، وأحمد أبو زيد.

(75)
الطعن رقم 1404 لسنة 50 القضائية

1 - نقض "أسباب الطعن, ما لا يقبل منها".
ادعاء وجود نقص بتحقيقات النيابة. تعييب للاجراءات السابقة على المحاكمة. عدم جواز اثارته لأول مرة أمام النقض.
2 - مستشار الاحالة. بطلان. نقض "أسباب الطعن, ما لا يقبل منها".
تخلف الطاعن عن الحضور امام مستشار الاحالة - حتى بفرض عدم اعلانه - لايبطل القرار بالاحالة الى المحاكمة. علة ذلك؟
قرار الاحالة. اجراء سابق على المحاكمة. الطعن ببطلانه لأول مرة امام محكمة النقض. غير مقبول.
3 - محكمة الجنايات "الاجراءات امامها". اجراءات "اجراءات المحاكمة".
للمحاكم عامه. بما فيها محكمة الجنايات أن تسمع أثناء نظر الدعوى شهودا ممن لم ترد اسماؤهم فى القائمة أو لم يعلنهم الخصوم سواء أكان ذلك من تلقاء نفسها أم بناء على حضور الشاهد من تلقاء نفسه بغير اعلان، وان تستدعى أى شخص ترى أن هناك فائدة من سماع أقواله.
4 - اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة الجنائية الاستناد فى حكمها الى أى عنصر من عناصر الدعوى، متى كانت هذه العناصر معروضه على بساط البحث امامها. وكان فى امكان الدفاع تولى مناقشتها وتفنيدها.
5 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
عدم التزام محكمة الموضوع بان تورد من أقوال الشهود الا ما تقيم عليه قضاءها.
6 - محكمة الجنايات. اجراءات "اجراءات المحاكمة" "مالايبطلها".
العبرة فى المحاكمة هى بملف القضية الأصلى. خلو الصورة المنسوخة من بعض الأوراق المطروحة على بساط البحث. لااخلال بحق الدفاع.
7 - دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن" ما لا يقبل منها".
انبناء الطعن على ماكان يحتمل ابداؤه من دفاع موضوعى. غير جائز.
8 - قتل عمد. اثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
كفايه أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى، تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
9 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تجريح أدلة الدعوى، تأديا الى مناقضة الصورة التى ارتسمت بالدليل الصحيح فى وجدان المحكمة. غير جائز امام النقض. مثال.
10 - اثبات "بوجه عام". جريمة "اثباتها". سلاح.
جواز اثبات الجرائم على اختلاف انواعها بما فيها جريمتى احراز السلاح وذخيرته بكافة الطرق القانونية الا ما استثنى بنص خاص. مثال.
11 - قتل عمد. سلاح. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "أسباب الطعن, ما لا يقبل منها". طعن "المصلحة فى الطعن".
اتهام الطاعن بعدة جرائم. مؤاخذته عنها بعقوبة تدخل فى الحدود المقررة لاحداهما اعمالا للمادة 32 عقوبات. عدم جدوى النعى بدعوى الاخلال بحقه فى الدفاع لعدم لفت نظره الى تعديل وصف تهمة أخرى.
1 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة ان الطاعن لم يثر بها ما يدعية من وجود نقص فى تحقيقات النيابة ومن ثم فلا يحل له - من بعد - أن يثير شيئا من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض اذ هو لا يعدو ان يكون تعييبا للاجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح ان يكون سببا للطعن فى الحكم اذ العبرة فى الاحكام هى باجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التى تحصل أمام المحكمة.
2 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على اعتبار قرار الاحالة من مراحل التحقيق وان تخلف الطاعن عن الحضور أمام مستشار الاحالة - حتى بفرض عدم اعلانه - لا يبطل القرار بالاحالة الى المحاكمة، فالقانون لم يستوجب حضوره كما أن المحكمة هى جهة التحقيق النهائى ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال مافات مستشار الاحالة من اجراءات التحقيق وابداء دفاعه بشأنها أمامها ومن ثم فلا محل للقول بوجود ضرر يستدعى بطلان هذا الاجراء والا ترتب على البطلان اعادة الدعوى الى جهة التحقيق من بعد اتصالها بالمحكمة وهو غير جائز ويكون النعى على الحكم فى هذا الصدد غير سديد، هذا فضلا عن أن الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن أيا من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئا بشأن قرار الاحالة وكان هذا القرار اجراء سابقا على المحاكمة فأنه لا يقبل من الطاعن اثارة أمر بطلانه لاول مرة أمام محكمة النقض مادام أنه لم يدفع به أمام محكمة الموضوع.
3 - مفاد نص المادة 272 من قانون الاجراءات الجنائية أنه يجوز للمحاكم ومحكمة الجنايات من بينها ان تسمع أثناء نظر الدعوى - فى سبيل استكمال اقتناعها والسعى وراء الوصول الى الحقيقة - شهودا ممن لم ترد أسماؤهم فى القائمة ولم يعلنهم الخصوم سواء أكان ذلك من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم أو بناء على حضور الشاهد من تلقاء نفسه بغير اعلان وان تستدعى أى شخص ترى أن هناك فائدة من سماع أقواله، كما أن لها وفقا للمادة 293 من ذات القانون من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم أن تأمر باعلان الخبراء ليقدموا ايضاحات بالجلسة عن التقارير المقدمة منهم فى التحقيق الابتدائى أو أمام المحكمة.
4 - للمحكمة الجنائية أن تستند فى حكمها الى أى عنصر من عناصر الدعوى متى كانت هذه العناصر معروضه على بساط البحث أمامها وكان فى امكان الدفاع أن يتولى مناقشتها وتفنيدها بما يشاء.
5 - لما كان الأصل أن محكمة الموضوع لا تلتزم بان تورد فى حكمها من أقوال الشهود الا ماتقيم عليه قضاءها، فان فى عدم تعرض المحكمة لأقوال شاهدين مدرجين فى قائمة الشهود ما يفيد اطراحها لها اطمئنانا منها لأدلة الثبوت التى عولت عليها فى حكمها.
6 - اذ كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة أجلت الدعوى لجلسة 20/ 1/ 1979 لضم تقرير الصفة التشريحية. وفى تلك الجلسة طلب المدافع عن الطاعن مناقشة الطبيب الشرعى فأجلت المحكمة الدعوى لسماعه. وبجلسة 24/ 1/ 1979 استمعت المحكمة لأقوال الطبيب الشرعى - فى حضور الطاعن والمدافع عنه - وناقشته فى تقريرها المقدم فى الدعوى بما مفاده أن هذا التقرير قد ضم لملف الدعوى وكان معروضا على بساط البحث والمناقشة فى الجلسة فى حضور الطاعن والمدافع عنه، ولا يؤثر فى ذلك ان محضر الجلسة قد خلا مما يفيد أن هذا التقرير قد ضم بملف الدعوى تنفيذا لقرار المحكمة اذ الاصل فى الاجراءات انها روعيت والعبرة فى ذلك بحقيقة الواقع الذى كشفت عنه مناقشة المحكمة للطبيب الشرعى فيما ورد بتقريره المقدم فى ملف الدعوى فكان من المتعين على الطاعن أن يبنى دفاعه من واقع هذا الملف، واذ كان لا يدعى أنه طلب من المحكمة أن تطلعه على تقرير الصفة التشريحية وحيل بينه وبين الاطلاع عليه وسماع دفاعه فى شأنه بما يفنده، وقد كان فى مكنته أن يتقدم بهذا الطلب الى المحكمة أما وهو لم يفعل فلا يقبل منه النعى على المحكمة التفاتها عن تحقيق اجراء كان عليه هو أو المدافع عنه ان يعلن عن رغبته فى تحقيقه، ولا على المحكمة اذا هى استندت الى هذا التقرير فى حكمها كعنصر من عناصر الدعوى مادام كان مطروحا على بساط البحث أمامها، ولايضير الحكم ان تكون الصورة المنسوخة قد جاءت خلوا من هذا التقرير لان العبرة فى المحاكمة هى بملف القضية الاصلى.
7 - لايصح ان يبنى الطعن على ما كان يحتمل ان يبديه المتهم أمام محكمة الموضوع من دفاع لم يبده بالفعل.
8 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
9 - لما كان الحكم قد أثبت فى مدوناته أن تقرير الصفة التشريحية تضمن نقلا عن التذكرة الطبية للمجنى عليه أنه يتكلم عند حضوره الى المستشفى كما حصل أقوال الطبيب الشرعى فى الجلسة بأن كمية الدم التى وجدها عند التشريح تبلغ من نصف لتر الى ثلاثة ارباع اللتر وان كمية اخرى فقدت نتيجة النزيف وان المجنى عليه ظل حيا لفترة تصل الى نصف ساعة ووفقا لوصف الاصابة الواردة فى تقريره فان المجنى عليه كان يستطيع التحدث بتعقل لسلامة منطقة الرأس، وكان الطاعن لا يمارى فى صحة ما ورد بالتذكرة الطبية للمجنى عليه من قدرته على الحديث عقب اصابته وفيما نقله الحكم عن رأى الخبير الفنى من استطاعة المجنى عليه التحدث بتعقل عقب اصابته ومن ان هذه الأدلة لها صداها فى الأوراق، وكانت أشارة المستشفى - بفرض صحة ماجاء بها من ان المجنى عليه كان فى حالة سيئة لا تنفى ما أثبتته التذكرة الطبية وجزم به الطبيب الشرعى، واذ كان ماأورده الحكم من أدلة سائغة نقلا عن الخبير الفنى قد أثبت بغير معقب أن المجنى عليه كان يستطيع الحديث بتعقل عقب اصابته فلا يعدو الطعن عليه بدعوى مخالفة الثابت فى الأوراق أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك الى مناقضة الصورة التى أرتسمت فى وجدان قاضى الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض.
10 - الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها، الا ما استثنى منها بنص خاص، جائز اثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الاحوال، وكانت جريمتا احراز السلاح المششخن والذخيرة التى دين بها الطاعن لايشملها استثناء فانه يجرى عليها مايجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الاثبات، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على نسبة هذه الجريمة للطاعن من أقوال شاهدى الاثبات نقلا عن المجنى عليه من أن الطاعن أطلق عليه عيارا ناريا من بندقية ومما جاء بتقرير الصفة التشريحية من اصابته بعيار نارى معمر بمقذوف مفرد يطلق من سلاح مششخن واستخرج الغلاف النحاسى للطلقة من موضع الاصابة، فان ماأورده الحكم من ذلك يكون استدلالا سائغا ويكفى لحمل قضائه ويضحى مايثيره الطاعن فى هذا الخصوص ولا محل له.
11 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعن سوى عقوبة واحدة عن الجرائم الثلاث التى دانه بها تطبيقا للمادة 32 من قانون العقوبات، وكانت العقوبة المقضى بها مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات وهى الاشغال الشاقة المؤبدة - تدخل فى حدود العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الاصرار التى دين الطاعن بها فأنه لايكون له مصلحة فى النعى على الحكم بالاخلال بحقه فى الدفاع لعدم لفت نظره الى تعديل وصف التهمة الثانية الخاصة بجريمة احراز السلاح المششخن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما: قتلا..... عمدا مع سبق الاصرار بان بيتا النية على قتله وأعدا لذلك أسلحة نارية وحادة "بندقية وسكين" وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه الطاعن عدة أعيرة نارية من البندقية التى كان يحملها قاصدا من ذلك قتله فحدثت به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. الطاعن أيضا ( أ ) احرز سلاحا ناريا بغير ترخيص "بندقية خرطوش". (ب) احرز ذخائر مما تستعمل فى السلاح النارى سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له بحيازته، وطلبت الى مستشار الاحالة احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضوريا عملا بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958 والجدول رقم 3 القسم الاول ب "بمعاقبة الطاعن بالاشغال الشاقة المؤبدة. على اعتبار أنه (أولا) قتل..... عمدا ومع سبق الاصرار بان بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحا ناريا "بندقية" وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عدة أعيرة نارية من البندقية التى يحملها قاصدا من ذلك قتله فاصابة أحداها وحدثت به الاصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. (ثانيا) ( أ ) أحرز بدون ترخيص سلاحا ناريا "بندقية مششخنه". (ب) احرز ذخائر مما تستعمل فى السلاح النارى سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له بحيازته.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث ان مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجرائم القتل العمد مع سبق الاصرار واحراز سلاح مششخن وذخيرته بغير ترخيص قد شابه البطلان فى الاجراءات والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب ومخالفة الثابت فى الأوراق وانطوى على الاخلال بحق الدفاع. ذلك بأن النيابة العامة لم تسمع شاهد الاثبات الثانى فى التحقيقات ولم تعن بارفاق تقرير الصفة التشريحية بأوراق الدعوى قبل احالتها، كما أن قرار مستشار الاحالة باحالة الدعوى الى محكمة الجنايات صدر باطلا لعدم اعلان الطاعن بالحضور أمامه مما يبطل الاجراءات المبنية عليه. وقد عول الحكم - من بين ماعول على أقوال الشاهد الثانى والطبيب الشرعى التى أدليا بها فى الجلسة مع انهما لم يدرجا فى قائمة شهود الاثبات واعرض عن أقوال شاهدين مدرجين فى قائمة الشهود، هذا الى أن المحكمة اطلعت وحدها على تقرير الصفة التشريحية دون أن يكون معروضا على بساط البحث والمناقشة فى الجلسة فى حضور الطاعن ليبدى رأيه فيه وقد خلت محاضر الجلسات مما يفيد أرفاق التقرير بعد أن أصدرت المحكمة قرارا بضمه، كما خلت منه صورة الملف المنسوخ التى حصل عليها الدفاع مما حجبه عن ابداء دفاعه باستحالة رؤية المجنى عليه للطاعن والضارب من خلفه لحصول الاصابة بالظهر وقيام التناقض بين الدليلين القولى والفنى لان مفاد أقوال الشهود أن الطاعن أطلق النار على - المجنى عليه من سلاح غير مششخن بينما أثبت تقرير الصفة التشريحية أن أصابته من سلاح مششخن واستند الحكم الى هذين الدليلين مع ما بينهما من تعارض دون أن يعنى برفعه، كما استند الى ما أورده الدليل الفنى نقلا عن التذكرة الطبية للمجنى عليه من أنه كان قادرا على الكلام عقب الحادث عند دخوله المستشفى وذلك على خلاف الثابت بأشارة المستشفى أنه دخلها فى حالة سيئة، وأخيرا فان الحكم نسب للطاعن جريمة احراز سلاح مششخن دون أن يورد الدليل الذى استند اليه فى ذلك وعدلت المحكمة وصف التهمة الثانية المبينة فى أمر الاحالة الى احراز سلاح مششخن بغير ترخيص دون أن تلفت نظر الدفاع الى الوصف الجديد، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدى الاثبات وتقرير الصفة التشريحية وأقوال الطبيب الشرعى بالجلسة وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثربها ما يدعيه من وجود نقص فى تحقيقات النيابة ومن ثم فلا يحل له - من بعد - أن يثير شيئا من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض اذ هو لا يعدو ان يكون تعييبا للاجراءات السابقة على المحاكمة مما لايصح أن يكون سببا للطعن فى الحكم اذ العبرة فى الأحكام هى باجراءات المحاكمة والتحقيقات التى تحصل أمام المحكمة. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على اعتبار قرار الاحالة من مراحل التحقيق وان تخلف الطاعن عن الحضور أمام مستشار الاحالة - حتى بفرض عدم اعلانه - لا يبطل القرار بالاحالة الى المحاكمة، فالقانون لم يستوجب حضوره كما أن المحكمة هى جهة التحقيق النهائى ويجوز للمتهم ان يطلب منها استكمال مافات مستشار الاحالة من اجراءات التحقيق وابداء دفاعه بها أمامها ومن ثم فلا محل للقول بوجود ضرر يستدعى بطلان هذا الاجراء والا ترتب على البطلان اعادة الدعوى الى جهة التحقيق من بعد اتصالها بالمحكمة وهو غير جائز ويكون النعى على الحكم فى هذا الصدد غير سديد، هذا فضلا عن أن الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن أيا من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئا بشأن قرار الاحالة وكان هذا القرار اجراء سابقا على المحاكمة فأنه لا يقبل من الطاعن اثارة أمر بطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض مادام أنه لم يدفع به أمام محكمة الموضوع. لما كان ذلك وكان مفاد نص المادة 277 من قانون الاجراءات الجنائية أنه يجوز للمحاكم ومحكمة الجنايات من بينها ان تسمع أثناء نظر الدعوى - فى سبيل استكمال اقتناعها والسعى وراء الوصول الى الحقيقة - شهودا ممن لم ترد أسماؤهم فى القائمة أو لم يعلنهم الخصوم سواء أكان ذلك من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم أو بناء على حضور الشاهد من تلقاء نفسه بغير اعلان وان تستدعى أى شخص ترى أن هناك فائدة من سماع أقواله، كما أن لها وفقا للمادة 293 من ذات القانون من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم أن تأمر باعلان الخبراء ليقدموا ايضاحات بالجلسة عن التقارير المقدمة منهم فى التحقيق الابتدائى أو أمام المحكمة، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة ان المحكمة استمعت لأقوال الشاهد الثانى الذى أمرت باستدعائه دون أن يبدى الطاعن أو المدافع عنه اعتراضا على ذلك، كما استمعت لأقوال الطبيب الشرعى بناء على طلب الدفاع ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه اذ عول فى القضاء بالادانة - ضمن ما عول على أقوال هذا الشاهد وأقوال الطبيب الشرعى فى الجلسة لما هو مقرر من أن للمحكمة الجنائية ان تستند فى حكمها الى أى عنصر من عناصر الدعوى متى كانت هذه العناصر معروضه على بساط البحث أمامها وكان فى امكان الدفاع ان يتولى مناقشتها وتقيدها بما يشاء. لما كان ذلك، وكان الأصل أن محكمة الموضوع لاتلتزم بأن تورد فى حكمها من أقوال الشهود الا ما تقيم عليه قضاءها، فان فى عدم تعرض المحكمة لأقوال شاهدين مدرجين فى قائمة الشهود ما يفيد أطراحها لها اطمئنانا منها لادلة الثبوت التى عولت عليها فى حكمها، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة أجلت الدعوى لجلسة 20/ 1/ 1979 لضم تقرير الصفة التشريحية. وفى تلك الجلسة طلب المدافع عن الطاعن مناقشة الطبيب الشرعى فأجلت المحكمة الدعوى لسماعه. وبجلسة 29/ 1/ 1979 استمعت المحكمة لأقوال الطبيب الشرعى - فى حضور الطاعن والمدافع عنه - ناقشته فى تقريره المقدم فى الدعوى بما مفاده أن هذا التقرير قد ضم لملف الدعوى وكان معروضا على بساط البحث والمناقشة فى الجلسة فى حضور الطاعن والمدافع عنه، ولا يؤثر فى ذلك أن محضر الجلسة قد خلا مما يفيد أن هذا التقرير قد ضم بملف الدعوى تنفيذا لقرار المحكمة اذ الأصل فى الاجراءات أنها روعيت والعبرة فى ذلك بحقيقة الواقع الذى كشفت عنه مناقشة المحكمة للطبيب الشرعى فيما ورد بتقريره المقدم فى ملف الدعوى فكان من المتعين على الطاعن أن يبنى دفاعه من واقع هذا الملف، واذ كان لا يدعى أنه طلب من المحكمة أن تطلعه على تقرير الصفة التشريحية وحيل بينه وبين الاطلاع عليه وسماع دفاعه فى شأنه بما يفنده، وقد كان فى مكنته أن يتقدم بهذا الطلب الى المحكمة اما وهو لم يفعل فلا يقبل منه النعى على المحكمة التفاتها عن تحقيق اجراء كان عليه هو أو المدافع عنه أن يعلن عن رغبته فى تحقيقه، ولا على المحكمة اذا هى استندت الى هذا التقرير فى حكمها كعنصر من عناصر الدعوى مادام كان مطروحا على بساط البحث أمامها، ولا يضير الحكم أن تكون الصورة المنسوخة قد جاءت خلوا من هذا التقرير لان العبرة فى المحاكمة هى بملف القضية الأصلى، ولايقبل من الطاعن ما يدعية بان هذا الاجراء قد حجبه عن ابداء دفاعه بتعذر رؤية المجنى عليه للضارب له وقيام التناقض بين الدليلين القولى والفنى لما هو مقرر من أنه لا يصح أن يبنى الطعن على ما كان يحتمل أن يبديه المتهم أمام محكمة الموضوع من دفاع لم يبده بالفعل. ويكون النعى على الحكم المطعون فيه فى هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم أنه حصل أقوال شاهد الاثبات الأول الرائد....... رئيس مباحث بيلا بما مفاده أنه أثناء سيره بميدان البوستة شاهد المجنى عليه مصابا بعيار نارى فى ظهره وحوله جمع من الناس فتوجه به فى سيارة المركز الى المستشفى وقد استوضحه ظروف اصابته فأفاده بان الطاعن اطلق عليه عيارا ناريا من بندقية أصابه فى ظهره أخذا بالثأر، وحصل أقوال الشاهد الثانى الرائد...... نائب المأمور بما مفاده أنه انتقل الى المستشفى وسأل المجنى عليه عن ظروف الحادث فقرر له أن الطاعن أطلق النار عليه، ونقل عن تقرير الصفة التشريحية اصابة المجنى عليه بجرح من عيار نارى بالظهر واصل الى تجويف الصدر الأيسر مع كسر مضاعف بالاضلاع اليسرى والفقرات الصدرية وهى حيوية حديثة ونارية تحدث من عيار نارى معمر بمقذوف مفرد يطلق من سلاح مشتشخن ووفاته نتيجة اصاباته مجتمعة، وكان الطاعن لا ينازع فى صحة مانقله الحكم عن تلك الأدلة ومن أن لها معينها الصحيح من الأوراق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الدليل المستمد من أقوال شاهدى الاثبات نقلا عن المجنى عليه الذى أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت اليه غير متعارض والدليل المستمد من تقرير الصفة التشريحية فان ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص يكون على غير أساس فضلا عن ذلك فان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولى والفنى ومن ثم لا يسوغ اثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ذلك لانه دفاع موضوعى ولا يقبل منه النعى على المحكمة بأغفال الرد عليه مادام أنه لم يتمسك به أمامها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت فى مدوناته أن تقرير الصفة التشريحية تضمن نقلا عن التذكرة الطبية للمجنى عليه أنه يتكلم عند حضوره الى المستشفى كما حصل أقوال الطبيب الشرعى فى الجلسة بان كمية الدم التى وجدها عند التشريح تبلغ من نصف لتر الى ثلاثة أرباع اللتر وان كمية أخرى فقدت نتيجة النزيف وان المجنى عليه ظل حيا لفترة تصل الى نصف ساعة ووفقا لوصف الاصابة الواردة فى تقريره فان المجنى عليه كان يستطيع التحدث بتعقل لسلامة منطقة الرأس، وكان الطاعن لا يمارى فى صحة ما يرد بالتذكرة الطبية للمجنى عليه من قدرته على الحديث عقب اصابته وفيما نقله الحكم عن رأى الخبير الفنى من استطاعة المجنى عليه التحدث بتعقل عقب أصابته ومن أن هذه الأدلة لها صداها فى الاوراق، وكانت اشارة المستشفى - بفرض صحة ما جاء بها من ان المجنى عليه كان فى حالة سيئة لا تنفى ما أثبتته التذكرة الطبية وجزم به الطبيب الشرعى، واذ كان ما أورده الحكم من أدلة سائغة نقلا عن الخبير الفنى قد أثبت بغير معقب أن المجنى عليه كان يستطيع الحديث بتعقل عقب أصابته فلا يعدو الطعن عليه بدعوى مخالفة الثابت فى الأوراق أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك الى مناقضة الصورة التى أرتسمت فى وجدان قاضى الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها، الا ما استثنى منها بنص خاص، جائز اثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال، وكانت جريمتا احراز السلاح المششخن والذخيرة التى دين بها الطاعن لا يشملها استثناء فانه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الاثبات، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على نسبة هذه الجريمة للطاعن من أقوال شاهدى الاثبات نقلا عن المجنى عليه من أن الطاعن أطلق عليه عيارا ناريا من بندقية ومما جاء بتقرير الصفة التشريحية من اصابته بعيار نارى معمر بمقذوف مفرد يطلق من سلاح مششخن واستخرج الغلاف النحاسى للطلقة من موضع الاصابة، فان ما أورده الحكم من ذلك يكون استدلالا سائغا ويكفى لحمل قضائه ويضحى ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعن سوى عقوبة واحدة عن الجرائم الثلاث التى دانه بها تطبيقا للمادة 32 من قانون العقوبات، وكانت العقوبة المقضى بها مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات وهى الاشغال الشاقة المؤبدة - تدخل فى حدود العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الاصرار التى دين الطاعن بها فانه لايكون له مصلحة فى النعى على الحكم بالاخلال بحقه فى الدفاع لعدم لفت نظره الى تعديل وصف التهمة الثانية الخاصة بجريمة احراز السلاح المششخن. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.