أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 448

جلسة 4 من مايو سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ راغب عبد الظاهر، وفوزى أسعد، وعبد الرحيم نافع ومصطفى عبد الرازق.

(79)
الطعن رقم 1438 لسنة 48 القضائية

1 - حكم "بيانات الديباجة" "بيانات التسبيب" "بطلانه".
خلو الحكم من تاريخ أصداره. يبطله. أثر ذلك؟
2 - طعن. تبغ. تهريب جمركى.
عدم جواز أن يضار الطاعن بطعنه. المادة 43 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
3 - تبغ. تهريب جمركى. قانون "تفسيره". جمارك.
حيازة السلعة من غير المهرب لها وراء الدائرة الجمركية لاتعد تهريبا. حد ذلك؟.
4 - دعوى جنائية "تحريكها". تهريب جمركى. جمارك. التفتيش "التفتيش بغير أذن". استدلال. تبغ. نيابة عامة "القيود الواردة على حقها فى رفع الدعوى". مأمورو الضبط القضائى. اجراءات "اجراءات التحقيق".
خطاب الشارع فى المادة 4 من القانون رقم 92 لسنة 1964 فى شأن تهريب التبغ. موجه الى النيابة العامة. بوصفها السلطة صاحبة الولاية فى رفع الدعوى الجنائية دون غيرها من جهات الاستدلال. أثر ذلك؟
دعوى جنائية "تحريكها". استدلال. تلبس. نيابة عامة "القيود الواردة على حقها فى رفع الدعوى". تبغ.
مناط انعقاد الخصومة فى الدعوى الجنائية وتحريكها؟
6 - استدلال. مأمورو الضبط القضائى. اثبات "بوجه عام" "خبرة".
اجراءات الاستدلال من الاجراءات السابقة على رفع الدعوى الجنائية. عدم ورود قيد من الشارع على مباشرتها.
7 - تبغ. جمارك. تهريب جمركى. قرارات وزارية. نقض "أسباب الطعن. مالايقبل منها". اثبات "خبرة". اجراءات "اجراءات التحقيق". قانون "تفسيره" "تطبيقه".
قرار وزير التجارة والصناعة رقم 63 لسنة 1941 المعدل عدم سريانه بشأن الدخان. علة ذلك؟
8 - اثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير اراء الخبراء. موضوعى.
1 - متى كان الحكم الابتدائى قد خلا من تاريخ اصداره فأنه يكون مشوبا بالبطلان ويتعين الغاؤه والحكم فى موضوع الدعوى عملا بنص المادة 331 ر419/ 1 من قانون الاجراءات الجنائية والمادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
2 - لئن كانت محكمة أول درجة قد التفتت فى حكمها الصادر بتاريخ 6/ 6/ 1970 عن تطبيق أحكام القانون رقم 66 لسنة 1963 بالنسبة لكمية الدخان التى وصفتها مصلحة الجمارك بانها مهربه من الرسوم الجمركية - إلا أنه لما كان استئناف الحكم السابق ثم نقضه حاصلا بناء على طلب المحكوم عليه وحده دون النيابة العامة فأنه لايجوز أن يضار بطعنه عملا بنص المادة 43 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
3 - قضاء محكمة النقض قد جرى فى تفسير قوانين التهريب الجمركى بعامة، والقانون رقم 92 لسنة 1964 فى شأن تهريب التبغ بخاصة على أنه لاتعد حيازه السلعة من غير المهرب لها - فاعلا كان أو شريكا - وراء الدائرة الجمركية تهريبا الا اذا توافر فيما يختص بتهريب التبغ احدى حالات التهريب الحكمى المنصوص عليها فى المادة الثانية من القانون المذكور، وأن الأصل هو أن البضائع الموجودة فيما وراء الدائرة الجمركية تعتبر خالصة الرسوم الجمركية وأن مدعى خلاف ذلك هو المكلف قانونا باثباته.
4 - أن خطاب الشارع فى المادة الرابعة من القانون رقم 92 لسنة 1964 فى شأن تهريب التبغ موجه الى النيابة العامة بوصها السلطة صاحبة الولاية فيما يتعلق برفع الدعوى الجنائية، باعتبار أن أحوال الطلب كغيرها من أحوال الشكوى والاذن، أنما هى قيود على حريتها فى تحريك الدعوى استثناء من الأصل المقرر من أن حقها فى هذا الشأن مطلق لايرد عليه قيد الا بنص خاص يؤخذ فى تفسيره بالتضييق، ولا ينصرف فيه الخطاب الى غيرها من جهات الاستدلال ومنها مصلحة الجمارك المكلفة أصلا من الشارع بتنفيذ قانون تهريب التبغ والمنوط بها من بعد توجيه الطلب الى النيابة العامة بالبدء فى اجراءات الدعوى الجنائية، التى لاتبدأ الا بما تتخذه هذه من أعمال التحقيق فى سبيل تسييرها تعقبا لمرتكبى الجرائم باستجماع الأدلة عليهم وملاحقتهم برفع الدعوى وطلب العقاب.
5 - لاتنعقد الخصومة ولا تتحرك الدعوى الجنائية الا بالتحقيق الذى تجريه النيابة العامة دون غيرها، بوصفها سلطة تحقيق، سواء بنفسها أو بمن تندبه لهذا الغرض من مأمورى الضبط القضائى، أو برفع الدعوى أمام جهات الحكم. ولاتعتبر قد بدأت بأى اجراء آخر تقوم به سلطات الاستدلال ولو فى حالة التلبس بالجريمة.
6 - من المقرر فى صحيح القانون أن اجراءات الاستدلال أيا كان من يباشرها لاتعتبر من اجراءات الخصومة الجنائية بل هى من الاجراءات الأولية التى لايرد عليها قيد الشارع فى توقفها على الطلب رجوعا الى حكم الأصل فى الاطلاق وتحريا للمقصود من خطاب الشارع بالاستثناء وتحديدا لمعنى الدعوى الجنائية على الوجه الصحيح دون مايسبقها من الاجراءات الممهدة لنشوئها، اذ لايملك تلك الدعوى أصلا غير النيابة العامة وحدها. لما كان ذلك وكانت المادة الثالثة من القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان تجيز لمأمور الضبط القضائى تفتيش مصانع الدخان ومخازنه وحوانيت بيعه فى أى وقت كما أن له الحق فى أخذ عينات من أنواع الادخنة الموجودة بالمصنع أو المخزن لتحليلها، فان اعمال الاستدلال التى قام بها مفتش الانتاج تكون قد تمت استنادا الى الحق المخول أصلا لرجل الضبط القضائى مما لايرد عليها قيد الشارع فى توقفها على الطلب.
7 - حيث أنه عن الدفع ببطلان اجراءات أخذ العينة لعدم اعلان صاحب الشأن بنتيجة التحليل فى الاجل المحدد بقرار وزير التجارة والصناعة رقم 63 لسنة 1941 المعدل بالقرار الوزارى رقم 35 لسنة 1945 فانه مرفوض بدوره لان هذا القرار خاص بالمواد الغذائية والدخان ليس منها فضلا عن ان نص المادة الخامسة منه فيه تجاوز للسلطة التى امده بها القانون رقم 48 لسنة 1941 الذى صدر القرار تنفيذا له ولذلك فان للمحكمة ان تقدر ادلة الدعوى حسبما تطمئن هى اليها دون التفات لهذا النص.
8 - الامر فى تقدير اراه الخبراء والفصل فيما يوجه الى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه الى محكمة الموضوع، وللمحكمة كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم اليها دون ان تلتزم بندب خبير.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى 26 من ديسمبر سنة 1974. أحرز الدخان الليبى المعروف بالطرابلسى وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 3، 4 من القانون 160 لسنة 1959 والمادة الثانية من القانون رقم 623 لسنة 1955 والمادتين 121، 122 من القانون رقم 66 لسنة 1963 وأدعت مصلحة الجمارك مدنيا قبل المتهم بمبلغ 34ر18786 جنيه على سبيل التعويض. ومحكمه جنح الظاهر قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه والزامه أن يؤدى لمصلحة الجمارك مبلغ ثمانية عشر ألف جنيه وسبعمائة وستة وثمانون جنيها وأربعة وثلاثون مليما شاملا التعويض وبدل المصاريف. فاستأنف المحكوم عليه. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الاستاذ...... المحامى نائبا عن الاستاذ....... المحامى فى هذا الحكم بطريق النقض وقضى فيه بقبوله شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية الى محكمة القاهرة الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية اخرى. أعيدت الدعوى ثانية الى المحكمة المشار اليها وقضت فيها حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الاستاذ...... المحامى بصفته وكيلا عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية وقدم تقريرا بأسباب الطعن فى التاريخ ذاته موقعا عليه منه. وبجلسة..... حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة..... لنظر الموضوع وعلى النيابة اعلان المتهم والشاهدين محرر المحضر والمحلل الكيماوى ثم تداولت القضية بالجلسات وبجلسة اليوم..... الخ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا.
حيث ان هذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه لثانى مرة وحددت جلسة لنظر الموضوع.
وبعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص والمرافعة والمداولة قانونا.
وحيث ان الاستئناف المرفوع من المتهم قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث ان الحكم الابتدائى قد خلا من تاريخ اصداره فأنه يكون مشوبا بالبطلان ويتعين الغاؤه والحكم فى موضوع الدعوى عملا بنص المادتين 331 و419/ 1 من قانون الاجراءات الجنائية والمادة 45 من قانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث أن الواقعة على مايبين من الاطلاع على أوراقها وما تم فيها من تحقيقات تخلص فيما أثبته مفتش انتاج القاهرة فى محضره المؤرخ 26/ 12/ 1964 من أنه بناء على معلومات وصلت اليه من مخابرات منطقة السواحل الوسطى عن قيام...... وشهرته....... بصناعة الدخان المعسل من أدخنة ليبية مهربة ومحظور استيرادها. انتقل ومعه قوة من رجال ادارة الانتاج وخفر السواحل الى مصنع المتهم الكائن بشارع...... وباشر تفتيش المصنع فى حضور صاحبه وأسفر ذلك عن ضبط كمية من الدخان المعسل السائب وكمية أخرى تمت تعبئتها بالمصنع فضلا عن كمية من الدخان الجاف بالمخزن، وثبت من تحليل العينات المأخوذة من الأدخنة المضبوطة أن قدرا من الدخان المعسل يبلغ وزنه 229 كيلو جرام ونصف يحتوى على دخان طرابلسى وان كانت نسب الخلط فيه فى حدود ما جاء بالقرار الوزارى رقم 91 لسنة 1933، وأن الأدخنة الجافة البالغ وزنها 372 كيلوجراما عبارة عن دخان طرابلسى.
وتبين من مراجعة دفاتر المصنع والقسائم الجمركية المقدمة من المتهم انه قام باستخدام كمية من الأدخنة المطابقة يبلغ وزنها 800ر357 كيلوجرام لم يثبت أداء الرسوم الجمركية المقررة عليها.
وقد طلب مدير جمرك القاهرة بكتابة رقم..... بتاريخ 2/ 8/ 1966 اقامة الدعوى الجنائية ضد المتهم طبقا لأحكام القانون رقم 92 لسنة 1964 بناء على التفويض الصادر اليه من وزير الخزانة بالقرار رقم 83 لسنة 1965 مع مطالبته بتعويض قدره 034ر18786 يتضمن مثلى القيمة كبدل مصادرة عن المضبوطات التى تصرف فيها صاحب المصنع، كما طلب أيضا اقامة الدعوى الجنائية ضده عملا بأحكام القانون رقم 69 لسنة 1963 بالنسبة الى الأدخنة التى لم يثبت أداء الرسوم الجمركية المقررة عليها وبتعويض مدنى قدره 695ر3046 وهو ما يعادل مثلى الرسوم ومثل القيمة كبدل مصادرة.
وادعى محامى الحكومة مدنيا بجلسة 22/ 9/ 1969 أمام محكمة أول درجة بمبلغ 034ر18786 كتعويض لمصلحة الجمارك.
وحيث ان المتهم أنكر الاتهام المسند اليه مقررا أن جميع الأدخنة التى يستخدمها فى مصنعه قد استوردت بطرق مشروعة وأديت عنها الرسوم الجمركية المقررة وليس من بينها أدخنة مهربة أو محظور استيرادها وعزا زيادة أوزان الدخان المعسل عن مشمول الفواتير المقدمة منه الى احتمال الخطأ فى الوزن عند التعبئة وتجمع فائض من العمليات المتعاقبة، وجحد ماجاء بتقرير التحليل من وجود دخان طرابلسى فى العينات المأخوذة من الدخان الجاف ومن بعض كميات الدخان المعسل التى لم تعبأ، ودفع أمام محكمة أول درجة ببطلان اجراءات التفتيش والضبط اذ لم يسبقها صدور اذن برفع الدعوى الجنائية، كما دفع ببطلان محضر أخذ العينة وما أسفر عنه التحليل من نتائج لورود التقرير بعد الميعاد المحدد فى قرار وزير التجارة والصناعة رقم 63 لسنة 1941 كما قدم تقريرا استشاريا من رئيس قسم الكيمياء بكلية العلوم جامعة...... يبين صعوبة التمييز بين أنواع التبغ بالفحص الميكروسكوبى، وطلب المتهم فى مذكرته المقدمة الى هذه المحكمة بجلسة 28/ 4/ 1980 اعادة اجراءات التحليل.
وحيث انه لئن كانت محكمة أول درجة قد التفتت فى حكمها الصادر بتاريخ 6/ 6/ 1970 عن تطبيق أحكام القانون رقم 66 لسنة 1963 بالنسبة لكمية الدخان التى وصفتها مصلحة الجمارك بأنها مهربة من الرسوم الجمركية - الا أنه لما كان استئناف الحكم السابق ثم نقضه حاصلا بناء على طلب المحكوم عليه وحده دون النيابة العامة فأنه لايجوز أن يضار بطعنه عملا بنص المادة 43 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، هذا فضلا عن أن قضاء محكمة النقض قد جرى فى تفسير قوانين التهريب الجمركى بعامة، والقانون رقم 92 لسنة 1964 فى شأن تهريب التبغ بخاصة على انه لاتعد حيازة السلعة من غير المهرب لها - فاعلا كان أو شريكا - وراء الدائرة الجمركية تهريبا الا اذا توافر فيما يختص بتهريب التبغ أحدى حالات التهريب الحكمى المنصوص عليها فى المادة الثانية من القانون المذكور وأن الأصل هو أن البضائع الموجودة فيما وراء الدائرة الجمركية تعتبر خالصة الرسوم الجمركية وان مدعى خلاف ذلك هو المكلف قانونا باثباته. ومن ثم فلا محل لمساءلة المتهم عن الادخنة المطابقة البالغ وزنها 800ر357 كيلوجرام.
وحيث أنه عن الدفع ببطلان اجراءات التفتيش والضبط لاتخاذها قبل صدور الاذن برفع الدعوى فأنه مردود بما هو مقرر من أن خطاب الشارع فى المادة الرابعة من القانون رقم 92 لسنة 1964 فى شأن تهريب التبغ موجه الى النيابة العامة بوصفها السلطة صاحبة الولاية فيما يتعلق برفع الدعوى الجنائية، باعتبار أن أحوال الطلب كغيرها من أحوال الشكوى والاذن، أنما هى قيود على حريتها فى تحريك الدعوى استثناء من الأصل المقرر من أن حقها فى هذا الشأن مطلق لايرد عليه قيد الا بنص خاص يؤخذ فى تفسيره بالتضييق، ولا ينصرف فيه الخطاب الى غيرها من جهات الاستدلال ومنها مصلحة الجمارك المكلفة أصلا من الشارع بتنفيذ قانون تهريب التبغ والمنوط بها من بعد توجيه الطلب الى النيابة العامة بالبدء فى اجراءات الدعوى الجنائية، التى لا تبدأ الا بما تتخذه هذه من اعمال التحقيق فى سبيل تسييرها تعقبا لمرتكبى الجرائم باستجماع الادلة عليهم وملاحقتهم برفع الدعوى وطلب العقاب, ولا تنعقد الخصومة وتتحرك الدعوى الجنائية إلا بالتحقيق الذى تجريه النيابة العامة دون غيرها، بوصفها سلطة تحقيق، سواء بنفسها أو بمن تندبه لهذا الغرض من مأمورى الضبط القضائى، أو برفع الدعوى أمام جهات الحكم، ولا تعتبر قد بدأت بأى اجراء آخر تقوم به سلطات الاستدلال ولو فى حالة التلبس بالجريمة، اذ أنه من المقرر فى صحيح القانون أن اجراءات الاستدلال أيا كان من يباشرها لاتعتبر من اجراءات الخصومة الجنائية بل هى من الاجراءات الأولية التى لايرد عليها قيد الشارع فى توقفها على الطلب رجوعا الى حكم الأصل فى الاطلاق وتحريا للمقصود من خطاب الشارع بالاستثناء وتحديدا لمعنى الدعوى الجنائية على الوجه الصحيح دون مايسبقها من الاجراءات الممهدة لنشوئها، اذ لا يملك تلك الدعوى أصلا غير النيابة العامة وحدها. لما كان ذلك, وكانت المادة الثالثة من القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان تجيز لمأمور الضبط القضائى تفتيش مصانع الدخان ومخازنه وحوانيت بيعه فى أى وقت كما أن له الحق فى أخذ عينات من أنواع الأدخنة الموجودة بالمصنع أو المخزن لتحليلها، فان أعمال الاستدلال التى قام بها مفتش الانتاج تكون قد تمت استنادا الى الحق المخول أصلا لرجل الضبط القضائى مما لايرد عليها قيد الشارع فى توقفها على الطلب ويكون هذا الدفاع على غير أساس من القانون متعين الرفض.
وحيث انه عن الدفع ببطلان اجراءات أخذ العينة لعدم أعلان صاحب الشأن بنتيجة التحليل فى الأجل المحدد بقرار وزير التجارة والصناعة رقم 63 لسنة 1941 المعدل بالقرار الوزارى رقم 35 لسنة 1945 فأنه مرفوض بدوره لان هذا القرار خاص بالمواد الغذائية والدخان ليس منها فضلا عن أن نص المادة الخامسة منه فيه تجاوز للسلطة التى امده بها القانون رقم 48 لسنة 1941 الذى صدر القرار تنفيذا له ولذلك فان للمحكمة أن تقدر أدلة الدعوى حسبما تطمئن هى اليها دون التفات لهذا النص.
وحيث أنه يبين من مطالعة تقرير معمل الدخان التابع لمصلحة الكيمياء أن العينتين المأخوذتين من الدخان المعسل تحتويان على دخان طرابلسى وان عينات الدخان الجاف الثلاثة عبارة عن دخان طرابلسى وكان الامر فى تقدير اراء الخبراء والفصل فيما يوجه الى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه الى محكمة الموضوع، وللمحكمة كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم اليها دون أن تلتزم بندب خبير آخر وكانت المحكمة تطمئن الى النتيجة التى انتهى اليها تقرير المعمل الكيماوى والى شهادة رئيس قسم التحليل بمصلحة الكيمياء الذى سمعته محكمة ثانى درجة بجلسة 14/ 1/ 1978 فى القضية موضوع الطعن رقم..... لسنة 1948 ق التى كانت منظورة مع هذه القضية بالجلسة ذاتها وجاءت شهادته قاطعة فى أن الأدخنة المضبوطة من النوع الطرابلسى المحظور استيراده اذ تبين من مناظرتها أنها أسمك ولونها أغمق من النوع العادى كما تبين من الفحص الميكروسكوبى وجود شعيرات لاغدية على خلاف النوع العادى الذى يتميز بالشعيرات الغدية فضلا عن وجود أملاح كشف عنها التحليل الكيميائى. لما كان ذلك فان مايثيره المتهم فى شأن عدم كفاية ذلك التقرير وطلبه أعادة اجراءات التحليل لايكون لهما محل.
وحيث أنه ترتيبا على ماتقدم فأنه يكون قد ثبت للمحكمة أن المتهم..... قد حاز بمصنعه كمية الدخان المعسل تحتوى على دخان طرابلس فضلا عن قدر من الدخان الطرابلسى الجاف بلغت جملة وزنها 601 كيلوجراما ونصف مما يتعين معه عقابه عملا بالمواد 1، 2 (ثانيا)، 3 من القانون رقم 92 لسنة 1964 ويكون التعويض المستحق على هذه الكمية طبقا لما جاء بالبند (ب) من المادة الثالثة من القانون المذكور هو 12040 جنيها بواقع عشرين جنيه عن كل كيلو جرام أو جزء منه من التبغ الجاف او منتجاته فضلا عن مبلغ 034و6746 جنيها وهو مايعادل مثلى القيمة كبدل مصادرة عن المضبوطات التى تصرف فيها المتهم عملا بالفقرة قبل الاخيرة من المادة سالفة الذكر ومن ثم يتعين الزام المتهم باداء مبلغ 034و18786 جنيها كتعويض لمصلحة الجمارك.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف وبتغريم المتهم مائه جنيه وبالزامة بان يؤدى لمصلحة الجمارك مبلغ 034و18786 ثمانية عشر الفا وسبعمائة ستة وثمانين جنيها وأربعة وثلاثين مليما بلا مصروفات.