أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 684

جلسة 10 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وعاصم عبد الجبار نواب رئيس المحكمة.

(87)
الطعن رقم 47617 لسنة 59 القضائية

(1) سب وقذف. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة. تحققه. متى كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها.
(2) جرائم النشر. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها. لبحث توافر جريمة من جرائم النشر أو عدم توافرها.
اشتمال المنشور على عبارات الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة أو خاصة وأخرى مقصودها التشهير. مقتضاه: الموازنة بين القصدين توصلاً لأيهما كانت الغلبة في نفس الناشر. تقدير ذلك. موضوعي. أساس ذلك؟
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض.
1 - من المقرر أن القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة لا يتحقق إلا إذا كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها.
2 - استقر القضاء على أن جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا ما اشتمل المنشور على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة أو خاصة وأخرى يكون القصد منها التشهير فللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدر أيهما كانت له الغلبة في نفس الناشر، لما كان ذلك، وكان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة، وإذ كان ما أورده الحكم الابتدائي الذي أعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه تبريراً لقضائه بالبراءة وبرفض الدعوى المدنية - من أن العبارات الواردة بالتحذير لا يقصد منها المطعون ضده سب الطاعن أو القذف في حقه - سائغ ويؤدى إلى ما رتبه عليه وينبئ عن إلمام المحكمة بالدعوى وبظروفها عن بصر وبصيرة، فإن كل ما يثيره الطاعن في طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الأزبكية ضد الطاعن بوصف أنه قذف في حقه وأبلغ كذباً ضده. وطلب عقابه بالمواد 171/ 4، 302/ 1، 303/ 1 من قانون العقوبات، وإلزامه بأن يؤدى له مبلغ مائة وواحد من الجنيهات على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءته ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت الأستاذة/...... المحامية عن الأستاذ/....... المحامي نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى فيما محصله أن المطعون ضده نشر تحذيراً بجريدة المساء اعتبره الطاعن منطوياً على قذف وسب في حقه، وأن هذا التحذير تضمن أن المطعون ضده يحوز قطعة أرض أوضح مساحتها ومكانها تفصيلاً وأنه اشتراها بعقود مسجلة وبأحكام نهائية وأن هناك نزاعاً قضائياً بينه وبين الطاعن حول حيازة هذا المسطح من الأرض وأنه قد صدر قرار من السيد قاضي الحيازة ضده ومن ثم فإن المطعون ضده يحذر الكافة من التعامل مع الطاعن على هذا العقار حتى يفصل نهائياً في النزاع وانتهى الحكم إلى "أن المتهم لم ينسب إلى المدعي بالحق المدني واقعة محددة في صلب التحذير ولم تتجه إرادته إلى التشهير بالمدعي بالحق المدني وإنما قصد الحفاظ على حقه في ملكية الأرض الموضحة بالتحذير إلى أن يفصل في موضوع الملكية قضائياً، الأمر الذي يكون معه اتهام المدعي بالحق المدني لا سند له لعدم توافر أركان جريمة القذف قبل المتهم فمن ثم يتعين القضاء ببراءته عملاً بالمادة 304/ 1 - وحيث إنه لما كان تصرف المتهم لا يشكل جريمة أو فعل غير مشروع فمن ثم لا يتعين إلزامه بالتعويض الأمر الذي يقتضي رفض الدعوى المدنية" لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة لا يتحقق إلا إذا كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها، وقد استقر القضاء على أن جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا ما اشتمل المنشور على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة أو خاصة وأخرى يكون القصد منها التشهير فللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدر أيهما كانت له الغلبة في نفس الناشر، لما كان ذلك، وكان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة، وإذ كان ما أورده الحكم الابتدائي الذي أعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه تبريراً لقضائه بالبراءة وبرفض الدعوى المدنية - من أن العبارات الواردة بالتحذير لا يقصد منها المطعون ضده سب الطاعن أو القذف في حقه - سائغ ويؤدى إلى ما رتبه عليه وينبئ عن إلمام المحكمة بالدعوى وبظروفها عن بصر وبصيرة، فإن كل ما يثيره الطاعن في طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.