أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 507

جلسة 14 من مايو سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ صلاح نصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن جمعه، وأحمد محمود هيكل، ومحمد عبد الخالق النادى، وأحمد أبو زيد.

(89)
الطعن رقم 3381 لسنة 50 القضائية

1 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اثبات "بوجه عام". "شهود".
- بناء الحكم على أدلة لا يجمعها التناسق. لا يعيبه. مادام قد استخلص الادانة منها بما لا تناقض فيه.
2 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "شهود".
- حق محكمة الموضوع فى التعويل على أقوال الشاهد فى أى مرحلة.
3 - حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- الخطأ فى تحديد مصدر التدليل. لايضيع أثره. مادام له أصل صحيح فى الاوراق.
4 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "شهود".
- احالة الحكم فى بيان شهادة الشهود الى أقوال شاهد آخر. لاعيب. متى كانت أقوالهم متفقه مع ما استند اليه منها.
5 - اجراءات "اجراءات المحاكمة". تحقيق "اجراءاته". اثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". استدلال. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- عدم اعتراض محامى الطاعن على سماع أقوال الشاهد فى حضوره. بغير يمين. سقوط حقه فى التمسك بهذا البطلان الذى يتصل باجراء من اجراءات التحقيق بالجلسة. م 333 اجراءات.
- تعريف الشاهد والشهادة؟
حق المحكمة فى الاعتماد فى القضاء بالادانة على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال. بغير حلف يمين.
6 - محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها فى تقدير الدليل" اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
- حق محكمة الموضوع فى استخلاص الصورة االصحيحة لواقعة الدعوى.
- عدم التزامها بتتبع المتهم فى مناحى دفاعه والرد على ماكان منها ظاهر البطلان.
7 - اثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفنى. غير لازم.
كفاية أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
8 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير. موضوعى.
9 - حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذى يعيب الحكم. ماهيته؟
10 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير. مناطه؟
11 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
أخذ الحكم بتدليل احتمالى غير قادح فيه. مادام قد أسس الادانة على اليقين.
12 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه الى تقاريرهم من اعتراضات. موضوعى.
13 - ضرب "أحدث عاهة". اثبات "خبرة". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
متى يكون للمحكمة الاعراض عما يبديه المتهم من أوجه الدفاع؟
14 - اجراءات "اجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الجازم. ماهيته؟
15 - اجراءات "اجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعى على المحكمة قعودها عن اجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
1 - من المقرر أنه لا يقدح فى استدلال الحكم ابتناؤه على أدلة لا يجمعها التناسق التام مادام قد استخلص الادانة منها بما لا تناقض فيه.
2 - من المقرر ان لمحكمة الموضوع ان تعول على أقوال الشاهد فى أى مرحلة من مراحل الدعوى مادامت قد اطمأنت اليها.
3 - لا يقدح فى سلامة الحكم ان يكون قد ذكر انه استخلص اقوال الشاهدين مما ادليا به فى محضر جلسة المحاكمة وفى التحقيق الابتدائى مع انها لم ترد بنصها الذى حصله الحكم الا فى احدهما دون الاخر ذلك بأن الخطأ فى تحديد مصدر الدليل - بفرض وقوعه - لا يضيع اثره مادام له اصل صحيح فى الاوراق.
4 - لا يعيب الحكم ان يحيل فى بيان شهادة الشهود الى ماأورده من أقوال شاهد اخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند اليه الحكم منها ولا يؤثر فى النظر اختلاف الشهود فى بعض التفصيلات التى لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها ان تعتمد على ما تطمئن اليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها.
5 - لما كان محامى الطاعن لم يعترض على سماع أقوال الشاهد بغير يمين وقد تم ذلك فى حضوره فقد سقط حقه فى التمسك بهذا البطلان الذى يتصل باجراء من اجراءات التحقيق بالجلسة وفقا للمادة 333 من قانون الاجراءات الجنائية ولا يعيب الحكم - من بعد - اذا هو اعتمد على هذه الشهادة لما هو مقرر من أنه وأن كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانونا الا بحلف اليمين الا أن ذلك لاينفى عن الأقوال التى يدلى بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة، فالشاهد من اطلع على الشىء عيانا وقد اعتبر القانون - فى المادة 283 من قانون الاجراءات الجنائية - الشخص شاهدا بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء اداها بعد ان يحلف اليمين أو دون أن - يحلفها ولما كان من حق محكمة الموضوع ان تعتمد فى قضائها بالادانة على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال، وكانت المحكمة قد اطمأنت الى أقوال والد المجنى عليها التى أبداها بجلسة المحاكمة بغير حلف يمين فانه لايقبل من الطاعن مصادرة المحكمة فى عقيدتها.
6 - الاصل ان من حق محكمة الموضوع ان تستخلص من اقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وأن تطرح مايخالفه من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا الى ادلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها اصلها فى الأوراق، كما أنها غير ملزمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه والرد على ماكان منها ظاهر البطلان.
7 - من المقرر أنه ليس بلازم ان تطابق اقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى ان يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
8 - لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم اليها ومادامت قد اطمانت الى ما جاء به فلا يجوز مصادرتها فى ذلك.
9 - التناقض الذى يبطل الحكم هو الذى يكون واقعا فى الدليل الذى تأخذ به المحكمة فيجعله متهادما متساقطا لا شىء منه باقيا يمكن أن يعتبر قواما لنتيجة سليمة يصح معه الاعتماد عليها والاخذ بها.
10 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة الجزم فيما لم يجزم به الخبير فى تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها واكدته لديها.
11 - أخذ الحكم بدليل احتمالى غير قادح فيه مادام قد أسس الادانه على اليقين.
12 - اذ كان تقدير أراء الخبراء والفصل فيما يوجه الى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه الى محكمة الموضوع فلها وهى تقضى فى الدعوى أن ترجح بين آراء الخبراء المتعارضة.
13 - انه وان كان القانون قد أوجب سماع مايبديه المتهم من أوجه دفاع وتحقيقه الا أن للمحكمة اذا كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر الطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى أن تعرض عن ذلك بشرط أن تبين علة عدم اجابتها هذا الطلب.
14 - من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة باجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والاصرار عليه فى طلباته الختامية.
15 - اذ يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يطلب مناقشة الطبيب المعالج أو معاينة مكان الحادث فليس له من بعد النعى على المحكمة قعودها عن اجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هى من جانبها لزوما لاجرائه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى 28 من أكتوبر 1977 بدائرة قسم المنتزة محافظة الاسكندرية: ضرب..... عمدا مع سبق الاصرار والترصد بأن بيت النية على ضربها واعد لذلك ماسورة توجه بها اليها فى مسكنها وما أن ظفر بها حتى ضربها على عينها اليمنى فحدثت بها الاصابة الموضحة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف لديها من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد ماكانت تتمتع به العين من ابصار قبل الحادث وتقدر بنحو 35%، وطلبت الى مستشار الاحالة أحالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. فقرر ذلك. وادعت المجنى عليها مدنيا قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضا. ومحكمة جنايات الاسكندرية بعد أن استبعدت ركن سبق الاصرار قضت حضوريا فى 14 مايو سنة 1979 عملا بالمادتين 17، 240/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بالايقاف لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم الحكم والزامه بان يدفع للمدعية بالحق المدنى مبلغ ثلاث آلاف جنيه على سبيل التعويض.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث ان مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمة احداث عاهة مستديمة قد شابه الفساد فى الاستدلال والخطأ فى الاستناد والبطلان فى الاجراءات والقصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول - من بين ماعول عليه - على أقوال المجنى عليها ووالدها فى التحقيقات وبالجلسة رغم مابينها من تعارض وتناقض فى تصوير الواقعة لايظاهر هذا الاسناد، وأحال فى تحصليه لاقوال شقيق المجنى عليها فى التحقيقات الذى تعدد رواياته فيها الى أقوال والده مع تباين شهادتهما، كما أخذ بشهادة والد المجنى عليها بالجلسة رغم أنه أدلى بها بغير حلف يمين مما يبطل شهادته، هذا الى أن شهود الاثبات قرروا بان المجنى عليها اصيبت فى حجرتها بعد ان اقتحم الطاعن ومن معه مسكنها واتلفوا محتوياته وقد دفع الطاعن بكذب هذه الشهادة بدلالة ما اثبتته المعاينة من وجود اتلافات طفيفة لاتتفق مع هذا التصوير وعدم وجود اثار دماء فى مكان الاعتداء الذى حدده الشهود بيد ان الحكم أغفل هذا الدفاع ايرادا له وردا عليه، كما اثار المدافع عن الطاعن وجود تعارض بين الدليلين القولى والفنى لان مفاد أقوال المجنى عليها أنها أصيبت فى عينها من ضربة واحدة بماسورة حديد يتناقض مع ماأثبته التقرير الطبى الشرعى من تعدد أصاباتها وأنها رضية وقطعية نافذة وهى بهذه المثابة لاتحدث من ضربة واحدة بمثل الالة المستعملة وقدم تقريرا استشاريا مؤيدا لذلك واعترض على التقرير الطبى الشرعى وأقوال مدير عام الطب الشرعى بالجلسة لما شابهما من تناقض فى وصف الاصابات ونوعها والالة المحدثة لها وان الرأى الذى أشتمل عليه التقرير جاء على وجه الجواز والاحتمال وطلب مناقشة الطبيب المعالج بالمستشفى والطبيب الاستشارى فى هذا التعارض الذى قام بين تقاريرهم والاستعانة فى شأنه برأى خبير اخصائى فى العيون كما طلب اجراء معاينة مكان الحادث غير أن المحكمة لم تستجب الى طلباته واطرحت دفاعه فى هذا الشأن بعبارة مجملة لاتنهض ردا عليه، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة أحداث العاهة المستديمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الاثبات والتقرير الطبى الشرعى العناصر القانونية لجريمة أحداث العاهة المستديمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الاثبات والتقرير الطبى الشرعى وأقوال مدير عام الطب الشرعى بالجلسة وهى أدلة سائغة من شأنها ان تؤدى الى مارتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لايقدح فى استدلال الحكم ابتناؤه على أدلة لايجمعها التناسق التام مادام قد استخلص الادانة منها بما لاتناقض فيه وكان لما حصله الحكم من رواية المجنى عليها ووالدها سنده ومأخذه الصحيح حسبما يبين من شهادتهما فى جلسة المحاكمة، كما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة ان أقوالهما بتحقيقات النيابة تلتئم فى جوهرها مع مضمون شهادتهما فى جلسة ولا تختلف الا فى تفصيلات ثانوية غير مؤثرة فى عقيدة المحكمة وفى عدم ايراد الحكم لهذه التفصيلات مايفيد اطراحه لها، هذا فضلا عن أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال الشاهد فى أى مرحلة من مراحل الدعوى مادامت قد اطمأنت اليها فأنه لايقدح فى سلامة الحكم أن يكون قد ذكر أنه استخلص أقوال هذين الشاهدين مما أدليا به فى محضر جلسة المحاكمة وفى التحقيق الابتدائى مع انها لم ترد بنصها الذى حصله الحكم الا فى احدهما دون الاخر ذلك بأن الخطأ فى تحديد مصدر الدليل - بفرض وقوعه - لايضيع أثره مادام له أصل صحيح فى الأوراق ويكون مايثيره الطاعن - دون ان يحلف اليمين، ولما كان محامى الطاعن لم يعترض على أن يحيل فى بيان شهادة الشهود الى ماأورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند اليه الحكم منها ولا يؤثر فى هذا النظر اختلاف الشهود فى بعض التفصيلات التى لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها ان تعتمد على ماتطمئن اليه من أقوال الشاهد وان تطرح ماعداها واذ كان البين من المفردات أن أقوال شقيق المجنى عليها ووالدها قد اتفقت فى جملتها مع ما استند اليه الحكم منها وان ادعى الطاعن باختلافهما فى غير ذلك فأن نعيه فى هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة استمعت لشهادة والد المجنى عليها - فى حضور - محام الطاعن - دون ان يحلف اليمين، ولما كان محامى الطاعن لم يعترض على سماع أقوال الشاهد بغير يمين وقد تم ذلك فى حضوره فقد سقط حقه فى التمسك بهذا البطلان الذى يتصل بأجراء من اجراءات التحقيق بالجلسة وفقا للمادة 333 من قانون الاجراءات الجنائية ولايعيب الحكم - من بعد - اذا هو اعتمد على هذه الشهادة لما هو مقرر من أنه وان كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانونا الا بحلف اليمين الا ان ذلك لاينفى عن الاقوال التى يدلى بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة، فالشاهد من اطلع على الشىء عيانا وقد أعتبر القانون - فى المادة 283 من قانون الاجراءات الجنائية - الشخص شاهدا بمجرد دعوته لاداء الشهادة سواء اداها بعد ان يحلف اليمين أو دون أن - يحلفها ولما كان من حق محكمة الموضوع أن تعتمد فى قضائها بالادانة على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال بغير حلف يمين اذ مرجع الامر كله الى ماتطمئن اليه من عناصر الاستدلال، وكانت المحكمة قد اطمأنت الى أقوال والد المجنى عليها التى أبداها بجلسة المحاكمة بغير حلف يمين فأنه لايقبل من الطاعن مصادرة المحكمة فى عقيدتها. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات ان معاينة الشرطة التى جرت بتاريخ 28/ 10/ 1977 اثبتت أن مزلاج باب مسكن المجنى عليها وجد منزوعا من مكانه وتهشم زجاج الباب وكذا زجاج باب احدى الحجرات وتناثر المقاعد وبعض الاخشاب فى الردهة كما وجدت أثار دماء على الأرض تمتد من باب الشقة الى حجرة على يسار الداخل حتى شرفتها خلافا لما أثاره الطاعن أمام محكمة الموضوع مما يتصل بوجه طعنه تأديا من ذلك الى اهدار أقوال شهود الاثبات، ولما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وان تطرح ما يخالفه من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا الى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، كما أنها غير ملزمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه والرد على ماكان منها ظاهر البطلان فلا يعيب الحكم المطعون فيه سكوته عن الرد على دفاع الطاعن القائم على ان تصوير شهود الاثبات للحادث يخالف ما انبأت به المعاينة مادام الواقع يدحضه ومن ثم يضحى هذا النعى فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما اثاره الدفاع من تناقض الدليلين القولى والفنى ورد على اعتراضاته على التقرير الطبى الشرعى وما أثاره فى شأنه من طلبات التحقيق بقوله "وحيث أن المحكمة وقد اطمأنت الى أدلة الثبوت فانها تعرض عن انكار المتهم وتلتفت عما أثاره المدافعون عنه من ضروب دفاع لايلقى سنده من الأوراق وقوامه اثارة الشك فى تلك الادلة تارة بقالة وجود تضارب فى رواية المجنى عليها وتارة أخرى برغم قيام تناقض بينها وبين التقارير الطبية باعتراضات ظنية لاأساس لها من واقع ولا يسع المحكمه الا اطراحها وعدم التعويل عليها اطمئنانا منها الى صدق رواية المجنى عليها المدعمة بالتقرير الطبى الشرعى الذى جاء مصداقا لها فى بيان واضح ينأى به عن مظنة القصور والتناقض فى هذا الخصوص وهو مايتلاءم به جماع الدليل القولى مع جوهر الدليل الفنى ومؤداه حدوث أصابة العين اليمنى للمجنى عليها من ضربة واحدة من جسم صلب راض مثل ماسورة حديد وفق ماذهبت اليه فى تصويرها للواقعة وهو ماتطمئن اليه المحكمة وتطرح ماعداه ومن ثم فلا يعدو الطعن على التقرير الطبى الشرعى ان يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى تأديا من ذلك الى مناقضة الصورة التى أرتسمت فى وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وبالتالى تلتفت عن كل مااثاره المدافعون عن المتهم بشأن هذا التقرير ولا تستجيب لطلب مناقشة احد الاطباء المتخصصين فى العيون لانتفاء جدواه مادامت الواقعة قد وضحت لديها بما لا موجب معه لاجراء مزيد من تحقيق". واذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه انه حصل اقوال المجنى عليها بما مفاده أنها استيقظت من نومها على صوت اقتحام باب مسكنها واذ خرجت الى الردهة شاهدت مطلقها - الطاعن - وبيده ماسورة حديد فتوجست منه خيفة ولاذت بحجرتها ولكنه لحق بها واذ واجهته ضربها بالماسورة ضربة واحدة أصابت عينها اليمنى بالاصابات التى أدت الى استئصال مقلتها، ونقل عن التقرير الطبى الشرعى أصابة المجنى عليها فى عينها اليمنى بكدمات وجروح قطعية بالجفنين وجروح قطعية على الجانب الايمن للانف واحتقان شديد مع جروح قطعية بالملتحمة وبالقرنية والصلية مع بروز كافة محتويات العين ونزيف كامل بالخزانة الامامية مما أدى الى استئصال مقلة العين جراحيا الأمر الذى أقتضته حالتها الناشئة عن اصابتها ولا يوجد ما يتنافى مع احتمال حصول هذه الاصابة من المصادمة بجسم صلب كما سورة حديد وفق تصوير المجنى عليها وقد تخلفت لديها من جرائها عاهة مستديمة هى فقد ماكانت تتمتع به العين اليمنى من ابصار قبل الحادث، كما حصل أقوال مدير عام الطب الشرعى التى أدلى بها فى جلسة المحاكمة بما لايخرج عما ورد فى التقرير وأكدت أن اصابة عين المجنى عليها قد حدثت من ضربة واحدة بجسم صلب راض كماسورة حديد واذ كان الطاعن لاينازع فى صحة مانقله الحكم عن تلك الادلة ومن أن لها معينها الصحيح من الأوراق، وكان من المقرر أنه ليس بلازم ان تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الدليل المستمد من أقوال المجنى عليها الذى أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت اليه غير متعارض مع الدليل المستمد من تقرير الطبيب الشرعى وأقواله بالجلسة بل أن بيان الحكم فى ذلك يتفق فيه مساق الدليلين معا فان ماينعاه الطاعن فى هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم اليها ومادامت قد اطمأنت الى ماجاء به فلا يجوز مصادرتها فى ذلك، واذ كان التقرير الطبى الشرعى قد خلا من شبهة التناقض الذى يسقطه ومن ثم فان استناد الحكم اليه كدليل فى الدعوى يشهد على ادانة الطاعن لا يعيبه لما هو مقرر من أن التناقض الذى يبطل الحكم هو الذى يكون واقعا فى الدليل الذى تأخذ به المحكمة فيجعله متهادما متساقطا لاشىء منه باقيا يمكن ان يعتبر قواما لنتيجة سليمه يصح معه الاعتماد عليها والاخذ بها وهو ماخلا منه الحكم، ولا يؤثر فى ذلك مايثيره الطاعن من ان الطبيب الشرعى قد اجاز حدوث الاصابات من ضربة واحدة بماسورة حديد دون أن يقطع بذلك ففضلا عن ان الثابت من مدونات الحكم وأقوال مدير عام الطب الشرعى بالجلسة بأنه قطع بذلك فأنه من المقرر ان لمحكمة الموضوع سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير فى تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقريره، كما أن أخذ الحكم بدليل احتمالى غير قادح فيه مادام قد اسس الادانة على اليقين والبين من مدونات الحكم أنه انتهى الى بناء الادانة على يقين ثبت لاعلى افتراض لم يصح ومن ثم فان ما يسوقه الطاعن من مطاعن فى تقرير الطبيب الشرعى وأقواله ينحل الى جدل موضوعى فى تقدير قيمة هذا الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم اذ رفض طلب الطاعن ندب خبير اخصائى فى العيون قد أسس هذا الرفض على أنه غير منتج فى الدعوى، بعد أن اطمأن الى أقوال المجنى عليها المؤيدة بالتقرير الطبى الشرعى الذى أثبت أن العاهة المستديمة لديها كانت نتيجة الاصابة التى أحدثها بها الطاعن، واذ كان تقدير اراء الخبراء والفصل فيما يوجه الى تقاريرهم من اعتراضات مرجعة الى محكمة الموضوع فلها وهى تقضى فى الدعوى أن ترجح بين آراء الخبراء المتعارضة، وكانت المحكمة قد سلكت فى سبيل تحقيق ما ابداه الطاعن من دفاع استيضاح مدير عام الطب الشرعى واستندت الى رأيه للاسباب الفنية التى أبداها وهو من حقها مادام أن تكييف الواقع الذى شهد به الخبير وترتيب آثاره فى الدعوى هو من خصائص قاضى الموضوع الذى له أن يسلك مايراه مؤيدا الى فهم الواقع ومتى تم له ذلك فلا يصح ان يصادر فى اقتناعه وعقيدته بطلب مزيد من التحقيقات فى الدعوى لما هو مقرر من أنه وان كان القانون قد أوجب سماع مايبديه المتهم من أوجه دفاع وتحقيقه الا أن للمحكمة اذا كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى ان تعرض عن ذلك بشرط ان تبين علة عدم اجابتها هذا الطلب وهو ما أوضحه الحكم بما يستقيم به قضاءه ومن ثم فان ما ينعاه الطاعن من اخلال الحكم المطعون فيه بحقه فى الدفاع لعدم اجابته طلب ندب خبير اخصائى فى العيون ليرجح بين التقريرين الطبيين الابتدائى والشرعى والتقرير الاستشارى لايكون له أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة باجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولاينفك عن التمسك به والاصرار عليه فى طلباته الختامية وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة التى دارت فيها المرافعة أن المدافع عن الطاعن وان طلب قبل سماع أقوال مدير الطب الشرعى مناقشة الخبير الاستشارى الا أنه بعد أن فرغت المحكمة من سماع الشاهد ترافع فى الدعوى دون أن يتناول هذا الطلب فى دفاعه أو يصر عليه فى طلباته الختامية مما مفاده نزوله عنه، كما يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يطلب مناقشة الطبيب المعالج أو معاينة مكان الحادث فليس له من بعد النعى على المحكمة قعودها عن اجراء تحقيق لم يطلب منها ولم ترهى من جانبها لزوما لاجرائه بما تنحسر عن الحكم فى هذا الصدد قالة الاخلال بحق الدفاع. لما كان ماتقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.