أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 617

جلسة 10 من يونية سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن عثمان عمار، وأبراهيم حسين رضوان، ومحمد سالم يونس، ومحمد رفيق البسطويسى.

(109)
الطعن رقم 2670 لسنة 50 القضائية

1 - دفوع "الدفع بشيوع التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بشيوع التهمة أو تلفيقها. موضوعى. أثر ذلك؟
2 - اثبات "شهود" "بوجه عام" "شهادة" محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهاداتهم. موضوعى.
أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشهود. مفاده: اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
3 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". تفتيش "التفتيش بأذن". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. مالايقبل منها". مواد مخدرة.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لاصدار الاذن بالتفتيش. موضوعى.
4 - مأمورو الضبط القضائى. تفتيش "التفتيش بأذن" "تنفيذه".
طريقة تنفيذ اذن التفتيش. موكوله الى مأمور الضبط المأذون له.
تكليف المأذون له أحد المرشدين لاستدراج المتهم خارج مسكنه لعقد صفقة معه توصلا الى ضبط المخدر معه. لا عيب.
5 - مصادرة. عقوبة "العقوبة التكميلية". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المصادرة فى حكم المادة 30 من قانون العقوبات. ماهيتها؟
عقوبة المصادرة المقررة بالمادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960. نطاقها؟
عدم مصادرة دراجة بخارية لم يثبت استخدامها فى ارتكاب الجريمة صحيح.
6 - نظام عام. قانون "تطبيقه" "قانون الاجراءات الجنائية" "قانون المرافعات المدنية والتجارية". نقض "نظر الطعن والحكم فيه". أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". "محكمة النقض سلطتها". اجراءات "اجراءات المحاكمة".
الأصل عدم جواز ابداء أسباب جديدة للطعن أمام محكمة النقض. خلافا للأسباب التى سبق ابداؤها فى الميعاد المنصوص عليه فى المادة 34 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
حق محكمة النقض فى نقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المحكوم عليه. عملا بنص الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون سالف الذكر طبيعته ومداه.
النعى فى الفقرة الثالثة من المادة 253 مرافعات على أن الأسباب المبنية على النظام العام. يمكن التمسك بها فى أية حالة كانت عليها الدعوى وتأخذ بها المحكمة من تلقاء نفسها. لا يسرى على المواد الجنائية. أساس ذلك؟
1 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة وتلفيقها من الدفوع الموضوعية التى لاتستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التى تطمئن اليها بما يفيد اطراحها.
2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم، مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن اليه، وهى متى أخذت بشهاداتهم، فان ذلك يفيد انها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
3 - لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لاصدار اذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الامر فيها الى سلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أذن التفتيش وكفايتها لتسويغ اصداره وأقرت النيابة على تصرفها فى هذا الشأن، فأنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
4 - من المقرر أنه متى كان التفتيش الذى قام به مأمور الضبط مأذونا به قانونا فطريقة اجرائه متروكة لرأى القائم به، ومن ثم فلا تثريب على الضابط أن هو رأى فى سبيل تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به تكليف احد المرشدين لاستدراج احد المتهمين الى خارج مسكنه بحجة عقد صفقة شراء المخدر.
5 - لما كانت المصادرة - فى حكم المادة 30 من قانون العقوبات - اجراء الغرض منه تمليك الدولة اشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة - قهرا عن صاحبها وبغير مقابل - وهى عقوبة أختيارية تكميلية فى الجنايات والجنح الا اذا نص القانون على غير ذلك وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشىء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل، وهى على هذا الاعتبار تدبير وقائى لامفر من اتخاذه فى مواجهة الكافة، وكانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات - وتنظيم استعمالها والاتجار فيها – لا توجب سوى القضاء بمصادرة الجواهر المخدرة والنباتات المضبوطة والادوات ووسائل النقل المضبوطة التى تكون قد استخدمت فى ارتكاب الجريمة، فان المحكمة اذ لم تقض بمصادرة الدراجة الالية المنوه عنها والتى لم يثبت لها استخدامها فى ارتكاب الجريمة، لا تكون قد جانبت التطبيق القانونى الصحيح وينحسر عن حكمها مانعاه الطاعن من دعوى التناقض.
6 - لما كان الاصل طبقا لنص الفقرة الاولى من المادة 35 من قانون حالات واجراءات الطعن امام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أنه لا يجوز ابداء اسباب أخرى أمام المحكمة - سواء من النيابة العامة أو غيرها من الخصوم - غير الاسباب التى سبق بيانها فى الميعاد المنصوص عليه فى المادة 34 من القانون المذكور، وان تتقيد محكمة النقض بالاسباب المقدمة فى الميعاد - وكان نقض المحكمة للحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 35 - سالفة الذكر، على خلاف هذا الاصل هو رخصة استثنائية خولها القانون للمحكمة على سبيل الحصر فى حالة ما اذا تبين لها مما هو ثابت فى الحكم أنه مبنى على مخالفة القانون أو على الخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله، أو أن المحكمة التى أصدرته لم تكن مشكلة وفقا للقانون ولا ولاية لها بالفصل فى الدعوى، أو اذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكانت مناعى الطاعن فى مذكرته المقدمة بعد الميعاد المقرر لا تندرج تحت احدى هذه الحالات بل تدخل ضمن حالات البطلان التى تفتح سبيل الطعن فى الحكم دون ان ينعطف عليها وصف مخالفة القانون او الخطأ فى تطبيقه او فى تأويله المشار اليها فى البند "أولا" من المادة المذكورة والذى لا ينصرف الا الى مخالفة القانون الموضوعى، سواء أكان قانون العقوبات والقوانين المكملة له او قانون الاجراءات الجنائية فيما تضمنه من قواعد موضوعية، ومن ثم لا يلتفت الى ما اثاره الطاعن فى هذا الشأن بعد فوات ميعاد الطعن.
7 - لا يغير من ذلك ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 253 من قانون المرافعات فيما يتعلق بالطعن فى المواد المدنية والتجارية من أن الاسباب المبنية على النظام العام يمكن التمسك بها فى أى وقت وتأخذ المحكمة بها من تلقاء نفسها، ذلك بأن الشارع فيما سنه من اجراءات فى شأن الطعن فى المواد الجنائية قد اراد عدم الاخذ بحكم هذا النص. فحدد الاسباب التى تمس النظام العام وأفصحت المذكرة الايضاحية للمادة 425/ 2 من قانون الاجراءات الجنائية - التى رددت المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959 حكمها - عن مراد الشارع من الاستثناء الوارد على مبدأ التقيد بأسباب الطعن وعدم ابداء اسباب جديدة بعد الميعاد القانونى، وذلك بقولها "أنه ليس من المقبول التغاضى عن الخطأ الملموس الذى يتعلق بأمور تمس النظام العام مما يجب على القاضى وفقا للقواعد العامة ان يراعيها من تلقاء نفسه, وقد آثر المشرع فى هذه الحالة تحديد الاسباب التى تمس النظام العام وتجيز للمحكمة ان تستند اليها من تلقاء نفسها فى نقض الحكم بدلا من ترك هذه المسألة لضابط النظام العام وحده، فان ذلك يؤدى الى التوسع أكثر مما يجب".


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين "أفيونا وحشيشا" فى غير الاحوال المصرح بها قانونا وطلبت من السيد مستشار الاحالة احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضوريا بمعاقبة المتهم بالاشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه ثلاثة ألاف جنيه ومصادرة الجوهرين المخدرين المضبوطين.
فطعن الاستاذ...... بصفتة وكيلا عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

من حيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انه اذ دانه بجريمه حيازة جواهر مخدرة (حشيش وأفيون) بقصد الأتجار فى غير الأحوال المصرح بها قانونا، قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك بأن الحكم خصه بحيازة المخدر المضبوط بصيوان بمسكنه، واستبعد ان يكون لأحد أولاده او زوجاته الثلاث الذين يساكنونه على ماجاء بالتحريات التى تضمنت ان احد أولاده يتجر فى المواد المخدرة ومع أن بابى الحجرة والصيوان كانا مفتوحين، ولم يذكر الشاهدان نوع الملابس التى بالدولاب، فقام احتمال بأنه لاحد اولاده، كما أن المخدر المضبوط من نوع ماضبط مع المتهم...... فأما أنه يخص هذا الاخير أو أن الشاهدين لفقا تهمة احرازه له، فضلا عن أن ضبط المحكوم عليه الاخر والمتهم..... تم قبل ضبط الطاعن بساعة على ماذكر الشاهدان وهى فسحة من الوقت تسمح له بان يتخلص من المخدر، وخصه الحكم كذلك باحراز المخدر المضبوط بالمحل رغم أنه يستعمل كحظيرة لمبيت الدراجات الالية بالاجر ويظل مفتوحا طوال الليل ولايسيطر عليه الطاعن سيطرة كاملة، وأن كان يتردد عليه، وليس فى وجود مفاتيحه معه مايفيد هذه السيطرة، وقد وجدت به دراجتان آليتان احداهما...... الذى قرر أنها له ومرخصة باسمه، هذا الى أنه من غير المستساغ ان يكون الطاعن على علم بوجود مخدر بالمحل ثم يقوم بفتحه للشاهدين كما عول الحكم على الصورة التى قررها الشاهدان عن ظروف واقعة ضبط المحكوم عليه الاخر برغم ماشابها من بعد عن الحقيقة، اذ ليس يعقل أن يكون مع الشاهدين اذن بالتفتيش، ولا ينتقلان فورا الى مسكن المأذون بتفتيشهما بل تختلق واقعة استدراج المحكوم عليه الاخر من قبل أحد المرشدين فيحمل المخدر معه للمساومة على بيعه على الرغم من أن الشاهدين قد نفيا تحديد السعر أو الكمية للمرشد عند توجهه اليه، ولم يفصح عن شخصية المرشد بعد افتضاح أمره هذا الى أن الحكم اطرح الدفع ببطلان القبض والتفتيش، بما لايصلح ردا والتفت عن دفاعه بشأن اختلاف الشهود الذين سمعوا بجلسة المحاكمة وبشأن الازمنه المتعلقة بواقعات ضبط كل متهم وتقاربها، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه..
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأقام عليها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال رئيس ووكيل قسم مكافحة المخدرات بالمنيا، وماثبت من المعاينة والتحريات، ومن تقرير المعامل الكيماوية، وهى أدلة سائغة تؤدى الى مارتبه الحكم عليها ولها معينها الصحيح من الاوراق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة وتلفيقها من الدفوع الموضوعية التى لا تستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التى تطمئن اليها, بما يفيد اطراحها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بادانة الطاعن على ماثبت من انبساط سلطاته على المخدر المضبوط، تأسيسا على أدلة سائغة لها أصلها فى الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلى والمنطقى، وكان الطاعن لاينازع فى صحة مانقله الحكم عن أقوال شاهدى الاثبات، وكان وزن اقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم، مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن اليه، وهى متى أخذت بشهاداتهم، فان ذلك يفيد انها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فأنه لايكون ثمة محل لتعييب الحكم فى صورة الواقعة التى اعتنقتها المحكمة وأقتنعت بها ولا فى تعويله فى قضائه بالادانة على أقوال شاهدى الاثبات بدعوى ان المخدر المضبوط بمسكن الطاعن من نوع ماضبط مع المتهم الاخر أو ان المحل الذى ضبط به المخدر يستعمل كحظيرة للدراجات الالية ويتردد عليه اصحابها ولا على المحكمة أن هى أعرضت عن قالة شاهد النفى الذى أيد الطاعن فى دفاعه ذاك اذ فى قضائها بالادانة لادلة الثبوت التى أوردتها دلالة على انها لم تعتد بدفاع الطاعن فى هذا المنحى ولا بأقوال شاهده التى لم تسترسل بثقتها اليها. لما كان ذلك، وكان مايثيره الطا عن للتشكيك فى أقوال شاهدى الاثبات لعدم افصاحهما عن المرشد الذى صحب المتهم الاخر اليهما بالطريق العام لعقد الصفقة بعد اذ عرفت شخصيته، مردودا بأن ظهور شخصية المرشد السرى لاحد المتهمين لايلزم عنه بالضرورة اظهار شخصيته للغير، ولا يمنع الضابط - الذى اختار هذا المرشد لمعاونته - من الحرص على أخفاء اسمه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لاصدار اذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الامر فيها الى سلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها اذن التفتيش وكفايتها لتسويغ اصداره واقرت النيابة على تصرفها فى هذا الشأن، فانه لامعقب عليها فيما ارتأته لتعلقة بالموضوع لا بالقانون. لما كان ماتقدم، وكان من المقرر انه متى كان التفتيش الذى قام به مأمور الضبط مأذونا به قانونا فطريقة اجرائه متروكة لرأى القائم به، ومن ثم فلا تثريب على الضابط ان هو رأى فى سبيل تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به تكليف أحد المرشدين لاستدراج أحد المتهمين الى خارج مسكنه بحجة عقد صفقة شرا المخدر. لما كان ذلك، وكانت المصادرة - فى حكم المادة 30 من قانون العقوبات - اجراء الغرض منه تمليك الدولة اشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة - قهرا عن صاحبها وبغير مقابل - وهى عقوبة اختيارية تكميلية فى الجنايات والجنح الا اذا نص القانون على غير ذلك، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشىء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل، وهى على هذا الاعتبار تدبير وقائى لا مفر من اتخاذه فى مواجهة الكافة، وكانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات - وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - لا توجب سوى القضاء بمصادرة الجواهر المخدرة, والنباتات المضبوطة والادوات ووسائل النقل المضبوطة التى تكون قد استخدمت فى ارتكاب الجريمة، فان المحكمة اذ لم تقض بمصادرة الدراجة الآلية المنوه عنها والتى لم يثبت لها استخدامها فى ارتكاب الجريمة، لا تكون قد جانبت التطبيق القانونى الصحيح وينحسر عن حكمها ما نعاه الطاعن من دعوى التناقض، لما كان ماتقدم فان أسباب الطعن المقدمة فى الميعاد تكون قائمة على غير أساس سليم.
ومن حيث أن المدافع عن الطاعن قدم بعد الميعاد مذكرة تضمنت أسبابا جديدة تقوم على أن ثلاثة محامين قد تولوا المرافعة عن الطاعن والمحكوم عليه الاخر برغم تعارض مصلحتيهما فى الدفاع لوجود صلة قرابة أو مصاهرة بينهما وأن الحكم عول على ما شهد به الضابطان من اقرار المحكوم عليه الاخر لهما بان المخدر المضبوط للطاعن، فيكون بمثابة شاهد عليه، كما عول الحكم على أقوال الضابطين مع عدم جواز ذلك شرعا لمخالفته للمادة الثانية من الدستور التى تجعل من الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، بما يمتنع معه قبول شهادة الضابطين لسابقة اتهامهما للطاعن فى تحرياتهما قبله، ويكونان بداعواهما عليه متهمين بعداوتهما له فلا تقبل شهادتهما.
ومن حيث أنه لما كان الأصل طبقا لنص الفقرة الاولى من المادة 35 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أنه لا يجوز أبداء أسباب أخرى أمام المحكمة - سواء من النيابة العامة أو غيرها من الخصوم - غير الاسباب التى سبق بيانها فى الميعاد المنصوص عليه فى المادة 34 من القانون المذكور، وان تتقيد محكمة النقض بالاسباب المقدمة فى الميعاد - وكان نقض المحكمة للحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 35 سالفة الذكر، على خلاف هذا الأصل, هو رخصه استثنائية خولها القانون للمحكمة على سبيل الحصر فى حالة ما اذا تبين لها مما هو ثابت فى الحكم أنه مبنى على مخالفة القانون أو على الخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله، أو ان المحكمة التى أصدرته لم تكن مشكلة وفقا للقانون ولا ولاية لها بالفصل فى الدعوى، أو اذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكانت مناعى الطاعن فى مذكرته المقدمة بعد الميعاد المقرر لاتندرج تحت أحدى هذه الحالات بل تدخل ضمن حالات البطلان التى تفتح سبيل الطعن فى الحكم دون ان ينعطف عليها وصف مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله المشار اليها فى البند "أولا" من المادة المذكورة والذى لاينصرف الا الى مخالفة القانون الموضوعى، سواء أكان قانون العقوبات والقوانين المكملة له او قانون الاجراءات الجنائية فيما تضمنه من قواعد موضوعية، ومن ثم لايلتفت الى ما اثارة الطاعن فى هذا الشأن بعد فوات ميعاد الطعن. ولا يغير من ذلك ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 253 من قانون المرافعات فيما يتعلق بالطعن فى المواد المدنية والتجارية من أن الاسباب المبنية على النظام العام يمكن التمسك بها فى اى وقت وتأخذ المحكمة بها من تلقاء نفسها، ذلك بان الشارع فيما سنه من اجراءات فى شأن الطعن فى المواد الجنائية قد أراد عدم الاخذ بحكم هذا النص. فحدد الاسباب التى تمس النظام العام وأفصحت المذكرة الايضاحية للمادة 425/ 2 من قانون الاجراءات الجنائية - التى رددت المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959 حكمها - عن مراد الشارع من الاستثناء الوارد على مبدأ التقيد بأسباب الطعن وعدم أبداء أسباب جديدة بعد الميعاد القانونى، وذلك بقولها "أنه ليس من المقبول التغاضى عن الخطأ الملموس الذى يتعلق بأمور تمس النظام العام مما يجب على القاضى وفقا للقواعد العامة أن يراعيها من تلقاء نفسه, وقد آثر المشرع فى هذه الحالة تحديد الأسباب التى تمس النظام العام وتجيز للمحكمة أن تستند اليها من تلقاء نفسها فى نقض الحكم بدلا من ترك هذه المسألة لضابط النظام العام وحده، فان ذلك يؤدى الى التوسع أكثر مما يجب". لما كان ماتقدم فأنه يتعين رفض الطعن موضوعا.