مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السادس (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1942 لغاية 29 أكتوبر سنة 1945) - صـ 59

جلسة 14 ديسمبر سنة 1942

برياسة حضرة صاحب العزة سيد مصطفى بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: منصور إسماعيل بك وجندي عبد الملك بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزائرلي بك المستشارين.

(40)
القضية رقم 1916 سنة 12 القضائية

قتل. تعدّد المتهمين. فاعل أصلي. شريك. اتفاق المتهمين على ارتكاب جنايات القتل أو الشروع فيه. وقوع فعل من الأفعال التي يصح عدّها شروعاً في القتل من كل منهم. اعتبارهم فاعلين أصليين. الوقائع التي أوردها الحكم لا تقطع بأن كل واحد منهم قد باشر بنفسه عملاً يمكن وصفه في القانون بأنه شروع. وجوب اعتبار المتهمين شركاء لفاعل غير معين من بينهم. اعتبارهم فاعلين أصليين. خطأ. متى يصح التمسك بهذا الخطأ لنقض الحكم؟ تقدير المحكمة لعوامل الرأفة. مداره ذات الواقعة الجنائية لا وصفها القانوني.
إنه وإن كان صحيحاً أنه لا يشترط في القانون لاعتبار المتهمين فاعلين لجناية القتل أو الشروع فيه إن يكون كل منهم ساهم بفعل منه في الإصابة التي سببت القتل، بل يكفي أن يكونوا قد اتفقوا على ارتكابها، وعملوا على تنفيذها فارتكب كل منهم فعلاً من الأفعال التي يصح عدّها شروعاً فيها، إلا أنه لا يكفي لاعتبار المتهمين فاعلين أن يكون الحكم قد استظهر توافر سبق الإصرار لديهم، واتفاقهم على ارتكاب الجرائم التي وقعت، وأن كلاً منهم وقع منه فعل أو أفعال مادية في سبيل تنفيذ مقصدهم، إذا كانت الوقائع التي أوردها غير قاطعة في أن كل واحد منهم قد باشر بنفسه فعلاً يمكن وصفه في القانون بأنه شروع. فإذا كانت الوقائع التي أثبتها الحكم لا تنفي احتمال أن العيارات التي أطلقها أحد المتهمين لم تصب أحد القتيلين إلا بعد وفاته ولم تطلق صوب القتيل الآخر ولا صوب المجني عليه الذي لم يقتل، مما لا يصح معه اعتبار إطلاقها بالنسبة إليه شروعاً في قتل لإصابتها ميتاً وعدم تصويبها إلى حيّ، فإنه، مع هذا الاحتمال الذي يجب حتماً أن يستفيد منه المتهمون لكون مطلق تلك العيارات غير معين بالذات من بينهم، لا يصح أن يعد هؤلاء المتهمون إلا شركاء لفاعل غير معين من بينهم في الجرائم التي وقعت. على أنه ليس لهؤلاء المتهمين أن يتوسلوا بهذا الخطأ لطلب نقض الحكم بمقوله إن المحكمة وهي تقدر العقوبة كانت تحت تأثير الوصف القانوني الذي وصفت فعلتهم به. وذلك لأن تقدير المحكمة لعوامل الرأفة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها المتهم، وما أحاط بها من ظروف وملابسات، لا الوصف القانوني للواقعة. فلو أن المحكمة كانت أرادت أن تنزل بالعقوبة إلى أقل من الأشغال الشاقة المؤبدة التي أوقعتها على المتهمين لكان في وسعها، حتى مع الوصف الخاطئ الذي ارتأته، أن تنزل إلى الأشغال الشاقة المؤقتة وفقاً للحدود المبينة في المادة 17 ع. أما وهي قد أوقعت عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، فإنها تكون قد رأت أن هذه العقوبة - لا الأقل منها - هي المناسبة لواقعة الدعوى بغض النظر عن وصفها القانوني. إنما يكون التمسك بهذا الخطأ جائزاً في حالة نزول المحكمة بالعقاب إلى أقل عقوبة يسمح بها القانون، إذ عندئذ تقوم الشبهة في أن الوصف القانوني الخاطئ هو الذي منع المحكمة من النزول إلى عقوبة أقل من التي أوقعتها فعلاً، ويصح بناء على ذلك، القول بأن للمحكوم عليه مصلحة في إعادة النظر في تقدير العقوبة على أساس الوصف الصحيح.