أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 701

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ صلاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو زيد، ومحمد نجيب صالح، وعوض جادو، ومصطفى طاهر.

(124)
الطعن رقم 372 لسنة 51 القضائية

1 - تفتيش. جمارك. قبض. مأمورو الضبط القضائى. مواد مخدرة دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش" "المصلحة فى الدفع". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق موظفى الجمارك الذين لهم صفة الضبط القضائى، فى التفتيش داخل الدائرة الجمركية أو فى حدود دائرة الرقابة الجمركية. نطاقه؟
عدم اشتراط توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الاجراءات بالنسبة للاشخاص.
العثور اثناء هذا التفتيش على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية صحيح. مثال فى مواد مخدرة.
معنى الشبهة فى توافر التهريب الجمركى؟ تقدير توافرها. موضوعى.
حق مأمور الضبط فى الاستعانة بمن يرى، ولو لم يكن للاخير صفة الضبط. مادام يعمل تحت اشرافه.
لاجدوى من الدفع ببطلان تفتيش السيارة فى المرة الاولى مادام ان المخدر الذى ضبط عند تفتيشها فى المرة الثانية. الذى لاينازع الطاعن فى صحته. تكفى لحمل الحكم بالادانة.
2 - اثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير أقوال الشهود. موضوعى.
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم، متى استخلص الادانة منها بما لا تناقض فيه.
انحسار الخطأ فى الاسناد عن الحكم اذا أقيم على ماله أصل ثابت فى الأوراق ولم يخرج بالدليل عن فحواه.
3 - مواد مخدرة. قصد جنائى. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التحقق من علم المتهم بكنه المادة المضبوطة. موضوعى، مادام سائغا مثال لتسبيب سائغ على توافر هذا العلم.
4 - اثبات "معاينه". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الاخلال بحق الدفاع, ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة، متى وضحت الواقعة لديها، أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج. ان تعرض عنه، مع بيان العله، عدم التزامها باجابة طلب معاينة لا يتجه الى نفى الفعل أو اثبات استحالة حصوله.
استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع، لا يمنع من القضاء بالادانة، مادامت الأدلة كافية.
1 - البين من استقراء نصوص المواد 26 الى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 باصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفى الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائى فى أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الاماكن والاشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو فى حدود نطاق الرقابة الجمركية اذا ما قامت لديهم دواعى الشك فى البضائع والأمتعه ومظنه التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع - بالنظر الى طبيعه التهريب الجمركى وصلته المباشرة بصالح الخزانه العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير - لم يتطلب بالنسبة الى الاشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الاجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه فى احدى الحالات المبرره له فى نطاق الفهم القانونى للمبادئ المقررة فى القانون المذكور، بل أنه يكفى أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش فى تلك المناطق حالة تنم عن شبهة فى توافر التهريب الجمركى فيها - فى الحدود المعرف بها فى القانون - حتى يثبت له حق الكشف عنها فاذا هو عثر أثناء التفتيش الذى يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها فى القانون العام فانه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم فى تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء اجراء مشروع فى ذاته ولم ترتكب فى سبيل الحصول عليه أية مخالفة، ولما كان من المقرر ان الشبهة فى توافر التهريب الجمركى حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها فى العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود فى دائرة المراقبة الجمركيه ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الاشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت الى الاشتباه فى الاشخاص محل التفتيش - فى حدود دائرة المراقبة الجمركية - على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها. ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أن تفتيش سيارة الطاعن الذى أسفر عن ضبط الجوهر المخدر فى مخبأ سرى بها تم داخل الدائرة الجمركية بمعرفة مأمورى الضبط القضائى ومن بينهم مأمور الجمرك بعد أن قامت لديه من الاعتبارات ما يؤدى الى الاشتباه على توافر فعل التهريب فى حق الطاعن لما دلت عليه التحريات السرية لمفتش ادارة مكافحة المخدرات ومن شاركوه فى جمعها من الضباط من أنه يحرز جواهر مخدرة يخفيها فى سيارته فان الحكم يكون قد اصاب صحيح القانون فى رفضه للدفع ببطلان التفتيش لبطلان الاذن الصادر به ورد عليه ردا كافيا سائغا، ولا يؤثر فى ذلك أن يكون قد عاون مأمور الجمرك فى اجراء التفتيش بعض مأمورى الضبط القضائى بادارة مكافحة المخدرات وادارة شرطة ومباحث الميناء اذ أن لمأمور الجمرك أن يستعين فى اجراء التفتيش بمن يرى مساعدته فيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائى ماداموا يعملون تحت اشرافه واذ نتج عن التفتيش الذى أجرى دليلا يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر فانه هو يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة اجراء مشروع قانونا، ولا محل لتعييب الحكم بالتفاته عن الرد صراحة على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الاذن بهما من النيابة طالما أنه يصبح بهذه المثابه دفاعا قانونيا ظاهر البطلان ولا على المحكمة ان هى التفتت عن الرد عليه، هذا فضلا عن أنه لا جدوى للطاعن فيا يثيره من بطلان التفتيش الاول للسيارة لبطلان الاذن الصادر به ولحصوله قبل اصداره مادام لا ينازع فى صحة التفتيش الثانى للسيارة الذى أجرى بتاريخ 27/ 6/ 1978 اذ أن ماأسفر عنه هذا التفتيش من ضبط الجوهر المخدر يحمل قضاء الحكم بادانته ويكون منعى الطاعن على الحكم فى هذا الشأن غير سديد.
2 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه الى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن اليه دون رقابة من محكمة النقض، وكان تناقض أقوال الشهود لا يعيب الحكم مادام استخلص الادانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه، كما أن للمحكمة ألا تورد بالأسباب الا ماتقيم عليه قضاءها ولها أن تأخذ من أقوال الشهود ما تطمئن اليه وتطرح ماعداه، واذ كانت المحكمة قد أوردت فى حكمها الاسباب التى أقامت عليها قضاءها بما لا تناقض فيه واطمأنت الى أقوال شهود الاثبات وحصلت مؤداها بما لا يحيدها عن معناها ويحرفها عن مواضعها وبما يكفى بيانا لوجه استدلالها بها على صحة الواقعه فان ما يثيره الطاعن فى هذا المنحى لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ماحصله الحكم من أقوال الشاهد..... مأمور الجمرك وعول عليها فى ادانه الطاعن ترتد الى أصول ثابته فى تحقيقات النيابة ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه فقد انحسرت عنه قالة الخطأ فى الاسناد.
3 - لما كان يبين من الحكم أنه عرض لدفاع الطاعن القائم على عدم علمه بوجود المخدر فى سيارته ورد عليه بأنه من غير المقبول الا يعلم بذلك وهو مالك لها وكانت يده مبسوطه عليها طوال فترة قيادتها من تركيا مخترقا بها عدة دول عربية حتى وصل بها الى أراضى الجمهورية التى قرر أنه كان يزمع قضاء أربعة أيام فقط فيها. لما كان تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها فى ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفى فى الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلى والمنطقى واذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها على النحو المتقدم بيانه - علم الطاعن بوجود المخدر المضبوط بالمخابئ السرية التى أعدت بسيارته وعلى علمه بكنهها وردت - فى الوقت ذاته - على دفاعه فى هذا الخصوص ردا سائغا فى العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم فى حقه - توافرا فعليا - فانه لا يجوز مصادرتها فى عقيدتها ولا المجادلة فى تقديرها أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الامر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة. واذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم يستقيم به اطراح دفاع الطاعن بشأن طلب اجراء معاينة السيارة وكان هذا الدفاع لا يتجه الى نفى الفعل المكون للجريمة ولا الى استحالة حصول الواقعة بل كان المقصود به اثارة الشبهة فى الادلة التى اطمأنت اليها المحكمة ويعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة باجابته فان ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة أمرت - استجابة لطلب الطاعن - بضم الحرز الخاص بأوراق ملكية السيارة وأجلت الدعوى عدة جلسات لتنفيذ هذا القرار حتى جلسة 9/ 9/ 1979 حيث أفادت النيابة العامة بعدم وجود حرز كهذا على ذمه القضيه، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن فى هذا الصدد بقوله "كما أن طلب الدفاع ضم الأوراق الخاصة بملكية السيارة فرغم أنه ثابت من خطاب النيابه المؤرخ 8/ 9/ 1979 انه ليست للمتهم أوراق مودعة على ذمة الجناية الا أن هذا الطلب لا يغير من حقيقة أن المتهم أقر بملكية السيارة ومن ثم فان المحكمة ترى ان هذه الطلبات جميعها غير منتجه فى الدفاع وتلتفت عنها". ولما كانت المحكمة قد استجابت الى طلب الطاعن وأمرت بضم أوراق ملكية السيارة تحقيقا لدفاعه فتعذر ذلك لعدم ضبطها على ذمة القضية - على نحو مااثبته الحكم المطعون فيه - وكان الطاعن لا يدعى وجودها فانه لاتثريب على المحكمة اذا هى فصلت فى الدعوى دون ان تضم هذه الأوراق ولا تكون قد أخلت بحق الدفاع لما هو مقرر من ان استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع لا يمنع من القضاء بالادانة، ما دامت الادلة فى الدعوى كافية للثبوت.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: جلب الى اراضى جمهورية مصر العربية جوهرا مخدرا (أفيونا) قبل الحصول على ترخيص كتابى بذلك من الجهة الادارية المختصة وطلبت الى مستشار الاحالة احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للمواد 1، 2، 3، 32/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند رقم 9 من الجدول رقم 1 الملحق، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات السويس قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالاشغال الشاقة المؤبده وتغريمه عشرة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث ان مبنى الطعن هو ان الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمة جلب جوهر مخدر قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الاسناد وانطوى على الاخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان التفتيش لبطلان الاذن الصادر به لابتنائه على تحريات غير جدية ولعدم تعيينه شخص المأذون بتفتيشه وسيارة الطاعن بذاتها. ولان الواقعة لم تكن فى حالة من حالات التلبس الا ان الحكم رد على هذا الدفع ردا قاصرا وغير سائغ كما أغفل كلية الرد على الدفع ببطلان اجراءات القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الاذن بهما من النيابة العامة، هذا الى أن الحكم عول - من بين ماعول - فى ادانته على أقوال شهود الاثبات التى أوردها بصورة مجملة وأغفل منها بعض الوقائع بما يوحى بتطابقها رغم تناقضها ونسب الى الشاهد..... قوله أن الشاهد الاول قام بتفتيش سيارة الطاعن وعثر فيها على المخدر فى حين أن أقواله فى التحقيقات قد خلت من ذلك اذ قرر أن تفتيش السيارة لم يسفر عن ضبط شىء فيها، كما ساق الحكم للتدليل على علم الطاعن بوجود المخدر المضبوط فى السيارة مالا يكفى لتوافر هذا العلم فى حقه ولم يرد على دفاعه فى هذا الخصوص بما يفنده، وأخيرا فان المدافع عن الطاعن طلب ندب خبير لمعاينة السيارة للوقوف على قدرة الطاعن على صنع الفجوات التى جهزت بها ومدى استيعابها لكمية المخدر المضبوط كما طلب ضم الحرز الخاص بأوراق ملكية السيارة للتحقق من أن الفترة التى مضت على تملكها تسمح للطاعن بصنع هذه الفجوات بها الا أن المحكمة لم تستجب الى طلبه ولم ترد عليه، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن تحريات المقدم..... المفتش بادارة مكافحة المخدرات بالاشتراك مع ضباط آخرين دلت على أن مجموعة من الاتراك غادروا تركيا وبحوزتهم كمية من المواد المخدرة يخفونها فى أماكن سرية بسياراتهم متجهين بها الى سوريا ومنها الى الاردن ثم الى السعودية فى طريقهم الى أراضى الجمهورية وأن أحدهم أبحر بسيارته على ظهر الباخرة القمر السعودى التى تصل الى ميناء السويس ظهر يوم 1/ 5/ 1978، وبعد عرض محضر التحريات فى هذا التاريخ على مدير عام مصلحة الجمارك وعلى النيابة العامة التى أذنت بضبط وتفتيش السيارات المشتبه فيها انتقل الضابط وفى معيته بعض رجال الجمارك ومعهم مرشد سرى الى الباخرة بعد رسوها فى الميناء وأرشدهم الأخير الى الطاعن الذى كان مستقلا سيارته متهيئا للخروج بها من الباخرة فقاموا بمتابعته حتى وصل الى الدائرة الجمركية وعندما تقدم لمباشرة اجراءات الافراج عن السيارة بدت عليه علامات الارتباك الشديد فاقتاده هؤلاء بسيارته الى مقر ادارة شرطه الميناء وقاموا بالاشتراك مع بعض الضباط الاخرين بتفتيش السيارة فعثروا بها على مخزن سرى خلف وأسفل الفانوسين الاماميين يحوى بداخله لفافة لمخدر زنتها ستة وعشرين كيلوجراما كما عثروا على أوراق نقد أجنبى لعملات مختلفة مخبأة بمحرك السيارة وعلى بعض الاجهزة والامتعة الشخصية بالحقيبه الخلفية ووجد بالسيارة دفتر مرور دولى لها باسم الطاعن وبتفتيشه عثر معه على جواز سفره وتذكرة سفره وتذكرة أخرى للسيارة باسمه وقد اثبت الضابط بمحضره المؤرخ 27/ 6/ 1978 أنه عثر بالسيارة على مخبأ سرى آخر فى الحقيبة الخلفية وجد به احدى عشر لفافة تحوى مادة الأفيون تماثل اللفافات السابق ضبطها وتزن ثلاثة عشر ونصف كيلوجراما. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة فى حق الطاعن أدلة تؤدى الى مارتب عليها مستمدة من أقوال مفتش ادارة مكافحة المخدرات ورئيس ادارة شرطة الميناء وضابط مباحث ادارة شرطة الميناء ومأمور الجمرك وأقوال الطاعن ومن تقرير المعامل الكيماويه بمصلحة الطب الشرعى عن نتيجة تحليل المواد المضبوطة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لبطلان الاذن الصادر بهما ورد عليه فى قوله "وحيث انه عن الدفوع المبداه من الدفاع والخاصه ببطلان التحريات والاذن وتبعا لذلك بطلان القبض والتفتيش فلما كان الثابت أن المتهم - الطاعن - فتش وسيارته داخل الدائرة الجمركية وتم العثور على المخدر فى 1/ 5/ 1978 بحضور أحد مأمورى الضبطية القضائية من رجال الجمارك وهو الشاهد الثانى ومن ثم فان التمسك بالدفوع سالفة البيان لاتستأهل الرد عليها وذلك لأنها تصبح من أوجه الدفاع الغير منتجة مادام التفتيش داخل الدائرة الجمركية أو فى حدود نطاق الرقابة الجمركية وهو حق مقرر لمأمور الجمرك طبقا لأحكام القانون رقم 66 لسنة 1963 والذى يستفاد من نصوص المواد من 26 الى 30 منه أن الشارع منح موظفى الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائى فى أثناء قيامهم بتأدية وظيفتهم حق تفتيش الاماكن والاشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو حتى فى حدود نطاق الرقابة الجمركية وذلك اذا قامت لديهم دواعى الشك فى البضائع أو الامتعه أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق، ولاشك فى أن ماتواترت عليه الاقوال من أن بعض الاتراك يقومون بجلب المخدرات والتى تأيدت بضبط بعض الاتراك فى قضايا مماثلة وضبط المخدرات فى أماكن سريه فى السيارات التى يحوزونها لما يثير الشك فى نفوس رجال الجمارك ويمنحهم الحق فى اجراء التفتيش وحدهم ودون اذن من النيابة العامة الامر الذى تغدو الدفوع التى أبداها الدفاع غير منتجة فى الدعوى وليست مؤثرة على سلامة الضبط والتفتيش والحال كذلك الالتفات عنها" وهذا الذى قالة الحكم المطعون فيه يكفى فى الرد على مادفع به الطاعن فى هذا الشأن ذلك أن مؤدى ماذكره الحكم أن تفتيش الطاعن وتفتيش سيارته الذى أسفر عن ضبط المخدر انماحصل داخل الدائرة الجمركية بمعرفة مأمور الجمرك ومن عاونه من مأمورى الضبط القضائى على ماتخوله القوانين لرجال الجمارك وأن شرعية تفتيش أمتعة الطاعن فى داخل الدائرة الجمركية مستمدة من قيام مظنة التهريب فى حقه لدى رجال الجمارك ولم تكن بناء على الاذن الصادر من النيابة بالتفتيش مما لم تجد معه المحكمة مبررا للبحث فى صحة ذلك الاذن أو بطلانه، ذلك أن البين من استقراء نصوص المواد 26 الى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 باصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفى الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائى فى أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الاماكن والاشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو فى حدود نطاق الرقابة الجمركية اذا ماقامت لديهم دواعى الشك فى البضائع والأمتعة ومظنه التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع - بالنظر الى طبيعه التهريب الجمركى وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير - لم يتطلب بالنسبة الى الاشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الاجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه فى احدى الحالات المبررة له فى نطاق الفهم القانونى للمبادئ المقررة فى القانون المذكور، بل أنه يكفى أن يقوم لدى الموظف بالمراقبة والتفتيش فى تلك المناطق حالة تنم عن شبهه فى توافر التهريب الجمركى فيها - فى الحدود المعرف بها فى القانون - حتى يثبت له حق الكشف عنها فاذا هو عثر أثناء التفتيش الذى يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها فى القانون العام فانه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم فى تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء اجراء مشروع فى ذاته ولم ترتكب فى سبيل الحصول عليه أية مخالفة، ولما كان من المقرر أن الشبهه فى توافر التهريب الجمركى حاله ذهنيه تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها فى العقل القول بقيام مظنه التهريب من شخص موجود فى دائرة المراقبة الجمركية, ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الاشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت الى الاشتباه فى الشخص محل التفتيش - فى حدود دائرة المراقبة الجمركية - على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها. ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أن تفتيش سيارة الطاعن الذى أسفر عن ضبط الجوهر المخدر فى مخبأ سرى بها تم داخل الدائرة الجمركية بمعرفة مأمورى الضبط القضائى ومن بينهم مأمور الجمرك بعد أن قامت لديه من الاعتبارات ما يؤدى الى الاشتباه على توافر فعل التهريب فى حق الطاعن لما دلت عليه التحريات السرية لمفتش ادارة مكافحة المخدرات ومن شاركوه فى جمعها من الضباط من أنه يحرز جواهر مخدرة يخفيها فى سيارته فان الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون فى رفضه للدفع ببطلان التفتيش لبطلان الاذن الصادر به ورد عليه ردا كافيا سائغا، ولا يؤثر فى ذلك أن يكون قد عاون مأمور الجمرك فى اجراء التفتيش بعض مأمورى الضبط القضائى بادارة مكافحة المخدرات وادارة شرطة ومباحث الميناء اذ ان لمأمور الجمرك أن يستعين فى اجراء التفتيش بمن يرى مساعدته فيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائى ماداموا يعملون تحت اشرافه واذ نتج عن التفتيش الذى أجرى دليلا يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر فانه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة اجراء مشروع قانونا، ولا محل لتعييب الحكم بالتفاته عن الرد صراحة على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الاذن بهما من النيابة طالما أنه يصبح بهذه المثابة دفاعا قانونيا ظاهر البطلان ولاعلى المحكمة ان هى التفتت عن الرد عليه، هذا فضلا عن انه لاجدوى للطاعن فيما يثيره من بطلان التفتيش الأول للسيارة لبطلان الاذن الصادر به ولحصوله قبل اصداره مادام لاينازع فى صحة التفتيش الثانى للسيارة الذى أجرى بتاريخ 27/ 6/ 1978 اذ ان ما أسفر عنه هذا التفتيش من ضبط الجوهر المخدر يحمل قضاء الحكم بادانته ويكون منعى الطاعن على الحكم فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه الى محكمة الموضوع نقدره التقدير الذى تطمئن اليه دون رقابة من محكمة النقض، وكان تناقض أقوال الشهود لايعيب الحكم مادام استخلص الادانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه، كما أن للمحكمة الا تورد بالأسباب الا ما تقيم عليه قضاءها ولها أن تأخذ من أقوال الشهود ماتطمئن اليه وتطرح ماعداه، واذ كانت المحكمة قد أوردت فى حكمها الاسباب التى أقامت عليها قضاءها بما لا تناقض فيه واطمأنت الى أقوال شهود الاثبات وحصلت مؤداها بمالا يحيدها عن معناها ويحرفها عن مواضعها وبما يكفى بيانا لوجه استدلالها بها على صحة الواقعة فان مايثيره الطاعن فى هذا المنحى لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وهو ماتستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ماحصله الحكم من أقوال الشاهد..... مأمور الجمرك وعول عليها فى ادانة الطاعن ترتد الى أصول ثابته فى تحقيقات النيابة ولم يحد الحكم عن نص ماأنبأت به أو فحواه فقد انحسرت عنه قالة الخطأ فى الاسناد. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم أنه عرض لدفاع الطاعن القائم على عدم علمه بوجود المخدر فى سيارته ورد عليه بأنه من غير المقبول الا يعلم بذلك وهو مالك لها وكانت يده مبسوطة عليها طوال فترة قيادتها من تركيا مخترقا بها عدة دول عربية حتى وصل بها الى أراضى الجمهورية التى قرر أنه كان يزمع قضاء أربعة أيام فقط فيها. ولما كان تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها فى ذلك أن تورد من الوقائع والظروف مايكفى فى الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلى والمنطقى واذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها - على النحو المتقدم بيانه - علم الطاعن بوجود المخدر المضبوط بالمخابئ السرية التى أعدت بسيارته وعلى علمه بكنهها وردت - فى الوقت ذاته - على دفاعه فى هذا الخصوص ردا سائغا فى العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم فى حقه - توافر فعليا - فانه لايجوز مصادرتها فى عقيدتها ولا المجادلة فى تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن فى شأن طلب اجراء معاينة السيارة بواسطة خبير فنى واطرحه بقوله "وحيث أنه عن طلب الدفاع معاينة السيارة بواسطة مهندس فنى لبيان عما اذا كانت الفجوات قد صممت أصلا من الشركة المنتجة للسيارة أم أدخلت عليها بعد ذلك فهو طلب غير منتج لان ذلك لا يؤثر فى كون المخدرات قد ضبطت فى هذه الفجوات السرية وهذا ثابت من الأوراق والمحكمة مطمئنة الى ذلك تماما كما أن طلب الدفاع معاينة تلك الفجوات لبيان ما اذا كان يمكن أن تحوى المخدرات المضبوطة فهو طلب غير منتج ذلك أن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان لما قرر به الشهود من أن المخدرات المضبوطة استخرجت تحت سمع وبصر شهود الاثبات جميعهم بما فيهم مأمور الجمرك". ولما كان من المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الامر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة. واذ كان ماأورده الحكم فيما تقدم يستقيم به اطراح دفاع الطاعن بشأن طلب اجراء معاينة السيارة وكان هذا الدفاع لا يتجه الى نفى الفعل المكون للجريمة ولا الى استحالة حصول الواقعة بل كان المقصود به اثارة الشبهه فى الادلة التى اطمأنت اليها المحكمة ويعتبر دفاعا موضوعيا لاتلتزم المحكمة باجابته فان مايثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة أمرت - استجابة لطلب الطاعن - بضم الحرز الخاص بأوراق ملكية السيارة وأجلت الدعوى عدة جلسات لتنفيذ هذا القرار حتى جلسة 9/ 9/ 1979 حيث أفادت النيابة العامة بعدم وجود حرز كهذا على ذمة القضية، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن فى هذا الصدد بقوله "كما ان طلب الدفاع ضم الأوراق الخاصة بملكية السيارة فرغم أنه ثابت من خطاب النيابة المؤرخ 8/ 9/ 1979 أنه ليست للمتهم أوراق مودعة على ذمة الجناية الا أن هذا الطلب لا يغير من حقيقة أن المتهم أقر بملكية السيارة ومن ثم فان المحكمة ترى ان هذه الطلبات جميعها غير منتجة فى الدفاع وتلتفت عنها". ولما كانت المحكمة قد استجابت الى طلب الطاعن وأمرت بضم أوراق ملكية السيارة تحقيقا لدفاعه فتعذر تنفيذ ذلك لعدم ضبطها على ذمة القضية - على نحو ماأثبته الحكم المطعون فيه - وكان الطاعن لا يدعى وجودها فانه لاتثريب على المحكمة اذا هى فصلت فى الدعوى دون ان تضم هذه الأوراق ولاتكون قد أخلت بحق الدفاع لما هو مقرر من ان استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع لا يمنع من القضاء بالادانة، مادامت الادلة فى الدعوى كافية للثبوت ومن ثم فان مايثيره الطاعن فى الصدد لايكون سديدا. لما كان ماتقدم فان الطعن برمته يكون على أساس متعينا رفضه موضوعا.