أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 867

جلسة 9 من يوليه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نائبي رئيس المحكمة ورضا القاضي ومحمد عيد محجوب.

(112)
الطعن رقم 16701 لسنة 66 القضائية

(1) نيابة عامة. أمر بألا وجه. دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألا وجه". استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى بعد أي تحقيق تجريه بمعرفتها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها. لا يمنع من العودة إلى التحقيق. شرط وأساس ذلك؟
سبق انتداب النيابة العامة المعمل الجنائي لمعاينة مكان الحادث. قيدها الأوراق بدفتر الشكاوى الإدارية وحفظها. حقيقته أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية.
ورود محضر التحريات كدليل جديد بعد صدور أمر بألا وجه من النيابة العامة. يجيز لها العودة إلى التحقيق ورفع الدعوى الجنائية.
(2) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
انطواء الحكم على تقريرات قانونية خاطئة. لا يعيبه. ما دامت النتيجة التي خلص إليها صحيحة ومتفقة مع التطبيق القانوني السليم.
(3) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعي الطاعن ببطلان اعتراف المتهم الآخر عليه أمام محكمة الموضوع. غير جائز إثارته أمام النقض.
(4) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الاعتراف".
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال. لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات والأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه.
البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه بطريق الإكراه. موضوعي.
(5) قبض "بطلانه". نقض "الصفة والمصلحة في الطعن".
لا صفه لغير من وقع عليه القبض أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه. علة ذلك؟
الطعن بالبطلان على الدليل المستمد من قبض أو تفتيش باطل. غير جائز إلا ممن شرعت الأوضاع القانونية لحمايتهم.
(6) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال.
1 - لما كانت المادة 213 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أن الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى وفقاً للمادة 209 - أي بعد التحقيق الذي تجريه بمعرفتها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها - لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقاً للمادة 197 وذلك قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية وقوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن قيدت الأوراق بدفتر الشكاوى الإدارية وصدر فيها أمر بالحفظ بتاريخ 11/ 11/ 1995 - هو في حقيقته أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لسبق صدور انتداب من النيابة العامة إلى المعمل الجنائي لمعاينة مكان الحادث بتاريخ 1/ 10/ 1995 وبإجراء التحريات عن الواقعة. وبتاريخ 8/ 1/ 1996 حرر محضر تحريات عن الواقعة وأسفر عما يعد أدلة جديدة لم تكن قد عرضت على النيابة العامة عند إصدارها أمرها السابق. فإن ذلك يجيز لها العودة إلى التحقيق ويطلق حقها في رفع الدعوى الجنائية على الجاني بناء على ما ظهر من تلك الأدلة التي وجدت أمامها. ويضحى معه ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
2 - من المقرر أن انطواء الحكم على تقريرات قانونية خاطئة لا يعيبه ما دامت النتيجة التي خلص إليها صحيحة وتتفق والتطبيق القانوني السليم.
3 - لما كان الطاعن لم يدفع ببطلان اعتراف المتهم الآخر عليه أمام محكمة الموضوع فإن ما يثيره في شأنه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرة لها في عقيدتها مما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على دفع المحكوم عليه الآخر ببطلان اعتراف بمحضر ضبط الواقعة لكونه وليد إكراه وقع عليه وأطرحه استناداً إلى أنه لم يقم دليل في الأوراق على ثمة إكراه وقع على المتهم المذكور ولم يثبت من مناظره السيد الأستاذ رئيس النيابة مباشر التحقيق وجود أي إصابات ظاهرة به ولم يقرر له المتهم بوجود إصابات به أو أن إكراهاً وقع عليه وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات والأخذ بالاعتراف في حق المتهم وفي حق غيره من المتهمين، في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك، كما أن لها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، فلها أن تأخذ به بغير معقب عليها ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
5 - لما كان من المقرر أنه لا صفة لغير من وقع في شأنه القبض أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة في الدفع شرط لوجود الصفة في إثارته. كما أنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز الطعن بالبطلان في الدليل المستمد من القبض أو التفتيش بسبب عدم مراعاة الأوضاع القانونية المقررة لذلك إلا ممن شرعت هذه الأوضاع لحمايتهم وكان القبض المدعي ببطلانه قد وقع على المتهم الآخر، فإنه بهذه المثابة - لا يمس حرمة من الحرمات المكفولة للطاعن ويكون النعي على الحكم بشأن تعويله على أقوال المتهم الآخر بدعوى بطلانها لأنها جاءت إثر قبض باطل، غير مقبول.
6 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه في معرض رده على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية - أن ضبط الطاعن تم بتاريخ 10/ 1/ 1996 بعد صدور أمر بذلك من سلطة التحقيق وهو ما لا يماري الطاعن في أن له أصله الثابت بالأوراق - فإن الإجراءات تكون قد تمت وفقاً لصحيح القانون، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها فإن ما يثيره الطاعن بشأن ما ورد بالحكم من أن الإذن الصادر بتاريخ 8/ 1/ 1996 بضبط المحكوم عليهما وتفتيش مسكنهما خلافاً لما ثبت به من ضبط المحكوم عليه الأول فقط وتفتيش مسكنه - بفرض تردي الحكم في هذا الخطأ - فإنه لا يمس جوهر الواقعة ولا أثر له في منطقه أو النتيجة التي خلص إليها ومن ثم، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - .... 2 - .... (طاعن) بوصف أنهما - وضعا النار عمداً بمخزن ليس مسكوناً ولا معداً للسكنى والمملوك لـ.... لأن سكبا مادة معجلة للاشتعال بالأخشاب الموجودة بداخله أسفل الجانب الأيمن من الداخل وأسفل الحائط الفاصل للجار وقاما بإيصال مصدر حراري سريع إليها فحدث الحريق المبينة آثاره بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات دمياط لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في...... عملاً بالمادة 253 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الحريق العمد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن مخالفة الثابت في الأوراق ذلك أن المدافع عنه دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية حين أمرت بقيد الأوراق بدفتر الشكاوى الإدارية فأطرح الحكم هذا الدفع بمقولة أنه لم يصدر من النيابة أمر بهذا المعنى، وعول في قضائه بالإدانة على اعتراف المتهم الأول رغم بطلانه لكونه وليد إكراه وأطرح الحكم هذا الدفع بدوره بما لا يسوغ إطراحه هذا إلى أن القبض على المتهم الأول وقع باطلاً لعدم صدور إذن من النيابة العامة بإجرائه وأورد الحكم المطعون فيه أن إذن النيابة العامة صدر بضبط المتهمين وتفتيش مسكنهما في حين لم يصدر إذن بضبط المتهمين. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الحريق العمد التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكانت المادة 213 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أن الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى وفقاً للمادة 209 - أي بعد التحقيق الذي تجريه بمعرفتها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها - لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقاً للمادة 197 وذلك قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية وقوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن قيدت الأوراق بدفتر الشكاوى الإدارية وصدر فيها أمر بالحفظ بتاريخ 11/ 11/ 1995 - هو في حقيقته أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لسبق صدور انتداب من النيابة العامة إلى المعمل الجنائي لمعاينة مكان الحادث بتاريخ 1/ 10/ 1995 وبإجراء التحريات عن الواقعة. وبتاريخ 8/ 1/ 1996 حرر محضر تحريات عن الواقعة وأسفر عما يعد أدلة جديدة لم تكن قد عرضت على النيابة العامة عند إصدارها أمرها السابق، فإن ذلك يجيز لها العودة إلى التحقيق ويطلق حقها في رفع الدعوى الجنائية على الجاني بناء على ما ظهر من تلك الأدلة التي وجدت أمامها. ويضحى معه ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد، لما هو مقرر من أن انطواء الحكم على تقريرات قانونية خاطئة لا يعيبه ما دامت النتيجة التي خلص إليها صحيحة وتتفق والتطبيق القانوني السليم. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدفع ببطلان اعتراف المتهم الآخر عليه أمام محكمة الموضوع فإن ما يثيره في شأنه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرة لها في عقيدتها مما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد رد على دفع المحكوم عليه الآخر ببطلان اعترافه بمحضر ضبط الواقعة لكونه وليد إكراه وقع عليه وأطرحه استناداً إلى أنه لم يقم دليل في الأوراق على ثمة إكراه وقع على المتهم المذكور ولم يثبت من مناظره السيد الأستاذ رئيس النيابة مباشر التحقيق وجود أي إصابات ظاهرة به ولم يقرر له المتهم بوجود إصابات به أو أن إكراهاً وقع عليه وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات والأخذ بالاعتراف في حق المتهم وفي حق غيره من المتهمين، في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك، كما أن لها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، فلها أن تأخذ به بغير معقب عليها ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا صفة لغير من وقع في شأنه القبض أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة في الدفع شرط لوجود الصفة في إثارته، كما أنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز الطعن بالبطلان في الدليل المستمد من القبض أو التفتيش بسبب عدم مراعاة الأوضاع القانونية المقررة لذلك إلا ممن شرعت هذه الأوضاع لحمايتهم وكان القبض المدعي ببطلانه قد وقع على المتهم الآخر، فإنه بهذه المثابة - لا يمس حرمة من الحرمات المكفولة للطاعن ويكون النعي على الحكم بشأن تعويله على أقوال المتهم الآخر بدعوى بطلانها لأنها جاءت إثر قبض باطل، غير مقبول. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه في معرض رده على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية - أن ضبط الطاعن تم بتاريخ 10/ 1/ 1996 بعد صدور أمر بذلك من سلطة التحقيق وهو ما لا يماري الطاعن في أن له أصله الثابت بالأوراق - فإن الإجراءات تكون قد تمت وفقاً لصحيح القانون، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها فإن ما يثيره الطاعن بشأن ما ورد بالحكم من أن الإذن الصادر بتاريخ 8/ 1/ 1996 بضبط المحكوم عليهما وتفتيش مسكنهما خلافاً لما ثبت به من ضبط المحكوم عليه الأول فقط وتفتيش مسكنه - بفرض تردي الحكم في هذا الخطأ فإنه لا يمس جوهر الواقعة ولا أثر له في منطقه أو النتيجة التي خلص إليها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.