أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 732

جلسة 20 من أكتوبر سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشار/ فوزى المملوك، وراغب عبد الظاهر، وفوزى أسعد، وعبد الرحيم نافع.

(129)
الطعن رقم 1707 لسنة 51 القضائية

1 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
طلب ضم قضية بقصد اثارة الشبهة فى أدلة الثبوت التى اطمأنت اليها المحكمة. عدم التزامها بأجابته.
2 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. واطراح ما يخالفها.
3 - اهانة محكمة. جريمة "أركانها". قذف. سب. قصد جنائى. اثبات "بوجه عام".
تحقق جريمة المادة 133/ 2 عقوبات متى كانت الأفعال أو العبارات تحمل معنى الاساءه أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة ولو لم تبلغ حد السب أو القذف.
تعمد توجيه الفاظ تحمل بذاتها معنى الاهانة. كفايته لتوافر القصد الجنائى فى تلك الجريمة.
4 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع غير المنتج فى الدعوى. اغفال تحقيقه أو الرد عليه. لا عيب.
5 - اثبات "بوجه عام" "شهود". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود. اذا قبل المتهم أو المدافع عن ذلك صراحة أو ضمنا.
6 - محكمة استئنافية "نظرها الدعوى والحكم فيها". اجراءات "اجراءات محاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام محكمة ثانى درجة أن تجرى من التحقيقات الا ما ترى لزوما لاجرائه. أو مافات محكمة أول درجة. اجراءه.
7 - اجراءات "اجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعى على الحكم بالاخلال بحق الدفاع. عدم قبوله. متى سكت المتهم عن المرافعة ولم يدع منعه من مباشرة حقه فى الدفاع.
8 - اجراءات. بطلان. تزوير "الادعاء بالتزوير". اثبات "أوراق رسمية". محضر الجلسة.
الأصل فى الاجراءات الصحة. عدم جواز الادعاء بما يخالف ما أثبت عنها بمحضر الجلسة أو الحكم الا بالطعن بالتزوير.
9 - تعويض. مسئولية مدنية "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير التعويض".
عدم بيان الحكم عناصر الضرر الذى قدر على أساسه مبلغ التعويض. لا ينال من سلامته. مادام قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببيه.
10 - مسئولية جنائية. أسباب الاباحه وموانع العقاب "استعمال حق مقرر قانونا". سب.
حكم المادة 91 من قانون المحاماه رقم 61 لسنة 1968. تطبيق لمبدأ عام. هو حرية الدفاع. بالقدر الذى استلزمه هذا الحق. تجاوز ذلك. تحقق المساءلة.
1 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن طلب ضم قضية بقصد اثارة الشبهة فى ادلة الثبوت التى اطمأنت اليها المحكمة - فضلا عن أن الحكم قد رد عليه بما يبرر اطراحه - هو طلب لا يتجه مباشرة الى نفى الفعل المكون للجريمة، فلا على المحكمة ان هى اعرضت عنه والتفتت عن اجابته، وما يثيره الطاعن فى شأنه انما ينحل فى حقيقته الى جدل فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع.
2 - لمحكمة الموضوع ان تستخلص من اقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وان تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا الى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.
3 - لا يشترط لتوفر جريمة الاهانة المنصوص عليها فى المادة 133 من قانون العقوبات ان تكون الافعال والعبارات المستعمله مشتملة على قذف او اسناد امر معين، بل يكفى ان تحمل معنى الاساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة، انه يكفى لتوافر القصد الجنائى فيها تعمد توجيه الفاظ تحمل بذاتها معنى الاهانة الى الموظف سواء اثناء تأدية الوظيفة او بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيهها.
4 - اذا كان دفاع المتهم غير منتج فى الدعوى فلا تثريب على المحكمة ان هى لم تحققه أو اغفلت الرد عليه.
5 - من المقرر انه يجوز للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود اذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوى أن يكون القبول صريحا أو ضمنيا.
6 - الأصل ان محكمة ثانى درجة انما تحكم على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات الا ما ترى لزوما لاجرائه، ولاتلتزم بسماع الشهود الا من كان يجب على محكمة أول درجة سماعهم.
7 - من المقرر انه لا ينبنى على سكوت المتهم عن المرافعة فى الجنح الطعن على الحكم بدعوى الاخلال بحق الدفاع مادام لا يدعى ان المحكمة منعته من مباشرة حقه فى الدفاع.
8 - المستفاد مما اثبت بمحاضر الجلسات أمام المحكمة بدرجتيها ان محاكمة الطاعن قد تمت بغرفة المداولة فى جلسات سرية، ولما كان الأصل فى الاجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما ثبت منها سواء فى محضر الجلسة أو فى الحكم الا بالطعن بالتزوير، فانه لا يقبل من الطاعن قوله بان محاكمته لم تجر فى جلسات سرية مادام لم يتخذ من جانبه اجراء الطعن بالتزوير فيما دون بمحاضر الجلسات عن سرية المحاكمة.
9 - من المقرر انه يكفى فى بيان وجه الضرر الموجب للتعويض ان يثبت الحكم ادانة المحكوم عليه عن الفعل الضار الذى حكم بالتعويض من أجله، ولا يقدح فى سلامته عدم بيان وجه الضرر الادبى والمادى مادام قد اثبت وقوع الفعل الضار بما يتضمن بذاته الاحاطة بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية الامر الذى يستوجب الحكم على مقارفه بالتعويض وذلك مما هو مقرر من أنه اذا كانت المحكمة قد حكمت للمدعى بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت الذى طلبه ليكون نواة للتعويض الكامل بانية ذلك على ما ثبت لها من ان المحكوم عليه هو الذى ارتكب الفعل الضار المسند اليه، فهذا يكفى لتبرير التعويض الذى قضت به.
10 - من المقرر - اعمالا للمادة 91 من قانون المحاماه رقم 61 سنة 1968 - ان مناط عدم جواز مساءلة المحامى عما يدلى به فى مرافعته الكتابية أو الشفوية ان يكون ما أورده مما يستلزمه حق الدفاع، وذلك لما هو مقرر من ان حق الدفاع من الحقوق المباحة فلا يسأل صاحبه الا اذا انحرف به واستعمله استعمالا غير مشروع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت فى حق الطاعن بالاسباب السائغة التى أوردها ان ما وجهه الى هيئة المحكمة المعتدى عليها هو الفاظ جارحه تحمل بذاتها معنى الاهانة لهيئة المحكمة وتخرج بالتالى عن مستلزمات حق الدفاع فان تعلله بان ما يدر منه كان استعمالا مشروعا لحق الدفاع عن موكلة لا يكون سديدا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم المنيا محافظتها: اهان بالقول اعضاء محكمة قضائية اثناء انعقاد الجلسة بان وجه اليهم العبارات المبينة بالأوراق. وطلبت عقابه بالمادة 133/ 2 من قانون العقوبات. وادعى المجنى عليهم مدنيا قبل المتهم ونقابة المحامين متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. ومحكمة جنح بندر المنيا قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام (أولا) فى الدعوى الجنائية بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لايقاف التنفيذ. (ثانيا) فى الدعوى المدنية: الزام المتهم أن يؤدى الى المدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف وخمسة جنيهات مقابل اتعاب المحاماه. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة المنيا الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بتغريم المتهم خمسين جنيها وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا.
من حيث ان الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث ان مبنى الطعن هو ان الحكم المطعون فيه اذ دان المحامى الطاعن بجريمة اهانة اعضاء محكمة قضائية بالقول اثناء انعقاد الجلسة، فقد اخل بحقه فى الدفاع واعتراه البطلان والقصور فى التسبيب فضلا عن الفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون - ذلك بان المحكمة بدرجتيها لم تستجب لما تمسك به من طلب ضم ملف جناية القتل 444 سنة 1977 كلى المنيا التى كان يتولى المرافعة فيها أمام الهيئة عند حدوث الواقعة، وضم بيان بأرقام القضايا التى ترافع فيها الاستاذ.... المحامى - حتى تاريخ وفاته أمام السيد رئيس تلك الهيئة وضم المحضرين 61 سنة 1966، 42 لسنة 1977 حصر عام، كما لم تستجب ايضا الى طلبه مناقشة شهود الواقعة وهم (اعضاء الهيئة وكاتب الجسة) ولم تتح له المحكمة عند رفضها لتلك الطلبات فرصة المرافعة فى موضوع التهمة المسندة اليه، ولم توفر له سرية المحاكمة طبقا للمادة 97 من قانون المحاماه، كذلك فقد دانه الحكم المطعون فيه بجريمة خطف ملف القضية التى لم ترد فى وصف التهمة، كما لم يتضمن الوصف بيان الفاظ الاهانة وهو نقص لم يتداركه اى من الحكمين الابتدائى او الاستئنافى الذى ايده، هذا الى ان القاضى الذى اصدر الحكم الابتدائى من ابناء المنيا ومتوطن بها شأنه فى ذلك شأن السيد رئيس الهيئة المعتدى عليها وكلاهما ينطبق عليه سلبيات توطين رجال القضاء التى تحدث عنها الطاعن فى المقالين اللذين نشرهما بالصحف فى نقد سياسة وزارة العدل فى تحديد مقار عمل رجال القضاء فى مواطنهم وفى نقد اندماج القاضى فى مجتمعه، كذلك فقد اعطى الحكم الابتدائى تاريخ اليوم التالى للجلسة المحددة للنطق به واعطى الحكم الاستئنافى المطعون فيه تاريخ اليوم السابق على يوم الجلسة المحددة لصدوره، وخلا كلاهما من التعرض لدفاع الطاعن ولم يعرضا عند بيان صورة الواقعة لما اعترى اقوال شهود الاثبات من تناقض فى هذا الشأن، كما تناقضت اسباب الحكم المطعون فيه مع أسباب الحكم الابتدائى الذى ايده فيما يتعلق بما اسنده الحكم الابتدائى الى الطاعن من اختطافه ملف الجناية والالقاء به تجاه منصة الهيئة، وخلت اسباب الفصل فى الدعوى المدنية من تحديد اركان المسئولية التقصيرية التى اجيب على اساس توافرها طلب التعويض، كذلك فقد اعتبر الحكم المطعون فيه الواقعة المسندة الى الطاعن - وهى مجرد مألوف فى الرأى أمام المحاكم - جريمة اهانة معاقبا عليها واعتبر مابدر منه اشارة الى الافراج عن المتهمين فى القضايا التى كان يترافع فيها الاستاذ...... المحامى امام الهيئه المجنى عليها طعنا فى ذمة المحكمة حال انه لم يقصد بها الا التذكير بما درجت عليه من تقدير مختلف فى الحبس والافراج، واعتبر الحكم ماصدر منه - وهو يندرج ضمن حق الدفاع المكفول للمحامى طبقا للمادة 91 من قانون المحاماه - جريمة اهانة، واعتد فى الادعاء المدنى المقام من الهيئة المجنى عليها بتوكيل اعضاء تلك الهيئة لاثنين من المحامين ممن يترافعون أمامها رغم بطلان تلك الوكالة، كما اخذ ايضا بعقد الوكالة الصادر منهم للاستاذ...... المحامى على صوريته، ولم يقض باعتبارهم تاركين للدعوى المدنية مع ثبوت تخلفهم عن حضور جلستى 5/ 3/ 1977، 30/ 4/ 1977، وفى كل ذلك مايعيب الحكم بما يوجب نقضه والاحالة.
وحيث ان البين من مدونات الحكم الابتدائى الذى اخذ الحكم المطعون فيه باسبابه فيما يتعلق بثبوت التهمة انه رفض طلب ضم الجناية 444 لسنة 1967 كلى المنيا لان الطاعن لم يهدف من ذلك الا الى اطلاع المحكمة على عبارات أعرب فيها عن احترامه للهيئة المعتدى عليها، لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن طلب ضم قضية بقصد اثارة الشبهة فى أدلة الثبوت التى اطمأنت اليها المحكمة - فضلا عن أن الحكم قد رد عليه يما يبرر اطراحه - هو طلب لا يتجه مباشرة الى نفى الفعل المكون للجريمة، فلا على المحكمة ان هى اعرضت عنه والتفتت عن اجابتة، ومايثيره الطاعن فى شأنه انما ينحل فى حقيقته الى جدل فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكانت صورة الواقعة كما استخلصها الحكم المطعون فيه ان الطاعن اقتحم غرفة المداولة على هيئة المحكمة بعد ان اصدرت قرارها باستمرار حبس المتهم الذى ترافع عنه ملتمسا اخلاء سبيله فى الجناية 5896 سنة 1976 أبو قرقاص، والقى بملف القضية تجاه المنصة التى يجلس اليها اعضاء المحكمة فتبعثرت أوراقها، ووجه اليها عبارات ندد فيها بالقرار الذى اصدرته باستمرار حبس المتهم ووصفه بمجافاة العدالة كما أعرب عن اعتزامه الكف عن المرافعة أمام الهيئة فى قضايا أخرى لانها لم تعد تصدر قرارات بالافراج عن المتهمين المحبوسين بعد وفاة الاستاذ..... المحامى وانه يزمع التقدم بشكوى فى هذا الشأن الى وزير العدل، ولما كانت كل من جزئيات هذه الواقعة بما فيها التنديد بقرار المحكمة باستمرار حبس المتهم ووصفها بالبعد عن العدالة تتوافر به جميع العناصر المكونة لجريمة الاهانة التى دين الطاعن بها فانه لا يعيب الحكم عدم استجابته الى طلب ضم كشوف القضايا التى حضر فيها المرحوم الأستاذ..... المحامى امام الهيئة المجنى عليها تحقيقا لوجهة نظر الطاعن فى القرارات الصادرة لصالح هذا المحامى، وذلك لما هو مقرر من انه اذا كان دفاع المتهم غير منتج فى الدعوى فلا تثريب على المحكمة ان هى لم تحققه او اغفلت الرد عليه اما عن طلب الطاعن ضم الشكويين رقمى 61 سنة 1966، 42 سنة 1977 حصر عام فان البين من محاضر الجلسات انه لم يوضح سبب هذا الطلب ومرماه منه ومن ثم فانه يغدو طلبا مجهلا لاتثريب على المحكمة ان هى سكتت عنه ايرادا له وردا عليه مادامت قد اطمأنت الى مااوردتة من أدلة الثبوت فى الدعوى. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن لم يتمسك بجلسة المرافعة الاخيرة (3/ 4/ 1978) بطلب سماع الشهود ضمن طلباته الختامية المبدأة بتلك الجلسة، وكان من المقرر انه يجوز للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود اذا ماقبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوى ان يكون القبول صريحا أو ضمنيا، وكان الأصل ان محكمة ثانى درجة انما تحكم على مقتضى الأوراق وهى لاتجرى من التحقيقات الا ماترى لزوما لاجرائه، ولاتلتزم بسماع الشهود الا من كان يجب على محكمة أول درجة سماعهم، فاذا لم تر من جانبها حاجة الى سماعهم, وكان الطاعن قد عد متنازلا عن حقه بسكوته عن التمسك بهذا الطلب أمام محكمة اول درجة، فان منعاه على الحكم بدعوى الاخلال بحق الدفاع لعدم سماع اعضاء هيئة المحكمة المعتدى عليها وسكرتيير الجلسة يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر انه لاينبنى على سكوت المتهم عن المرافعة فى الجنح الطعن على الحكم بدعوى الاخلال بحق الدفاع مادام لايدعى ان المحكمة منعته من مباشرة حقه فى الدفاع، فان ماينعاه الطاعن على الحكم من انه لم يبد دفاعه فى موضوع التهمة لايكون له محل. لما كان ذلك، وكان المستفاد مما اثبت بمحاضر الجلسات امام المحكمة بدرجتيها ان محاكمة الطاعن قد تمت بغرفة المداولة فى جلسات سرية، ولما كان الاصل فى الاجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ماثبت منها سواء فى محضر الجلسة أو فى الحكم الا بالطعن بالتزوير، فانه لايقبل من الطاعن قوله بأن محاكمته لم تجر فى جلسات سرية مادام لم يتخذ من جانبه اجراء الطعن بالتزوير فيما دون بمحاضر الجلسات عن سرية المحاكمة، ويكون منعاه على الحكم فى هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقام قضاءه على قوله "ان المتهم تلفظ بالفاظ تحط من كرامة هيئة المحكمة اذ انها تمس ضميرها فى القرارات التى تصدرها وهى تشير دون لبس أو غموض الى ان القرارات كانت تصدر مجاملة للمرحوم...... المحامى دون غيره وهى الفاظ واضحة الدلالة على وقوع الاهانة بالقول، بل ان المتهم قد افصح صراحة امام النيابة بما ذهب اليه من حوار دار بينه وبين السيد رئيس الدائرة ينبئ عن اعترافه بوقوع قول الاهانة منه وبانه يحق له ان يجادل المحكمة فى قرار اصدرته وبالفاظ تجرح كرامتها وتحط من عملها وتشكك فى ذمتها وعلى ذلك فالاتهام قائم على سند صحيح من القانون محمول على دليل تطمئن اليه المحكمة، ولا شك ان دفاع المتهم الوارد فى مذكرته هو محاولة يائسة فى محاولة تفسير ماادلى به من الفاظ وانه ماقصد اهانة المحكمة ذلك ان المحكمة لاتبحث عن الباعث الذى دفع المتهم الى التفوه بها لان الباعث ليس ركنا فى الجريمة، ولاشك ان المتهم وهو محام ملم بالقانون ويزن كل مايتفوه به على دراية كافية بعمل القضاء ونزاهته ويعلم الضمانات التى كفلها القانون للمتقاضين والمحامين والطرق العديدة التى رسمها حماية لهم فما كان له ان يجرح كرامة المحكمة بالفاظ مهينة". ولما كان يبين من اسباب هذا الحكم انه انما دان الطاعن بجريمة اهانة اعضاء محكمة قضائية بتوجيه عبارات جارحة اليها فلا يعيبه مااورده فى بيان الواقعة من اقتحام الطاعن غرفة المداولة والقاء ملف الدعوى تجاهم اذ لا يعد ذلك اسناد فعل الى المتهم لم ترفع به الدعوى ولكنه مجرد سرد لتفصيلات الواقعة ومجريات احداثها كما استبانت للمحكمة صورتها الصحيحة اخذا من كافة الظروف والادلة التى طرحت بالجلسة ودارت على اساسها المرافعة، وهى من بعد لم تسائل الطاعن الا عن جريمة الاهانة بالقول التى رفعت بها الدعوى ويكون نعى الطاعن على الحكم بانه دانه عن جريمة لم ترفع بها الدعوى غير صحيح. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة بدرجيتها ان الطاعن لم يأخذ على قرار النيابة باسناد الاتهام اليه خلوه من بيان الفاظ الاهانة وكان هذا القرار سابقا على المحاكمة فانه لايقبل من الطاعن اثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لتوفر جريمة الاهانة المنصوص عليها فى المادة 133 من قانون العقوبات ان تكون الافعال والعبارات المستعملة مشتملة على قذف أو اسناد أمر معين، بل يكفى ان تحمل معنى الاساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة، وانه يكفى لتوافر القصد الجنائى فيها تعمد توجيه الفاظ تحمل بذاتها معنى الاهانة الى الموظف سواء أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيهها، ولما كانت العبارات التى اثبت الحكم صدورها من الطاعن للمحكمة المعتدى عليها اثناء انعقادها بالجلسة تفيد بذاتها قصد الاهانة، فان ماينعاه، الطاعن على الحكم من خلوه من الفاظ الاهانة، وانه لم يقصد بتوجيهها اهانة المحكمة لايكون له اساس. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يتخذ مما أورده فى أسباب الطعن عن عمل القاضى الذى أصدر الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه بدائرة محكمة المنيا وهو من أبناء تلك المحافظة، ومما اسماه اندماج القاضى فى مجتمعه، سببا لرده، وكانت حالات عدم صلاحية القضاه قد وردت فى المواد 146 قانون المرافعات و247 من قانون الاجراءات الجنائية، 75 من قانون السلطة القضائية 46 لسنة 1972 وليس من بينها عمل القاضى بمحكمة تقع فى موطنه أو اندماجه فى مجتمعه فان منعى الطاعن ببطلان الحكم المطعون فيه المحمول على هذا السبب لايكون صائبا. لما كان ذلك، وكان المستفاد من محاضر الجلسات وديباجتى الحكمين الابتدائى والاستئنافى المطعون عليه انه تحدد للنطق باولهما جلسة 8/ 5/ 1978 ثم تأجل النطق به لجلسة 15/ 5/ 1978 التى صدر بها، وان ثانيهما صدر بجلسة 31/ 1/ 1979 المحددة لاصداره، فيكون النعى على الحكمين بعدم مطابقة تاريخى اصدارها للجلستين المحددتين لذلك قائما على غير أساس صحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن ان يكون واضحا محددا, وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية الدفاع الذى يقول ان الحكم اغفل التعرض له حتى يتضح مدى أهميته فى الدعوى المطروحة فان مايثيره عن هذا الاغفال لايكون مقبولا. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع ان تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وان تطرح مايخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا الى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها اصلها فى الأوراق ولها كامل الحرية فى ان تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة من أى دليل تطمئن اليه طالما ان لهذا الدليل مأخذه الصحيح فى الأوراق وان تحصل أقوال الشهود وتفهم سياقها وتستشف مراميها مادامت فيما تحصل لاتحرف الشهادة عن مضمونها، بل ان تناقض الشهود أو تضاربهم فى أقوالهم بفرض حصوله لايعيب الحكم أو يقدح فى سلامته مادام الحكم قد استخلص الحقيقة من تلك الاقوال استخلاصا سائغا لاتناقض فيه. لما كان ذلك، وكان النعى على الحكم بانه لم يوضح - فى بيانه لصورة الواقعة كما اعتنقتها المحكمة - تناقضات الشهود الذين عول على أقوالهم لايكون مقبولا. لما كان ذلك, وكان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - انه متى أورد الحكم الاستئنافى أسباب جديدة لقضائه، وقرر فى الوقت ذاته انه يأخذ باسباب الحكم الابتدائى كاسباب مكملة له - كما هو الحال فى الدعوى الماثلة - فان ذلك مفاده أنه يأخذ بها فيما لايتناقض مع أسبابه الجديدة، واذ كان ماأورده الحكم المطعون فيه من توجيه الطاعن الى هيئة المحكمة عبارات مهينة وجارحة تمس نزاهتها وعدالتها مفاده عدم أخذه بما جاء باسباب الحكم الابتدائى بخلاف ذلك، ومن فان مايعيبه الطاعن على أسباب الحكم الابتدائى فى هذا الخصوص لايصادف محلا فى الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه فى الدعوى المدنية على ان كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض عملا بالمادة 163 مرافعات وان تحديد التعويض خاضع لتقدير المحكمة ويشمل الضررين الادبى والمادى معا عملا بالمادتين 221، 222 من القانون المدنى، وان المتهم قد أرتكب خطأ ماثلا فى ثبوت التهمة قبله، وانه قد ترتب عليه ضرر أدبى لحق المدعين بالحق المدنى وان التعويض المؤقت المطلوب قائم على أساس صحيح وانتهى الحكم المطعون فيه الى تأييد الحكم الابتدائى فيما قضى به فى الدعوى المدنية. لما كان ذلك، وكان ه لجلسة 15/5/1978 التي صدر بها، وأن المواد 146 قانون المرافعات و247 من قامن المقرر انه يكفى فى بيان وجه الضرر الموجب للتعويض ان يثبت الحكم ادانة المحكوم عليه عن الفعل الضار الذى حكم بالتعويض من اجله، ولايقدح فى سلامته عدم بيان وجه الضرر الادبى والمادى مادام قد اثبت وقوع الفعل الضار بما يتضمن بذاته الاحاطة باركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية الامر الذى يستوجب الحكم على مقارفه بالتعويض وذلك لما هو مقرر من أنه لما كانت المحكمة قد حكمت للمدعى بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت الذى طلبه ليكون نواة للتعويض الكامل الذى سيطالب به بانية ذلك على ماثبت لها من أن المحكوم عليه هو الذى ارتكب الفعل الضار المسند اليه، فهذا يكفى لتبرير التعويض الذى قضت به، ويكون منعى الطاعن على الحكم بالقصور لعدم بيان أركان المسئولية النفصيرية غير صحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر - اعمالا للمادة 91 من قانون المحاماه رقم 61 سنة 1968 - ان مناط عدم جواز مساءلة المحامى عما يدلى به فى مرافعته الكتابية أو الشفوية ان يكون ماأورده مما يستلزمه حق الدفاع، وذلك لما هو مقرر من ان حق الدفاع من الحقوق المباحة فلا يسأل صاحبه الا اذا انحرف واستعمله استعمالا غير مشروع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت فى حق الطاعن بالاسباب السائغة التى أوردها ان ماوجهه الى هيئة المحكمة المعتدى عليها هو الفاظ جارحة تحمل بذاتها معنى الاهانة لهيئة المحكمة وتخرج بالتالى عن مستلزمات حق الدفاع فان تعلله بان مابدر منه كان استعمالا مشروعا لحق الدفاع عن موكله لايكون سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه - اخذا بما لاتعارض فيه مع اسبابه - قد عرض لما اثاره الطاعن من بطلان حضور المحاميين اللذين نابا عن المدعين بالحق المدنى فى مباشرة دعواهم المدنية تأسيسا على ان الهيئة المعتدى عليها تنظر القضايا التى يترافعان فيها عن وكلائهما وان التوكيل الصادر من اعضائها لهما ينطوى على مخالفة للقانون، وقد اطرح الحكم هذا الدفاع بان الثابت من أوراق الدعوى ان المدعين بالحق المدنى قد وكلوا الاستاذ..... المحامى فى الحضور عنهم فى الدعوى المدنية التى أقاموها بطلب تعويض مؤقت عن الضرر الذى حاق بهم من الجريمة واجازوا له ينيب عنه من يشاء من المحامين وانه عهد الى كل من الاستاذين.... و.... المحاميين بالحضور عنه فى الدعوى، وان ذلك تم فى نطاق ماتخوله المادة 90 من قانون المحاماه التى تجيز للمحامى سواء أكان خصما أصلا أو وكيلا فى دعوى ان ينيب عنه فى الحضور أو المرافعة أو أى اجراء من اجراءات التقاضى محاميا آخر تحت مسئوليته، وخلص الحكم الى ان دفاع المتهم ببطلان تلك الوكالة لايقوم على سند من القانون، ولما كان ماأورده الحكم صائبا وكافيا لاطراح دفاع الطاعن ببطلان عقد الوكالة اذ ليس ثمة من قيد فى القانون على حرية القاضى فى ان يتخير المحامى الذى يمثله فى دعوى أمام القضاء، فان نعى الطاعن على الحكم بخطئه فى القانون لعدم ابطال عقد الوكالة يكون بعيدا عن محجة الصواب. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها ان الطاعن لم يدفع بصورية عقد الوكالة الصادر من المدعين بالحق المدنى الى الاستاذ..... المحامى فليس له من من بعد ان يبدى هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يحتاجه من تحقيق موضوعى يخرج عن ولايتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقا لنص المادة 261 من قانون الاجراءات الجنائية ان المدعى بالحقوق المدنية يعتبر تاركا لدعواه المدنية اذا تخلف عن الحضور أمام المحكمة بغير عذر مقبول بشرط ان يكون قد اعلن لشخصه، والحكمة من اشتراط الاعلان لشخص المدعى هو التحقق من علمه اليقينى بالجلسة المحددة لنظر الدعوى، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ان المجنى عليهم وهم اعضاء هيئة المحكمة المعتدى عليها ادعوا مدنيا عند قيام النيابة العامة باجراء التحقيق فى الدعوى وقبلوا فى التحقيق بهذه الصفة ومن ثم فاحالة الدعوى الجنائية الى المحكمة تشمل الدعوى المدنية تطبيقا للمادة 251/ 3 من قانون الاجراءات الجنائية ويتعين اعلانهم بالجلسة التى تحددت لنظر الدعويين ولا يصح فى القانون اعتبارهم تاركين لدعواهم المدنية مالم يعلنوا لاشخاصهم. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر الجلسات أمام محكمة أول درجة ان المدعين بالحق المدنى تخلفوا عن حضور جلستى 26/ 3/ 1977، 30/ 4/ 1977 واذ تأجلت الدعوى لجلسة 11/ 6/ 1977 لاعلانهم لاشخاصهم فقد حضروا. ولما كان الطاعن لايزعم فى أسباب طعنه بانهم اعلنوا قبل تلك الجلسة لاشخاصهم كما يبين من محاضر الجلسات أنه لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بحصول مثل هذا الاعلان، فان الحكم المطعون فيه اذ قضى فى موضوع الدعوى المدنية بالتعويض المؤقت المطلوب للمدعين بالحق المدنى يكون صائبا ويكون منعى الطاعن عليه بالخطأ فى تطبيق القانون اذ لم يقض باعتبارهم تاركين لدعواهم المدنية غير سديد. لما كان ماتقدم، فان الطعن برمته يكون قائما على غير أساس متعين الرفض موضوعا مع مصادرة الكفالة عملا بنص المادة 36 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمه النقض الصادر بالقانون رقم 57 سنة 1959.