مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السادس (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1942 لغاية 29 أكتوبر سنة 1945) - صـ 90

جلسة 4 يناير سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة سيد مصطفى بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: منصور إسماعيل بك وجندي عبد الملك بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

(65)
القضية رقم 163 سنة 13 القضائية

إثبات. ادعاء المتهم تزوير ورقة من الأوراق المقدّمة في الدعوى كدليل ضدّه. مطالبته بالطعن بالتزوير في هذه الورقة. لا تصح ولو كانت الورقة من الأوراق الرسمية. مناط الإثبات في المواد الجنائية. اقتناع القاضي واطمئنانه. لا يجوز أن يتقيد القاضي في ذلك بالقيود الخاصة بالأدلة القانونية الموضوعة للمواد المدنية. مثال في دعوى اختلاس أشياء محجوزة.
إذا كان المتهم بالاختلاس قد تمسك أمام المحكمة بأن المحجوز موجود، وأن قول المحضر إنه خاطبه شخصياً غير صحيح، وكان قد أظهر للمحكمة - بناء على طلبها - استعداده للطعن بالتزوير في المحضر المحرّر عن التبديد، فإن حكمها بإدانته بناء على هذا المحضر دون أن تتحدّث عن دفاعه يكون قاصراً في بيان الأسباب، منطوياً على تفهم للقانون على غير وجهه الصحيح. ذلك لأن المتهم متى ادعى أثناء محاكمته تزوير ورقة من الأوراق المقدّمة في الدعوى كدليل فلا يصح قانوناً مطالبته - ولو كانت الورقة من الأوراق الرسمية - بأن يطعن بالتزوير وإلا اعتبرت الورقة صحيحة فيما تشهد به عليه، إذ مناط الإثبات في المواد الجنائية هو - بحسب الأصل - اقتناع القاضي واطمئنانه إلى ذات الدليل المقدّم إليه. وذلك يجب معه ألا يكون القاضي، وهو يفصل في إدانة المتهم أو براءته، مقيداً بأي قيد من القيود الخاصة بالأدلة القانونية الموضوعة في القانون للمواد المدنية. وإذن فقد كان على المحكمة أن تحقق دفاع المتهم، كما تحقق سائر الدفوع، وتقول كلمتها فيه، وما دامت هي لم تفعل في ظروف تدل على أنها رأت نفسها مقيدة فيها بمسألة قانونية فذلك يكون خطأ منها، ويكون حكمها معيباً متعيناً نقضه.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ إذ اعتمد في قضائه على محضر التبديد بعد أن تمسك الدفاع بعدم صحته وبأنه مستعد للطعن فيه بالتزوير.
وحيث إن الثابت بمحضر الجلسة المحاكمة أن محامي الطاعن تمسك أمام المحكمة الاستئنافية بأن البقرة المحجوزة موجودة، وأن قول المحضر إنه خاطب الطاعن غير صحيح إذ هو لم يقابله فسألته المحكمة عما إذا كان مستعداً للطعن بالتزوير في محضر المحضر فأجاب بالإيجاب. ثم صدر الحكم الاستئنافي بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه.
وحيث إن الحكم الابتدائي أدان الطاعن وقال في ذلك :"إن التهمة ثابتة قبل المتهم من محضر الحجز المؤرخ في 30 يوليه سنة 1941 الثابت به أن المحضر أوقع حجزاً قضائياً ضد المتهم على الأشياء المبينة به وعين المتهم حارساً عليها وحدّد للبيع يوم 13 سبتمبر سنة 1941 ومن التحقيقات الثابت فيها أن المتهم لم يقدّم المحجوزات للبيع في اليوم المحدّد لذلك رغم عد قيامه بسداد الأموال المحجوز من أجلها ومن محضر التبديد الثابت به أن المحضر بحث عن المحجوزات فلم يجدها وعقاب المتهم ينطبق على المادتين 341 و342 عقوبات".
وحيث إنه ما دام الدفاع عن الطاعن قد تمسك أمام المحكمة بأن المحضر لم يقابله فإنه بذلك يكون قد رأى أن ما أثبته المحضر في محضره من أنه قابل الطاعن دليلاً مهماً عليه عمل على تفنيده، وما دامت المحكمة من جانبها قد رأت أهمية ذلك الذي أثبته المحضر كدليل في الدعوى حتى إنها طالبت الطاعن بأن يطعن فيه بالتزوير – ما دام ذلك فإن الحكم إذ بني على محضري الحجز والتبديد دون أن تتحدّث المحكمة فيه عما تمسك به الطاعن من عدم مقابلة المحضر له وتبين هل هو صحيح أو غير صحيح يكون قد جاء قاصراً في بيان الأسباب التي أقيم عليها منطوياً على تفهم المحكمة القانون على غير وجهه الصحيح، ذلك لأن المتهم متى ادعى أثناء محاكمته تزوير ورقة من الأوراق المقدّمة في الدعوى فلا يصح قانوناً مطالبته، ولو كانت الورقة من الأوراق الرسمية، بأن يطعن بالتزوير وإلا كانت الورقة صحيحة فيما تشهد به عليه، فإن مناط الإثبات في المواد الجنائية هو - بحسب الأصل - اقتناع قاضي الدعوى واطمئنانه إلى ذات الدليل المقدّم إليه مما يجب معه، وهو يفصل في إدانة المتهم أو براءته، أن لا يكون مقيداً بأي قيد من القيود الخاصة بالأدلة القانونية الموضوعة في القانون للمواد المدنية. ومتى كان هذا مقرراً فإنه كان على المحكمة أن تحقق دفاع الطاعن كما تحقق سائر الدفوع وتقول كلمتها. أما وهي لم تفعل - في ظروف تدل على أنها رأت نفسها مقيدة بمسألة قانونية وذلك خطأ منها كما مر القول - فإن حكمها يكون معيباً مستوجباً نقضه.