أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 763

جلسة 27 من أكتوبر سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فوزى المملوك، وراغب عبد الظاهر، وفوزى أسعد، وحسن غلاب.

(133)
الطعن رقم 1424 لسنة 51 القضائية

1 - اجراءات "اجراءات المحاكمة. مستشار الاحالة". احالة "احالة الدعوى الجنائية".
- الاحالة من مراحل التحقيق. للمحكمة استكمال ما فات مستشار الاحالة من اجراءات التحقيق.
2 - محكمة الجنايات "نظرها الدعوى والحكم فيها". قضاه صلاحيتهم للحكم.
- اصدار محكمة الجنايات أمر بالقبض على المتهم وحبسه لا يفيد انها كونت رأيها فى الدعوى قبل اكمال نظرها.
3 - حكم بياناته. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- الخطأ المادى لا يؤثر فى سلامة الحكم.
مثال لخطأ مادى.
4 - اثبات "بوجه عام". قرائن. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- حق محكمة الموضوع فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من كافة العناصر المطروحة عليها واطراح ما يخالفها.
5 - اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- حق محكمة الموضوع فى تكوين اقتناعها من أى دليل تطمئن اليه. مادام له مأخذه من الأوراق.
6 - اثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- وزن أقوال الشهود. موضوعى.
7 - اثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- تناقض رواية الشهود فى بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
8 - اثبات "بوجه عام". شهادة. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
- حق المحكمة الأخذ بأقوال الشاهد بالتحقيق. ولو خالفت أقواله أمامها.
9 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- أغفال ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بن الدليلين القولى والفنى. لا يعيب الحكم مادام قد اورد فى مدوناته ما يفيد الرد عليه. أساس ذلك.
10 - قتل عمد. قصد جنائى. اثبات "بوجه عام".
- قصد القتل أمر خفى. ادراكه من ظروف الدعوى وملابساتها.
11 - دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دعوى جنائية. نظرها والحكم فيها. "قتل عمد".
- الطلب الذى تلتزم المحكمة بأجابته؟
12 - اجراءات "اجراءات التحقيق". اثبات "بوجه عام". قتل.
- اجراءات التحريز. تنظيمية. عدم ترتيب البطلان على مخالفتها.
13 - اثبات. "معاينة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
- عدم التزام المحكمة بأجابة طلب المعاينة الذى لا يتجه الى نفى الفعل أو اثبات استحالة حصوله.
1 - قضاء محكمة النقض قد استقر على اعتبار الاحالة من مراحل التحقيق، وان المحكمة هى جهة التحقيق النهائى ويجوز للمتهم ان يطلب منها استكمال ما فات مستشار الاحالة من اجراءات التحقيق وابداء دفاعه بشأنها أمامه ومن ثم فلا محل للقول بوجود ضرر يستدعى بطلان قرار الاحالة والا ترتب على البطلان اعادة الدعوى الى جهة التحقيق من بعد اتصالها بالمحكمة وهو غير جائز.
2 - لما كانت المادة 380 من قانون الاجراءات الجنائية تنص على ان "لمحكمة الجنايات فى جميع الاحوال ان تأمر بالقبض على المتهم واحضاره ولها ان تأمر بحبسه احتياطيا، وان تفرج بكفالة أو بغير كفالة عن المتهم المحبوس احتياطيا. فانه لاوجه لما يقوله الطاعن من أن المحكمة كونت رأيها فى الدعوى قبل اكمال نظرها باصدارها الأمر بالقبض عليه وحبسه.
3 - لما كانت ديباجة الحكم المطعون فيه قد تضمنت عبارة "وبجلسة اليوم نظرت الدعوى على الوجه الموضح تفصيلا بمحضر الجلسة" الا أنه من الواضح ان المعنى المقصود من ذلك هو ان اجراءات نظر الدعوى وردت تفصيلا بمحاضر جلسات المحاكمة، ولا يعدو ماورد من خطأ فى ديباجة الحكم ان يكون خطأ ماديا لايؤثر فى سلامته.
4 - لمحكمة الموضوع ان تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى, حسبما يؤدى اليه اقتناعها، وان - تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا الى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.
5 - للمحكمة كامل الحرية فى ان تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أى دليل تطمئن اليه طالما ان هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق.
6 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن اليه.
7 - تناقض رواية الشهود فى بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أويقدح فى سلامته مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقضا فيه.
8 - لمحكمة الموضوع ان تأخذ بأقوال الشاهد بالتحقيقات ولو خالفت أقواله أمامها.
9 - من المقرر انه ليس بلازم ان يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين ما دام ان ما أورده فى مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع اذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما ان الرد يستفاد من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
10 - من المقرر ان قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر انما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذه النية موكول الى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية.
11 - الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع باجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والاصرار عليه فى طلباته الختامية.
12 - اجراءات التحريز انما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلانا. بل ترك الأمر فى ذلك الى اطمئنان المحكمة الى سلامة الدليل.
13 - اذ كان ماأورده الحكم فيما تقدم يستقيم به اطراح دفاع الطاعن بشأن طلب اجراء المعاينة وكان هذا الدفاع لا يتجه الى نفى الفعل المكون للجريمة ولا الى استحالة حصول الواقعة بل كان المقصود به اثارة الشبهة فى الادلة التى اطمأنت اليها المحكمة ويعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم بأجابته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بانه بدائرة قسم كفر الشيخ محافظتها (أولا) قتل..... و.... عمدا مع سبق الاصرار والترصد بأن بيت النية على قتل الاول وأعد لذلك سلاحا ناريا "مسدسا" وتربص له فى المكان الذى أيقن تواجده فيه وما ان ظفر به حتى أطلق عليه أعيرة نارية قاصدا من ذلك قتله فاحدث بهما الاصابات المبينة باشارة الطب الشرعى والتى أودت بحياتهما. (ثانيا) شرع فى قتل كل من السيدة.... و.... و.... و..... عمدا مع سبق الاصرار والترصد بان بيت النية على قتل المجنى عليه الاول سالف الذكر وتربص له فى المكان الذى أيقن تواجده فيه وما ان ظفر به حتى أطلق عليه أعيرة نارية قاصدا من ذلك قتله فحدثت اصابات المجنى عليهم سالفى الذكر المبينة بالتقارير الطبية وخاب اثر الجريمة لسبب لا دخل لارادة الجانى فيه هو مداركة المجنى عليهم بالعلاج. (ثالثا) أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا "مسدس". (رابعا) أحرز ذخائر مما تستعمل فى السلاح النارى سالف الذكر حالة كونه غير مرخص له بحيازته أو احرازه. (خامسا) أحدث عمدا بـ...... و...... الاصابات المبينة بالتقريرين الطبيين والتى أعجزتها عن أشغالهما الشخصية مدة لاتزيد عن عشرين يوما وكان ذلك عن سبق اصرار. وطلبت من مستشار الاحالة احالته الى محكمة الجنايات لمعا قبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة فقرر ذلك فى 11 يناير سنة 1979. وادعت..... أرملة المجنى عليه - مدنيا بمبلغ مائة وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضوريا عملا بالمواد 45 و46/ 1 و230 و231 و232 و242 و17 و32 من قانون العقوبات ومواد قانون السلاح بمعاقبة المتهم بالاشغال الشاقة المؤبدة والمصادرة والزامه ان يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ مائة وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية وعشرة جنيهات مقابل اتعاب المحاماه.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض. وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا.
من حيث ان الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث ان مبنى الطعن هو ان الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجرائم القتل العمد والشروع فيه مع سبق الاصرار والترصد واحراز سلاح نارى وذخائر بغير ترخيص فقد شابه البطلان والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب وانطوى على اخلال بحق الدفاع ذلك بان الدعوى أحيلت الى محكمة الجنايات قبل ورود التقارير الطبية بما يكشف عن عدم تكامل مقومات الجرائم المسندة الى الطاعن، وعندما طلب الحاضر مع الطاعن التأجيل لضم هذه التقارير واجابته المحكمة الى هذا الطلب أمرت بالقبض على الطاعن وحبسه على ذمة القضية بما مفاده ان المحكمة كونت عقيدتها مقدما بادانته قبل الانتهاء من نظر الدعوى كما أنها اشارت فى حكمها الى ماتم فى جلسات سابقة على انه تم فى الجلسة الاخيرة وقد عولت المحكمة على ماورد بقائمة شهود الاثبات عن أقوال هؤلاء الشهود مع ان أقوالهم جاءت متعارضة وعدلوا عنها أمامها فضلا عن ان احدا منهم لم ير كيفية وقوع الحادث وجاءت رواياتهم غير متفقة مع الدليل الفنى سواء من حيث مسافة الاطلاق أو مستواه، كما لم يستظهر الحكم بأدلة كافية توافر نية القتل لدى الطاعن. وعلى الرغم مما تمسك به الدفاع من ضرورة نسخ التقارير الطبية الخاصة بمن أصيبوا فى الحادث واعادتها الى الطبيب الشرعى لبيان ما اذا كانت اصاباتهم فى مقتل، وطلبه سماع أقوال رجال شرطة النجدة، وتحقيق دفاعه المتمثل فى انه كان موجودا فى مقر عمله وقت الحادث، ومااثاره بشأن عدم تحريز السلاح النارى المضبوط واجراء معاينة للطريق الذى سلكه الشهود حتى يبين مدى قدرتهم على رؤية الطاعن ومتابعته الى ان تم القبض عليه - فان المحكمة التفتت عن كل هذا ولم تعرض له فى حكمها بما يسيغ اطراحه. كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الاثبات فى التحقيقات ومن معاينة مكان الحادث وتحريات الشرطة وقرائن الاحوال وماثبت من تقريرى الصفة التشريحية والتقرير الطبى الشرعى وهى أدلة سائغة من شأنها ان تؤدى الى مارتبه الحكم عليها ولم ينازع الطاعن فى ان لها أصلها الثابت فى الأوراق. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة ان الدفاع طلب ضم التقارير الطبية الشرعية فأمرت المحكمة بذلك وأجلت نظر الدعوى لهذا السبب، وكان الطاعن لايمارى فى أن هذه التقارير قد تم ضمها الى أوراق الدعوى قبل أن يترافع فيها وأنه اطلع عليها وبنى دفاعه على أساس ماجاء فيها، وكان قضاء محكمة النقض قد استقر على اعتبار الاحالة من مراحل التحقيق، وأن المحكمة هى جهة التحقيق النهائى ويجوز للمتهم ان يطلب منها استكمال مافات مستشار الاحالة من اجراءات التحقيق وابداء دفاعه بشأنها أمامه ومن ثم فلا محل للقول بوجود صرر يستدعى بطلان قرار الاحالة والا ترتب على البطلان اعادة الدعوى الى جهة التحقيق من بعد اتصالها بالمحكمة وهو غير جائز، ويكون النعى على الحكم فى هذا الصدد غير سديد. ولما كانت المادة 380 من قانون الاجراءات الجنائية تنص على أن" لمحكمة الجنايات فى جميع الاحوال ان تأمر بالقبض على المتهم واحضاره, ولها ان تأمر بحبسه احتياطيا، وان تفرج بكفالة أو بغير كفالة عن المتهم المحبوس احتياطيا فانه لاوجه لما يقوله الطاعن من ان المحكمة كونت رأيها فى الدعوى قبل اكمال نظرها باصدارها الأمر بالقبض عليه وحبسه، مادام أن ذلك لايعدو ان يكون اجراء تحفظيا مما يدخل فى حدود سلطتها المخولة لها بمقتضى القانون. لما كان ذلك، وكان مايثيره الطاعن من دعوى بطلان الحكم لاثباته اجراءات على انها فى جلسة الحكم فى حين انها تمت فى جلسات سابقة، فانه وان كانت ديباجة الحكم المطعون فيه قد تضمنت عبارة "وبجلسة اليوم نظرت الدعوى على الوجه الموضح تفصيلا بمحضر الجلسة" الا أنة من المواضح ان المعنى المقصود من ذلك هو ان اجراءات نظر الدعوى وردت تفصيلا بمحاضر جلسات المحاكمه، ولا يعدو ماورد من خطأ فى ديباجة الحكم ان يكون خطأ ماديا لايؤثر فى سلامته، وهو من بعد لايعيب الحكم لانه خارج تحديد نطاق استدلاله. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى, حسبما يؤدى اليه اقتناعها، وان - تطرح ما يخالفها من صور أخرى, مادام استخلاصها مستندا الى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، ولا يشترط فى الدليل ان يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد اثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى ان يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، ولها كامل الحرية فى أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أى دليل تطمئن اليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن اليه، وهى متى أخذت بشهادتهم فان ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض رواية الشهود فى بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح فى سلامته مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه، ومادام لم يورد تلك التفاصيل أو يركن اليها فى تكوين عقيدته. كما هو الحال فى الدعوى المطروحة وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد بالتحقيقات ولو خالفت أقواله أمامها، فان كل مايثيره الطاعن فى هذا الصدد لايعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وفى سلطة المحكمه فى استنباط معتقدها مما لايجوز اثارته أمام محكمة النقض لما كان ذلك، وكان ماحصله الحكم المطعون فيه من أقوال شهود الاثبات فى التحقيقات مؤداه أن الطاعن هو مطلق الاعيرة النارية التى أصابت المجنى عليهم من السلاح الذى ضبط بحوزته بعد ان تابعه شهود الاثبات الى أن تمكنوا من القبض عليه وكان التقرير الطبى الشرعى قد أثبت أن اصابات المجنى عليهم نارية تحدث من مثل السلاح النارى الذى ضبط مع الطاعن وأن وفاة المجنى عليهما الأولين حدثت من جراء تلك الاصابات النارية، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولى والفنى، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ماأثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين مادام أن ماأورده فى مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع - اذ المحكمة لاتلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم ومن ثم يضحى ماينعاه الطاعن فى هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لايدرك بالحس الظاهر وانما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذه النية موكول الى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل واثبت توافرها فى حق الطاعن بقوله: "وحيث ان البين من أوراق الدعوى أن ثمة خلافات ثأرية بين عائلتى المتهم والمجنى عليه وذلك بسبب اتهام المجنى عليه وأقاربه فى قتل والد المتهم وشقيقه حسبما هو ثابت فى استدلالات الدعوى واقرار المتهم فان هذه الظروف بالاضافة الى استعمال المتهم سلاحا ناريا قاتلا بطبيعته "طبنجه" ثم صعوده الى السيارة التى تقل المجنى عليه وتصويبة السلاح النارى نحوه واطلاق عدة أعيرة نارية فى مقاتل جسده قاصدا من ذلك ازهاق روحه ولم يترك السيارة الا بعد أن سقط المجنى عليه جثة هامة آية ذلك أنه نقل الى المستشفى وقد فارق الحياة فان نية القتل تكون ثابته فى حق المتهم. واذا كان الثابت من الاوراق أن عدة أعيرة نارية أطلقت داخل الاتوبيس وسالت الدماء بأرضيته على ماجرت به المعاينة فانه اذا أخطأت بعض الاعيرة جسم المجنى عليه...... وأصابت....... فى مقتل وكذلك المصابين الآخرين الذين تدارك أمرهم بالعلاج فان نية أزهاق الروح تكون قائمة فى حق المتهم" فان هذا حسبه للتدليل على نية القتل حسبما هى معرفة به فى القانون، ويكون منعى الطاعن فى هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع باجابته أو الرد علية هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولاينفك عن التمسك به والاصرار عليه فى طلباته الختامية، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة ان المدافعين عن الطاعن وان كانوا قد طلبوا لدى مرافعتهم بجلسة 27 من يونيه سنة 1979 نسخ التقارير الطبية المطولة الخاصة بمن أصيبوا فى الحادث واعادتها الى الطبيب الشرعى لبيان مااذا كانت اصاباتهم فى مقتل، كما طلبوا سماع أقوال رجال شرطة النجدة والتحقق من صحة ماادعاه الطاعن من عدم تواجده بمكان الحادث لوجوده بمقر عمله الا أنهم لم يعودوا الى التحدث عن طلباتهم هذه فى مرافعاتهم بجلسة 27 من نوفمبر سنة 1979 أمام الهيئة التى أصدرت الحكم والتى اقتصروا فيها على طلب البراءة. ولما كان الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع فى ختام مرافعته فان ماينعاه الطاعن من قالة الاخلال بحق الدفاع لايكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان اجراءات التحريز انما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلانا. بل ترك الامر فى ذلك الى اطمئنان المحكمة الى سلامة الدليل، وكان الحكم قد أورد: "ان من الامارات فى الدعوى على ان الجانى قد ارتكب فعلته المؤثمة ضبط السلاح النارى معه وكذلك الذخيرة وماأوراه التقرير الطبى الشرعى فى هذا الصدد من ان هذا السلاح قد استعمل فى الحادث وان المقذوفات النارية المستخرجة من جثتى المجنى عليهما هى من طراز عيار 9مم ومثلها تلك التى ضبطت مع المتهم مما يستعمل فى السلاح النارى المضبوط وكان مفاد ماأورده الحكم هو ان المحكمة اطمأنت الى ان السلاح المضبوط مع المتهم هو الذى استعمل فى ارتكاب الحادث، ولم يتغير أو تمتد اليه يد العبث، فانه لا جناح على المحكمة - بعد ذلك - ان هى أعرضت عما أثاره الدفاع من أنه كان يتعين تحريز ذلك السلاح فور ضبطه مادامت الواقعة قد وضحت لديها اذ لمحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم فى كل جزئية يثيرها. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن فى شأن اجراء معاينة لمكان الضبط والطريق الذى سلكه شهود الاثبات حتى يبين مدى قدرتهم على رؤيته ومتابعة واطراحه بقوله: "ان المحكمة وقد اطمأنت الى أقوال شهود الاثبات وأخذت بها مدعمة بالتقرير الفنى فانها لا تعتد بأوجه الدفاع ذلك ان طلب المعاينة فانه لا يتجه الى نفى وقوع الفعل أو استحالته" واذ كان ماأورده الحكم فيما تقدم يستقيم بة اطراح دفاع الطاعن بشأن طلب اجراء المعاينة وكان هذا الدفاع لا يتجه الى نفى الفعل المكون للجريمة ولا الى استحالة حصول الواقعة بل كان المقصود به اثارة الشبهة فى الأدلة التى اطمأنت اليها المحكمة ويعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم باجابته، فان ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص يكون فى غير محله ولا تكون المحكمة قد أخلت بحق الطاعن فى الدفاع. لما كان ماتقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.