أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 775

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ابراهيم حسين رضوان، وحسين كامل حنفى، ومحمد ممدوح سالم، ومحمود سامى البارودى.

(134)
الطعن رقم 263 لسنة 51 القضائية

1 - قتل عمد. قصد جنائى. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- قصد القتل أمر خفى. ادراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التى تنم عنه. استخلاص توافره. موضوعى.
2 - أسباب الاباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعى". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير قيام حالة الدفاع الشرعى".
تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها. موضوعى.
3 - سرقة. جريمة "أركانها". قصد جنائى. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائى فى جريمة السرقة. ماهيته؟
4 - اثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته فى الاثبات. موضوعى. مادام سائغا.
5 - جنون. عاهة عقلية. مسئولية جنائية.
- تقدير الحالة العقلية للمتهم. موضوعى. متى كان سائغا.
6 - اثبات "خبرة". حكم "تسبيبه, تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع فى تقدير اراء الخبراء والفصل فيما يوجه الى تقاريرهم من اعتراضات. هى غير ملزمة بندب خبير آخر ولا باعادة المهمة الى ذات الخبير. ما دام ما انتهت اليه لايجا فى العقل والمنطق.
7 - اعدام "الحكم بالاعدام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اجراءات "اجراءات الحكم بالاعدام".
- وجوب أخذ رأى المفتى قبل الحكم بالاعدام: المادة 381 اجراءات. لا يوجب على المحكمة أن تبين رأيه أو تفنده.
8 - حكم "بياناته. بيانات الديباجة" "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
الخطأ فى بيان طلبات النيابة بديباجة الحكم. لا يعيبه. علة ذلك؟
9 - اثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه فى نطاق الاسناد".
- للمحكمة أن تجزم بما لم يجزم به الخبير فى تقريره.
10 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم فى الاسناد. لا يعيبه. مادام لم يتناول من الأدلة ما يؤثر فى عقيدته.
11 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اثبات "بوجه عام".
خطأ الحكم فى مصدر الدليل. لا يضيع أثره.
1 - من المقرر ان قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر انما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأيتها الجانى وتتم عما يضمره فى صدره واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول الى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية.
2 - الأصل ان تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب مادام استدلالها سليما ويؤدى الى ما انتهى اليه.
3 - من المقرر ان القصد الجنائى فى جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجانى وقت ارتكابه الفعل أنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية تملكه.
4 - من المقرر ان الاعتراف فى المواد الجنائية هو من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات، فلها بهذه المثابة ان تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من ان الاعتراف المعزو اليه قد انتزع منه بطريق الاكراه بغير معقب عليها مادامت تقيم تقريرها على أسباب سائغة.
5 - الآصل ان تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها، مادامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة.
6 - تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه الى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه الى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم اليها دون ان تلتزم بندب خبير آخر ولا باعادة - المهمة الى ذات الخبير مادام استنادها الى الرأى الذى انتهت اليه لا يجافى العقل والمنطق.
7 - لما كانت المادة 381 من قانون الاجراءات الجنائية وان أوجبت على محكمة الجنايات ان تأخذ رأى المفتى قبل ان تصدر حكمها بالاعدام، الا أنه ليس فى القانون ما يوجب على المحكمة ان تبين رأى المفتى أو تفنده.
8 - خطأ الحكم فى بيان طلبات النيابة العامة بديباجته لا يعيبه لانه خارج عن نطاق استدلاله وهو من بعد لا يعدو ان يكون خطأ ماديا من كاتب الجلسة لا يخفى على قارئ الحكم.
9 - من المقرر ان للمحكمة أن تجزم بما لم يجزم به الخبير فى تقريره.
10 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه فى الاسناد ما لم يتناول من الأدلة مما يؤثر فى عقيدة المحكمة.
11 - الخطأ فى مصدر الدليل لا يضيع أثره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل.... بان انهال عليه ضربا بقطعه من الحجر ثم طعنه بمدية كان يحملها فى اجزاء متفرقة من جسمه قاصدا من ذلك قتله فاحدث به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هى أنه فى الزمان والمكان سالفى الذكر قتل..... بان أنهال عليه ضربا بقطعة من الطوب ثم طعنه بمدية عدة طعنات فى أجزاء متفرقة من جسمه فاحدث به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. كما ارتبطت هذه الجناية بجناية أخرى هى أنه فى الزمان والمكان سالفى الذكر سرق النقود المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات والمملوكة لهيئة الأوقاف المصرية وكان ذلك من أحد الامكنة المعدة للعبادة. وطلبت الى مستشار الاحالة احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة، فقرر ذلك. وادعى.... مدنيا قبل المتهم بان يدفع قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات القاهرة ففضت حضوريا عملا بالمواد 234/ 2، 317/ 1 - 4، 32 من قانون العقوبات وباجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالاعدام واحالة الدعوى المدنية الى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها.


المحكمة

ومن حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انه اذ دانة بجريمة القتل العمد التى تلتها جناية قتل عمد وكان القصد منها التأهب لفعل جنحة سرقة قد شابه فساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب واخلال بحق الدفاع وبطلان فى الاجراءات، ذلك بان ماساقه بيانا لنية القتل لايكفى لاستظهارها ورد على دفاعه انه كان فى حالة دفاع شرعى عن النفس عندما قتل المجنى عليه الثانى وان جريمة سرقة نقود صندوق النذور لم تتوافر فيها العناصر القانونية لجريمة السرقة وان الاعتراف المعزو اليه كان وليد اكراه وانه مصاب بعاهة فى العقل وطلب اعادة عرضه على الطبيب المختص بما لايصلح ردا هذا الى ان المحكمة لم تبين داعى قرارها بارسال القضية الى المفتى ومااتخذ من اجراءات تنفيذا لهذا القرار كما لم تبين رأى المفتى وأخيرا فان ديباجة الحكم خلت من وصف واقعة قتل المجنى عليه الأول - بالعمد وورد فيها ان جناية القتل ارتبطت بجناية سرقة خلاف لما انتهى اليه الحكم، وكل هذا يعيبه ويوجب نقضة.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "ان المتهم....... توجه فى اليوم السابق على حدوث الواقعة التى تمت فى ليلة 11/ 9/ 1979 لمسجد السلطان أبو العلا وشاهد المصلين يتوسلون الى صاحب المقام فعقد العزم على هدم الضريح بحسبان ان هذا العمل من المصلين يعتبر عملا وثنيا وتوجه يوم الواقعة الى المسجد قبل صلاة العشاء واختفى بدورة المياة خلف فرش من الحصير وبعد انتهاء وقت الصلاة خرج من مكمنه لتنفيذ ماانتوى فتعثر فى جسم المجنى عليه الأول..... الذى كان نائما وحين هم باليقظة ضربه المتهم بقطعة حجر أبيض كانت بجواره على رأسه ثم استل مطواة كان يحملها وعاجله بعدة طعنات فى مواضع مختلفة وقاتلة من صدره حتى خر صريعا بدون حراك بعد ان احدث به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أدت الى وفاته ثم حاول دخول المسجد فوجد الباب الموصل لصحن المسجد مغلقا فقام بكسره بواسطة أزميل وبعض الادوات الاخرى التى كان يحملها معه وتمكن بذلك من فتح الباب وتوجه الى مكان الضريح فوجد المجنى عليه الثانى...... الذى كان لايزال مستيقظا والذى عنفه بسبب تواجده فى هذا الوقت بالمسجد وأمسك بتلابيبه فما كان من المتهم الا ان دفعه الى الحائط فسقط المجنى عليه على الأرض فعاجله المتهم بضربه بقطعة من الطوب الاحمر على رأسه ثم استل المدية التى كان يحملها وانهال بها طعنا بالمجنى عليه فى مواضع قاتلة من صدره ووجهه ولم يتركه الا بعد ان سقط صريعا بلا حراك وبعد ان أحدث به الاصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته ثم توجه الى باب الضريح فقام بكسر قفل بابه ببنسة كان يحملها ودخل المقام وقام بتمزيق الكسوة وانتزع صندوق النذور من موضعه ثم كسره وسرق ما أمكن سرقته من النقود الموجودة به والمملوكة للهيئة العامة للأوقاف...... "وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة فى حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال الشهود واعتراف الطاعن والمعاينة وتقرير الصفة التشريحية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى الى مارتبه الحكم عليها من معاقبته الطاعن طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لايدرك بالحس الظاهر وانما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى صدره واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول الى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله "انها ثابته ثبوتا قاطعا فى حق المتهم من انه اعتدى على المجنى عليه الأول...... بسلاحين قاتلين بالاستعمال هى الحجر الابيض والمطواة ومن تخير مواضع قاتلة من جسمه بان انهال على رأسه بحجر نشأ عنه كسور بالجمجمه وبتهتك بالمخ وأعمل فيه المطواة بان طعنه فى صدره وفى مواضع قاتلة ومواصلة الطعن وأحدث اصابه فى أكثر من موضع نتج عنه قطوع بالرئتين والقلب والنزيف الجسيم بالصدر ولم يتركه الا بعد ان سقط جثة هامدة مما يكشف عن توافر نية القتل لديه ومما يقطع بانه لم يقصد من اعتدائه الا اغتيال المجنى عليه وازهاق روحه كما ان نية القتل للمجنى عليه الثانى..... ثابتة أيضا ثبوتا قاطعا لاريبة فيه فى حق المتهم من اعتدائه على المجنى عليه المذكور بسلاحين قاتلين بالاستعمال هما قالب الطوب الاحمر والمطواة ومن تخيره مواضع قاتلة من جسمه بان انهال على رأسه بقالب الطوب فنشأ عنه كسور بالجمجمة وتهتك بالمخ وقام بطعنه بالمطواة بان طعنه فى صدره ومواصلة الطعن واحداث اصابة فى أكثر من موضع نتج عنه تهتك بالرئة اليسرى والقلب والنزيف الجسيم بالصدر ولم يكف عن مواصلة الاعتداء الا بعد ماسقط صريعا". وكان ماأورده الحكم تدليلا على ثبوت نية القتل لدى الطاعن سائغا وكافيا لحمل قضائه. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعى واطراحه فى قوله "أنه مردود بانه يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعى أن يكون قد وقع فعل ايجابى من المجنى عليه يخشى منه المتهم وقوع جريمة وان يكون المتهم قد اعتقد بوجود خطر حال على نفسه وان يكون فعل المتهم لرد العدوان هو الوسيلة الوحيدة لرده وهذا الأمر غير متوافر فى صورة هذه الدعوى اذ البادى من ظروف الواقعة ان المتهم كان البادئ بالعدوان دون ان يصدر من المجنى عليه أى خطر يشكل اعتداء حالا أو وشيك الوقوع"، وكان الاصل ان تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب مادام استدلالها سليما ويؤدى الى ماانتهى اليه - كما هو الحال فى الدعوى - وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بعدم توافر أركان جريمة السرقة ورد عليه بما ثبت من أقوال معاون مديرية أوقاف القاهرة ان مال صندوق النذور مملوك لهيئة الأوقاف المصرية وكان من المقرر ان القصد الجنائى فى جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجانى وقت ارتكابه الفعل أنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية تملكه، ولما كان ماأورده الحكم فى بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها ومارد به على دفاع الطاعن يكشف عن توافر هذا القصد لديه فان مايثيره فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما أثير من صدور الاعتراف من الطاعن تحت تأثير الاكراه ورد عليه بقوله "لم يذكر المتهم بالتحقيقات أن اكراها أوضغطا وقع عليه وكان طبيعيا ان يبادر بهذا الدفاع أمام النيابة العامة ان كان حقيقة قد تعرض الى ضغط أو اكراه خاصة وقد أفصح وكيل النيابة المحقق عن شخصه قبل استجوابه وأفهم المتهم أنه ماثل أمام النيابة العامة للتحقيق ولم يقتصر على ذلك فحسب بل ان وكيل النيابة المحقق قد ناظر جسم المتهم على الوجه المبين بالتحقيقات فوجد به آثار خدوش بالوجه أسفل عينه اليسرى وكدمة وآثار خدوش بحاجب العين اليمنى وترى المحكمة ان هذه الآثار لاعلاقة لها باعتراف المتهم وانها كانت نتيجة طبيعية لتماسكه مع المجنى عليه الثانى الذى أقر المتهم نفسه انه تشابك معه وأمسك بتلابيبه محاولا خنقه ومقاومته مما تستظهر منه المحكمة ان المجنى عليه المذكور لم يستسلم لمحاولة اعتداء المتهم عليه انما قاوم مقاومة عنيفة أدت الى احداث - الاصابات به ومن ثم فهى نتيجة لجرمة وعداونه واما مايثيره الدفاع فى شأن انفراد ضابط الشرطة بالمتهم قبل استجوابه أمام النيابة العامة فان هذا الدفاع غير منتج فيما خلصت اليه المحكمة من سلامة الاعتراف وبعده عما يشوبه أو يبطله اذ أن هذه الواقعة سابقة على استجواب النيابة للمتهم وقد زالت عنها كل شبهة من شأنها ان تؤثر فى الاعتراف بعد ان أثبت وكيل النيابة المحقق أنه أفهم المتهم بشخصه بان النيابة العامة هى التى تتولى التحقيق". واذ كان هذا الذى ردبه الحكم على ماأثير بشأن الاكراه سائغا فى تفنيده وفى نفى الصلة بين اصابات الطاعن وبين الاعتراف الذى أدلى به فى التحقيق، وكان من المقرر ان الاعتراف فى المواد الجنائية هو من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات، فلها بهذه المثابة ان تقرر عدم صحة مايدعيه المتهم من ان الاعتراف المعزو اليه قد انتزع منه بطريق الاكراه بغير معقب عليها مادامت تقيم تقريرها على أسباب سائغة، فان تعيب الحكم فى هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن أنه مصاب بعاهة فى العقل ورد عليه فى قوله "اما عن القول بان المتهم مصاب بمرض عقلى فأمر غير مقبول بعد ماقطع فى هذا الشأن تقرير دار الاستشفاء للصحة النفسية من ان المتهم لايعانى من المرض العقلى ويتصنع أفعالا هستيرية واضحة جدا ويعى ويفهم مايقول ويعتبر مسئولا عن افعاله وما هو منسوب اليه وكان الأصل ان تقدير حالة المتهم العقلية من الامور الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها، مادامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، كما ان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه الى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه الى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم اليها دون ان تلتزم بندب خبير آخر ولا باعادة - المهمة الى ذات الخبير مادام استنادها الى الرأى الذى انتهت اليه لا يجافى العقل والمنطق، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة ان الطاعن قد صرح فى ختام مرافعته أنه لا يطلب اعادة فحص حالة المتهم العقلية، فان ماينعاه على الحكم من دعوى الاخلال بحق الدفاع لايكون له محل. لما كان ذلك وكانت المادة 381 من قانون الاجراءات الجنائية وان أوجبت على محكمة الجنايات ان تأخذ رأى المفتى قبل أن تصدر حكمها بالاعدام، الا أنه ليس فى القانون ما يوجب على المحكمة ان تبين رأى المفتى أو تفنده، واذ كان الثابت من المفردات ان المفتى قد أرسل برأية الى المحكمة فان ماينعاه الطاعن فى هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان خطأ الحكم فى بيان طلبات النيابة العامة بديباجته لا يعيبه لانه خارج عن نطاق استدلاله وهو من بعد لا يعدو ان يكون خطأ ماديا من كاتب الجلسة لا يخفى على قارئ الحكم. لما كان ماتقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ومن حيث ان النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها فى الحكم عملا بنص المادة 46 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وفى خلال الميعاد المنصوص عليه فى المادة 34 من هذا القانون، وكان يبين اعمالا لنص المادة 35 من القانون المذكور ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دين المحكوم عليه بالاعدام بها وجاء خلوا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى بما يفيد ماانتهى اليه الحكم المطعون فيه، وكان لا ينال من سلامة الحكم ماتردى فيه من خطأ عند تحصيله اعتراف المحكوم عليه من أنه ضرب المجنى عليه الثانى..... بقالب طوب على رأسه فى حين ان اعتراف المحكوم عليه فى محضر الضبط قد خلا من تحديد موضع الضرب بالطوبة، ذلك ان الثابت من تقرير الصفة التشريحية ان الاصابات المشاهدة برأس المجنى عليه المذكور رضية مباشرة حيوية حديثة نشأت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضه أيا كان نوعها ويجوز حدوثها من مثل الضرب بقالب طوب أحمر، وهو مايكمل اعتراف المحكوم عليه فى خصوص تحديد موضع الضرب بالطوبة من جسم المجنى عليه، ومن المقرر أن للمحكمة أن تجزم بما يجزم به الخبير فى تقريره، ولها أن تستخلص من مجموع الادلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها مادام استخلاصها سائغا مستندا الى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها معين صحيح من الأوراق، كما هو الحال فى الدعوى المطروحة. كما انه من المقرر كذلك أنه لا يعيب الحكم خطأه فى الاسناد ما لم يتناول من الأدلة مما يؤثر فى عقيدة المحكمة وان الخطأ فى مصدر الدليل لا يضيع أثره، هذا فضلا عن ان قصارى ما يترتب على خطأ الحكم فى هذا الخصوص بفرض أنه مؤثر فى عقيدة المحكمة - انما هو فساد التدليل على توافر نية قتل المجنى عليه الثانى فحسب بما تضحى معه الواقعة بالنسبة له ضربا أفضى الى موت ولا يكون الحكم معيبا اذ قضى باعدام المحكوم عليه طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات، اذ يكفى لتوقيع هذه العقوبة اعمالا لنص الفقرة المذكورة اقتران جناية القتل العمد بأية جناية أخرى. لما كان ما تقدم، فانه يتعين قبول عرض النيابة العامة واقرار الحكم الصادر باعدام المحكوم عليه.