أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 911

جلسة 21 من يوليه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك وفرحان بطران نواب رئيس المحكمة.

(117)
الطعن رقم 15178 لسنة 66 القضائية

(1) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره الطاعن أمامها. غير مقبول.
الدفع ببطلان بأقوال الشهود للإكراه. إثارته لأول مره أمام النقض. غير جائز. عله ذلك؟
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق. وإن عدل عنها. دون بيان العلة في ذلك.
عدم التزام المحكمة بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى. ما دام له أصل ثابت فيها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(3) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
إيراد الحكم ما أثار الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني. غير لازم. ما دام أن ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. ما دام الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(4) حريق عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 253 عقوبات. مناط تحققه؟
(5) ملكية.
للمالك على الشيوع حق الملكية في كل ذرة من العقار الشائع والثمار الناتجة عنه. حق للشركاء جميعاً. مؤدى ذلك؟
(6) حريق عمد. جريمة "أركانها". مسئولية جنائية. ملكية. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
حرق المال الشائع من أحد الشركاء. يتضمن بذاته حرق نصيب غيره من الشركاء.
وضع المطعون ضده النار في زراعة غير محصودة مملوكة على الشيوع بينه والمجني عليهما. كفايته لقيام المسئولية الجنائية عن حرق نصيب المجني عليهما. مخالفة الحكم الجلسة ذلك. خطأ في التطبيق الصحيح للقانون.
(7) ارتباط. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
حجب الخطأ المحكمة عن تنازل قيام الارتباط بين الجريمة ذات العقوبة الأشد التي قضى ببراءة المطعون ضده منها وباقي الجرائم التي دين بها. يوجب النقض والإعادة لجميع التهم المسندة للمطعون ضده. لحسن سير العدالة.
1 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد أثار لدى محكمة الموضوع أن إكراهاً قد وقع على الشاهدين الأول والثاني أو أن أقوالهما بتحقيقات النيابة حدثت تحت تهديد ومن ثم فلا يقبل منه أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يتطلب تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك دون بيان العلة أو موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها. وإذ كان الطاعن لا يمارى في أن ما نقله الحكم عن أقوال الشاهدين الأول والثاني من شهود الإثبات له أصل ثابت في الأوراق ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم أخذه بأقوال الشاهدين على الرغم من عدولهما عنها أمام المحكمة إذ العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة وعولت عليه مما آنست الصدق فيه، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أن ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع. إذ أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
4 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 253 من قانون العقوبات يتحقق في وضع الجاني النار في شيء من الأشياء المذكورة بهذه المادة، وكان عالماً بأن هذا الشيء مملوك لغيره فمتى ثبت للمحكمة أن الجاني تعمد وضع النار على هذا الوجه وجب تطبيق تلك المادة.
5 - من المقرر أن للمالك على الشيوع حق الملكية في كل ذرة من العقار الشائع، والثمار الناتجة عنه حق للشركاء جميعاً ومؤدى هذا أن ملكية الشريك للحصة الشائعة ليست خالصة له بل هي أيضاً مملوكة لباقي الشركاء وأي اعتداء للشريك على المال الشائع - أياً كانت صورته - يتضمن اعتداء على ملكية شريكه الذي يقاسمه ملكيته.
6 - من المقرر أن حرق المال الشائع من أحد الشركاء يتضمن بذاته حرق نصيب غيره من الشركاء لما كان ذلك وكان الظاهر من الأدلة التي أوردها الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده وضع النار في زراعة القمح غير المحصودة المملوكة على الشيوع بينه والمجني عليهما فإنه يكون مسئولاً جنائياً وفقاً للمادة 253 من قانون العقوبات عن حرق نصيب المجني عليهما لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في التطبيق الصحيح للقانون.
7 - لما كان الخطأ في تطبيق القانون قد حجب المحكمة عن أن تقول كلمتها في قيام الارتباط بين الجريمة ذات العقوبة الأشد وبين باقي الجرائم التي دين بها المطعون ضده فإنه يتعين تحقيقاً لحسن سير العدالة - نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لجميع التهم المسندة إلى المطعون ضده والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل عمداً شقيقه...... مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وعقد العزم على ذلك وأعد لهذا الغرض سلاحه الناري تالي الذكر وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أدت إلى وفاته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخريين: أنه في ذات الزمان والمكان سالفى البيان: 1 - وضع ناراً عمداً في الزراعات غير المحصودة والمملوكة للمجني عليهما بأن أشعل بها النار مما أدى إلى حدوث الحريق بها على النحو المبين آثاره بالتحقيقات 2 - شرع في قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وعقد العزم على ذلك وأعد لهذا الغرض سلاحه الناري التالي الذكر وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عدة أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج، ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "بندقية خرطوش" ثالثاً: أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازتها أو إحرازها، وأحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 6، 26/ 1، 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 26 لسنة 1978 والقانون رقم 165 لسنة 1981 والجدول رقم "2" الملحق بالقانون الأول والمادتين 236/ 1، 242/ 1، 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون الأخير بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات ومصادرة السلاح المضبوط وببراءته من تهمة الحريق العمد المنسوبة إليه وذلك باعتبار أن التهمة الأولى ضرب أفضى إلى موت والثانية ضرب بسيط.
فطعن كل من النيابة العامة والمحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الضرب المفضي إلى الموت والضرب البسيط وإحراز سلاح ناري وذخائر دون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم عول على أقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة دون أن يفصح عن موضعها ورغم عدول الشاهدين الأول والثاني عن أقوالهما أمام المحكمة وإقرارهما بأن أقوالهما بتحقيقات النيابة كانت وليدة إكراه ودفع بتناقض الدليلين القولي والفني من حيث مسافة الإطلاق وموقف الضارب من المضروب. بيد أن الحكم لم يعن برفع ذلك التناقض ولم يعرض لدفاعه إيراداً ورداً مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد أثار لدى محكمة الموضوع أن إكراهاً قد وقع على الشاهدين الأول والثاني أو أن أقوالهما بتحقيقات النيابة حدثت تحت تهديد ومن ثم فلا يقبل منه أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أماها ولا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يتطلب تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك دون بيان العلة أو موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها. وإذ كان الطاعن لا يمارى في أن ما نقله الحكم عن أقوال الشاهدين سالفى الذكر له أصل ثابت في الأوراق ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم أخذه بأقوال الشاهدين على الرغم من عدولهما عنها أمام المحكمة إذ العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة وعولت عليه مما آنست الصدق فيه، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم المطعون فيه من أقوال شهود الإثبات في تحقيقات النيابة مؤداه أن الطاعن هو مطلق الأعيرة النارية التي أصابت المجني عليهما من السلاح المضبوط بحوزته، وكان التقرير الطبي الشرعي قد أثبت أن إصابات المجني عليهما نارية تحدث من مثل السلاح الناري المضبوط وأن وفاة المجني عليه الأول حدثت من جراء تلك الإصابات النارية وكان الحكم المطعون فيه قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين ما دام أن ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع. إذ أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم يضحى ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة الحريق العمد قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك بأنه أسس قضاءه على تخلف أحد أركان الجريمة استناداً إلى ملكية المتهم لزراعات القمح محل الجريمة على الشيوع مع شقيقيه المجني عليهما حالة أن المالك على الشيوع مقيد بحقوق باقي الشركاء ويعد مسئولاً عن الحريق العمد الخاص بأنصبتهم الشائعة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه ببراءة المطعون ضده من تهمة الحريق العمد المسندة إليه بقوله: "وحيث إنه لما كان مناط العقاب على جريمة وضع النار في المزارع غير المحصودة طبقاً لنص المادة 253 من قانون العقوبات أن تكون غير مملوكة لمن يضع النار فيها ولما كان الثابت من مطالعة أوراق الدعوى أن زراعة القمح غير المحصودة ملكاً لكل من... و... والمتهم... فمن ثم يكون قد تخلف أحد الشروط اللازمة لإمكان تطبيق نص المادة 253 من قانون العقوبات وهو عدم ملكية المتهم للمزارع غير المحصودة التي يضع النار فيها إذ أن المتهم أحد مالكي زراعات القمح غير المحصودة التي نسبت إليه النيابة العامة إحراقها ومن ثم فلا مجال لإعمال نص المادة 253 من قانون العقوبات ومن ثم يتعين القضاء ببراءة المتهم من ذلك الاتهام الذي نسبته إليه النيابة العامة عملاً بنص المادة 304/ 1 من قانون الإجراءات". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 253 من قانون العقوبات يتحقق في وضع الجاني النار في شيء من الأشياء المذكورة بهذه المادة، وكان عالماً بأن هذا الشيء مملوك لغيره فمتى ثبت للمحكمة أن الجاني تعمد وضع النار على هذا الوجه وجب تطبيق تلك المادة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمالك على الشيوع حق الملكية في كل ذرة من العقار الشائع، والثمار الناتجة عنه حق للشركاء جميعاً ومؤدى هذا أن ملكية الشريك للحصة الشائعة ليست خالصة له بل هي أيضاً مملوكة لباقي الشركاء وأي اعتداء للشريك على المال الشائع - أياً كانت صورته - يتضمن اعتداء على ملكية شريكه الذي يقاسمه ملكيته. هذا إلى أن حرق المال الشائع من أحد الشركاء يتضمن بذاته حرق نصيب غيره من الشركاء لما كان ذلك وكان الظاهر من الأدلة التي أوردها الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده وضع النار في زراعة القمح غير المحصودة المملوكة على الشيوع بينه والمجني عليهما فإنه يكون مسئولاً جنائياً وفقاً للمادة سالفة البيان عن حرق نصيب المجني عليهما لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في التطبيق الصحيح للقانون. وإذ كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن أن تقول كلمتها في قيام الارتباط بين الجريمة ذات العقوبة الأشد وبين باقي الجرائم التي دين بها المطعون ضده فإنه يتعين تحقيقاً لحسن سير العدالة - نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى المطعون ضده والإعادة.