أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 813

جلسة 4 من نوفمبر سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ابراهيم حسين رضوان، وحسين كامل حنفى، ومحمد ممدوح سالم، ومحمود سامى البارودى.

(141)
الطعن رقم 2170 لسنة 51 القضائية

1 - دستور. شريعة اسلامية. قانون "تطبيقه". اثبات "شهود" "شهادة".
- النص فى المادة الثانية من الدستور. على أن الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع. دعوة للشارع كى يتخذ الشريعة الاسلامية مصدرا رئيسيا فيما يستنه من قوانين. أثر ذلك؟
2 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اثبات" بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تكوين عقيدتها". شريعة اسلامية. مواد مخدرة.
- عدم تقيد القاضى الجنائى بنصاب معين فى الشهادة وحقه فى تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن اليه. مادام له مأخذه الصحيح من الأوراق.
- تعويل الحكم على شهادة شاهد واحد. لا عيب.
3 - تفتيش "التفتيش باذن" "اذن التفتيش. اصداره". مواد مخدرة. اثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
- تقدير جدية التحريات وكفايتها لاصدار الامر بالتفتيش. لسلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع. مثال لتسبيب غير معيب.
4 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اثبات "بوجه عام" "خبرة". نقض "أسباب الطعن. مالا يقبل منها". مواد مخدرة.
- الخطأ فى الاسناد الذى لا يؤثر فى منطق الحكم. لا يعيبه. خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير معامل التحليل من أن صنج الميزان الثلاثة وجدت ملوثة بالمخدر حال ان التقرير أشار الى تلوث واحده فقط. لاجدوى من النعى به.
5 - دفوع "الدفع بشيوع التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
- الدفع بشيوع التهمة. دفاع موضوعى. لا يستوجب ردا صريحا.
6 - مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائى. اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- القصد الجنائى فى جريمة احراز أو حيازة. مخدر. مناط تحققه؟
عدم التزام المحكمة بالتحدث استقلالا. عن القصد الجنائى. كفاية ايراد الحكم ما يدل على توافره.
7 - اثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وزن أقوال الشهود موضوعى.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده: اطراح جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
8 - اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض" أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى والرد عليه مادام الرد عليه يستفاد ضمنا من القضاء بالادانة.
1 - ما نص عليه الدستور فى المادة الثانية منه من أن مبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ليس واجب الاعمال بذاته انما هو دعوة للشارع كى يتخذ الشريعة الاسلامية مصدرا رئيسيا فيما يستنه من قوانين ومن ثم فان أحكام تلك الشريعة لا تكون واجبة التطبيق بالتعويل على نص الدستور المشار اليه الا اذا استجاب الشارع لدعوته وأفرع هذه الأحكام فى نصوص تشريعية محددة ومنضبطة تنقلها الى مجال العمل والتنفيذ.
2 - لما كان الشارع لم يقيد القاضى الجنائى فى المحاكمات الجنائية - بنصاب معين فى الشهادة وانما ترك له حرية تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن اليه طالما أن له مأخذه الصحيح فى الأوراق، فان تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة شاهد واحد ليس فيه مخالفة للقانون وينحل نعى الطاعن فى هذا الصدد الى جدل فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. هذا فضلا عن أن الجريمة الماثلة من جرائم التعازير التى تثبت بشهادة شاهد واحد على خلاف جرائم الحدود والقصاص فى الشريعة الغراء.
3 - لما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها لاصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها الى سلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ اصداره وأقرت النيابة على تصرفها فى ذلك - كما هو الحال فى الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتآته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون وما استطردت اليه المحكمة من قولها "والتى كشفت عملية الضبط عن صحتها" انما كان بعد أن أفصحت المحكمة عن اطمئنانها لجدية التحريات التى انبنى عليها اذن التفتيش ولا يتأدى منه ما يذهب اليه الطاعن من أنه سبب اقتناع المحكمة بجديتها.
4 - اذ كان من المقرر انه لا يعيب الحكم الخطأ فى الاسناد الذى لا يؤثر فى منطقة، فانه لا يجدى الطاعن مايثيره - بفرض صحته - عن خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير معامل التحليل من أن صنج الميزان الثلاث وجدت ملوثة بآثار المخدر حالة أن التقرير أشار الى تلوث واحدة منها فقط مادام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثر فى منطقة ولا فى النتيجة التى انتهى اليها.
5 - الدفع بشوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التى لا تستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الاثبات التى تطمئن اليها بما يفيد اطراحه.
6 - القصد الجنائى فى جريمة احراز أو حيازة مخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالا عن هذا الركن اذا كان ما أوردته فى حكمها كافيا فى الدلالة على علم المتهم بأن مايحرزه مخدر.
7 - لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشاهد والتعويل عليها مهما وجه اليها من مطاعن، ومتى أخذت بشهادته، فان ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
8 - المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى وفى كل شبهة يثيرها والرد على ذلك مادام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالادانة استنادا الى أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بانه: أحرز وحاز جوهرين مخدرين (أفيونا وحشيشا) وكان ذلك بقصد الاتجار وفى غير الأحوال المصرح طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 1/ 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 36، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين رقم 9، 57 من الجدول الأول المعدل والملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

من حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انه دانه بجريمة احراز وحيازة جوهرين مخدرين بقصد الاتجار قد أخطأ فى القانون.
وفى الاسناد وشابه الفساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب واخلال بحق الدفاع، ذلك بانه عول فى قضائه بالادانة على شهادة شاهد واحد فى حين أن الشريعة الاسلامية التى نص الدستور على أنها المصدر الرئيسى للتشريع تطلبت شهادة رجلين على الأقل، واستند الى ماأسفرت عنه عملية الضبط فى اطراح الدفع ببطلان اذن التفتيش لعدم جدية التحريات مع أنه لا يصلح لاطراحه. وأثبت نقلا عن تقرير المعامل آن الصنج الثلاث المضبوطة وجدت ملوثة بآثار الأفيون حالة أن الثابت آن التلوث مقصور على صنجة واحدة. وأغفل الرد على دفاع الطاعن بشيوع التهمة استنادا الى مشاركه آخرين له فى الاقامة بالمسكن، ولم يبين ما اذا كانت حيازة الطاعن مقصورة على حجرة أو تشمل المسكن بأكملة خاصة وانه أورد فى تحصيله لواقعة الدعوى ان التفتيش وقع على المسكن ثم استطرد الى الحديث عن سرير الطاعن بينما ذكر فى تحصيله لأقوال الضابط حجرة الطاعن وسريره ومطبخ المسكن مما يكشف عن اضطرابه. ولم يعن باستظهار علم الطاعن بكنه المواد المخدرة المضبوطة. هذا وقد قام دفاع الطاعن على أن ضبطه تم فى الطريق ولم يعثر معه على شىء، وان الضابط الذى أجرى ضبطه لم يكن بمفرده - كما زعم - بل كان يرافقه الرائد..... الذى قام بضبط متهم آخر شوهد عند دخولهما منزله يلقى بمخدر من يده واستدل على ذلك بالمحضر رقم 108 لسنة 1976 مخدرات السيدة زينب الا ان الحكم لم يعرض لهذا الدفاع ايرادا له وردا عليه، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة احراز وحيازة المخدر التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال الرائد...... وتقرير معامل التحاليل من شأنها ان تؤدى الى مارتب عليها. لما كان ذلك، وكان ما نص عليه الدستور فى المادة الثانية منه من أن مبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ليس واجب الاعمال بذاته انما هو دعوة للشارع كى يتخذ الشريعة الاسلامية مصدرا رئيسيا فيما يستنه من قوانين ومن ثم فان أحكام تلك الشريعة لا تكون واجبة التطبيق بالتعويل على نص الدستور المشار اليه الا اذا استجاب الشارع لدعوته وأفرغ هذه الأحكام فى نصوص تشريعية محددة ومنضبطة تنقلها الى مجال العمل والتنفيذ. لما كان ذلك، وكان الشارع لم يقيد القاضى الجنائى فى المحاكمات الجنائية بنصاب معين فى الشهادة وانما ترك له حرية تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن اليه طالما ان له مأخذه الصحيح فى الأوراق فان تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة شاهد واحد ليس فيه مخالفة للقانون وينحل نعى الطاعن فى هذا الصدد الى جدل فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. هذا فضلا عن ان الجريمة الماثلة من جرائم التعازير التى تثبت بشهادة شاهد واحد على خلاف جرائم الحدود والقصاص فى الشريعة الغراء. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان اذن التفتيش لعدم جدية التحريات التى بنى عليها ورد عليه فى قوله "كما تلتف عن الدفع المبدى من محاميه حيث انها تطمئن تماما لجدية التحريات السابقة على صدور اذن النيابة والتى كشفت عملية الضبط عن صحتها". لما كان ذلك وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لاصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها الى سلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ اصداره وأقرت النيابة على تصرفها فى ذلك - كما هو الحال فى الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون وما استطردت اليه المحكمة من قولها "والتى كشفت عملية الضبط عن صحتها" انما كان بعد أن أفصحت المحكمة عن اطمئنانها لجدية التحريات التى انبنى عليها اذن التفتيش ولا يتأدى منه مايذهب اليه الطاعن من أنه سبب اقتناع المحكمة بجديتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر انه لا يعيب الحكم الخطأ فى الاسناد الذى لا يؤثر فى منطقه، فانه لا يجدى الطاعن ما يثيره - بفرض صحته - عن خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير معامل التحليل من ان صنج الميزان الثلاث وجدت ملوثة بآثار المخدر حالة أن التقرير اشار الى تلوث واحد منها فقط مادام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثر فى منطقه ولافى النتيجة التى انتهى اليها. لما كان ذلك، وكان الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التى لا تستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الاثبات التى تطمئن اليها بما يفيد اطراحه فان مايثيره الطاعن عن قصور الحكم فى هذا الشأن يكون على غير أساس. ولما كان البين من مدونات الحكم ان المسكن بأكمله فى حوزة الطاعن، وكان ماأورده الحكم فى تحصيله لواقعة الدعوى واقوال الشاهد عن الاماكن التى عثر على المضبوطات فيها بذلك المسكن خاليا من التناقض والاضطراب، فان منعى الطاعن فى هذا الخصوص يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائى فى جريمة احراز أو حيازة مخدر يتحقق بعلم المحرز او الحائز بان مايحرزه او يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالا عن هذا الركن اذا كان ماأوردته فى حكمها كافيا فى الدلالة على علم المتهم بان ما يحرزه مخدر، وكان مأورده الحكم المطعون فيه فى مدوناته كافيا فى الدلالة على توافر هذا العلم لدى الطاعن فان ماينعاه الطاعن على الحكم من قصور فى هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشاهد والتعويل عليها مهما وجه اليها من مطاعن، ومتى أخذت بشهادته، فان ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة لاتلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى وفى كل شبهه يثيرها والرد على ذلك مادام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالادانة استنادا الى أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم، ومادامت المحكمة - فى الدعوى الماثلة - قد اطمأنت فى حدود سلطتها التقديرية الى أقوال شاهد الاثبات فلا تثريب عليها اذا هى لم تعرض فى حكمها الى دفاع الطاعن الموضوعى الذى ماقصد به سوى اثارة الشبهة فى الدليل المستمد من تلك الأقوال، ومن ثم فان منعى الطاعن على الحكم فى هذا المقام يكون فى غير محله. لما كان ماتقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.