أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 944

جلسة 24 من سبتمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وأحمد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة. والسعيد برغوت وأبو بكر البسيوني.

(124)
الطعن رقم 17255 لسنة 66 القضائية

(1) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات "اعتراف".
للمحكمة أن تحيل في بيان مضمون اعتراف المتهم إلى ما ورد بتقرير لجنة الجرد. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(2) اختلاس أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم عدم إيراد مفردات المبلغ المختلس مجزءاً. غير مجد. ما دام لم ينازع الطاعن في مقدار ذلك المبلغ.
إيراد الحكم في مدوناته قيمة المبلغ المختلس تختلف عن الوارد بتقرير لجنة الجرد ومبلغ الغرامة المقضى به. خطأ مادي لا يعيبه.
(3) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة اختلاس أموال أميرية. غير لازم. ما دام قيامها مستفاداً من مجموع عباراته.
(4) تزوير "تزوير أوراق رسمية". جريمة "أركانها".
تحدث الحكم استقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير. غير لازم. علة ذلك؟
(5) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم من أدلة له أصله الصحيح في الأوراق ومن شأنه أن يؤدى إلى ما رتبه عليه.
(6) إثبات "بوجه عام". تزوير "تزوير أوراق رسمية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جرائم التزوير لم يرسم القانون طريقاً خاصاً لإثباتها. كفاية اطمئنان المحكمة من الأدلة السائغة التي أوردتها إلى ثبوت الجريمة.
اعتراف الطاعن بالتحقيقات ارتكابه جريمة التزوير. عدم طلبه من المحكمة الاطلاع على أصول المستندات أو ضمها النعي عليها في ذلك. غير مقبول.
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير مقبول.
مثال.
(8) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم فيما استطرد إليه من بيان أوجه الدفاع. لا يعيبه ما دام أنه لا يتعلق بجوهر الأسباب التي بني عليها ولا أثر له في منطقة أو في النتيجة التي انتهى إليها.
1 - لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى أتبع ذلك ببيان مفصل للأدلة ومن بينها أقوال الشاهد الأول وتقرير لجنة الجرد كما أورد مضمون اعتراف الطاعن - خلافاً لما يذهب إليه بأسباب طعنه - إذ أن ما أورده الحكم في سياق تحصيله للاعتراف واضح الدلالة على أن الطاعن أقر بمضمون ما جاء بتقرير لجنة الجرد وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان مضمون اعتراف المتهم إلى ما ورد بالتقرير ما دامت أقواله متفقة فيما استند إليه الحكم منها ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى.
2 - لما كان الطاعن لا ينازع في مقدار المبلغ المختلس فإنه لا جدوى فيما يثيره من أن الحكم لم يورد مفرداته مجزأة، لما كان ذلك وكان ما خلص إليه الحكم من تقرير الطاعن مبلغ 796938.33 جنيهاً هو ذات المبلغ الذي قرره أعضاء لجنة الجرد التي عولت عليه المحكمة في قضائها بإدانة الطاعن فإن ما أورده الحكم في مدوناته من أن قيمة المبلغ المختلس 793938.33 جنيهاً لا يعدو أن يكون خطأ مادياً وزلة قلم لا تخفى فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس.
3 - لما كان الحكم قد انتهى في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى مسئولية الطاعن عن المبلغ موضوع الجريمة أخذاً بما قرره شهود الإثبات واعتراف المتهم بالتحقيقات وقيامه بسداده، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كافياً وسائغاً في بيان نية الاختلاس. وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه. فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار قصد الاختلاس يكون في غير محله.
4 - من المقرر أنه لا يلزم الحكم أن يتحدث استقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
5 - لما كان القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وإذ كانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه والتي لا يماري الطاعن أن لها أصلها الصحيح في أوراق الدعوى من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن لجريمة التزوير.
6 - لما كان القانون لا يجعل لإثبات التزوير طريقاً خاصاً ما دامت المحكمة قد اطمأنت من الأدلة السائغة التي أوردتها إلى ثبوت الجريمة وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن اعترف في التحقيقات بما لا يماري فيه بارتكاب جريمة التزوير ولا يبين من محضر جلسة المحاكمة أنه طلب من المحكمة الاطلاع على أصول تلك المستندات أو ضمنها فليس له أن ينعى على الحكم عدم إطلاع المحكمة عليها أو سلوكه طريقاً معيناً في إثبات الجريمة.
7 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة سماع شهادة مندوب خزينة البنك والجمعيات أو الانتقال إلى الجمعيات تحقيقاً لدفاعه بشأن القائم بالسداد فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له.
8 - لما كان ما ينعاه الطاعن من أن الحكم نسب إلى المدافع عنه على خلاف الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن يقوم بالسداد حال أن الثابت بهذا المحضر أن القائم بالسداد هي الجمعيات، فإنه مردود بأن خطأ الحكم فيما استطرد إليه من بيان أوجه الدفاع لا يعيبه طالما أنه لا يتعلق بجوهر الأسباب التي بنى عليها ولا أثر له في منطقه أو في المنتجة التي انتهى إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بصفته موظفاً عاماً "صراف خزينة بنك قرية...... التابع لبنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنوفية". اختلس مبلغاً قدره 33 ق 796538 جنيهاً سبعمائة وستة وتسعون ألفاً وخمسمائة وثمانية وثلاثون جنيهاً وثلاثة وثلاثون قرشاً والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته بمقتضى وظيفته حالة كونه من الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة وقد ارتبطت هذه الجناية بجناية تزوير في محررات رسمية ارتباطاً لا يقبل التجزئة هي أنه في ذات الزمان والمكان سالف الذكر وبصفته السالفة ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي إيصالات الصرف 42 حسابات ومستندات الإيداع 24 حسابات بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع عمله بتزويرها حال تحريرها المختص بوظيفته بأن قام بتعديل المبالغ المدونة بإيصالات الصرف سالفة الذكر بالزيادة على ما صرفت بالفعل لسلف المقاومة الجماعية وللحسابات الجارية بالبنك بإضافته أرقاماً وحروفاً إليها واختلس الفارق لنفسه كما قام بالتلاعب في مستندات الإيداع سالفة البيان بأن أثبتها بدفتر الخزينة بمبالغ اقل من التي أودعت بالفعل واختلس الفارق لنفسه كما أثبت بدفتر الخزينة مبالغ صرفت للعملاء تزيد عما تم صرفه بالفعل واختلس الفارق لنفسه كما قام باصطناع إيصالات صرف وتحريرها بمبالغ مختلفة من الخزينة 42 حسابات على أنها صرفها كسلف مقاومة جماعية لبعض الجمعيات الزراعية على خلاف الحقيقة واختلسها لنفسه كما دون ببعض الإيصالات 42 حسابات قيمة مغايرة لقيمتها المدونة بدفتر الخزينة كما قام بإضافة مبالغ كإيداعات غير حقيقية لتغطية المبالغ التي اختلسها وذلك على النحو المبين بالأوراق، وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بشبين الكوم لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 122/ 1، 2 أ - ب، 118، 118 مكرراً، 119، 119 مكرراً، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات والعزل من وظيفته وبغرامة مقدارها 33 ق 796538 جنيهاً فقط سبعمائة وستة وتسعون ألفاً وخمسمائة وثمانية وثلاثون جنيهاً وثلاثة وثلاثون قرشاً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاختلاس والتزوير في أوراق رسمية قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد ذلك بأنه عول في قضائه على أقوال شاهد الإثبات الأول وتقرير لجنة الجرد واعتراف الطاعن دون إيراد الدليل المستمد من كل منهم ولم يبين الحكم مفردات المبلغ المختلس وأثبت في مدوناته أن قيمة المبلغ المختلس 33 ق 73938 جنيهاً ثم خلص إلى تقديم الطاعن 33 ق 796938 جنيهاً وتمسك بدفاع مؤيد بالمستندات قوامه أن ما نسب إليه هو مجرد عجز في العهدة لا يرقى إلى مرتبة الاختلاس غير أن الحكم دانه بالجريمة دون أن يوضح الكيفية التي خلص فيها إلى أن ذلك العجز قد اقترن بنية الاختلاس ورغم انتفاء جريمة التزوير، ولم تطلع المحكمة على المستندات المقول بتزويرها بعد أن جحد الطاعن صورها الضوئية ولم تستجب لطلبه بضم أصول تلك المستندات وسماع مندوب خزينة البنك والجمعيات لمعرفة القائم بالسداد، هذا إلى أنه كان يتعين على المحكمة الانتقال إلى الجمعيات لإجراء المطابقة ونسب الحكم إلى المدافع عن الطاعن دفاعاً لم يقل به كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى أتبع ذلك ببيان مفصل للأدلة ومن بينها أقوال الشاهد الأول وتقرير لجنة الجرد كما أورد مضمون اعتراف الطاعن - خلافاً لما يذهب إليه بأسباب طعنه - إذ أن ما أورده الحكم في سياق تحصيله للاعتراف واضح الدلالة على أن الطاعن أقر بمضمون ما جاء بتقرير لجنة الجرد وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان مضمون اعتراف المتهم إلى ما ورد بالتقرير ما دامت أقواله متفقة فيما استند إليه الحكم منها - كالحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك وكان الطاعن لا ينازع في مقدار المبلغ المختلس فإنه لا جدوى فيما يثيره من أن الحكم لم يورد مفرداته مجزأة، لما كان ذلك وكان ما خلص إليه الحكم من تقرير الطاعن مبلغ 796938.33 جنيهاً هو ذات المبلغ الذي قرره أعضاء لجنة الجرد التي عولت عليه المحكمة في قضائها بإدانة الطاعن فإن ما أورده الحكم في مدوناته من أن قيمة المبلغ المختلس 793938.33 جنيهاً لا يعدو أن يكون خطأ مادياً وزلة قلم لا تخفى فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى مسئولية الطاعن عن المبلغ موضوع الجريمة أخذاً بما قرره شهود الإثبات واعتراف المتهم بالتحقيقات وقيامه بسداده، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كافياً وسائغاً في بيان نية الاختلاس. وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه. - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار قصد الاختلاس يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم الحكم أن يتحدث استقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه. وكان القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وإذ كانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه والتي لا يماري الطاعن أن لها أصلها الصحيح في أوراق الدعوى من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن لجريمة التزوير. فإن النعي في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون لا يجعل لإثبات التزوير طريقاً خاصاً ما دامت المحكمة قد اطمأنت من الأدلة السائغة التي أوردتها إلى ثبوت الجريمة وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن اعترف في التحقيقات بما لا يماري فيه بارتكاب جريمة التزوير ولا يبين من محضر جلسة المحاكمة أنه طلب من المحكمة الاطلاع على أصول تلك المستندات أو ضمنها فليس له أن ينعى على الحكم عدم إطلاع المحكمة عليها أو سلوكه طريقاً معيناً في إثبات الجريمة. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة سماع شهادة مندوب خزينة البنك والجمعيات أو الانتقال إلى الجمعيات تحقيقاً لدفاعه بشأن القائم بالسداد فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له. لما كان ذلك وكان ما ينعاه الطاعن من أن الحكم نسب إلى المدافع عنه على خلاف الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن يقوم بالسداد حال أن الثابت بهذا المحضر أن القائم بالسداد هي الجمعيات، فإنه مردود بأن خطأ الحكم فيما استطرد إليه من بيان أوجه الدفاع لا يعيبه طالما أنه لا يتعلق بجوهر الأسباب التي بني عليها ولا أثر له في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.