مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السادس (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1942 لغاية 29 أكتوبر سنة 1945) - صـ 151

جلسة 8 فبراير سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة سيد مصطفى بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: منصور إسماعيل بك وجندي عبد الملك بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

(105)
القضية رقم 519 سنة 13 القضائية

( أ ) إثبات. المانع من الحصول على الكتابة. تقديره. موضوعي.
(المادة 215 مدني)
(ب) وديعة. وارث. تسلمه عقد كان مسلماً لأبيه على سبيل الوديعة وهو عالم بذلك. العقد يعتبر وديعة عنده. الوديعة لا يشترط أن تكون وليدة عقد.
(المادة 296 ع = 341)
1 - إن تقدير المانع من الحصول على الكتابة من أمور الموضوع التي تفصل فيها المحكمة وجوداً وعدماً تبعاً لوقائع كل دعوى وملابساتها، ومتى قالت المحكمة بقيام هذا المانع بناء على ما تذكره في حكمها من أسباب فلا تقبل المناقشة في ذلك أمام محكمة النقض.
2 - الوارث الذي يتسلم العقود التي كانت مسلمة على سبيل الوديعة لأبيه قبل وفاته، وهو عالم بذلك، يعتبر وجود هذه العقود لديه على سبيل الوديعة كذلك، ما دامت يده عليها، بمقتضى حكم القانون، يد أمانة تتطلب منه أن يتعهدها بالحفظ كما يحفظ مال نفسه ويردّها بعينها عند أول طلب من صاحبها. أو بعبارة أخرى تتطلب منه القيام بجميع الواجبات التي فرضها القانون في باب الوديعة على المودع لديه. ولا يقلل من صدق هذا النظر أنه لم يباشر مع المجني عليه عقد وديعة، وأن العقد الذي أنشأها إنما كان مع أبيه فينتهي بموته. وذلك لأن القانون حين عرّف جريمة خيانة الأمانة في المادة 341 ع لم ينص على أن تكون الوديعة، باعتبارها سبباً من الأسباب التي أوردها على سبيل الحصر لوجود المال المختلس لدى المتهم، وليدة عقد، بل اكتفى في ذلك بعبارة عامة، وهي أن يكون تسلم المال قد حصل على "وجه الوديعة" مما يستوي فيه بالبداهة ما يكون منشؤه التعاقد وما يكون مصدره القانون.


المحكمة

وحيث إن الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ أدان الطاعن في جريمة تبديد العقود المقول بتسليمها إلى والده قبل وفاته على سبيل الوديعة من المدعي بالحق المدني قد وقع في خطأين: بإجازته الإثبات في الدعوى بالبينة وقرائن الأحوال مع أن قيمة العقود المدعى بها تزيد على عشرة جنيهات، ولم يكن المدعي في حالة من الحالات التي يجوز ذلك فيها استثناء، ثم باعتباره الطاعن مودعاً لديه مع أنه لم يكن طرفاً في عقد الوديعة المقول بأنه حصل بين المدعي بالحق المدني ووالد الطاعن لا إلى الطاعن نفسه. ولما كان لا يصح في القانون مساءلة المتهم بتبديد شيء إلا بعد أن يثبت عليه هو عقد الوديعة طبقاً للقانون المدني، فإن الحكم المطعون فيه يكون خاطئاً متعيناً نقضه.
وحيث إن ما يثيره الطاعن في طعنه مردود: (أوّلاً) بأن المحكمة حين قبلت من المدعي بالحق المدني إثبات عقد الوديعة بالبينة قالت "قد ثبت للمحكمة من مطالعة الأوراق ومناقشة الشهود بالجلسة أن المجني عليهما وغيرهما من أهالي البلدة اعتادوا إيداع أوراقهم عند والد المتهم دون حصولهم منه على كتابة لأنه خطيب مسجد القرية ولما آنسوه فيه من أمانة ومروءة ووفاء. فضلاً عن أنه كانت تربطه بالمجني عليه صلة القربى. وقد وجد عنده فعلاً بعد وفاته أربعون عقداً لبعض أهالي البلدة دون أن يكون لديهم كتابة مثبتة لإيداعها عنده، لأن المانع الأدبي وهو شعور المودعين ومن بينهم المجني عليهما بالاحترام لوالد المتهم بحكم كونه خطيب مسجدهم وموضع ثقتهم، وما جرى به العرف والعادة بالقرى في الأحوال المماثلة، مما يحول دون الحصول على كتابة. ومن ثم يجيز هذا المانع الإثبات بالبينة وقرائن الأحوال". ولما كان تقدير المانع من الحصول على الكتابة متعلقاً بموضوع الدعوى تفصل فيه المحكومة وجوداً وعدماً تبعاً لوقائع كل دعوى وملابساتها، فإنه بعد أن قالت محكمة الموضوع بوجود هذا المانع لدى المدّعي بالحق المدني اعتماداً على الأسباب التي ذكرتها لا تقبل المناقشة في ذلك أمام محكمة النقض. (وثانياً) بأنه ما دام الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن، وهو وارث لأبيه، قد تسلم العقود الموجودة في التركة وهو عالم بحقيقة أمرها بأنها كانت مسلمة لأبيه قبل وفاته على سبيل الوديعة، فإن وجود العقود لديه في هذه الظروف يعتبر على سبيل الوديعة كذلك، ما دامت يده عليها بمقتضى حكم القانون يد أمانة تتطلب منه أن يتعهدها بحفظها كما يحفظ مال نفسه ويردّها بعينها عند أوّل طلب يحصل من صاحبها، أو بعبارة أخرى تتطلب منه القيام بجميع الواجبات التي فرضها القانون في باب الوديعة على المودع لديه. ولا يقلل من صدق هذا النظر ما يقول به الطاعن من أنه لم يباشر مع المجني عليه عقد وديعة، وأن العقد الذي أنشأها إنما كان مع أبيه وانتهى بموته، لأن القانون حين عرف جريمة خيانة الأمانة في المادة 341 عقوبات لم ينص على أن تكون الوديعة - باعتبارها سبباً من الأسباب التي أوردها على سبيل الحصر لوجود المال المختلس لدى المتهم - نتيجة عقد، بل اكتفى في ذلك بعبارة عامة وهي أن يكون تسلم المال قد حصل على "وجه الوديعة" مما يستوي فيه بداهة الوديعة التي تنشأ عن التعاقد والوديعة التي مصدرها القانون، كما هو الحال في الدعوى.