أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 853

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فوزى المملوك، وراغب عبد الظاهر، وفوزى أسعد، وحسن غلاب.

(147)
الطعن رقم 1396 لسنة 51 القضائية

1 - اثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود. موضوعى.
2 - اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع فى تكوين اقتناعها من أى دليل تطمئن اليه مادام له مآخذ من الأوراق.
3 - اثبات "اثبات بوجه عام". جريمة "اثباتها". سلاح.
جواز اثبات الجرائم على اختلاف أنواعها بما فيها جريمتى احراز السلاح وذخيره بكافة الطرق القانونية الا ما استثنى بنص خاص.
4 - اثبات "شهاده".
حق المحكمة فى الاخذ بالشهاده السماعيه.
5 - اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالتحدث الا عن الأدلة ذات الاثر فى تكوين عقيدتها.
6 - اثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض اقوال الشهود فى بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟
7 - نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل من الاسباب". "نظره والحكم فيه". طعن "الصفة فى الطعن والمصلحه فيه".
خلو الحكم من الاشارة الى واقعة أصابة أحد أو الى ما جاء بتقرير الصفة التشريحية. لعدم رفع دعوى بشأن هذه الواقعة أثره؟
8 - اثبات "شهاده". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الأدلة. حق لمحكمة الموضوع. لها تجزئة أقوال الشاهد والمواءمه بين ما أخذته وبين الشهود الآخريين.
1 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن اليه، وهى متى أخذت بشهادتهم، فان ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ بها.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أى دليل تطمئن اليه طالما ان هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق.
3 - الأصل ان الجرائم على اختلاف أنواعها - الاما أستثنى بنص خاص جائزا ثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينه وقرائن الأحوال، وأن الجرائم احراز السلاح النارى والذخيرة واطلاق عيار نارى داخل قرية - التى دين بها الطاعن – لا يشملها استثناء فانه يجرى عليها ما يجرى على سأئر المسائل الجنائية من طرق الاثبات.
4 - من المقرر انه ليس فى القانون ما يمنع المحكمة من الاخذ برواية ينقلها شخص عن آخرين متى رات ان تلك الأقوال قد صدرت عنهم حقيقة وكانت تمثل الواقع فى الدعوى اذ المرجع فى تقدير الشهادة ولو كانت منقولة هو الى محكمة الموضوع وحدها فمتى صدقتها واطمأنت الى صحتها ومطابقتها للحقيقة فلا تصح مصادرتها فى الاخذ بها والتعويل عليها.
5 - من المقرر فى أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث فى حكمها الا عن الادلة ذات الاثر فى تكوين عقيدتها.
6 - تناقض رواية الشهود فى بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح فى سلامته مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه، ومادام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن اليها فى تكوين عقيدته - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة.
7 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند فى ادانة الطاعن الى أقوال شهود الاثبات دون ان يشير فى سياق اسبابه الى واقعة اصابة أحد أوالى ماجاء بتقرير الصفة التشريحية المتعلق به - بالنظر الى أن هذه الواقعة لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى فان ما ينعاه الطاعن فى أسباب طعنه من قيام تناقض بين الدليلين القولى والفنى يغدو أمرا خارجا عن نطاق ماقضى به الحكم وغير متصل به.
8 - من المقرر ان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة فى تقدير أدلة الدعوى ولها أن تجزئ أقوال الشاهد الواحد وان توائم بين ماأخذته عنه بالقدر الذى رواه، وبين ما أخذته من قول شهود آخرين وان تجمع بين هذه الاقوال وتورد مؤداها جملة وتنسبه اليهم معا، مادام ما أخذت به من شهادتهم ينصب على واقعة واحدة لا يوجد خلاف فيما نقلته عنهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية بأنه فى يوم أول أغسطس سنة 1977 بدائرة مركز امبابة محافظة الجيزة: (أولا) احرز بدون ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن. (ثانيا) احرز ذخيرة "ثلاث طلقات" مما تستعمل فى الاسلحة النارية حالة كونة غير مرخص له بحيازة سلاح نارى. (ثالثا) أطلق عيارا ناريا فى قرية. وطلبت من مستشار الاحالة احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا عملا بمواد قانون السلاح والمواد 6377، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل ستة شهور وتغريمه عشرة جنيهات عن التهم المسندة اليه.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض كما طعن الاستاذ..... المحامى بصفته وكيلا عن المتهم بطريق النقض فى الحكم ذاته وقدم تقرير بأسباب الطعن فى التاريخ ذاته موقعا عليه منه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا.
من حيث ان الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث ان مبنى الطعن هو ان الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجرائم احراز سلاح نارى وذخيرة بغير ترخيص واطلاق أعيرة نارية داخل قرية فقد شابه الفساد فى الاستدلال والتناقض والقصور فى التسبيب ذلك بانه عول فى قضائه على مجرد أقوال شهود الاثبات - دون ان يضبط مع الطاعن سلاح أو ذخيرة فضلا عن تناقض أقوال الشهود وأن من بينهم من لم ير كيفية وقوع الحادث، ومن ناحية أخرى فقد أخذ الحكم بأقوال عم المجنى عليه ووالدته على الرغم من قيام التناقض بين مؤداها وبين التقرير اذ مفاد ماشهدا به أن المجنى عليه كان يقف فى مكان مرتفع وظهره الى الطاعن بينما الثابت من تقرير الصفة التشريحية للمجنى عليه ان مسار العيار النارى من الامام الى الخلف وهو مالا يتأتى الا اذا كان الضارب على مستوى واحد مع المجنى عليه وفى مواجهته, هذا الى ان الحكم حصل أقوال بعض الشهود فى بيان واحد دون ان يبين بالتفصيل مؤدى أقوال كل شاهد على حده، وكل هذا يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حصله ان.... أقام حفلا بمناسبة زواج ابنته ودعا اليه أقاربه ومنهم...... و.... و..... (الطاعن) الذى أراد ان يشارك قريبه فرحته فأخرج سلاحا ناريا من جيب صديريه وأطلق منه ثلاثة أعيرة نارية فى الهواء اظهارا لشعوره، وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة وصحة اسنادها الى المتهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الاثبات، وأورد لدى تحصيله أقوال الشاهدين الاول والثانى أنهما شاهدا الطاعن يطلق من سلاح كان معه ثلاثة أعيرة نارية فى الهواء, وأنه لم يكن أحد غيره يطلق النار فى الحفل, كما أورد ان الشاهد.... شهد بأنه كان يعقد قران ابنته عندما سمع صوت ثلاثة أعيرة نارية تطلق فى الحفل وأنه علم من المدعوين أن الطاعن هو الذى أطلقها، ثم أورد مؤدى أقوال باقى الشهود جملة بأنهم شهدوا بأنهم علموا من الاهالى ان المتهم هو مطلق الاعيرة النارية فى حفل العرس. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه اليه من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن اليه، وهى متى أخذت بشهادتهم، فان ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ بها، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أى دليل تطمئن اليه طالما ان هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان الأصل ان الجرائم على اختلاف أنواعها - الا ما استثنى بنص خاص - جائز اثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الاحوال، وان جرائم احراز السلاح النارى والذخيرة واطلاق عيار نارى داخل قرية - التى دين بها الطاعن - لا يشملها استثناء فانه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الاثبات ومن ثم فان الحكم المطعون فيه اذ استدل على نسبة هذه الجرائم للطاعن من أقوال شهود الاثبات ورؤية الشاهدين الاولين له يطلق النار من سلاح كان معه فى الحفل فان استدلاله يكون سائغا ومن شأنه ان يؤدى الى مارتبه عليه. لما كان ذلك، وكان تناقض رواية الشهود فى بعض تفاصيلها لايعيب الحكم أو يقدح فى سلامته مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه، وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن اليها فى تكوين عقيدته - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - وكان من المقرر انه ليس فى القانون مايمنع المحكمة من الاخذ برواية ينقلها شخص عن آخرين متى رأت ان تلك الأقوال قد صدرت منهم حقيقة وكانت تمثل الواقع فى الدعوى اذ المرجع فى تقدير الشهادة ولو كانت منقولة هو الى محكمة الموضوع وحدها فمتى صدقتها واطمأنت الى صحتها ومطابقتها للحقيقة فلا تصح مصادرتها فى الاخذ بها والتعويل عليها. ومن ثم فان النعى على الحكم بقالة انه عول على أقوال الشهود رغم تناقضها وانه أخذ بأقوال شهود لم يروا كيفية وقوع الحادث لايكون سديدا. لما كان ذلك وكان من المقرر فى أصول الاستدلال ان المحكمة غير ملزمة بالتحدث فى حكمها الا عن الادلة ذات الاثر فى تكوين عقيدتها، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه انه استند فى أدانة الطاعن الى أقوال شهود الاثبات دون ان يشير فى سياق أسبابه الى واقعة اصابة أحد أوالى ماجاء بتقرير الصفة التشريحية المتعلق به - بالنظر الى أن هذه الواقعة لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى فان ماينعاه الطاعن فى أسباب طعنه من قيام تناقض بين الدليلين القولى والفنى يغدو أمرا خارجا عن نطاق ماقضى به الحكم وغير متصل به، ومن ثم فان كل مايثيره الطاعن على الحكم من دعوى الفساد فى الاستدلال والتناقض يكون فى غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم قد أورد فى مجال استدلاله أقوال بعض الشهود صلة بانهم علموا من الاهالى بان المتهم هو مطلق الاعيرة النارية، وكان من المقرر ان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة فى تقدير أدلة الدعوى ولها أن تجزئ أقوال الشاهد الواحد وأن توائم بين ماأخذته عنه بالقدر الذى رواه، وبين ماأخذته من قول شهود آخرين وان تجمع بين هذه الاقوال وتورد مؤداها جملة وتنسبه اليهم معا، مادام ما أخذت به من شهادتهم ينصب على واقعة واحدة لايوجد خلاف فيما نقلته عنهم، واذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر وجمع فى بيان واحد مؤدى الدليل المستمد من أقوال هؤلاء الشهود الذين تطابقت أقوالهم فيما حصله الحكم واستقر عليه منها فلا بأس عليه ان هو أورد مؤدى شهادتهم جملة عزتها اليهم جميعا تفاديا للتكرار الذى لاموجب له. ويكون ماذهب اليه الطاعن من تعييب الحكم بالقصور لعدم ايراده أقوال كل شاهد على حده غير سديد. لما كان ماتقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.