أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 860

جلسة 10 من نوفمبر 1981

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: فوزى المملوك وراغب عبد الظاهر وفوزى اسعد وعبد الرحيم نافع.

(148)
الطعن رقم 1494 لسنة 51 القضائية

1 - أختصاص "الأختصاص الولائى". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
القضاء الغير منه للخصومه فى الدعوى والذى لا ينبنى عليه منع السير فيها. عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض.
مثال: قضاء الحكم المطعون فيه باعادة الدعوى الى محكمة أول درجة. غير منه للخصومه. أثر ذلك؟
2 - أختصاص "الأختصاص الولائى". قضاء. عسكرى.
نطاق أختصاص القضاء العسكرى من حيث الاشخاص والجرائم.
3 - أختصاص "الاختصاص الولائى". نيابه عسكرية. قضاء عسكرى دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". نقض "مايجوز الطعن فيه من الأحكام".
القضاء العسكرى. حقه وحده دون معقب فى التقرير بما اذا كان الجرم داخلا فى اختصاصه من عدمه.
النيابة العسكرية عنصر من القضاء العسكرى. اثر ذلك؟
مثال: رفع الدعوى الجنائية الى القضاء العادى عن جريمة سبق ان قرر القضاء العسكرى بأنها تدخل فى اختصاصه الولائى. تعين على القضاء العادى أن يحكم بعدم اختصاصه بنظرها.
1 - لما كانت المادة 31 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لا تجيز الطعن بطريق النقض فى الاحكام الصادرة قبل الفصل فى الموضوع الا اذا انبنى عليها منع السير فى الدعوى، وكان القضاء المطعون فيه اذ قضى باعادة الدعوى الى محكمة أول درجة غير منه للخصومة فى موضوع الدعوى ولا ينبنى عليه منع السير فيها - فان الطعن فيه بطريق النقض يكون غير جائز، ومن ثم يتعين الحكم بعدم جواز الطعن فى هذا الحكم.
2 - المادة الرابعة من قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 قد أوردت ضمن العسكريين الخاضعين لاحكام القضاء العسكرى ضباط القوات المسلحة، ونصت المادة السابعة منه بالفقرتين الاولى والثانية على سريانه على كافة الجرائم التى ترتكب من الاشخاص الخاضعين له، اذا وقعت بسبب تأدية أعمال وظائفهم، وكذلك كافة الجرائم اذا لم يكن فيها شريك أو مساهم من غير الخاضعين له.
3 - لما كان نص المادة 48 من قانون الاحكام العسكرية قد جرى على أن السلطات القضائية العسكرية هى وحدها التى تقرر ما اذا كان الجرم داخلا فى اختصاصها أولا، وكانت المذكرة الايصاحية للقانون المذكور قد نصت على أن هذا الحق قرره القانون للسلطات القضائية العسكرية على مستوى كافة مراحل الدعوى ابتداء من تحقيقها حتى الفصل فيها. وكانت النيابة العسكرية عنصرا أصيلا من عناصر القضاء العسكرى وتمارس السلطات الممنوحة للنيابة العامة للدعاوى الداخلة فى اختصاص القضاء العسكرى طبقا للمواد 1، 28، 30 من القانون السالف ذكره فانها هى التى تختص بالفصل فيما اذا كانت الجريمة تدخل فى اختصاصها، وبالتالى فى اختصاص القضاء العسكرى وقرارها فى هذا الصدد هو القول الفصل الذى لا يقبل تعقيبا، فاذا رأت اختصاصها بجريمة ما امتنع على القضاء العادى أن يفصل فيها ومن ثم فانه متى رفعت الدعوى الجنائية الى القضاء العادى عن جريمة سبق أن قرر القضاء العسكرى أنها تدخل فى اختصاصه الولائى تعين على القضاء العادى أن يحكم بعدم اختصاصة بنظرها.


الوقائع

أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بالطريق المباشر أمام محكمة جنح النزهة الجزئية ضد الطاعن متهمة أياه بأنه قذف فى حقها بان قال انها تشين سمعه العائلة لانها عائشة فى منزل طليقها. وطلبت معاقبته بالمادة 171 من قانون العقوبات مع الزامه أن يدفع لها مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. والمحكمة المشار اليها قضت حضوريا بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحالتها الى القضاء العسكرى. فاستأنفت المدعية بالحقوق المدنية هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع باجماع الاراء بالغاء الحكم المستأنف وباختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى واعادتها الى محكمة أول درجة لنظر الموضوع. عارض (الطاعن)، وقضى فى معارضته بقبولها شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه. ومحكمة جنح النزهة الجزئية - بعد الغاء الحكم الصادر فيها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباختصاصها بها قضت غيابيا قبل صدور الحكم فى المعارضة المرفوعة من الطاعن عن الحكم الغيابى الاستئنافى - بحبس المتهم شهرا مع الشغل وكفالة عشرين جنيها لايقاف التنفيذ والزامه بان يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسون جنيها على سبيل التعويض المؤقت. عارض المحكوم عليه، وقضى فى المعارضة بقبولها شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم الغيابى المعارض فيه والاكتفاء بتغريم المتهم عشرة جنيهات - والتأييد فيما عدا ذلك فأستأنف، ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الاستاذ...... المحامى بصفته وكيلا عن المحكوم عليه فى الحكم بطريق النقض وقدم تقريرا بالاسباب فى التاريخ ذاته موقعا عليه منه.
كما طعن أيضا بذات الصفة فى الحكم الصادر بطريق النقض وقدم تقريرا بالاسباب فى التاريخ ذاته موقعا عليه منه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا.
(أولا) عن الطعن فى الحكم الصادر فى الرابع من يناير سنة 1979:
من حيث ان محكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بجلسة 4 من يناير سنة 1979 بقبول معارضة الطاعن شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه الذى قضى بقبول الاستئناف المرفوع من المدعية بالحق المدنى (المطعون ضدها) شكلا وفى الموضوع وباجماع الاراء بالغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى وباعادتها اليها لنظر الموضوع، فطعن وكيل الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض. لما كان ذلك، وكانت المادة 31 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لا تجيز الطعن بطريق النقض فى الأحكام الصادرة قبل الفصل فى الموضوع الا اذا انبنى عليها منع السير فى الدعوى، وكان القضاء المطعون فيه اذ قضى باعادة الدعوى الى محكمة أول درجة غير منه للخصومة فى موضوع الدعوى ولا ينبنى عليه منع السير فيها - فان الطعن فيه بطريق النقض يكون غير جائز، ومن ثم يتعين الحكم بعدم جواز الطعن فى هذا الحكم.
(ثانيا) عن الطعن فى الحكم الصادر فى الأول من مايو سنة 1980:
حيث ان الطعن فى هذا الحكم قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث ان مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه قد خالف القانون اذ تصدى للفصل فى الدعوى ودانه بجريمة القذف المسندة اليه رغم ما ثبت أمام محكمة الموضوع من أنه ضابط بالقوات المسلحة وأن المدعية بالحق المدنى سبق أن أبلغت القضاء العسكرى بالواقعة ذاتها فباشرت النيابة العسكرية المختصة تحقيق شكواها وأصدرت قرارا بحفظها.
وحيث ان هذا النعى صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة الرابعة من قانون الاحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 قد أوردت ضمن العسكريين الخاضعين لاحكام القضاء العسكرى ضباط القوات المسلحة، ونصت المادة السابعة منه بالفقرتين الاولى والثانية على سريانه على كافة الجرائم التى ترتكب من الاشخاص الخاضعين له، اذا وقعت بسبب تأدية أعمال وظائفهم، وكذلك كافة الجرائم اذا لم يكن فيها شريك أو مساهم من غير الخاضعين له، وكان يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية للقضية رقم 6870 لسنة 1975 جنح عسكرية شرق القاهرة المرفقة بملف الطعن أن موضوعها هو البلاغ المقدم من المطعون ضدها (المدعية بالحق المدنى) الى النيابة العسكرية ضد الطاعن وهو عميد بالقوات المسلحة - أسندت اليه فيه ذات الواقعة التى ضمنتها عريضة دعواها المباشرة محل الطعن الماثل، ولان أحكام القانون رقم 25 لسنة 1966 سرى على الجريمة المسندة الى الطاعن طبقا للفقرة الثانية من المادة السابعة سالفة الذكر لعدم وجود مساهمة معه فيها من غير الخاضعين لاحكام هذا القانون، فقد باشرت النيابة العسكرية تحقيق الواقعة وانتهت بتاريخ 20 من يونية سنة 1976 الى حفظها اداريا لعدم الصحة ثم عادت النيابة العسكرية وأصدرت فيها بتاريخ 29 من ابريل سنة 1979 أمرا بالاوجه لاقامة الدعوى الجنائية. لما كان ذلك، وكان نص المادة 48 من قانون الاحكام العسكرية قد جرى على أن السلطات القضائية العسكرية هى وحدها التى تقرر ما اذا كان الجرم داخلا فى اختصاصها أولا، وكانت المذكرة الايضاحية للقانون المذكور قد نصت على أن هذا الحق قرره القانون للسلطات القضائية العسكرية على مستوى كافة مراحل الدعوى ابتداء من تحقيقها حتى الفصل فيها, وكانت النيابة العسكرية عنصرا أصيلا من عناصر القضاء العسكرى وتمارس السلطات الممنوحة للنيابة العامة بالنسبة للدعاوى الداخلة اختصاص القضاء العسكرى طبقا للمواد 1، 28، 30 من القانون السالف ذكره فانها هى التى تختص بالفصل فيما اذا كانت الجريمة تدخل فى اختصاصها، وبالتالى فى اختصاص القضاء العسكرى وقرارها فى هذا الصدد هو القول الفصل الذى لايقبل تعقيبا، فاذا رأت اختصاصها بجريمة ما امتنع على القضاء العادى أن يفصل فيها ومن ثم فانه متى رفعت الدعوى الجنائية الى القضاء العادى عن جريمة سبق أن قرر القضاء العسكرى أنها تدخل فى اختصاصه الولائى تعين على القضاء العادى أن يحكم بعدم اختصاصه بنظرها. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن النيابة العسكرية رأت أنها مختصة بالجريمة التى أبلغتها بها المطعون ضدها وباشرت تحقيقها وانتهت الى التصرف فيها على النحو المتقدم ذكره، فانه ماكان يجوز للقضاء العادى أن يتصدى للدعوى التى أقامتها المدعية بالحق المدنى ويفصل فيها بعد ان حسمت ذلك جهة القضاء العسكرى. واذ كان الحكم النهائى المطعون فيه الصادر فى الأول من مايو سنة 1980 قد خالف هذا النظر وتصدى لنظر الدعوى والحكم فيها بمعاقبة الطاعن فانه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون، ويتعين لذلك نقضه وتصحيحه بالقضاء بعدم اختصاص القضاء العادى بنظر الدعوى.