أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 968

جلسة 30 من سبتمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ بهيج حسن القصبجي ويحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب ومحمد عيد سالم نواب رئيس المحكمة.

(130)
الطعن رقم 26214 لسنة 63 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود والدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
مثال لنفي التناقض بين الدليلين القولي والفني.
(3) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتتبع أوجه دفاع المتهم الموضوعي والرد عليها استلامها. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(4) محكمة الإعادة. نقض "نظر الطعن والحكم فيه". حالات الطعن. الخطأ في القانون".
نقض الحكم السابق بناء على طلب الطاعن وحده دون النيابة العامة. أثره: عدم جواز إضارته بطعنة. مخالفة محكمة الإعادة ذلك. خطأ في القانون يوجب نقضه وتصحيحه. أساس ذلك؟
مثال
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - لما كان لا يلزم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني واطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع المثار من المتهم من تناقض أقوال المجني عليه مع التقرير الطبي فذلك مردود بأن المجني عليه قد قرر بأن المتهم ضربه بمطواة في وجهه ويده اليسرى، وكان الثابت من التقرير الطبي أن إصابات المجني عليه جرح قطعي بالجانب الأيسر من الوجه وجرح قطعي بالسبابة اليسرى وكانت المطواة تحدث جروحاً قطعية فإن أقوال المجني عليه تكون غير متناقضة مع ما ورد بالتقرير الطبي ويطمئن إليه وجدان المحكمة ويتعين معاقبة المتهم عملاً بمادة الاتهام". وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في اطراح دفاع الطاعن سالف الذكر فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون في غير محله.
3 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة. فإن ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن دفاعه الموضوعي في شأن كيفية حدوث إصابة المجني عليه يكون غير سديد.
4 - لما كان البين من الأوراق أن محكمة أول درجة قضت بحبس الطاعن شهرين مع الشغل وألزمته بتعويض مؤقت قدره واحد وخمسين جنيهاً فاستأنف، ومحكمة ثاني درجة قضت..... بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم أسبوعاً مع الشغل وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. فطعن المحكوم عليه في ذلك الحكم بطريق النقض، وقضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة. ومحكمة الإعادة قضت...... بحكمها المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف - الذي كان قد قضى بحبس الطاعن شهرين مع الشغل - لما كان ذلك وكان نقص الحكم السابق حاصلاً بناء على طلب الطاعن وحده دون النيابة العامة مما لا يجوز معه أن يضار بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ومن ثم يتعين عملاً بالمادتين 35/ 2، 39/ 1 من القانون المذكور تصحيح الحكم المطعون فيه بجعل عقوبة الحبس المقضى بها أسبوعاً واحداً مع الشغل وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحدث عمداً بـ..... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك باستخدام آلة حادة (مطواة) وطلبت عقابه بالماد 242/ 1، 2 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح كرموز قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبسه شهرين مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ. عارض وادعى المجني في مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وقضى في معارضته بقولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبسه أسبوعاً مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدولها برقم.... لسنة 59 قضائية) وقضت هذه المحكمة - محكمة النقض - بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية لتفصل فيها مجدداً هيئة استئنافية أخرى، ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن لم يبين مضمون الأدلة التي عول عليها وأطرح دفعه بتناقض الدليلين القولي والفني برد غير سائغ والتفت عن دفاعه في شأن سبب إصابة المجني عليه، بما يعيبه ويستوجب نقضه. ومن حيث إنه من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها كان ذلك محققاً لحكم القانون، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالإدانة إلى أقوال المجني عليه والتقرير الطبي الموقع عليه. وأورد مضمون تلك الأقوال وفحوى ذلك التقرير في بيان كاف لتفهم الواقعة وتتوافر به كافة الأركان القانونية لجريمة الضرب التي دان الطاعن بها فإن النعي عليه بالقصور في هذا الصدد لا يكون سديداً، لما كان ذلك، وكان لا يلزم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاَ يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني واطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع المثار من المتهم من تناقض أقوال المجني عليه مع التقرير الطبي فذلك مردود بأن المجني عليه قد قرر بأن المتهم ضربه بمطواة في وجهه ويده اليسرى، وكان الثابت من التقرير الطبي أن إصابات المجني عليه جرح قطعي بالجانب الأيسر من الوجه وجرح قطعي بالسبابة اليسرى وكانت المطواة تحدث جروحاً قطعية فإن أقوال المجني عليه تكون غير متناقضة مع ما ورد بالتقرير الطبي ويطمئن إليه وجدان المحكمة ويتعين معاقبة المتهم عملاً بمادة الاتهام". وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في إطراح دفاع الطاعن سالف الذكر فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون في غير محله، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة. فإن ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن دفاعه الموضوعي في شأن كيفية حدوث إصابة المجني عليه يكون غير سديد، لما كان ما تقدم، فإن كافة ما ينعاه الطاعن على الحكم لا يكون سديداً، إلا أنه لما كان البين من الأوراق أن محكمة أول درجة قضت بحبس الطاعن شهرين مع الشغل وألزمته بتعويض مؤقت قدره واحد وخمسين جنيهاً فاستأنف، ومحكمة ثاني درجة قضت بجلسة..... من ديسمبر سنة 1987 بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم أسبوعاً مع الشغل وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. فطعن المحكوم عليه في ذلك الحكم بطريق النقض، وقضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة. ومحكمة الإعادة قضت بجلسة..... من أغسطس سنة 1993 بحكمها المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف - الذي كان قد قضى بحبس الطاعن شهرين مع الشغل - لما كان ذلك وكان نقض الحكم السابق حاصلاً بناء على طلب الطاعن وحده دون النيابة العامة مما لا يجوز معه أن يضار بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ومن ثم يتعين عملاً بالمادتين 35/ 2، 39/ 1 من القانون المذكور تصحيح الحكم المطعون فيه يجعل عقوبة الحبس المقضى بها أسبوعاً واحداً مع الشغل وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك.