أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 901

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ أمين أمين عليوة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جمال الدين منصور، عبد العزيز عبد العاطى، يحيى العمورى، نجاح نصار.

(155)
الطعن رقم 604 لسنة 51 القضائية

1 - غش فى تنفيذ العقود. جريمة "أركانها" غش. قانون "تفسيره". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اثبات الحكم قيام الطاعن بصفته متعاقدا من الباطن بتوريد لحوم فاسدة لجهة حكومية. لم يثبت غشه لها أو علمه بفسادها. تطبيقه الفقرة الثانية من المادة 116 مكرر ج عقوبات، النعى عليه بدعوى الخطأ فى تطبيق القانون. لا يقبل. عليه ذلك؟.
2 - نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". غش.
دفاع الطاعن بأنه لم يكن فى مقدوره العلم بالغش أو الفساد. عدم جواز اثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟.
3 - غش فى تنفيذ العقود. جريمة "أركانها".
كفاية وقوع الغش لتوافر جريمة الغش فى التوريد. ولو لم يترتب عليه ضرر ما.
4 - نقض "المصلحة فى الطعن".
اتصال أوجه الطعن بشخص الطاعن. شرط لقبولها. مثال لنعى غير مقبول.
1 - لما كان نص المادة 116 مكرراً (ج) من قانون العقوبات قد جرى فى فقرته الثانية على ان، كل من استعمل او ورد بضاعه او مواد مغشوشه أو فاسدة تنفيذا لأى من العقود سالفة الذكر، ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها يعاقب بالحبس والغرامة التى لا تجاوز الف جنيه أو احدى هاتين العقوبتين وذلك ما لم يثبت انه لم يكن فى مقدوره العلم بالغش أو الفساد ويحكم على الجانى بغرامة تساوى قيمة الضرر المترتب على الجريمة ويعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الاحوال، المتعاقد من الباطن والوكلاء والوسطاء اذا كان الاخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعا الى فعلهم "وكان من المقرر ان لمحكمة الموضوع أن تستنبط من الوقائع والقرائن ما تراه مؤديا عقلا الى النتيجة التى انتهت اليها، متى أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت فى الأوراق، فان ما تخلص اليه فى هذا الشأن يكون من قبيل فهم الواقع فى الدعوى مما يدخل فى نطاق سلطتها واذ كان مؤدى ما اثبته الحكم المطعون فيه بمدوناته ان الطاعن بصفته متعاقدا من الباطن على توريد لحوم لجهة حكومية قد ورد بالفعل كمية فاسدة منها الى تلك الجهة اذ تبين من فحص تلك الكمية انها محمومة وغير صالحة للاستهلاك الآدمى، وقد كان ذلك راجعا لفعله دون أن يثبت للمحكمة غشه أو علمه بفسادها، وكان الطاعن لا يمارى فى أن ما حصله الحكم من أقوال الشهود واعترافه بالتحقيقات بتوريدها له معينه الصحيح من الأوراق فلا يعدو ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطا فى تطبيق القانون - اذ دانه عن جريمة لما تقع - أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك الى مناقضة الصورة التى ارتسمت فى وجدان قاضى الموضوع بالدليل الصحيح، وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض.
2 - لما كان من المقرر أنه لا يصح أن يبنى الطعن على ما كان يحتمل أن يبديه المتهم أمام محكمة الموضوع من دفاع لم يبده بالفعل، وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن لم يتمسك بأنه لم يكن فى مقدوره العلم بالغش أو الفساد، ومن ثم فلا يقبل منه اثارة هذا الدفاع الموضوعى لأول مرة أمام محكمة النقض نظرا لما يحتاجه الى تحقيق يخرج عن وظيفتها.
3 - من المقرر انه لا يلزم لتوافر الركن المادى لجريمة الغش فى التوريد جسامة الضرر المترتب عليه بل يكفى وقوع الغش لتوافر الجريمة ولو لم يترتب عليه ضرر ما، فان ما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الصدد يكون غير سديد.
4 - لما كان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم الا ما كان متصلا منها بشخص الطاعن، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم فى شأن عدم قضائه بانقضاء الدعوى الجنائيه لوفاة والده لا يتصل بشخصه ولا مصلحة له فيه بعد أن أثبت الحكم مسئوليته الجنائية وقضى بادانته، فلا يقبل من الطاعن ما يثيره فى هذا الشان.


الوقائع

اتهمت النيابه العامه الطاعن بأنه فى يوم 10 من يوليو سنة 1975: 1 - بصفته متعاقدا من الباطن بمقتضى العقد المؤرخ 28/ 12/ 1974 المبرم بينه وبين...... المورد الأصلى أرتكب غشا فى عقد التوريد المؤرخ 28/ 12/ 1974 بأن ورد لحوما فاسده الى معسكر العمل للمسجونين بجنوب التحرير. (2) باع لحوما مغشوشة مع علمه بها. (3) باع لحوما مذبوحه خارج السلخانة. (4) باع لحوما غير صالحة للاستهلاك الآدمى. وطلبت عقابه بالمادة 116 مكررا ج من قانون العقوبات ومواد قانون الزراعه رقم 53 لسنه 1966. ومحكمه جنح مركز كوم حماده قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل والنفاذ لمدة ثلاثة أشهر والمصادرة وتغريمه مبلغا مساويا لقيمة اللحوم محل الغش بلا مصاريف جنائية. فعارض وقضى فى معارضته بقبولها شكلا وفى الموضوع بالغاء وصف النفاذ وتاييد الحكم المعارض فيه فيما عدا ذلك وقدرت كفاله عشرين جنيها لوقف تنفيذ عقوبة الحبس. فاستأنف ومحكمة دمنهور الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فطعن الاستاذ...... المحامى عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجريمة ارتكاب غش فى تنفيذ عقد توريد من الباطن قد شابه فساد الاستدلال وانطوى على خطأ فى تطبيق القانون، ذلك انه رغم عدم اتمام اجراءات توريد كمية اللحوم المضبوطه، فقد دانه الحكم عن جريمة لما تقع، هذا الى عدم توافر أركان الجريمة التى دين بها لعدم جسامة الضرر المترتب عليها. بالاضافة الى عدم ثبوت مقارفته لفعل الغش كما أنه اذ يمتهن الزراعة - كما ورد بالمستندات المرفقة بأسباب الطعن - فلم يكن فى مقدوره العلم بفساد اللحوم. وأخيرا فانه مع التسليم بأنه كان طرفا مع والده فى عقد التوريد من الباطن - الا أن مسئوليته قاصرة - بمقتضى العقد - على سداد قرض للمورد الآصلى ومن ثم تنحصر المسئولية فى والده المتوفى مما كان لازمه القضاء بانقضاء الدعوى الجنائيه بوفاته، كل هذا مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان البين من مدونات الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى بما مجملة أن الطاعن ورد لحوما لمعسكر عمل مخصص للمسجونين بمديرية التحرير بمقتضى عقد توريد اتفق الطاعن ووالده على تنفيذه من (الباطن) وتبين لاعضاء لجنة استلام تلك اللحوم أن كمية منها محمومة وغير صالحة للاستهلاك الآدمى ومذبوحة خارج المجزر فقامت باعدامها، واستدل الحكم على صحة الواقعة وثبوتها فى حق الطااعن مما شهد به فى التحفيقات، كل من مفتش بيطرى مصلحة السجون وأعضاء اللجنة سالفة الذكر ومن اقرار الطاعن بتحقيقات النيابه العامة بتوريده تلك اللحوم الى الجهة المذكورة اذ سلمها لأخيه لتوصيلها للمعسكر، وانتهى الحكم الى ادانة الطاعن عملا بحكم الماده 116 مكررا (ج) من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان نص تلك الماده قد جرى فى فقرته الثانيه على أن "كل من استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشه أو فاسده تنفيذا لأى من العقود سالفة الذكر، ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها يعاقب بالحبس والغرامة التى لا تجاوز الف جنيه أو احدى هاتين العقوبتين وذلك ما لم يثبت أنه لم يكن فى مقدوره العلم بالغش أو الفساد ويحكم على الجانى بغرامة تساوى قيمة الضرر المترتب على الجريمة ويعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الأحوال، المتعاقد من الباطن والوكلاء الوسطاء اذا كان الاخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعا الى فعلهم، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستنبط من الوقائع والقرائن ما تراه مؤديا عقلا الى النتيجة التى انتهت اليها، ومتى أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت فى الأوراق، فأن ما تخلص اليه فى هذا الشأن يكون من قبل فهم الواقع فى الدعوى مما يدخل فى نطاق سلتطها واذ كان مؤدى ما ثبته الحكم المطعون فيه بمدوناته أن الطاعن بصفته متعاقدا من الباطن على توريد لحوم لجهة حكومية قد ورد بالفعل كمية فاسدة منها الى تلك الجهة اذ تبين من فحص تلك الكمية أنها محمومة وغير صالحة للاستهلاك الآدمى، وقد كان ذلك راجعا لفعله دون أن يثبت للمحكمة غشه أو علمه بفسادها، وكان الطاعن لا يمارى فى أن ما حصله الحكم من أقوال الشهود واعترافه بالتحقيقات بتوريدها له معينه الصحيح من الأوراق فلا يعدو ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ فى تطبيق القانون - اذ دانه عن جريمة لما تقع - أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك الى مناقضة الصورة التى ارتسمت فى وجدان قاضى الموضوع بالدليل الصحيح، وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يصح أن يبنى الطعن على ما كان يحتمل أن يبديه المتهم أمام محكمة الموضوع من دفاع لم يبده بالفعل، وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن لم يتمسك بأنه لم يكن فى مقدوره العلم بالغش أو الفساد، ومن ثم فلا يقبل منه اثارة هذا الدفاع الموضوعى لأول مرة أمام محكمة النقض لما يحتاجه الى تحقيق يخرج عن وظيفتها. وكان من المقرر أنه لا يلزم لتوافر الركن المادى لجريمة الغش فى التوريد جسامة الضرر المترتب عليه بل يكفى الغش لتوافر الجريمة ولو لم يترتب عليه ضرر ما، فان ما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم الا ما كان متصلا منها بشخص الطاعن، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم فى شأن عدم قضائه بانقضاء الدعوى الجنائيه لوفاة والده لا يتصل بشخصه ولا مصلحة له فيه بعد أن أثبت الحكم مسئوليته وقضى بادانته، فلا يقبل من الطاعن ما يثيره فى هذا الشان. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعاً.