أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 921

جلسة 17 من نوفمبر 1981

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدى وأحمد محمود هيكل ومحمد عبد المنعم البنا ومحمد الصوفى عبد الجواد.

(158)
الطعن رقم 1241 لسنة 50 القضائية

1 - اختصاص "الاختصاص المحلى". دفوع "الدفع بعدم الاختصاص". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاختصاص المكانى للمحكمة الجنائية. تعيينه بالمكان الذى وقعت فيه الجريمة أو الذى يقيم فيه المتهم أو يقبض عليه فيه. لا أفضلية بين هذه الأماكن فى أيجاب الاختصاص. المادة 217 اجراءات الاختصاص المكافى للجرائم المرتبطة. المادة 182 اجراءات. يكون للمحكمة المختصة باحداها.
ارتباط جريمة استعمال محرر مزور بجريمة الاشتراك فى تزويره أثره؟
2 - أثبات "بوجه عام" "قرائن". قوة الأمر المقضى. تزوير "أوراق عرفية.
قوة الشىء المقضى به. شرطها؟.
مثال فى جرائم قتل خطأ وتزوير واستعمال محرر مزور.
تقدير الدليل فى دعوى معينة. لا يحوز قوة الشىء المقضى به فى دعوى أخرى: أساس ذلك؟
3 - أثبات "بوجه عام". اشتراك. تزوير "أوراق عرفية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاشتراك فى التزوير تمامة دون مظاهر خارجية. أو أعمال مادية محسوسة. كفاية الاعتقاد بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ما دام ذلك سائغا.
4 - أثبات "بوجه عام". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع الموضوعى. اكتفاء بأدلة الثبوت التى عولت عليها فى الادانة.
5 - استعمال محرر مزور. جريمة "أركانها".
الركن المادى فى جريمة استعمال الأوراق المزورة. تحققه. بأستخدام المحرر المزور فيما زور من أجله. تمامه. بمجرد تقديم ورقة مزورة تزويرا معاقبا عليه. لا يغير من ذلك أن يكون من قدم الورقة قدمها بصفتة الشخصية. أو بصفته نائبا عن غيره. متى كان عالما بتزويرها.
6 - تزوير "أوراق عرفية". أشتراك.
تتوافر علم الطاعن حتما بتزوير المحرر الذى استعمله. ما دام قد ثبت أنه أشترك فى مقارفة جريمة التزوير.
1 - من المقرر أن الاختصاص بحسب المادة 217 من قانون الاجراءات الجنائية يتعين بالمكان الذى وقعت فيه الجريمة أو الذى يقيم فيه المتهم أو الذى يقبض عليه فيه، وأن هذه الأماكن الثلاثة قسائم متساوية فى ايجاب اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ولا تفاضل بينها، وكان نص المادة 182 من قانون الاجراءات الجنائية قد جرى على أنه" اذا شمل التحقيق اكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة تحال جميعا بأمر احالة واحد الى المحكمة المختصة مكانا باحداها، واذ كانت جريمة الاشتراك فى التزوير مرتبطة بجريمة استعمال المحرر المزور، وكان الطاعن لا ينازع فى أن جريمة الاستعمال وقعت بدائرة اختصاص محكمة مركز بنها فان ما يثيره بشأن عدم اختصاص تلك المحكمة بنظر الدعوى يكون غير سديد.
2 - لما كانت قوة الشىء المقضى به مشروط باتحاد الخصوم والموضوع والسبب فى الدعويين، وكانت جريمة القتل الخطأ موضوع الجنحة رقم 3080 سنة 1970 مركز بنها تختلف موضوعا وسببا عن جريمتى تزوير واستعمال الاقرار موضوع الدعوى الراهنة فان الحكم الصادر فى الأولى لا يجور قوة الشىء المقضى به بالنسبة للثانية ولا يغير من ذلك ما يقوله الطاعن فى هذا الشأن فان تقدير الدليل فى دعوى معينة لا يحوز قوة الشىء المقضى به فى دعوى اخرى اذ أن للمحكمة الجنائية وهى تحقق الدعوى المرفوعة اليها وتحدد مسئولية المتهم فيها أن تتصدى الى أية واقعة اخرى ولو كانت جريمة وتقول كلمتها فيها فى خصوص ما يتعلق بالدعوى المقامة أمامها دون أن يكون قولها ملزما للمحكمة التى ترفع أمامها الدعوى عن التهمة موضوع تلك الواقعة، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بشأن رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها.
3 - لما كان من المقرر أن الاشتراك فى التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفى لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغا تبرره الوقائع التى اثبتها الحكم.
4 - لما كانت محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعى للمتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التى عولت عليها فى قضائها بالادانة، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة الى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها فأنه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من عدم رده على أوجه دفاعه الموضوعية المشار اليها بأسباب الطعن.
5 - لما كان الركن المادى فى جريمة استعمال الأوراق المزورة يتحقق باستخدام المحرر المزور فيما زور من أجله ويتم بمجرد تقديم ورقة تكون فى ذاتها مزورة تزويرا يعاقب عليه القانون وكان الطاعن لا يمارى أنه قدم الورقة المزورة فى تحقيقات الجنحة رقم 3080 سنة 1970 مركز بنها وهو ما يتوفر به الركن المادى لجريمة الاستعمال فى حقه دون ان يغير من الامر أن يكون قد تقدم بالورقة بصفته الشخصية أو بصفته نائيا عن غبره ما دام أنه كان فى الحالتين عالما بتزوير الورقة التى قدمها فأن ما يثيره من أنه قدم هذه الورقة بصفته وكيلا عن زوجته لا يكون له محل.
6 - أثبات اشتراك الطاعن فى مقارفته جريمة التزوير يفيد حتما توافر علمه بتزوير المحرر الذى اسند اليه استعماله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى: بأنهما أولا: اشتركا ومجهول فى ارتكاب تزوير فى محرر عرفى هو ايصال استلام سيارة وكان ذلك بأن أضافوا اليه عبارات لم يتضمنها وتوقيع بامضاء مزور نسب صدوره للمجنى عليه. ثانيا: استعملا الورقة المزورة سالفة الذكر مع العلم بتزويرها بتقديمها فى القضية رقم 419 لسنة 1972 مركز بنها. وطلبت عقابه بالمواد 40، 41، 211، 215 من قانون العقوبات. وادعى..... مدنيا قبل المتهم بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة بندر بنها الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل. فاستأنف ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الاستاذ..... المحامى عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث أن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمتى الاشتراك فى تزوير محرر عرفى واستعماله قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون والبطلان فى الاجراءات والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم رد بما لا يسوغ على الدفع بعدم أختصاص محكمة أول درجة مكانيا بنظر الدعوى والدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، ولم تطلع المحكمة على المحرر موضوع الجريمة، كما لم يعرض الحكم لما قام عليه دفاع الطاعن من عدم صحة أقوال المدعى بالحقوق المدنية وأن العبارة المضافة الى المحرر موضوع جريمة التزوير كتبت باتفاق الطرفين قبل التوقيع على المحرر وأنه بغرض حصول التزوير، فأن المسئولية عنه شائعة ولا دليل على ارتكاب الطاعن له، كما استخلص الحكم من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن الطاعن هو الذى عبث بالمحرر فى حين أن مفاد ما أورده التقرير أن العبارة المضافة لم تكتب بخط الطاعن، هذا الى أن مؤدى ما أستخلصه الحكم فى هذا الشأن أن الطاعن هو الفاعل الاصلى للجريمة لا مجرد شريك فيها مما ينطوى على تعديل لوصف التهمة لم تلفت المحكمة نظر الدفاع اليه كذلك فأن الطاعن لم يتمسك بالمحرر الا بصفته وكيلا عن زوجته مما لا بتوافر به الركن المادى لجريمة الاستعمال، كما لم يدلل الحكم تدليلا كافيا على توافر ركن العلم فى هذه الجريمة وذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بها مؤداه أن المدعى بالحقوق المدنية كان قد تسلم من الطاعن سيارة ووقع اقرار بمسئوليته عنها خلال المدة من أول مايو سنة 1969 حتى 16 يوليو سنة 1970 ثم ارتكب قائد السيارة بتاريخ 3/ 9/ 1970 حادث قتل خطأ ضبط عنه المحضر رقم 3080 سنة 1970 جنح مركز بنها فتقدم الطاعن فى هذا المحضر بالاقرار الموقع من المدعى بالحقوق المدنية بعد أن أضيفت اليه عبارة تفيد امتداد مسئولية الآخير عن السيارة حتى نهاية سنة 1970 - وبعد أن عرض الحكم للدفع المبدى من الطاعن بعدم اختصاص محكمة أول درجة محليا بنظر الدعوى وأطرحه استنادا الى أن جريمة الاستعمال وقعت بدائرة اختصاص المحكمة المذكورة، كما عرض للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها فى الجنحة رقم 3080 سنة 1970 مركز بنها التى دين فيها المدعى بالحقوق المدنية بجريمة القتل الخطأ ورد عليه بأن الحكم الصادر فى تلك الجنحة لم يفصل فى أمر صحة الاقرار أو تزويره، خلص الحكم الى ادانة الطاعن مؤسسا قضاءه بذلك على ما أثبته تقرير قسم ابحاث التزييف من أن العبارة المضافة كتب بخط يختلف عن الخط الذى كتب به باقى الاقرار وفى ظرف كتابى مغاير لذلك الذى حرر الاقرار فيه، وعلى ما استخلصته المحكمة من أن الاقرار ظل فى حوزة الطاعن منذ تحريره وحتى تقديمه فى تحقيقات الجنحة رقم 3080 سنة 1970 مركز بنها، لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاختصاص بحسب المادة 217 من قانون الاجراءات الجنائية يتعين بالمكان الذى وقعت فيه الجريمة أو الذى يقيم فيه المتهم أو الذى يقبض عليه فيه، وأن هذه الأماكن الثلاثة قسائم متساوية فى ايجاب اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ولا تفاضل بينها، وكان نص المادة 182 من قانون الاجراءات الجنائية قد جرى على أنه" اذا شمل التحقيق اكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة تحال جميعا بأمر احالة واحد الى المحكمة المختصة مكانا بأحداها، واذ كانت جريمة الاشتراك فى التزوير مرتبطة بجريمة استعمال المحرر المزور، وكان الطاعن لا ينازع فى أن جريمة الاستعمال وقعت بدائرة اختصاص محكمة مركز بنها فان ما يثيره بشأن عدم اختصاص تلك المحكمة بنظر الدعوى يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت قوة الشىء المقضى به مشروط باتحاد الخصوم والموضوع والسبب فى الدعويين، وكانت جريمة القتل الخطأ موضوع الجنحة رقم 3080 سنة 1970 مركز بنها تختلف موضوعا وسببا عن جريمتى تزوير واستعمال الاقرار موضوع الدعوى الراهنة فان الحكم الصادر فى الأولى لا يحوز قوة الشىء المقضى به بالنسبة للثانية ولا يغير من ذلك ما يقرره الطاعن من أن الحكم الصادر فى الدعوى السابقة قد أسس قضاءه بأدانة الدعى بالحقوق المدنية بجريمة القتل الخطأ على صحة الاقرار موضوع جريمتى التزوير والاستعمال فى الدعوى الحالية لانه بغرض صحة ما يقوله الطاعن فى هذا الشأن فان تقدير الدليل فى دعوى معينة لا يحوز قوة الشىء المقضى به فى دعوى أخرى اذ أن للمحكمة الجنائية وهى تحقق الدعوى المرفوعة اليها وتحدد مسئولية المتهم فيها أن تتصدى الى أية واقعة اخرى ولو كانت جريمة وتقول كلمتها فيها فى خصوص ما يتعلق بالدعوى المقامة أمامها دون أن يكون قولها ملزما للمحكمة التى ترفع أمامها الدعوى عن التهمة موضوع تلك الواقعة، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بشأن رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثانى درجة أن االمحكمة بجلسة 5/ 10/ 1978 قد أطلعت الطرفين على الورقة محل جريمة التزوير ثم أمرت بتحريزها فان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير صحيح، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاشتراك فى التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفى لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغا تبرره الوقائع التى اثبتها الحكم كما هو الحال فى الدعوى الراهنة وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعى للمتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التى عولت عليها فى قضائها بالادانة، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة الى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها فان لا يكون هناك محل لما ينعاء الطاعن على الحكم المطعون فيه من عدم رده على أوجه دفاعه الموضوعية المشار اليها بأسباب الطعن، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى مدوناته أن الاقرار موضوع جريمة التزوير قد حرر فى الأصل بخط الطاعن ووقع من المدعى بالحقوق المدنية ثم أشار الى ما أثبته تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن العبارة المضافة كتبت بخط مغاير لذلك الذى حرر به باقى الاقرار، وكان مفاد ما أورده الحكم - على النحو المتقدم - أن العبارة المضافة كتبت بيد شخص آخر خلاف الطاعن، وكان ما أورده الحكم بعد ذلك من أن الطاعن عبث بالمحرر أثناء وجوده تحت يده لا يفيد أنه ارتكب التزوير بنفسه، وكان البين من الحكم فضلا عن ذلك أنه دان الطاعن بذات الجريمتين اللتين رفعت بهما الدعوى الجنائية قبله وهو الاشتراك فى تزوير محرر عرفى واستعمال هذا المحرر مع العلم بتزويره وما يثيره من أن الحكم عدل وصف التهمة يكون على غير اساس، لما كان ذلك، وكان الركن المادى فى جريمة استعمال الأوراق المزورة يتحقق باستخدام المحرر المزور فيما زور من أجله ويتم بمجرد تقديم ورقة تكون فى ذاتها مزورة تزويراً يعاقب عليه القانون وكان الطاعن لا يمارى أنه قدم الورقة المزورة فى تحقيقات الجنحة رقم 3080 سنة 1970 مركز بنها وهو ما يتوفر به الركن المادى لجريمة الاستعمال فى حقه دون أن يغير من الأمر أن يكون قد تقدم بالورقة بصفته الشخصية أو بصفته نائبا عن غيره ما دام أنه كان فى الحالين عالما بتزوير الورقة التى قدمها فان ما يثيره من أنه قدم هذه بصفته وكيلا عن زوجته لا محل له. لما كان ذلك، وكان أثبات اشتراك الطاعن فى مقارفة جريمة التزوير يفيد حتما توافر علمه بتزوير المحرر الذى اسند اليه استعماله فان ما يثيره الطاعن من عدم تدليل الحكم تدليلا كافيا على توافر ركن العلم فى حقه يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس فيتعين رفضه موضوعا.