أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 999

جلسة 8 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نير عثمان ورجب فراج ومحمود مسعود شرف نواب رئيس المحكمة. وحمد عبد اللطيف.

(137)
الطعن رقم 20839 لسنة 66 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم كفاية أن يكون ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". "بياناته" استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش موضوعي.
عدم إيراد سوابق الطاعنين ومصدر حصولهما على المخدر وأسماء عملائهما وسمعتهما ومهنة كل منهما وعمره ومحل إقامة الأول وحالته الاجتماعية والخطأ في رقم العقار الذي يقطن به الثاني. لا يقدح بذاته في جدية التحري.
استدلال الحكم على جدية التحريات. بقاله أن التفتيش أسفر عن العثور على مادة الهيروين المخدر مع كل من المتهمين وتابلوه السيارة تزيد لا يؤثر في جدية التحريات.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم ماهيته؟
(4) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قصد جنائي.
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها تجزئة هذه التحريات فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
للمحكمة أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن المتهمين ألفا تشكيلاً عصابياً للاتجار في المخدرات. المجادلة في ذلك أمام النقض. غير جائز.
(5) تفتيش "التفتيش بإذن. إصداره". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
إثبات الحكم أن الضابط استصدر إذن التفتيش بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة. مفاده صدور الأمر لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلة.
التفات الحكم عن الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة لا يعيبه طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان.
(6) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على إذن رداً عليه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض أقوال الشهود لا يعيبه الحكم ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
اطمئنان المحكمة إلى حدوث التفتيش في مكان معين. موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض
(9) إثبات "شهود" دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده؟
(10) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع". ما لا يوفره.
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها. استفادة الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع الموضوعي. علة ذلك؟
(11) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح سبباً للنعي على الحكم.
مثال.
(12) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم اشتراط القانون شكلاً معيناً لإذن التفتيش كفاية أن يكون مصدر الإذن مختصاً مكانياً وموقعاً عليه منه.
عدم وضوح توقيع مصدر الإذن. لا يعيبه.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان محضر التحريات لتوقيع محرره عليه بتوقيع غير واضح.
(13) مواد مخدرة. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب. محكمة الموضوع". سلطتها في تقدير الدليل. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حالتي التمتع بالإعفاء طبقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 مناط تحققهما؟
الفصل في مدى أثر الإخبار في تحديد أشخاص الجناة وتمكين السلطات من ضبطهم. موضوعي مثال لتسبيب سائغ لانتفاء أحقية الطاعن في الإعفاء المنصوص عليه بالمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960.
(14) مواد مخدرة. جريمة "أركانها. قصد جنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد الاتجار في المواد المخدرة واقعة مادية. تقديرها موضوعي. شرط ذلك؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعنين في جريمة إحراز وحيازة جوهر مخدر.
(15) مواد مخدرة. جريمة "أركانها. قصد جنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
القصد الجنائي في جريمة إحراز وحيازة المخدر تحققه بالعلم بكنه المادة المخدرة. تحدث الحكم عنه استقلالاً غير لازم. متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.
(16) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(17) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. خبرة "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن موضوعي. المجادلة في ذلك أمام النقض. غير جائزة.
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة. فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون.
2 - لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التي متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها، وكان عدم إيراد سوابق الطاعنين ومصدر حصولهما على المخدر وأسماء عملائهما وسمعتهما في موطنهما ومهنة كل منهما وعمره ومحل إقامة الأول وحالته الاجتماعية والخطأ في بيان رقم العقار الذي يقطن به الثاني لا يقدح بذاته في جدية التحريات فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولاً أما ما قاله الحكم استدلالاً على جدية التحريات من أن التفتيش قد أسفر عن العثور على مادة الهيروين المخدرة مع كل من المتهمين وبتابلوه السيارة التي كانا يستقلانها فهو تزيد لا يؤثر فيما أثبته الحكم من أن الأمر بالتفتيش قد بنى على تحريات جدية سبقت صدوره.
3 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
4 - للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ولها في سبيل ذلك أن تجزئ هذه التحريات فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداها، ومن سلطتها التقديرية أيضاً أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن المتهمين ألفا تشكيلاً عصابياً الغرض منه الاتجار في الجواهر المخدرة داخل البلاد متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى التحريات كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن المتهمين ألفا تشكيلاً عصابياً الغرض منه الاتجار في الجواهر المخدرة - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص فضلاًَ عن انعدام مصلحتهما في إثارته - لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن التحريات السرية التي أجراها المقدم..... الضابط بإدارة مكافحة المخدرات دلت على أن الطاعنين يتجران في المواد المخدرة ويقومان بترويجها على عملائهما متخذين في ذلك إحدى السيارات الخاصة فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطهما وتفتيشهما وتفتيش السيارة المذكورة فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة، وإذ انتهى الحكم إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشهما وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان ويضحى ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن على غير أساس.
6 - لما كان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة - في الدعوى المطروحة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن الضبط يكون بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
8 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان تناقض الشهود في أقوالهم لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكان من المقرر أن اطمئنان المحكمة إلى حدوث التفتيش في مكان معين هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها ولا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
9 - أخذ المحكمة بشهادة الضباط الثلاثة يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
10 - لما كانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وما دامت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات فلا تثريب عليها إذ هي لم تتعرض في حكمها إلى دفاع الطاعنين الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله.
11 - لما كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول اقتصر في مرافعته على القول "... إن البنطال المقول بضبط المخدر بجيبه الأيمن ليس به جيوب إطلاقاً وأن السيارة لم تعاينها النيابة تحققاً لوجود تابلوه أو أن له مفتاحاً ووجود سيطرة من المتهم عليه.... وبعد أن استطرد في مرافعته عاد إلى القول ".... إن الدفع باستحالة الواقعة لأن بنطلون المتهم ليس له جيوب فلا يمكن أن يتحمل المتهم قصور إجراءات التحقيق". وكان ما أثاره الدفاع عن الطاعن الأول اقتصر على النعي على النيابة العامة عدم إجراء معاينة للسيارة محل الضبط وقصور إجراءات التحقيق بشأن جيب بنطاله ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقض فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ويكون منعاه في هذا الشأن غير سديد.
12 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان محضر التحريات لتوقيع محرره عليه بتوقيع غير واضح وأطرحه في قوله: "إن المقرر قانوناً طبقاً للمادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية أنه يجب على مأموري الضبط القضائي أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم ويجروا في شأنها ما يلزم من الإيضاحات والتحريات والمعاينات وعليهم إثبات جميع الإجراءات في محاضر موقع عليها منهم ترسل للنيابة العامة وبناء على ذلك يتعين أن تثبت محاضر التحريات كتابة ويوقع عليها بإمضاء من أصدرها لتبقى حجة وأساساً صالحاً لما ينبني عليها من نتائج، إلا أن القانون لم يشترط شكلاً معيناً للتوقيع مكتفياً بحصوله كافياً لينم عمن أصدره ويفصح عن شخص صاحبه، ولما كان اطلاع المحكمة على التوقيع المنسوب لمحرر محضر التحريات المقدم..... كافياً في هذا الخصوص وتطمئن إلى صدوره عنه فإن النعي في هذا الشأن يكون ورد على غير أساس". وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً للرد على هذا الدفع هذا فضلاًَ عن أن القانون وإن أوجب أن يكون إذن التفتيش موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً لهذا التوقيع ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره، وكون الإذن ممهوراً بتوقيع غير مقروء لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه مخالفة للقانون ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا المنحي غير مقبول.
13 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بتمتع الطاعنين بالإعفاء طبقاً للمادة 48 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 ورد عليه في قوله: "أما عن طلب إعمال حكم الفقرة الثانية من المادة 48 من قانون المخدرات التي تقضى الإعفاء من العقوبة فإن نصها يقوم موجبه على أنه إذا حصل الإبلاغ بعد علم السلطات العامة بالجريمة تعين أن يوصل الإبلاغ فعلاً إلى ضبط باقي الجناة، وهذا يقتضي أن يكون الإخبار هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة من مرتكبي الجريمة أو أن يتضمن هذا الإخبار إضافة جديدة لمعلومات سابقة كانت لدى السلطات ويترتب على ذلك أن لا يكون الإخبار وارداً على أشخاص كان لهم شأن في توافر المعلومات التي مكنت السلطات من ضبط من قام بهذا الإخبار لأن ذلك لا يتحقق به قصد الشارع الذي هدف بتقريره ميزة الإعفاء من العقاب أن يسهم الإخبار في معاونة السلطات للتوصيل إلى مهربي المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليه في المواد 33، 34، 35 من قانون المخدرات، ولما كان ذلك، وكان الثابت محضر التحريات عن المتهمين في القضية الماثلة قد حرره المقدم..... في 6/ 10/ 1994 وصدر إذن النيابة العامة بناء عليه بضبطهما في 7/ 10/ 1994 وتم تنفيذ ذلك في ذات اليوم وفي اليوم التالي أشر وكيل النيابة على المحضر الخاص بحجز المتهمين وعرضهما عليه في 9/ 10/ 1994 حيث تولى التحقيق في الثانية عشرة والربع مساء وأدلى المذكوران بأقوالهما التي تضمنت الإخبار المراد الارتكان إليه في طلب الإعفاء من العقوبة، وكان الاطلاع على أوراق قضية الجناية رقم...... لسنة 1994 الأزبكية (..... لسنة 1994 كلي شمال القاهرة) التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لطلب المتهمين قد أظهر أن التحريات قد حررت بمعرفة النقيب...... في 8/ 10/ 1994 عن أن المتهمين 1 - .... 2 - .... 3 - .... يكونون تشكيلاً عصابياً للاتجار في المواد المخدرة ويتخذون من فندق..... بالأزبكية مركزاً لعقد صفقاتهم وصدر إذن من النيابة العامة بضبطهم وتفتيشهم ونفذ ذلك في حوالي الثانية عشرة من مساء يوم 9/ 10/ 1994 وأسفر عن ضبط ثلاثتهم يحرز كل منهم كمية من مخدر الهيروين، والواضح مما تقدم ومن جميع الأوراق أن المتهمين في القضية الماثلة لم يذكرا شيئاً ولم يبلغا أو يخبرا أحداً بأمر من يدعى..... حتى أجرت النيابة العامة التحقيق معهما والتي بدأته في حوالي الساعة العاشرة والربع من مساء يوم 9/ 10/ 1994 بينما حرر ضابط آخر محضر التحريات عن اتجار..... ومن معه بالمواد المخدرة قبل ذلك في السابعة من مساء يوم 8/ 10/ 1994 ولم يكن المتهمان في القضية الماثلة قد أدليا بأقوالهما بالتحقيقات والتي تضمنت الإخبار الذي بان في الأوراق لأول مرة في ذلك الوقت، وقد أراد الدفاع أن يجعل المتهمين المذكورين هما مصدر التحريات في القضية الأخرى دون أن يقدم ما يسعف في ذلك، ولما كان ذلك، فإن مؤدى ما تقدم أن الإخبار عن.... قد جاء بعد علم السلطات ولم يكن القبض عليه وليد هذا الإخبار أو أثراً من آثاره، كذلك الأمر بالنسبة للأخبار عمن يدعى..... والمدعو..... فإن أقوال المتهم الثاني في هذا الشأن قد تضمنت ما يفيد أن الأول من هذين الشخصين كان السبيل إلى الثاني الذي قام اعتقاد المتهم المذكور عنه أنه أحد ضباط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لأنه رآه في مبناها على أثر القبض عليه وكان الاقتناع يتأكد لدى المحكمة بصحة ما اعتقده هذا المتهم للأخير من أن يدعى.... هو أحد المنتمين للسلطات وأن المسمى...... هو أحد وسائله وكلاهما قد تداخل في توافر المعلومات التي ساعدت السلطات في القبض على المتهمين وضبط المخدرات بما مؤداه أن جهة الضبط كانت على بينة وعلم بهذين الشخصين اللذين وفرا لها المعلومات عن شخص المتهمين وضبطهما ومن ثم جاء الإخبار المراد الارتكان إليه في الحالتين الأول عن..... والثاني.... ومن يدعى..... خارج عن انطباق حكم الفقرة الثانية من المادة 48 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 المعدل، وغير محقق للغاية التي هدف المشرع إليها، بتقريره ميزة الإعفاء من العقوبة في مقابل الكشف عن الجرائم ومرتكبيها، مما يكون معه طلب الإعفاء قد جاء على خلاف الواقع والقانون. لما كان ذلك، وكان القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 قد فرق بين حالتين للإعفاء في المادة 48 منه تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة واشترط في الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار أن يصدر الإخبار قبل علم السلطات العامة بالجريمة أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي لم تستلزم المبادرة بالإخبار بل اشترط القانون في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون أخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة، وكان مؤدى ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض سرده لواقعة الدعوى والرد على دفع الطاعنين بالتمتع بالإعفاء أن شخصية المتهمين الذين أبلغ الطاعنان عنهم كانت معلومة للسلطات - على نحو ما جاء بأوراق الجناية رقم...... لسنة 1994 الأزبكية التي أمرت محكمة الموضوع بضمها تحقيقاً لطلب الطاعنين - قبل أن يدلى الطاعنان بأية معلومات عنهم بعد ضبطهما، وكان الفصل في كل ذلك من خصائص قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى - كما هو الحال في الدعوى - فإن الحكم المطعون فيه إذ اطرح الدفع بالإعفاء طبقاً للفقرة الثانية من المادة 48 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد.
14 - لما كان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد الاتجار لدى الطاعنين واستظهره في قوله: "وحيث إنه عن قصد الاتجار لدى المتهمين فإن المحكمة تأخذه من التحريات التي دلت على أن هذين الشخصين يتجران سوياً في مخدر الهيروين وأن لديهما كمية منه يتوليان ترويجها على عملائهما بمنطقتي النزهة ومدنية نصر والتي سطرها الضابط..... في محضره المؤرخ 6/ 10/ 1994 وصدر له إذن من نيابة شرق القاهرة الكلية بناء عليها ومما أثبته ذات الضابط في محضر الضبط المؤرخ 7/ 10/ 1994 عن ذلك وأن المتهمين أقرا له شفاهة في حضور الضابطين الآخرين باتجارهما سوياً بالمخدر المضبوط معهما وبتابلوه السيارة التي كانا يستقلانها ومما قرره الضباط الثلاثة عن ذلك بتحقيقات النيابة العامة كما أن المحكمة تتبين هذا القصد لدى المتهمين من تجزئتهما لكمية المخدر المضبوط والتي يزيد وزنها على المائة جرام واحتفاظ كل منهما بجزء منها معه وإبقاء الكمية الأكبر في السيارة مما مؤداه إعدادهما هذه المادة لترويجها وتوزيعها على عملائهما بتجزئتها والاحتفاظ بعينة منها لعرضها على هؤلاء الأشخاص واطلاعهم عليها، وترى المحكمة قصد الاتجار أيضاً فيما قال به المتهمان بتحقيقات النيابة العامة من أن الأول منهما استجلب كمية من مخدر الهيروين وأنهى أمرها للثاني للبحث عن مشتر لها بعد أن اتفقا على ما يكون لكل منهما من حصيلة ذلك وبناء على ما حصل بينهما أخذ الثاني منهما في البحث ليجد ضالته وقدمها للمتهم الأول وتم عرض المخدر عليه وتحدد وزنه وثمنه وميقات إتمام الصفقة الذي واكبته عملية الضبط ومفاد ذلك هو إحرازهما وحيازتهما للجوهر المخدر وعرضه للبيع والبحث عن مشتر له إلى أن تم لهما ما أراداه وعقدا صفقة البيع بما يتحقق به قصد الاتجار لديهما على النحو المعرف به في القانون". وكانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن حيازة وإحراز الطاعنين للمخدر كانت بقصد الاتجار فإن ما يثيره الطاعنان بدعوى القصور في التدليل على توافر هذا القصد لا يكون سديداً.
15 - لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهمين بأن ما يحوزانه مخدر، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين أو المدافع عنهما لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعنين للمخدر المضبوط وعلى علمهما بكنهه، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله.
16 - من المقرر أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها.
17 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا الشأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير المعمل الكيماوي واستندت إلى الرأي الفني به من أن المادة المضبوطة مع الطاعنين هي لمخدر الهيروين وهي من المواد المدرجة في جدول قانون المخدرات فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير قويم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: 1 - ألفا تشكيلاً عصابياً الغرض منه الاتجار في الجواهر المخدرة داخل البلاد. 2 - حازا وأحرزا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (هيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما لمحكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34 فقرة أولى ( أ ) وفقرة ثانية (6)، 42/ 1، 36/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمهما مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وبراءتهما من التهمة الأولى.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحراز وحيازة جوهر مخدر "هيروين" بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه حرر في صورة غامضة مبهمة وبصيغة عامة معماة، هذا وقد تمسك دفاع الطاعنين بجلسة المحاكمة ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة خلوها من سوابقهما ومصدر حصولهما على المخدر وأسماء عملائهما وسمعتهما في موطنهما فضلاً عن خلوها من مهنة الطاعنين وعمرهما ومحل إقامة الأول وحالته الاجتماعية وخطئها في بيان رقم العقار الذي يقطن به الثاني بيد أن الحكم لمطعون فيه أطرح هذا الدفع بما لا يسوغه واتخذ من ضبط المخدر مع الطاعنين سنداً لتسويغ التحريات السابقة على صدور الإذن، وعول الحكم على هذه التحريات في رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش في حين أنه لم يعتد بها في قضائه بتبرئة الطاعنين من تهمة تأليف تشكيل عصابي الغرض منه الاتجار في المواد المخدرة، فضلاً عن أن الطاعنين دفعاً ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة. وببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذين الدفعين بما لا يصلح لإطراحهما، هذا وقد تمسك دفاع الطاعنين بأن لواقعة الدعوى صورة أخرى تخالف الصورة التي رواها الضباط الثلاثة (شهود الإثبات) بشأن مكان الضبط حيث تم ضبطهما بدائرة...... التي تخرج عن اختصاص مصدر الإذن بما يكون معه الإذن بضبطهما وتفتيشهما باطلاً لصدوره من وكيل نيابة غير مختص مكانياً بإصداره، فضلاً عن تناقض أقوال هؤلاء الضباط عن كيفية توزيع أفراد الكمين الذي قام بالضبط، بيد أن المحكمة عولت على أقوالهم ملتفتة عن هذا الدفاع ولم تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه بضم دفتر أحوال مكتب مكافحة المخدرات وبسؤال باقي أفراد القوة المرافقة للضباط وقت الضبط، كما وأن دفاع الطاعنين تمسك باستحالة حدوث الواقعة وفق ما جاء بتصوير شهود الإثبات لأن بنطال كل منهما كان خالياً من الجيوب بما لا يتصور معه أن يكون أي منهما قد احتفظ بالمخدر في جيب بنطاله بالإضافة إلى أن تابلوه السيارة لم يكن يتسع للكيس المدعي بضبطه فيه محتوياً على المخدر بيد أن المحكمة أطرحت دفاعهما دون أن تحققه بإجراء المعاينة اللازمة التي لم تقم بها النيابة العامة لملابس المتهمين أو للسيارة محل الضبط وصولاً لوجه الحق في الدعوى، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه أطرح دفاع الطاعنين ببطلان محضري التحريات والضبط وإذن التفتيش لتوقيعها بتوقيعات غير مقروءة بما لا يصح لإطراحه، كما أطرح الحكم المطعون فيه برد غير سائغ دفاع الطاعنين القائم على تمتعهما بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل لإخبارهما السلطات عن مصدر المواد المخدرة المضبوطة حيث تم ضبط المتهمين فيها وبناء على إرشادهما ولم تقم المحكمة بمواجهة شهود الإثبات بهذا الدفاع أو الاطلاع على دفتر الأحوال الخاص بضبط المتهمين الذين أرشد عنهم الطاعنان، هذا ولم يدلل الحكم تدليلاً سائغاً وكافياً على توافر قصد الاتجار في حق الطاعنين، كما لم يدلل كذلك على توافر القصد الجنائي لدى الطاعنين وعلمهما بكنه المادة المخدرة المضبوطة، وأخيراً فقد تساند الحكم المطعون فيه إلى الدليل المستمد من تقرير المعامل الكيماوية رغم أن الخبير أثبت قيامه بفحص المواد المضبوطة وليس تحليلها. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز وحيازة جوهر مخدر "هيروين" بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التي متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها، وكان عدم إيراد سوابق الطاعنين ومصدر حصولهما على المخدر وأسماء عملائهما وسمعتهما في موطنهما ومهنة كل منهما وعمره ومحل إقامة الأول وحالته الاجتماعية والخطأ في بيان رقم العقار الذي يقطن به الثاني لا يقدح بذاته في جدية التحريات فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولاً أما ما قاله الحكم استدلالاً على جدية التحريات من أن التفتيش قد أسفر عن العثور على مادة الهيروين المخدرة مع كل من المتهمين وبتابلوه السيارة التي كانا يستقلانها فهو تزيد لا يؤثر فيما أثبته الحكم من أن الأمر بالتفتيش قد بني على تحريات جدية سبقت صدوره. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ولها في سبيل ذلك أن تجزئ هذه التحريات فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداها، ومن سلطتها التقديرية أيضاً أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن المتهمين ألفا تشكيلاً عصابياً الغرض منه الاتجار في الجواهر المخدرة داخل البلاد متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى التحريات كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن المتهمين ألفا تشكيلاً عصابياً الغرض منه الاتجار في الجواهر المخدرة - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص فضلاًَ عن انعدام مصلحتهما في إثارته - لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن التحريات السرية التي أجراها المقدم..... الضابط بإدارة مكافحة المخدرات دلت على أن الطاعنين يتجران في المواد المخدرة ويقومان بترويجها على عملائهما متخذين في ذلك إحدى السيارات الخاصة فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطهما وتفتيشهما وتفتيش السيارة المذكورة فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة، وإذ انتهى الحكم إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشهما وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان ويضحى ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة - في الدعوى المطروحة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن الضبط يكون بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان تناقض الشهود في أقوالهم لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكان من المقرر أن اطمئنان المحكمة إلى حدوث التفتيش في مكان معين هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها ولا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. ولا عليها بعد ذلك إن هي التفتت عما أبداه الطاعنان من دفاع في شأن مكان ضبطهما تأدياً من ذلك إلى القول بعدم اختصاص وكيل النيابة مصدر الإذن بالقبض والتفتيش مكانياً بإصداره ذلك أن أخذ المحكمة بشهادة الضباط الثلاثة يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وما دامت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات فلا تثريب عليها إذ هي لم تتعرض في حكمها إلى دفاع الطاعنين الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول اقتصر في مرافعته على القول "... إن البنطال المقول بضبط المخدر بجيبه الأيمن ليس به جيوب إطلاقاً وأن السيارة لم تعاينها النيابة تحققاً لوجود تابلوه أو أن له مفتاحاً ووجود سيطرة من المتهم عليه..... "وبعد أن استطرد في مرافعته عاد إلى القول "... إن الدفع باستحالة الواقعة لأن بنطلون المتهم ليس له جيوب فلا يمكن أن يتحمل المتهم قصور إجراءات التحقيق". وكان ما أثاره الدفاع عن الطاعن الأول اقتصر على النعي على النيابة العامة عدم إجراء معاينة للسيارة محل الضبط وقصور إجراءات التحقيق بشأن جيب بنطاله ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقض فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ويكون منعاه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان محضر التحريات لتوقيع محرره عليه بتوقيع غير واضح وأطرحه في قوله: "إن المقرر قانوناً طبقاً للمادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية أنه يجب على مأموري الضبط القضائي أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم ويجروا في شأنها ما يلزم من الإيضاحات والتحريات والمعاينات وعليهم إثبات جميع الإجراءات في محاضر موقع عليها منهم ترسل للنيابة العامة وبناء على ذلك يتعين أن تثبت محاضر التحريات كتابة ويوقع عليها بإمضاء من أصدرها لتبقى حجة وأساساً صالحاً لما ينبني عليها من نتائج، إلا أن القانون لم يشترط شكلاً معيناً للتوقيع مكتفياً بحصوله كافياً لينم عمن أصدره ويفصح عن شخص صاحبه، ولما كان اطلاع المحكمة على التوقيع المنسوب لمحرر محضر التحريات المقدم..... كافياً في هذا الخصوص وتطمئن إلى صدوره عنه فإن النعي في هذا الشأن يكون ورد على غير أساس". وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً للرد على هذا الدفع هذا فضلاًَ عن أن القانون وإن أوجب أن يكون إذن التفتيش موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً لهذا التوقيع ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره، وكون الإذن ممهوراً بتوقيع غير مقروء لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه مخالفة للقانون ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا المنحي غير مقبول. لما كان ذلك، وكان المحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بتمتع الطاعنين بالإعفاء طبقاً للمادة 48 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 ورد عليه في قوله: "أما عن طلب إعمال حكم الفقرة الثانية من المادة 48 من قانون المخدرات التي تقضى بالإعفاء من العقوبة فإن نصها يقوم موجبه على أنه أن حصل الإبلاغ بعد علم السلطات العامة بالجريمة تعين أن يوصل الإبلاغ فعلاً إلى ضبط باقي الجناة، وهذا يقتضي أن يكون الإخبار هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة من مرتكبي الجريمة أو أن يتضمن هذا الإخبار إضافة جديدة لمعلومات سابقة كانت لدى السلطات ويترتب على ذلك أن لا يكون الإخبار وارداً على أشخاص كان لهم شأن في توافر المعلومات التي مكنت السلطات من ضبط من قام بهذا الإخبار لأن ذلك لا يتحقق به قصد الشارع الذي هدف بتقريره ميزة الإعفاء من العقاب أن يسهم الإخبار في معاونة السلطات للتوصيل إلى مهربي المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليه في المواد 33، 34، 35 من قانون المخدرات، ولما كان ذلك، وكان الثابت محضر التحريات عن المتهمين في القضية الماثلة قد حرره المقدم..... في 6/ 10/ 1994 وصدر إذن النيابة العامة بناء عليه بضبطهما في 7/ 10/ 1994 وتم تنفيذ ذلك في ذات اليوم وفي اليوم التالي أشر وكيل النيابة على المحضر الخاص بحجز المتهمين وعرضهما عليه في 9/ 10/ 1994 حيث تولى التحقيق في الثانية عشرة والربع مساء وأدلى المذكوران بأقوالهما التي تضمنت الإخبار المراد الارتكان إليه في طلب الإعفاء من العقوبة، وكان الاطلاع على أوراق قضية الجناية رقم....... لسنة 1994 الأزبكية (.... لسنة 1994 كلي شمال القاهرة) التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لطلب المتهمين قد أظهر أن التحريات قد حررت بمعرفة النقيب.... في 8/ 10/ 1994 عن أن المتهمين 1 - .... 2 - .... 3 - .... يكونون تشكيلاً عصابياً للاتجار في المواد المخدرة ويتخذون من فندق.... بالأزبكية مركزاً لعقد صفقاتهم وصدر إذن من النيابة العامة بضبطهم وتفتيشهم ونفذ ذلك في حوالي الثانية عشرة من مساء يوم 9/ 10/ 1994 وأسفر عن ضبط ثلاثتهم يحرز كل منهم كمية من مخدر الهيروين، والواضح مما تقدم ومن جميع الأوراق أن المتهمين في القضية الماثلة لم يذكرا شيئاً ولم يبلغاً أو يخبرا أحداً بأمر من يدعى...... حتى أجرت النيابة العامة التحقيق معهما والتي بدأته في حوالي الساعة العاشرة والربع من مساء يوم 9/ 10/ 1994 بينما حرر ضابط آخر محضر التحريات عن اتجار..... ومن معه بالمواد المخدرة قبل ذلك في السابعة من مساء يوم 8/ 10/ 1994 ولم يكن المتهمان في القضية الماثلة قد أدليا بأقوالهما بالتحقيقات والتي تضمنت الإخبار الذي بان في الأوراق لأول مرة في ذلك الوقت، وقد أراد الدفاع أن يجعل المتهمين المذكورين هما مصدر التحريات في القضية الأخرى دون أن يقدم ما يسعف في ذلك، ولما كان ذلك، فإن مؤدى ما تقدم أن الإخبار عن..... قد جاء بعد علم السلطات ولم يكن القبض عليه وليد هذا الإخبار أو أثراً من آثاره، كذلك الأمر بالنسبة للأخبار عمن يدعى.... والمدعو.... فإن أقوال المتهم الثاني في هذا الشأن قد تضمنت ما يفيد أن الأول من هذين الشخصين كان السبيل إلى الثاني الذي قام اعتقاد المتهم المذكور عنه أنه أحد ضباط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لأنه رآه في مبناها على أثر القبض عليه وكان الاقتناع يتأكد لدى المحكمة بصحة ما اعتقده هذا المتهم للأخير من أن يدعى.... هو أحد المنتمين للسلطات وأن المسمى.... هو أحد وسائله وكلاهما قد تداخل في توافر المعلومات التي ساعدت السلطات في القبض على المتهمين وضبط المخدرات بما مؤداه أن جهة الضبط كانت على بينة وعلم بهذين الشخصين اللذين وفرا لها المعلومات عن شخص المتهمين وضبطهما ومن ثم جاء الإخبار المراد الارتكان إليه في الحالتين الأول عن..... والثاني.... ومن يدعى..... خارج عن انطباق حكم الفقرة الثانية من المادة 48 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 المعدل، وغير محقق للغاية التي هدف المشرع إليها، بتقريره ميزة الإعفاء من العقوبة في مقابل الكشف عن الجرائم ومرتكبيها مما يكون معه طلب الإعفاء قد جاء على خلاف الواقع والقانون. لما كان ذلك، وكان القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 قد فرق بين حالتين للإعفاء في المادة 48 منه تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة واشترط في الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار أن يصدر الإخبار قبل علم السلطات العامة بالجريمة أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي لم تستلزم المبادرة بالإخبار بل اشترط القانون في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون أخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة، وكان مؤدى ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض سرده لواقعة الدعوى والرد على دفع الطاعنين بالتمتع بالإعفاء أن شخصية المتهمين الذين أبلغ الطاعنان عنهم كانت معلومة للسلطات - على نحو ما جاء بأوراق الجناية رقم.... لسنة 1994 الأزبكية التي أمرت محكمة الموضوع بضمها تحقيقاً لطلب الطاعنين - قبل أن يدلى الطاعنان بأية معلومات عنهم بعد ضبطهما، وكان الفصل في كل ذلك من خصائص قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى - كما هو الحال في الدعوى - فإن الحكم المطعون فيه إذ اطرح الدفع بالإعفاء طبقاً للفقرة الثانية من المادة 48 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد الاتجار لدى الطاعنين واستظهره في قوله: "وحيث إنه عن قصد الاتجار لدى المتهمين فإن المحكمة تأخذه من التحريات التي دلت على أن هذين الشخصين يتجران سوياً في مخدر الهيروين وأن لديهما كمية منه يتوليان ترويجها على عملائهما بمنطقتي النزهة ومدنية نصر والتي سطرها الضابط..... في محضره المؤرخ 6/ 10/ 1994 وصدر له إذن من نيابة شرق القاهرة الكلية بناء عليها ومما أثبته ذات الضابط في محضر الضبط المؤرخ 7/ 10/ 1994 عن ذلك وأن المتهمين أقرا له شفاهة في حضور الضابطين الآخرين باتجارهما سوياً بالمخدر المضبوط معهما وبتابلوه السيارة التي كانا يستقلانها ومما قرره الضباط الثلاثة عن ذلك بتحقيقات النيابة العامة كما أن المحكمة تتبين هذا القصد لدى المتهمين من تجزئتهما لكمية المخدر المضبوط والتي يزيد وزنها على المائة جرام واحتفاظ كل منهما بجزء منها معه وإبقاء الكمية الأكبر في السيارة مما مؤداه إعدادهما هذه المادة لترويجها وتوزيعها على عملائهما بتجزئتها والاحتفاظ بعينة منها لعرضها على هؤلاء الأشخاص واطلاعهم عليها، وترى المحكمة قصد الاتجار أيضاً فيما قال به المتهمان بتحقيقات النيابة العامة من أن الأول منهما استجلب كمية من مخدر الهيروين وأنهى أمرها للثاني للبحث عن مشتر لها بعد أن اتفقا على ما يكون لكل منهما من حصيلة ذلك وبناء على ما حصل بينهما أخذ الثاني منهما في البحث ليجد ضالته وقدمها للمتهم الأول وتم عرض المخدر عليه وتحدد وزنه وثمنه وميقات إتمام الصفقة الذي واكبته عملية الضبط ومفاد ذلك هو إحرازهما وحيازتهما للجوهر المخدر وعرضه للبيع والبحث عن مشتر له إلى أن تم لهما ما أراداه وعقدا صفقة البيع بما يتحقق به قصد الاتجار لديهما على النحو المعرف به في القانون". وكانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن حيازة وإحراز الطاعنين للمخدر كانت بقصد الاتجار فإن ما يثيره الطاعنان بدعوى القصور في التدليل على توافر هذا القصد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهمين بأن ما يحوزانه مخدر، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين أو المدافع عنهما لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعنين للمخدر المضبوط وعلى علمهما بكنهه، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن أياً من الطاعنين أو المدافع عنهما لم يذكر شيئاً عما تضمنه تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي، وكان من المقرر أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها. هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا الشأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير المعمل الكيماوي واستندت إلى الرأي الفني به من أن المادة المضبوطة مع الطاعنين هي لمخدر الهيروين وهي من المواد المدرجة في جدول قانون المخدرات فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.