مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السادس (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1942 لغاية 29 أكتوبر سنة 1945) - صـ 199

جلسة 8 مارس سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة سيد مصطفى بك وكيل المحكمة، وبحضور حضرات: منصور بك إسماعيل وجندي عبد الملك بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

(136)
القضية رقم 738 سنة 13 القضائية

سرقة. السلاح الذي يعدّ حمله ظرفاً مشدّداً في هذه الجريمة. ماهيته. السلاح المعدّ لأغراض بريئة ولكنه يمكن أن يحدث الوفاة. مجرد حمله لا يكفي لاعتباره ظرفاً مشدّداً. وجوب إقامة الدليل على أن حمله إنما كان لمناسبة السرقة. إثبات قاضي الإحالة في قراراه أن السكين التي كان يحملها المتهم وقت السرقة قد استعملها المتهم فعلاً في الاعتداء على المجني عليه. اعتباره الجريمة غير متحقق فيها ظرف حمل السلاح لأن السكين مما يستعمل في الشئون المنزلية وليست بحدّين. خطأ. وجوب اعتبار الحادثة جنائية منطبقة على المادة 316 ع.
(المادة 273 ع = 316)
إنه لما كان القانون لم يرد فيه تعريف السلاح الذي يعدّ حمله جريمة ظرفاً مشدّداً في جريمة السرقة، ولما كانت الأسلحة على نوعين: أسلحة بطبيعتها، وهي المعدّة للقتل ويدل حملها بذاته على أن هذا هو المقصود منها، كالبنادق والحراب والسيوف والملاكم الحديدية وغيرها مما هو معاقب على إحرازه وحمله بمقتضى القانون رقم 8 لسنة 1917، وأسلحة يمكن أن تحدث الوفاة ولكنها معدّة لأغراض بريئة ولا يدل حملها بذاته على أن المقصود منها الاعتداء على الأنفس، كالسكاكين العادية والبلط والفؤوس إلخ مما يستخدم في الشئون المنزلية والصناعية وغيرها - لما كان ذلك فإنه يجب بمقتضى القواعد العامة اعتبار كل ما هو من النوع الأوّل سلاحاً يتحقق بحمله الظرف المشدّد ولو لم يكن ذلك لمناسبة السرقة. أما النوع الثاني فإن مجرّد حمله لا يكفي في ذلك، بل يجب أن يقوم الدليل على أنه إنما كان لمناسبة السرقة. وهذا يستخلصه قاضي الموضوع من أي دليل أو قرينة في الدعوى، كاستعمال السلاح، أو التهديد به، أو عدم وجود المقتضى لحمله في الظروف التي حمل فيها، وعندئذ يحق عدّه سلاحاً بالمعنى الذي قصده القانون لتحقق العلة التي دعت إلى تشديد العقاب. وإذن فإذا أثبت قاضي الإحالة في الأمر الصادر منه أن المتهمين شرعوا في السرقة ليلاً من الحقل، وكان اثنان منهم يحمل كل منهما سكيناً استعملها فعلاً في الاعتداء على المجني عليه عند مفاجأته لهم متلبسين بالجريمة، ومع ذلك اعتبر الجريمة غير متحقق فيها ظرف حمل السلاح، فإنه يكون قد أخطأ. لأن السكين - ولو كان قانون حمل السلاح لا يعاقب على حملها لأنها مما يستعمل في الشئون المنزلية ولها حدّ واحد - يجب أن تعدّ سلاحاً بعد أن تحقق استعمالها في السرقة.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن المقدّم من النيابة العامة أن الأمر المطعون فيه القاضي باعتبار الواقعة جنحة قد ذكر فيها أن الواقعة التي أسفر عنها التحقيق لا يصدق عليها وصف الجناية التي نص عليها القانون في المادة 316 عقوبات لأن السكينين اللتين كان يحملهما المتهمان الأول والثاني واستعملاهما في الاعتداء لم يذكر المصاب أو غيره وصفاً لهما يبين نوعهما وهل كل منها بحدّ أو حدّين حتى تمكن معرفة مدى انطباق القانون رقم 8 لسنة 1917 الخاص بحمل السلاح عليهما، وأضاف الأمر المطعون فيه إلى ذلك أن ما قيل من رؤية سلاح ناري مع الشخصين المجهولين اللذين لم يعرفهما المصاب هو قول غير صحيح، إذ لو صح وجود هذا النوع من السلاح لاستعمله المتهمون بدلاً من العصي والسكين. ثم انتهى الأمر المطعون فيه إلى القول بعدم إمكان اعتبار الواقعة جناية شروع في سرقة مع حمل سلاح. وهذا خطأ لأنه يكفي لتوفر شرط حمل السلاح واعتباره ظرفاً مشدّداً في جريمة السرقة أن يثبت للمحكمة من أي عنصر من عناصر الدعوى أن الجاني كان يحمل سلاحاً وقت ارتكاب الجريمة ولا تأثير لعدم ضبط هذا السلاح. وما دام الثابت أن المتهمين كانوا يحملون سكينين وسلاحاً نارياً وأنهم استعملوا فعلاً هذه الأسلحة، فإن قاضي الإحالة يكون قد أخطأ إذ قال إن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة سرقة وضرب.
وحيث إن الأمر المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى في قوله: "حيث إن وقائع الدعوى تتحصل فيما ذكره المجني عليه عبد الله رحيم من أنه كان يمرّ على زراعة الذرة التي يقوم بحراستها فسمع تكسيراً فيها على مقربة منه ورأى عدّة أشخاص ينتزعون الكيزان فحذرهم وسار نحوهم وعندئذ اعتدى عليه أحدهم بعصا على رأسه، ثم هجموا عليه وأوقعوه أرضاً وأثخنوه ضرباً، وعرف منهم المتهمين الأربعة، وأن المتهمين الأوّلين اعتديا عليه بالضرب بالسكين أحدث أوّلهما به إصابتي الفخذ الأيمن والشرخ، والثاني أصابه في كتفه، وأنه استغاث فحضر له عبد الوهاب حسن آدم وباقي الشهود الذين أخبرهم بمعلوماته". وبعد أن نفى ظرف الإكراه قال: "وحيث إنه من جهة أخرى لا يمكن اعتبار تلك الوقائع التي ذكرها المجني عليه مكوّنة للجريمة المنصوص عنها في المادة 316 عقوبات التي تشترط أن يكون أحد المتهمين يحمل سلاحاً ظاهراً أو مخبأ مع باقي شروطها، استنتاجاً مما تبين من وجود قطعين به يحدثان من سكين إذ أنه ذكر أن المتهمين الأوّلين قد اعتديا عليه بالضرب بسكين إلا أنه لم يذكر وصف تلك السكين أو نوعها إن كانت بحدّ أو أكثر حتى تمكن معرفة إن كانت مما ينطبق عليه قانون رقم 8 لسنة 1917 الخاص بالسلاح من عدمه. ولا يمكن مع ذلك افتراض أنها بحدّين حتى يمكن اعتبارها من الأسلحة التي يكون حملها مكوّناً شرط حمل السلاح المنصوص عليه في تلك المادة بصرف النظر عما استقر عليه رأي القضاء من أن هذا النوع من السلاح بطبيعته أو أنه سلاح بالاستعمال. وحيث إنه بخصوص ما ذكره من أنه رأى بنادق مع المجهولين اللذين لم يعرفهما فإن هذا القول ظاهر البطلان ولا يستقيم على روايته. لأنه لو صحت تلك الرواية ما ترّدد المتهمون عن استعماله بدلاً من استعمال العصي والسكين. كما أن روايته في هذا الأمر جاءت متأخرة، وقد عجز عن وصف تلك البنادق التي ذكرها مما يقطع بأن رواية البنادق ضالة ولا يمكن العرف نفسه افتراض أن المتهمين هم الذين أطلقوا العيار الذي قيل بإطلاقه بعد الحادث". ثم انتهى إلى القول بأن واقعة الشروع في السرقة حدثت خالية من ظروف التشديد وأنها تعدّ جنحة بالمادتين 317/ 4 و5 و321 عقوبات، ويكون الاعتداء الواقع على المجني عليه جنحة ضرب منفصلة تنطبق عليها المادة 241/ 1 عقوبات.
وحيث إنه لما كان القانون لم يرد فيه تعريف للسلاح الذي يعدّ حمله ظرفاً مشدّداً في جريمة السرقة، ولما كانت الأسلحة على نوعين: أسلحة بطبيعتها وهي المعدّة للقتل ويدل حملها بذاته على أن هذا هو المقصود به، كالبنادق والحراب والسيوف والملاكم الحديدية وغيرها مما هو معاقب على إحرازه وحمله بمقتضى القانون رقم 8 لسنة 1917، وأسلحة من شأنها إحداث الوفاة ولكنها معدّة لأغراض بريئة ولا يدل حملها بذاته على أن المقصود به الاعتداء على الأنفس، كالسكاكين العادية والبلط والفؤوس إلخ مما يستخدم في الشؤون المنزلية والصناعية وغيرها - لما كان ذلك فإنه يجب بمقتضى القواعد العامة اعتبار كل ما هو من النوع الأوّل سلاحاً يتحقق بحمله الظرف المشدّد ولو لم يكن ذلك لمناسبة السرقة. أما النوع الثاني فإن حمله وحده لا يكفي في ذلك بل يجب أن يقوم الدليل على أنه إنما كان لمناسبة السرقة. وهذا يستخلصه قاضي الموضوع من أي دليل أو قرينه في الدعوى، كاستعمال السلاح أو التهديد به أو عدم وجود المقتضى الذي يسوغ حمله في الظروف التي حمل فيها وعندئذ يحق عدّه سلاحاً بالمعنى الذي قصده القانون لتحقق العلة التي دعت إلى تشديد العقاب.
وحيث إنه متى كان هذا مقرّراً فإن الأمر المطعون فيه إذ أثبت أن المتهمين شرعوا في السرقة ليلاً في الحقل وكان اثنان منهم يحمل كل منهما سكيناً استعملها فعلاً في الاعتداء على المجني عليه عند مفاجأته لهم متلبس بالجريمة - إذ أثبت ذلك واعتبر أن الجريمة لم يتحقق فيها ظرف حمل السلاح يكون قد أخطأ. لأن السكين ولو لم تكن بحدّين، ولو كانت مما يستعمل في الشئون المنزلية، ولو كان قانون حمل السلاح لا يعاقب على حملها وإحرازها، يجب أن تعدّ سلاحاً متى كان القاضي قد اقتنع - كما هي الحال في الدعوى - بأن حملها كان مقصوداً به استخدامها في السرقة. ولذلك كان من المتعين على قاضي الإحالة أن يعتبر واقعة الشروع في السرقة جناية منطبقة على المواد 45 و46 و316 من قانون العقوبات ويحيلها بهذا الوصف إلى المحكمة المختصة مع جنحة الضرب.