أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 991

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ صلاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد ومحمد نجيب صالح وعوض جادو ومصطفى طاهر.

(173)
الطعن رقم 445 لسنة 51 القضائية

1 - عقوبة "عقوبة تكميلية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معب".
العقوبات التكميلية التى تحمل فى طياتها فكرة رد الشىء الى أصله أو التعويض المدنى للخزانة أو ذات الطبيعة الوقائية كالمصادرة ومراقبة الشرطة. وجوب توقيعها فى جميع الأحوال وبلا ضرورة لدخول الخزانة فى الدعوى.
عقوبة التعويض المنصوص عليها فى المادة 163 عقوبات. ماهيتها؟.
2 - خطأ. مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرر. رابطة السببية.
الأصل أن من يشترك فى أعمال البناء والهدم يسأل عن نتائج خطئه. قيام مقاول مختص بمثل هذه الأعمال عادة تحت مسئوليته. مؤداه: أنه يسأل عن نتائج خطئه فيه.
تقرير الخطأ وتوافر رابطة السببية بينه والنتيجة. موضوعى. مثال تسبيب غير معيب.
3 - أثبات "خبرة". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة باجابة طلب ندب خبير فى الدعوى اذا رأت فى الأدلة المقدمة فى الدعوى ما يكفى للفصل فيها.
مثال تسبيب سائغ فى اطراح طلب ندب خبير.
1 - لما كانت المادة 163 من قانون العقوبات تنص على انه "كل من عطل المخابرات التلغرافية أو أتلف شيئا من آلالتها سواء بأهماله أو عدم احترازه بحيث ترتب على ذلك انقطاع المخابرات يعاقب بدفع غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا. وفى حالة حصول ذلك بسوء قصد ثابت تكون العقوبة السجن مع عدم الاخلال فى كلتا الحالتين بالحكم بالتعويض" ثم نصت المادة 166 على سريان المادة المذكورة على الخطوط التليفونية، وكانت العقوبات التكميلية التى تحمل فى طياتها فكرة رد الشىء الى أصله أو التعويض المدنى للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتى هى فى واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها فى جميع الأحوال، وان الحكم بها حتمى تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها وبلا ضرورة لدخول الخزانة فى الدعوى. وكان مما يصدق عليه هذا النظر عقوبة التعويض المنصوص عليها فى المادة 163 من قانون العقوبات.
2 - لما كان الأصل المقرر فى القانون ان من يشترك فى أعمال الهدم والبناء لا يسأل الا عن نتائج خطئه، فالمقاول المختص الذى يعهد اليه بهذا العمل يسأل عن نتائج خطئه، وتقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا مستندا الى ادلة مقبولة لها أصلها فى الأوراق، واذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بالأدلة السائغة التى أوردها - والتى لا يجادل الطاعن فى أن لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى - ان أعمال الحفر فى مكان الحادث كانت تجرى تحت اشراف وملاحظة الطاعن وانتهى الى مساءلته لأنه أهمل فى اتخاذ الاحتياطات المعقولة فى مكان العمل وامتنع عن رقابة عماله على نحو يكفل عدم المساس بالكوابل مما أدى الى تلفها وترتب على ذلك انقطاع المخابرات التليفونية، فان الحكم بذلك يكون قد أقام مسئولية الطاعن على أساس من الواقع والقانون.
3 - لما كانت المحكمة قد بررت التفاتها عن طلب الطاعن ندب خبير بقبولها "انه طلب موضوعى لا يتجه الى نفى الفعل المكون للجريمة، ولا لأثبات استحالة حصول الواقعة كما وردت بأقوال شاهد الواقعة المهندس...." وان البادى ان القصد منه هو مجرد أثارة الشبهة فى الدليل الذى اطمأنت اليه المحكمة بعد ان وضحت لديها الواقعة "واذ كان هذا الذى برر به الحكم كافيا ويسوغ به رفض طلب الطاعن، لما هو مقرر من أن المحكمه لا تلتزم بأجابة طلب ندب خبير اذا هى رآت من الأدلة المقدمة فى الدعوى ما يكفى للفصل فيها دون حاجة الى ندبه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن: بأنه تسبب بأهماله وعدم احترازه فى تعطيل المخابرات التليفونية بأن قام بعملية حفر على مقربة من كوابل التليفونات دون اتخاذ الحيطة الكافية مما ادى الى تلفها على الوجه المبين بالاوراق وطلبت عقابه بالمادتين 163، 166 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح اخميم قضت غيابيا عملا بمادتى الاتهام بتغريم المتهم عشرة جنيهات. فعارض واثناء نظر المعارضة ادعت هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية قبل المتهم بحق مدنى قدره 775 ج و525 م وقضى فى معارضته بقبولها شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنفت النيابه العامه هذا الحكم ومحكمة سوهاج الابتدائيه - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وتصحيح الحكم بالزام المتهم بدفع مبلغ 775 ج، 525 م للهيئة المدعية مدنيا فعارض المحكوم عليه وقضى فى معارضته بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

وحيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انه اذ دانه بجريمة التسبب باهماله فى تعطيل المخابرات التليفونية قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب واخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه قضى بالتعويض رغم عدم ادعاء الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية بالحقوق المدنية، وقد قام دفاع الطاعن على انه لم يرتكب الفعل الذى تسبب فى تعطيل المحابرات التليفونيه وان عملية الحفر لم تسبب ضررا وطلب ندب خبير لاثبات صحة هذا الدفاع بيد أن الحكم التفت عن طلبه واغفل الرد على هذا الدفاع رغم جوهريته فى ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث ان الحكم الابتدائى - المؤيد لأسبابه والمكمل والمعدل بالحكم الغيابى الاستئنافى والحكم المطعون فيه - بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها ان تؤدى الى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 163 من قانون العقوبات تنص على انه "كل من عطل المخابرات التلغرافية أو أتلف شئا من آلاتها سواء باهماله أو عدم احترازه بحيث ترتب على ذلك انقطاع المخابرات يعاقب بدفع غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا. وفى حالة حصول ذلك بسوء قصد ثابت تكون العقوبة السجن مع عدم الاخلال فى كلتا الحالتين بالحكم بالتعويض" ثم نصت المادة 166 على سريان المادة المذكورة على الخطوط التليفونية، وكانت العقوبات التكميلية التى تحمل فى طياتها فكرة رد الشىء الى أصله أو التعويض المدنى للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتى هى فى واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها فى جميع الأحوال، وان الحكم بها حتمى تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها وبلا ضرورة لدخول الخزانة فى الدعوى. وكان مما يصدق عليه هذا النظر عقوبة التعويض المنصوص عليها فى المادة 63 من قانون العقوبات، هذا فضلا عن ان الثابت من محاضر جلسات المعارصة الابتدائية ان هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية ادعت مدنيا قبل الطاعن وقررت التعويض عن الخسارة المطالب بها بمبلغ 757 ج و525 م ومن ثم فان الحكم الغيابى الاستئنافى اذ قضى بالزام الطاعن بالتعويض عن الخسارة أعمالا لنص المادة 163 من قانون العقوبات يكون قد أعمل صحيح القانون، وما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص يكون فى غير محله لما كان ذلك، وكان الأصل المقرر فى القانون ان من يشترك فى أعمال الهدم والبناء لا يسأل الا عن نتائج خطئه، فالمقاول المختص الذى يعهد اليه بهذا العمل يسأل عن نتائج خطئه وتقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبة وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا مستند الى أدلة مقبوله لها اصلها فى الأوراق، واذ كان الحكم المطعون فيه قد ثبت بالأدلة السائغة التى اوردها - والتى لا يجادل الطاعن فى أن لها معينها الصحيح من اوراق الدعوى - ان أعمال الحفر فى مكان الحادث كانت تجرى تحت اشراف وملاحظة الطاعن وانتهى الى مساءلته لأنه أهمل فى اتخاذ الاحتياطات المعقولة فى مكان العمل وامتنع عن رقابة عماله على نحو يكفل عدم المساس بالكوابل مما ادى الى تلفها وترتب على ذلك انقطاع المخابرات التليفونية، فان الحكم بذلك يكون قد أقام مسئولية الطاعن على اساس من الواقع والقانون، فضلا عن أنه رد على دفاع الطاعن واطرحه بأسباب سائغة ومن ثم فان منعاه فى هذا الشأن يكون غير سديد - لما كان ذلك، وكانت المحكمه قد بررت التفاتها عن طلب الطاعن ندب خبير بقولها "انه طلب موضوعى لا يتجه الى نفى الفعل المكون للجريمة، ولاثبات استحالة حصول الواقعة كما وردت بأقوال شاهد الواقعة المهندس...... "وان البادى أن القصد منه هو مجرد اثارة الشبهة فى الدليل الذى اطمأنت اليه المحكمة بعد أن وضحت لديها الواقعة" واذ كان هذا الذى - يرويه الحكم كافيا ويسوغ به رفض طلب الطاعن، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم باجابة طلب ندب خبير اذا هى رآت من الادلة المقدمة فى الدعوى ما يكفى للفصل فيها دون حاجه الى ندبه.
لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.