أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 1069

جلسة 13 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومحمد شعبان باشا وعبد الرحمن أبو سليمة وسلامة أحمد عبد المجيد نواب رئيس المحكمة.

(143)
الطعن رقم 47377 لسنة 59 القضائية

(1) بلاغ كاذب. جريمة "أركانها".
جريمة البلاغ الكاذب. مناط تحققها؟
(2) بلاغ كاذب. حكم "حجيته". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الحكم الجنائي الصادر في جريمة من الجرائم يقيد المحكمة التي تفصل في دعوى البلاغ الكاذب. عن الواقعة التي كانت محل الجريمة من حيث ما سبق أن فصل فيه من صحة البلاغ وكذبه.
ثبوت كذب البلاغ. لا يكفي وحده للإدانة.
(3) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعي المطعون ضده على الحكم المطعون فيه مخالفته لحجية الحكم الصادر في جنحة تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار للأسباب التي بنى عليها. غير مقبول. ما دام أنه نفى عنه سوء القصد في بلاغه ضد الطاعن وعدم انتوائه السوء والإضرار به للأسباب التي اطمأنت إليها المحكمة.
تعييب الحكم القاضي بالبراءة في إحدى دعاماته. غير مقبول. ما دام أقيم على دعامات أخرى تكفي لحمله.
(4) بلاغ كاذب. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب. توافره بعلم المبلغ بكذب الوقائع المبلغ عنها. وانتوائه الكيد والإضرار بالمبلغ ضده. تقدير ذلك. موضوعي.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية الشك في صحة إسناد التهمة للمتهم للقضاء بالبراءة. ما دامت المحكمة قد أحاطت بالدعوى وألمت بها عن بصر وبصيرة.
الجدل الموضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
1 - من المقرر قانوناً أنه يشترط لتحقق جريمة البلاغ الكاذب توافر ركنين هما ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها، وأن يكون الجاني عالماً بكذبها ومنتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه، وأن يكون الأمر المخبر به مما يستوجب عقوبة فاعلة ولو لم تقم دعوى بما أخبر به.
2 - لما كان من المقرر أن الحكم الجنائي الصادر في جريمة من الجرائم إنما يقيد المحكمة التي تفصل في دعوى البلاغ الكاذب عن الواقعة التي كانت محل الجريمة من حيث ما سبق أن فصل فيه من صحة البلاغ وكذبه. إلا أن ثبوت كذب البلاغ لا يكفي وحده للإدانة. لما كان ذلك، لما كان ذلك، وكان الحكم القاضي ببراءة الطاعن من تهمة تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل والمحرر عنها الجنحة رقم 25 لسنة 1976 أمن دولة قسم أول شبرا الخيمة وقد أسس قضاءه على كذب البلاغ، إلا أن البين أن الحكم المطعون فيه قد نفى عن المطعون ضده سوء القصد في بلاغه ضد الطاعن وعدم انتوائه السوء والإضرار به للأسباب التي أوردها واطمأنت إليها المحكمة، فإن النعي على الحكم بدعوى مخالفته لحجية الحكم الصادر في الجنحة سالفة البيان وللأسباب التي بنى عليها لا يكون له محل.
3 - لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام قد أقيم على دعامات أخرى تكفي لحمله.
4 - لما كان القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب يتوافر بعلم المبلغ بكذب الوقائع التي أبلغ عنها وانتوائه الكيد والإضرار بالمبلغ ضده، وتقدير هذه الأمور من شأنه محكمة الموضوع التي لها مطلق الحق في استظهارها من الوقائع المطروحة عليها.
5 - لما كان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة، وإذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر أن المحكمة أحاطت بالدعوى وألمت بظروفها عن بصر وبصيرة، فإن باقي ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قليوب ضد المطعون ضده - بأنه أبلغ كذباً وبسوء قصد عن واقعة تقاضيه مبلغ 3000 جنيه منه خارج نطاق عقد الإيجار. وطلب عقابه بالمادتين 303، 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى له مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنح قسم أول شبرا الخيمة قضت حضورياً ببراءة المتهم مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة بنها الابتدائية - مأمورية قليوب الاستئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه من المقرر قانوناً أنه يشترط لتحقق جريمة البلاغ الكاذب توافر ركنين هما ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها، وأن يكون الجاني عالماً بكذبها ومنتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه، وأن يكون الأمر المخبر به مما يستوجب عقوبة فاعلة ولو لم تقم دعوى بما أخبر به، وكان من المقرر أيضاً أن الحكم الجنائي الصادر في جريمة من الجرائم إنما يقيد المحكمة التي تفصل في دعوى البلاغ الكاذب عن الواقعة التي كانت محل الجريمة من حيث ما سبق أن فصل فيه من صحة البلاغ وكذبه. إلا أن ثبوت كذب البلاغ لا يكفي وحده للإدانة. لما كان ذلك، وكان الحكم القاضي ببراءة الطاعن من تهمة تقاضى مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل والمحرر عنها الجنحة رقم..... لسنة 1976 أمن دولة قسم أول شبرا الخيمة وقد أسس قضاءه على كذب البلاغ، إلا أن البين أن الحكم المطعون فيه قد نفى عن المطعون ضده سوء القصد في بلاغه ضد الطاعن وعدم انتوائه السوء والإضرار به للأسباب التي أوردها واطمأنت إليها المحكمة، فإن النعي على الحكم بدعوى مخالفته لحجية الحكم الصادر في الجنحة سالفة البيان وللأسباب التي بنى عليها لا يكون له محل. ولا ينال من ذلك ما أورده الحكم المطعون فيه من أنه لا يرى في عجز المطعون ضده عن إثبات بلاغه دليلاً على كذب الواقعة لما هو مقرر من أنه لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام قد أقيم على دعامات أخرى تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب يتوافر بعلم المبلغ بكذب الوقائع التي أبلغ عنها وانتوائه الكيد والإضرار بالمبلغ ضده، وتقدير هذه الأمور من شأنه محكمة الموضوع التي لها مطلق الحق في استظهارها من الوقائع المطروحة عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد برر قضاءه بالبراءة لانتفاء القصد الجنائي لدى المطعون ضده على ما سلف، وكان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة، وإذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر أن المحكمة أحاطت بالدعوى وألمت بظروفها عن بصر وبصيرة، فإن باقي ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً ويتعين التقرير بذلك ومصادرة الكفالة.