أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 1049

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ الدكتور ابراهيم على صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عثمان عمار وهاشم محمد قراعة وصفوت خالد مؤمن ومحمود بهى الدين.

(185)
الطعن رقم 1235 لسنة 51 القضائية

1 - ايجار أماكن. خلو رجل. قانون "تفسيره" "تطبيقه". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
اقتضاء المؤجر مالكا كان أم مستأجراً. مقدم ايجار أو أية مبالغ اضافية بسبب تحرير عقد الايجار. أو خارج نطاقه. زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها فى العقد. مؤثم.
صفة المؤجر ومناسبة تحرير عقد الايجار هما مقتضى حظر اقتضاء المبالغ الاضافية.
اقتضاء المستأجر بالذات أو بالوساطة من المؤجر أو المالك أية مبالغ فى مقابل انهاء عقد الايجار واخلاء المكان المؤجر. لا تأثيم. مخالفة ذلك. خطأ فى تأويل القانون.
2 - دعوى مدنية "مدى اختصاص المحاكم الجنائية بنظرها" "الحكم فيها". اختصاص.
شروط قبول الدعوى المدنية التابعة أمام المحاكم الجنائية؟.
القضاء بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية. واجب. متى ثبت أن الفعل جوهر الدعوى الجنائية غير معاقب عليه قانوناً.
3 - نقض "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون" محكمة النقض "سلطتها".
متى يكون لمحكمة النقض تصحيح الحكم والقضاء وفقا للقانون؟.
1 - الشارع بما نص عليه فى المادتين 17 و45 من القانون رقم 52 لسنة 1969 فى شأن ايجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين - الذى حصلت الواقعة موضوع الدعوى الراهنة فى ظله - انما يؤثم، وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض، بالاضافة الى فعل اقتضاء المؤجر من المستأجر مقدم ايجار، أن يتقاضى منه اية مبالغ اضافية بسبب تحرير عقد الايجار أو خارج نطاقه زيادة على التأمين والأجرة المنصوص عليهما فى العقد سواء كان ذلك المؤجر مالك العقار أو مستأجره الذى يبتغى تأجيره الى غيره فتقوم فى جانبه حينئذ صفة المؤجر ومناسبة تحرير عقد الايجار، وهما مناط حظر اقتضاء تلك المبالغ الاضافية بالذات أو بالوساطة، ومن ثم فأن هذا الحظر بمقتضيات تأثيمه لا يسرى فى شأن المستأجر الا اذا أقدم على التأجير من الباطن الى غيره، فيخرج عن دائرة التأثيم المستأجر الذى يتقاضى بالذات أو بالوساطة من المؤجر أو المالك أو من طالب ايجار من الغير - كما هو الحال فى الدعوى الماثلة - أية مبالغ فى مقابل انهاء عقد الايجار واخلاء المكان المؤجر، ولا يحل عقاب مثل هذا المستأجر طبقا لأحكام القانون السالف الذكر أو أى قانون آخر، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بمعاقبة الطاعن عن واقعة اقتضاء مبلغ من النقود من المطعون ضدها مقابل انهاء العلاقة الايجارية بينه وبين مالك العين المؤجرة (المحكوم ببراءته) حتى تستأجرها المطعون ضدها من هذا الأخير فانه يكون قد بنى على خطأ فى تأويل القانون، وكان يتعين على المحكمة القضاء ببراءة الطاعن عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الاجراءات الجنائية باعتبار أن الواقعة غير معاقب عليها قانونا.
2 - من المقرر طبقا للمادتين 220 و251 من قانون الاجراءات الجنائية أن ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر بحسب الأصل على نظر ما يطرح أمامها من تلك الجرائم، واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها استثناء من هذا الأصل - مبنى على الارتباط بين تلك الدعوى والدعوى الجنائية ووحدة السبب الذى تقوم عليه كل منهما، ومشروط فيه أن لا تنظر الدعوى المدنية الا بالتبعية للدعوى الجنائية بحيث لا يصح رفعها استقلالا أمام المحكمة الجنائية، ومؤدى ذلك أن المحاكم الجنائية لا يكون لها ولاية الفصل فى الدعوى المدنية متى كان الفعل محل الدعوى الجنائية ومناط التعويض فى الدعوى المدنية المرفوعة تبعا لها غير معاقب عليه قانونا كما هو الحال فى الدعوى الراهنة، ومن ثم فانه كان يتعين على المحكمة ان تقضى بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية.
3 - لما كان العيب الذى شاب الحكم المطعون فيه مقصورا على الخطأ فى تأويل القانون وفى تطبيقه على الواقعة كما صار اثباتها فى الحكم فانه يتعين طبقا للمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض - أن تحكم المحكمة فى الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون.


الوقائع

أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن وآخر أمام محكمة جنح الوايلى بوصف أنهما تقاضيا منها مبلغ سبعة آلاف جنيه خلو رجل، وطلبت عقابهما بالمادتين 17، 45 من القانون رقم 52 لسنة 1969 والمادة 3 من الأمر العسكرى رقم 4 لسنة 1976 وبالزامهما متضامنين بأن يدفعا لها تعويضا مؤقتا قدره واحد وخمسين جنيها. ومحكمة جنح الوايلى قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام أولا: رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية والمدنية وبنظرهما. ثانيا: رفض الدفع بعدم دستورية الأمر العسكرى رقم 4 لسنة 1976. ثالثا: بحبس المتهم الأول - الطاعن - ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيها لوقف التنفيذ مع الزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدنى مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. رابعا: براءة المتهم الثانى مما نسب اليه ورفض الدعوى المدنية قبله. فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض وقضى فى معارضته بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابى المعارض فيه.
فطعنت الأستاذة...... المحامية عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث ان مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه - وهو مستأجر - بجريمة تقاضى خلو رجل والزامه بتعويض مدنى قد أخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن أحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 الذى طبقه الحكم لا يؤثم الفعل المسند اليه وهو تقاضيه مبلغا من النقود من المدعية بالحقوق المدنية نظير انهائه عقد الايجار الصادر له عن شقة النزاع وتركها للمالك المؤجر الذى أجرها بعد ذلك للمدعية بما لا يكون معه الحكم معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى بما حاصله أن الطاعن باع للمدعية بالحقوق المدنية منقولات شقة يستأجرها وتقاضى منها - بالاضافة الى ثمن تلك المنقولات - مبلغ أربعة آلاف جنيه مقابل تركه الشقة وانهاء العلاقة القائمة بشأنها بينه وبين المالك المؤجر (المحكوم ببراءته) الذى حرر للمدعية عقد أجر لها العين بموجبه، وخلص الحكم الى أن الطاعن حصل من المدعية على هذا المبلغ بغير الطريق القانونى وبالمخالفة لأحكام المادة 17 من القانون رقم 52 لسنة 1969 مما يوقعه تحت طائلة العقاب المنصوص عليه فى المادة 45 من هذا القانون. لما كان ذلك وكان الشارع بما نص عليه فى المادتين 17 و45 من القانون رقم 52 لسنة 1969 فى شأن ايجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين - الذى حصلت الواقعة موضوع الدعوى الراهنة فى ظله - انما يؤثم، وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض، باضافة الى فعل اقتضاء المؤجر من المستأجر مقدم ايجار، أن يتقاضى منه أية مبالغ اضافية بسبب تحرير عقد الايجار أو خارج نطاقه زيادة على التأمين والأجرة المنصوص عليهما فى العقد سواء كان ذلك المؤجر مالك العقار أو مستأجره الذى يبتغى تأجيره الى غيره فتقوم فى جانبه حينئذ صفة المؤجر ومناسبة تحرير عقد الايجار، وهما مناط حظر اقتضاء تلك المبالغ الاضافية بالذات أو بالوساطة، ومن ثم فان هذا الحظر بمقتضيات تأثيمه لا يسرى فى شأن المستأجر الا اذا أقدم على التأجير من الباطن الى غيره، فيخرج عن دائرة التأثيم المستأجر الذى يتقاضى بالذات أو بالوساطة من المؤجر أو المالك أو من طالب ايجار من الغير - كما هو الحال فى الدعوى الماثلة - أية مبالغ فى مقابل انهاء عقد الايجار واخلاء المكان المؤجر، ولا يحل عقاب مثل هذا المستأجر طبقا لأحكام القانون السالف الذكر أو أى قانون آخر، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بمعاقبة الطاعن عن واقعة اقتضاء مبلغ من النقود من المطعون ضدها مقابل انهاء العلاقة الايجارية بينه وبين مالك العين المؤجرة (المحكوم ببراءته) حتى تستأجرها المطعون ضدها من هذا الأخير فانه يكون قد بنى على خطأ فى تأويل القانون، وكان يتعين على المحكمة القضاء ببراءة الطاعن عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الاجراءات الجنائية باعتبار أن الواقعة غير معاقب عليها قانونا. لما كان ذلك وكان من المقرر طبقا للمادتين 220 و251 من ذلك القانون أن ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر بحسب الأصل على نظر ما يطرح أمامها من تلك الجرائم، واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها واستثناء من هذا الأصل - مبنى على الارتباط بين تلك الدعوى والدعوى الجنائية ووحدة السبب الذى تقوم عليه كل منهما، ومشروط فيه أن لا تنظر الدعوى المدنية الا بالتبعية للدعوى الجنائية بحيث لا يصح رفعها استقلالا أمام المحكمة الجنائية، ومؤدى ذلك أن المحاكم الجنائية لا يكون لها ولاية الفصل فى الدعوى المدنية متى كان الفعل محل الدعوى الجنائية ومناط التعويض فى الدعوى المدنية المرفوعة تبعا لها غير معاقب عليه قانونا, كما هو الحال فى الدعوى الراهنة، ومن ثم فانه كان يتعين على المحكمة ان تقضى بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية، لما كان ذلك وكان العيب الذى شاب الحكم المطعون فيه مقصورا على الخطأ فى تأويل القانون وفى تطبيقه على الواقعة كما صار أثباتها فى الحكم فانه يتعين طبقا للمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تحكم المحكمة فى الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون، ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بالغاء الحكم المستأنف وببراءة المتهم مما أسند اليه وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى المدنية المرفوعة عليه من المطعون ضدها مع الزامها بمصروفاتها.