أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 1103

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدى وأحمد محمود هيكل ومحمد عبد المنعم البنا ومحمد الصوفى عبد الجواد.

(197)
الطعن رقم 2120 لسنة 51 القضائية

1 - اختصاص "الأختصاص الولائى" محكمة الجنايات "اختصاصها". محكمة أمن الدولة. طوارئ. قانون "تفسيره".
المحاكم العادية. صاحبة الولاية العامة. محاكم أمن الدولة المنشأة طبقا لقانون الطوارئ. استثنائية. احالة بعض الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام اليها. لا يسلب المحاكم العادية اختصاصها بالفصل فى هذه الجرائم.
ايراد الحكم فى ديباجته أن الدعوى أحيلت من مستشار الاحالة. رغم أن الثابت أنها أحيلت مباشرة من النيابة العامة. خطأ مادى وزلة قلم لا تخفى.
2 - اختلاس. اثبات "بوجه عام" مستشار الاحالة.
جريمة الاختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 عقوبات. لا يشترط لاثباتها طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة كفاية أقتناع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أى دليل أو قرينة تقدم اليها.
3 - قصد جنائى. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". أثبات "بوجه عام" أختلاس أموال أميرية.
تحدث الحكم استقلالا عن القصد الجنائى فى جريمة الاختلاس. غير لازم كفاية أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.
4 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". أثبات "بوجه عام". "دفاع الاخلال عن الدفاع. ما لا يوفره".
حق المحكمة فى الاعراض عن الدفاع أو طلبات التحقيق غير المنتجة. متى وضحت الواقعة لديها. شرط بيان العلة.
5 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "بطلانه". بطلان. اجراءات "التحقيق".
النص فى لائحة المخازن على تشكيل لجنة للتحقيق أو الجرد من غير موظفى القسم التابع له الموظف المسئول. تنظيمى. عدم ترتيب البطلان على مخالفته.
6 - اجراءات "اجراءات التحقيق". اثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اثارة الطاعن مباشرة لجنة الجرد أعمالها فى غير حضوره وفى غياب أحد اعضائها. لا تجوز لأول مرة أمام النقض.
1 - الثابت أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 10/ 2/ 1980 قبل العمل بالقانون رقم 105 لسنة 1980 بانشاء محاكم أمن الدولة المعمول به اعتبارا من أول يونيو سنة 1980 والذى نصت مادته الثالثة على اختصاص محاكم أمن الدولة المنشأة طبقا لأحكامه - دون غيرها - بنظر الجرائم المنصوص عليها فى هذه المادة، وقد جرى قضاء هذه المحكمة قبل العمل بالقانون المشار اليها على أن المحاكم العادية هى صاحبة الولاية العامة وان محاكم أمن الدولة المنشأة طبقا للقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ ليست الا محاكم استثنائية وان ما نصت عليه المادة التاسعة من القانون رقم 162 لسنة 1958 من جواز احالة الجرائم التى يعاقب عليها القانون العام الى أمن الدولة لم يكن يسلب المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة اختصاصها بالفصل فى هذه الجرائم. لما كان ذلك وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة أن النيابة أمرت فى 28/ 2/ 1979 باحالة الدعوى الى محكمة جنايات طنطا طبقا للمادة 336 مكررا من قانون الاجراءات الجنائية التى نصت على رفع الدعوى الى محكمة الجنايات من النيابة العامة مباشرة فى الجنايات الواردة فى ألابواب الثالث والرابع والسادس عشر من الكتاب الثانى من قانون العقوبات والجرائم المرتبطة بها، وكان ما أورده, الحكم فى ديباجته من ان الدعوى أحيلت من مستشار الاحالة فى 28/ 2/ 1979 وهو ذات أمر الاحال الصادر من النيابة العامة - لا يعدو أن يكون خطا ماديا وزله قلم لا تخفى، ولم يكن له أثر فى منطق الحكم أو فى النتيجة التى انتهى اليها فان كافة ما ينعاه الطاعن بشأن الاختصاص بنظر الدعوى واجراءات احالتها يكون على غير اساس.
2 - من المقرر انه لا يشترط لاثبات جريمة الاختلاس المعاقب عليها بالمادة 112 من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة بل يكفى كما هو الحال فى سائر الجرائم بحسب الاصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أى دليل أو قرينه تقدم اليها.
3 - من المقرر أنه يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائى فى الاختلاس بل يكفى أن يكون فيما أورده، من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.
4 - لما كان من المقرر انه وان كان القانون قد أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه الا أن للمحكمة أن كانت قد وضحت لديها الواقعة أو كان الامر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى ان تعرض عن ذلك بشرط بيان علة عدم اجابة هذا الطلب، وكان الحكم قد اطرح طلب ندب خبير حسابى فى الدعوى لما رأته المحكمة من أن مهمة الخبير لا تعدو ان تكون تكرارا للمهمة التى سبق ان قامت بها لجنة الجرد التى أطمأنت المحكمة الى تقريرها فانه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن.
5 - لما كان ما نصت عليه مواد لائحة المخازن من تشكيل لجنة التحقيق أو الجرد من غير موظفى القسم التابع له الموظف أو المستخدم المسئول - وذلك فى حالة فقد أو تلف اصناف من عهدته - هو من قبيل القواعد التنظيميه التى يدعو المشرع الى مراعاتها قدر الامكان دون ان يرتب جزاء على عدم التزامها، فان تشكيل لجنة الجرد التى قامت بجرد عهدة الطاعن ممن يتولون الاشراف على عمله - بفرض صحته - لا يترتب عليه بطلان أعمال تلك اللجنة، ويكون لمحكمة الموضوع مطلق السلطة فى تقدير القوة التدليلية لتقرير تلك اللجنة بمثابته دليلا من أدلة الدعوى تقدره التقدير الذى تراه بغير معقب عليها ومتى أخذت به فان ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - لما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة ان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بما يثيره فى وجه الطعن من مباشرة لجنة الجرد اعمالها فى غير حضوره. وفى غياب أحد اعضائها فانه لا يكون للطاعن ان يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن: بأنه بصفته موظفا عموميا ومن الامناء على الودائع (أمين عهدة مخازن مندوبين سهله) اختلس الأسمدة والمبيدات والفوارغ المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 1027 ج و268 م المملوكة لبنك التنمية والائتمان الزراعى بالسنطة والتى وجدت فى حيازته بسبب وظيفته وسلمت اليه بصفته آنفة البيان. واحالته الى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام.. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا عملا بالمواد 112/ 1، 118، 118 مكرراً و119 و119 مكرر جـ من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس سنة مع الشغل والزامه برد مبلغ 1027 ج و268 م وبغرامة مساوية لهذا المبلغ وبعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض. الخ..


المحكمة

وحيث ان مبنى الطعن هو ان الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمة الاختلاس قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع والفساد فى الاستدلال ذلك ان الحكم صدر من محكمة الجنايات وهى غير مختصه بنظر الدعوى اذ أن الاختصاص بنظرها منوط بمحكمة أمن الدولة العليا باعتبارها جناية أمن دولة أحيلت من النيابة العامة مباشرة خلافا لما أورده الحكم من انها احيلت من مستشار الاحالة، كما لم يتضمن الحكم بيانا بالاشياء المختلسة، ولم يدلل على استلام الطاعن للمال محل الجريمة من واقع تقرير فنى، ولا على توافر القصد الجنائى فى حق الطاعن، ورد الحكم بما لا يسوغ على ما طلبه الدفاع من ندب خبير حسابى فى الدعوى وعول على تقرير لجنة الجرد دون أن يعرض لما اثاره الدفاع من بطلان اعمال تلك اللجنة لتشكيلها - بالمخالفة لأحكام لائحة المخازن - ممن يتولون الاشراف على أعمال الطاعن ومباشرتها أعمالها فى غيابه ودون دعوته للحضور أمامها فضلا عن ان ضابط الشرطة وهو عضو من اعضائها قد تغيب بعد فتح المخزن والبدء فى الجرد فاستكمل الجرد فى غير حضوره، كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه..
وحيث ان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 10/ 2/ 1980 قبل العمل بالقانون رقم 105 لسنة 1980 بانشاء محاكم امن الدولة المعمول به اعتبارا من أول يونيو سنة 1980 والذى نصت مادته الثالثة على اختصاص محاكم امن الدولة المنشأة طبقا لاحكامه - دون غيرها - بنظر الجرائم المنصوص عليها فى هذه المادة، وقد جرى قضاء هذه المحكمة قبل العمل بالقانون المشار اليه على أن المحاكم العادية هى صاحبة الولاية العامة وان محاكم أمن الدولة المنشأة طبقا للقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ ليست الا محاكم استثنائية وأن ما نصت عليه المادة التاسعة من القانون رقم 162 لسنة 1958 من جواز احالة الجرائم التى يعاقب عليها القانون العام الى محاكم أمن الدولة لم يكن يسلب المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة اختصاصها بالفصل فى هده الجرائم. لما كان ذلك وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة أن النيابة العامة أمرت فى 28/ 2/ 1979 باحالة الدعوى الى محكمة جنايات طنطا طبقا للمادة 336 مكررا من قانون الاجراءات الجنائية التى نصت على رفع الدعوى الى محكمة الجنايات من النيابة العامة مباشرة فى الجنايات الواردة فى الابواب الثالث والرابع والسادس عشر من الكتاب الثانى من قانون العقوبات والجرائم المرتبطة بها، وكان ما أورده الحكم فى ديباجته من أن الدعوى أحيلت من مستشار الاحالة فى 28/ 2/ 1979 وهو ذات تاريخ أمر الاحالة الصادر من النيابة العامة - لا يعدو ان يكون خطأ ماديا وزلة قلم لا تخفى، ولم يكن له أثر فى منطق الحكم أو فى النتيجة التى انتهى اليها فان كافة ما ينعاه الطاعن بشأن الاختصاص بنظر الدعوى واجراءات احالتها يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين الاشياء المختلسة فى قوله أنها "عبارة عن خمسة أكياس فوارغ للقطن، 25 و1/ 2 كيلو سيفين، 26 كيلو كبريت زراعى، - 5 كيلو كالسين،......،......،" فان ما يثيره الطاعن من أن الحكم لم يتضمن بيانا بالاشياء المختلسة يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاثبات جريمة الاختلاس المعاقب عليها بالمادة 120 من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة بل يكفى كما هو الحال فى سائر الجرائم بحسب الاصل ان تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أى دليل أو قرينه تقدم اليها، وكان الحكم المطعون فيه قد استند فيما استند اليه فى ادانة الطاعن الى أقوال كل من.... و..... و.... و.... وأورد فيما حصله منها أن لجنة مشكلة من هؤلاء الشهود قامت بجرد المخازن عهدة الطاعن فتبينت وجود العجز المشار اليه بتقريرها، وان اللجنة رجعت فى تحديد ما تسلمه الطاعن الى ما اثبت بدفاتر البنك المجنى عليه والذى يعمل الطاعن امينا للعهدة به، وكانت المحكمة قد اطمأنت من ذلك الى ثبوت استلام الطاعن للاشياء المختلسة، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم ينازع فى استلامه لتلك الاشياء فان ما يثيره من أن الحكم لم يدلل على استلامه المال محل الجريمة من واقع تقرير فنى يكون على غير اساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر انه لا يلزم ان يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائى فى الاختلاس بل يكفى ان يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أبداه المدافع عن الطاعن من طلب ندب خبير حسابى فى الدعوى واطرحه فى قوله "ان المحكمة لا ترى ما يبرر هذا الطلب اذ ان لجنة مختصة سبق لها القيام بهذه المهمة والمحكمة تطمئن لها ومن ثم فان المحكمة تطرح هذا الطلب" وكان من المقرر انه وان كان القانون قد أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه الا ان للمحكمة ان كانت قد وضحت لديها الواقعة أو كان الامر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى أن تعرض عن ذلك بشرط بيان علة عدم اجابة هذا الطلب، وكان الحكم قد اطرح طلب ندب خبير حسابى فى الدعوى لما رأته المحكمة من أن مهمة الخبير لا تعدو أن تكون تكرارا للمهمة التى سبق أن قامت بها لجنة الجرد التى اطمأنت المحكمة الى تقريرها فانه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن، لما كان ذلك وكان ما نصت عليه مواد لائحة المخازن من تشكيل لجنة التحقيق أو الجرد من غير موظفى القسم التابع له الموظف أو المستخدم المسئول - وذلك فى حالة فقد اصناف من عهدته - هو من قبيل القواعد التنظيمة التى يدعو المشرع الى مراعاتها قدر الامكان دون ان يترتب جزاء على عدم التزامها، فان تشكيل لجنة الجرد التى قامت بجرد عهدة الطاعن ممن يتولون الاشراف على عمله - بفرض صحته - لا يترتب عليه بطلان اعمال تلك اللجنة، ويكون لمحكمة الموضوع مطلق السلطة فى تقدير القوة التدليلية لتقرير تلك اللجنة بمثابته دليلا من أدلة الدعوى تقدره التقدير الذى تراه بغير معقب عليها ومتى أخذت به فان ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، هذا فضلا عن أن ما اثاره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو ان يكون دفاعا قانونيا ظاهر البطلان فلا على المحكمة ان هى التفتت عنه ولم ترد عليه. لما كان ذلك وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة ان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بما يثيره فى وجه الطعن من مباشرة لجنة الجرد اعمالها فى غير حضور. وفى غياب أحد اعضائها فانه لا يكون للطاعن ان يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس فيتعين رفضه موضوعا.