أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 1128

جلسة 20 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم ورشاد قذافي نواب رئيس المحكمة. ومحمد محمد سعيد.

(154)
الطعن رقم 6826 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
(2) إيجار أماكن. خلو رجل. قانون "تفسيره". عقوبة "تطبيقها".
تأثيم اقتضاء مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار أو خارج نطاقه زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد. مناطه: صفة المؤجر وسببية أو مناسبة تحرير عقد الإيجار.
(3) خلو رجل. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سلامة حكم الإدانة في جريمة تقاضى مبالغ إضافية خارج نطاق عقد الإيجار. رهينة. ببيان مضمون عقد الإيجار وما نص فيه من أجرة وتأمين وتاريخ تحريره وبدء الالتزام به تحديداً لنطاق ذلك العقد.
(4) إيجار أماكن. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". حكم "بيانات حكم الإدانة". "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". "أثر الطعن".
مناط التجريم في جريمة التخلف عن تسليم الوحدة المؤجرة في الميعاد المحدد. يدور وجوداً وعدماً مع قيام مقتض لذلك أو عدم قيامه. المادة 22/ 2 من القانون 136 لسنة 1981.
(5) حكم. بيانات حكم الإدانة. "تسبيبه. تسبيب معيب". إيجار أماكن. خلو رجل. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". "أثر الطعن".
استناد الحكم المطعون فيه في قضائه بالإدانة في جريمتي خلو الرجل والتخلف دون مقتض عن تسليم العين المؤجرة في الميعاد المحدد في عقد الإيجار دون بيان أركانه ومقدار الأجرة والتأمين المنصوص عليهما فيه ووجه استشهاده به على أي من الفعلين في الجريمة الأولى واتخاذه من مجرد عدم تسليم العين المؤجرة في الميعاد المتفق عليه دليلاً على تحقق الجريمة الثانية دون استظهار عدم وجود المقتضى للتخلف عن التسليم. قصور.
عدم امتداد أثر نقض الحكم لمن لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية.
(6) إيجار أماكن. قانون "قانون أصلح" "تطبيقه". محكمة دستورية. محكمة النقض "سلطتها".
الجرائم التي وقعت في ظل العمل بأحكام القانونين 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 استمرار خضوعها لأحكامهما رغم صدور القانون 4 لسنة 1996. أثر وأساس ذلك؟
(7) إيجار أماكن. مقدم إيجار. قانون "قانون أصلح" "تطبيقه". محكمة دستورية. حكم "حجيته". محكمة النقض "سلطتها".
قضاء المحكمة الدستورية باعتبار القانون 4 لسنة 1996 أصلح للمتهم رجع صدى لتقريرات الحكم بعدم قبول الدعوى الدستورية لا ينال من حكم الهيئة العامة للمواد الجنائية في هذا الخصوص. علة ذلك؟
(8) محكمة دستورية. قانون "قانون أصلح "تفسيره".
مناط اعتبار القانون أصلح. تحققه. رغم دستورية أو عدم دستورية أي من القانونين السابق أو اللاحق أو كليهما ولو في غير مساس بحرية المتهم الشخصية. أثر ذلك؟
(9) محكمة دستورية. قانون "تفسيره". محكمة النقض "سلطتها".
التفسيرات والتقريرات القانونية التي ترد في مدونات الحكم بعدم قبول الدعوى الدستورية - ولو تضمنتها منطوق منازعة تنفيذ دستورية - لا تقيد محكمة النقض ما دامت المحكمة الدستورية لم تنته إلى دستورية أو عدم دستورية النص المطعون عليه أو فسرت نصاً تشريعياً أو جنائياً آخر.
(10) قانون "قانون أصلح". تطبيقه "سريان من حيث الزمان". محكمة النقض "سلطتها".
إعمال القانون الأصلح. من اختصاص محكمة النقض بغير دعوى ولا طلب. محكمة النقض. الضمان الأوفى للحريات والسياج الأرحب لأمن المجتمع. قبول دعوى بطلب إلزام الهيئة العامة للمواد الجنائية بأن تقضى على وجه معين. غير مرخص لأية محكمة.
الهيئة العامة للمواد الجنائية. قمة المدارج في سلم القضاء الجنائي. لا تعلوها محكمة تراقبها. لا لزام عليها من غيرها من المحاكم إلا ما تلزم به نفسها حكمها ملزم لمحكمة الموضوع الجنائية. المادة 14/ 2 من القانون 57 لسنة 1959.
1 - من المقرر أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية توجب أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً.
2 - من المقرر أن الشارع في القانون رقم 49 لسنة 1977 والقانون رقم 136 لسنة 1981 إنما يؤثم أن يتقاضى المؤجر من المستأجر مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار أو خارجه زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد وفي حدود ما نص عليه القانون فإن مناط تأثيم اقتضاء تلك المبالغ الإضافية هو صفة المؤجر فضلاً عن سببية أو مناسبة تحرير عقد الإيجار.
3 - من المقرر أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة تقاضي مبالغ إضافية أن تبين المحكمة في حكمها بالإدانة مضمون عقد الإيجار المبرم بين طرفي العلاقة وما نص فيه من أجره وتأمين وتاريخ تحريره وبدء الالتزام به تحديداً لنطاق العقد المذكور، وبياناً له في الحكم بوصفة من الظروف التي وقعت فيها الجريمة.
4 - إن النص في الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على عقاب المالك الذي يتخلف دون مقتض عن تسليم الوحدة في الموعد المحدد بذات العقوبة الواردة بالفقرة الأولى من ذات المادة فضلاً عن إلزامه بأن يؤدى إلى الطرف الآخر مثلي مقدار المقدم يدل على أن مناط التجريم في هذا الخصوص يرتبط وجوداً وعدماً بقيام مقتضٍ للتخلف عن تسليم العين المؤجرة في الميعاد المحدد أو عدم قيامه.
5 - كان الحكم المطعون فيه بعد أن أشار إلى تقاضى مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار - أشار إلى خلو الرجل وإلى عقد الإيجار المؤرخ في 15 من يونيو 1988 وعول عليه في قضائه بالإدانة دون بيان أركان هذا العقد ومقدار الأجرة والتأمين المنصوص عليهما فيه ووجه استشهاده به على أي من الفعلين في الجريمة الأولى - مبالغ زائدة أو خلو رجل - كما اتخذ من مجرد عدم تسليم العين المؤجرة في الميعاد المتفق عليه بين الطرفين دليلاً على تحقق الجريمة الثانية دون أن يستظهر عدم وجود المقتضى للتخلف عن التسليم في الميعاد وهو مناط التجريم فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنة دون المحكوم عليه الآخر الذي لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية.
6 - لما كان لا محل للعودة لبحث ما إذا كان القانون 4 لسنة 1996 يعتبر قانوناً أصلح للمتهم - ولا لما جاء بتقريرات الحكم بعدم قبول الدعوى الدستورية رقم 48 لسنة 17 ق بصدد ذلك بعد أن قضت الهيئة العامة للمواد الجنائية بتاريخ 13 من إبريل سنة 1997 - في الطعن رقم 11838 لسنة 60 ق - بأن الجرائم التي وقعت طبقاً لنصوص القانونين رقمي 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 تظل قائمة خاضعة لأحكامهما حتى بعد صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 والعمل بأحكامه ولا يمتد إليها أحكام هذا القانون بأثر رجعى لتخلف مناط إعمال هذا الأثر.
7 - لما كان قضاء الهيئة العامة للمواد الجنائية لا ينال منه قضاء المحكمة الدستورية اللاحق فيما أسمته منازعة التنفيذ رقم 1 لسنة 19 ق والذي جاء رجع صدى لتقريرات الحكم بعدم قبول الدعوى الدستورية - والتي عرض لها حكم الهيئة العامة للمواد الجنائية وتكلف بالرد عليها من واقع نصوص القانون الأخير الذي لم يلغ أو يعدل تنظيم الخطاب الموجه بالقانونين السابقين، وبما أورده - حكم الهيئة - من أن الحجية المطلقة قبل الكافة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية والتي تلتزم بها جميع سلطات الدولة هي - فحسب - للأحكام التي انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أو إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس - باعتبار أن ذلك هو الذي يدخل في ولايتها واختصاصها بحسب القانون الذي يحكمها لا بحسب ما تراه هي - ومن ثم ينصرف إليه الإلزام ولا كذلك ينصرف الإلزام المطلق لأي تقرير واقعي أو قانوني لم يكن موضوع الدعوى الدستورية المراد استظهار مدى اختلافه أو اتفاقه مع الدستور، وبما قرره حكم الهيئة أيضاً من أن اختصاص المحكمة الدستورية بتفسير النصوص التشريعية - وعلى ما أفصحت عنه المذكور الإيضاحية لقانونها وجرى عليه قضاؤها - لا يصادر حق جهات القضاء الأخرى في تفسير القوانين وإنزال تفسيرها على الواقعة المعروضة عليها ما لم يصدر بشأن النص المطروح أمامها تفسير ملزم من السلطة التشريعية أو من المحكمة الدستورية طبقاً للأوضاع المقررة في قانونها بشأن طلبات التفسير.
8 - لما كان لا ارتباط بين القول بأن قانوناً ما أصلح للمتهم من قانون سابق عليه بين القول بعدم دستورية القانون السابق لأن المناط في اعتبار القانون أصلح قد يتحقق رغم دستورية أو عدم دستورية أي من القانونين السابق أو اللاحق أو كليهما ولو في غير مساس بحرية المتهم الشخصية.
9 - من المقرر أن التفسيرات والتقريرات القانونية التي وردت في مدونات الحكم بعدم قبول الدعوى الدستورية - ولو تضمنها منطوق ما أسمى بالمنازعة التنفيذية - لا يقيد محكمة النقض ما دامت المحكمة الدستورية لم تنته إلى دستورية أو عدم دستورية النص المطعون عليه ولا هي قامت بتفسير نص تشريعي أو جنائي آخر طبقاً للمقرر في شأن طلبات التفسير.
10 - لما كان إعمال القانون الأصلح عملاً بالفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره قيداً على سريان النص العقابي من حيث الزمان وهو مما يدخل في اختصاص محكمة النقض ومن أكثر ما تقوم بتطبيقه منذ إنشائها سنة 1931 بغير دعوى ولا طلب - بحسبانها من قديم الضمان الأوفى للحريات والسياج الأرحب لأمن المجتمع ولها الأثر الواضح في توجيه المشرع بما ترسيه من مبادئ وأحكام انتظمها أسلوبها القضائي الرصين طوال تاريخها الذي تعاظم فيه دورها في فهم القانون وسلامة تطبيقه وتوحيد أحكام المحاكم عليه لذا لم يكن لمحكمة من بعد أن تترخص في قبول دعوى بطلب إلزام الهيئة العامة للمواد الجنائية بأن تقضى على وجه معين مغفلة أن الهيئة قمة المدارج في سلم القضاء الجنائي وحكمها ملزم لمحكمة الموضوع الجنائية عملاً بالفقرة الثانية من المادة 44 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - إلزاماً غير غيرها مسبوق بحسبان الهيئة وكما جاء بقضائها لا تعلوها محكمة تراقبها ولا لزام لها من غيرها من المحاكم إلا ما تلزم هي به نفسها نزولاً على مقتضى صحيح القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة وآخر بأنهما أولاً: بصفتهما مؤجرة تقاضت مبالغ نقدية من المجني عليه..... حالة تحرير عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل. ثانياً: المتهم الثاني بصفته وسيطاً تقاضي مبالغ نقدية من المجني عليه سالف الذكر على سبيل خلو الرجل على النحو المبين بالأوراق. ثالثاً: المتهمان الأولى والثاني. تخلفاً دون مقتضى عن تسليم الوحدة السكنية في الموعد المحدد. وطلبت معاقبتهما طبقاً لمواد القانون رقم 136 لسنة 1981. ومحكمة جنح أمن الدولة الإسكندرية قضت حضورياً بمعاقبة كل من المتهمين ستة أشهر مع الشغل عن كل تهمة وكفالة خمسمائة جنيه وبتغريمها مبلغ تسعة آلاف جنيه لصالح صندوق الإسكان الاقتصادي بالمحافظة وألزمتهما برد مبلغ أربعة آلاف وخمسمائة جنيه للمجني عليه... استأنفت المحكوم عليها الأولى ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

وحيث إنه مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار - خلو رجل - وتخلفها عن تسليم الوحدة السكنية في الموعد المحدد قد شابه القصور في التسبيب ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد شابه الغموض والإبهام وجاء خلواً من بياناته مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيان واقعة الدعوى على قوله "وحيث إن المتهمتين ثابتتان في حق المتهمين من أقوال المجني عليه...... من أنه استأجر في 15/ 6/ 1988 من المتهمين شقة في العقار المملوك له بناحية...... وتقاضيا منه خارج عقد الإيجار مبلغ 4500 جنيه كخلو رجل ولم يسلماه الشقة في الميعاد المتفق عليه وهي الأقوال التي أيدها المجني عليه...... وما ثبت من عقد الإيجار المؤرخ 15/ 6/ 1988 المذيل بتوقيع المتهم الذي لم يطعن عليه بأي مطعن ويفيد تأجيره للمجني عليه الشقة سالفة الإشارة واتفاقه معه على تسليمها إليه في الميعاد المحدد ومن ثم يكون ما صدر من المتهم منطوياً تحت نص مواد الاتهام وتعاقبه المحكمة طبقاً لها على النحو الوارد بالمنطوق عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية توجب أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً. وكان من المقرر أن الشارع في القانون رقم 49 لسنة 1977 والقانون رقم 136 لسنة 1981 إنما يؤثم أن يتقاضى المؤجر من المستأجر مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار أو خارجه زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد وفي حدود ما نص عليه القانون فإن مناط تأثيم اقتضاء تلك المبالغ الإضافية هو صفة المؤجر فضلاً عن سببية أو مناسبة تحرير عقد الإيجار فإنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة تقاضي مبالغ إضافية - أن تبين المحكمة في حكمها بالإدانة مضمون عقد الإيجار المبرم بين طرفي العلاقة وما نص فيه من أجره وتأمين وتاريخ تحريره وبدء الالتزام به تحديداً لنطاق العقد المذكور، وبياناً له في الحكم بوصفة من الظروف التي وقعت فيها الجريمة. لما كان ذلك، وكان النص في الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على عقاب المالك الذي يتخلف دون مقتضٍ عن تسليم الوحدة في الموعد المحدد بذات العقوبة الواردة بالفقرة الأولى من ذات المادة فضلاً عن إلزامه بأن يؤدى إلى الطرف الآخر مثلي مقدار المقدم يدل على أن مناط التجريم في هذا الخصوص يرتبط وجوداً وعدماً بقيام مقتضٍ للتخلف عن تسليم العين المؤجرة في الميعاد المحدد أو عدم قيامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أشار إلى تقاضى مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار - أشار إلى خلو الرجل وإلى عقد الإيجار المؤرخ في 15 من يونيو 1988 وعول عليه في قضائه بالإدانة دون بيان أركان هذا العقد ومقدار الأجرة والتأمين المنصوص عليهما فيه ووجه استشهاده به على أي من الفعلين في الجريمة الأولى - مبالغ زائدة أو خلو رجل - كما اتخذ من مجرد عدم تسليم العين المؤجرة في الميعاد المتفق عليه بين الطرفين دليلاً على تحقق الجريمة الثانية دون أن يستظهر عدم وجود المقتضى للتخلف عن التسليم في الميعاد وهو مناط التجريم فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنة دون المحكوم عليه الآخر الذي لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية. ولا محل للعودة لبحث ما إذا كان القانون 4 لسنة 1996 يعتبر قانوناً أصلح للمتهم - ولا لما جاء بتقريرات الحكم بعدم قبول الدعوى الدستورية رقم 48 لسنة 17 ق بصدد ذلك بعد أن قضت الهيئة العامة للمواد الجنائية بتاريخ 13 من إبريل سنة 1997 - في الطعن رقم 11838 لسنة 60 ق - بأن الجرائم التي وقعت طبقاً لنصوص القانونين رقمي 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 تظل قائمة خاضعة لأحكامهما حتى بعد صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 والعمل بأحكامه ولا يمتد إليها أحكام هذا القانون بأثر رجعي لتخلف مناط إعمال هذا الأثر. وهو قضاء لا ينال منه قضاء المحكمة الدستورية اللاحق فيما أسمته منازعة التنفيذ رقم 1 لسنة 19 ق والذي جاء رجع صدى لتقريرات الحكم بعدم قبول الدعوى الدستورية - والتي عرض لها حكم الهيئة العامة للمواد الجنائية وتكفل بالرد عليها من واقع نصوص القانون الأخير الذي لم يلغ أو يعدل تنظيم الخطاب الموجه بالقانونين السابقين، وبما أورده - حكم الهيئة - من أن الحجية المطلقة قبل الكافة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية والتي تلتزم بها جميع سلطات الدولة هي - فحسب - للأحكام التي انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أو إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس - باعتبار أن ذلك هو الذي يدخل في ولايتها واختصاصها بحسب القانون الذي يحكمها لا بحسب ما تراه هي - ومن ثم ينصرف إليه الإلزام ولا كذلك ينصرف الإلزام المطلق لأي تقرير واقعي أو قانوني لم يكن موضوع الدعوى الدستورية المراد استظهار مدى اختلافه أو اتفاقه مع الدستور، وبما قرره حكم الهيئة أيضاً من أن اختصاص المحكمة الدستورية بتفسير النصوص التشريعية - وعلى ما أفصحت عنه المذكور الإيضاحية لقانونها وجرى عليه قضاؤها - لا يصادر حق جهات القضاء الأخرى في تفسير القوانين وإنزال تفسيرها على الواقعة المعروضة عليها ما لم يصدر بشأن النص المطروح أمامها تفسير ملزم من السلطة التشريعية أو من المحكمة الدستورية طبقاً للأوضاع المقررة في قانونها بشأن طلبات التفسير. وإذ كان لا ارتباط بين القول بأن قانوناً ما أصلح للمتهم من قانون سابق عليه بين القول بعدم دستورية القانون السابق لأن المناط في اعتبار القانون أصلح قد تحقق رغم دستورية أو عدم دستورية أي من القانونين السابق أو اللاحق أو كليهما ولو في غير مساس بحرية المتهم الشخصية. ومن ثم جاء قضاء الهيئة العامة للمواد الجنائية صائباً في أن التفسيرات والتقريرات القانونية التي وردت في مدونات الحكم بعدم قبول الدعوى الدستورية - ولو تضمنها منطوق ما أسمى بالمنازعة التنفيذية - لا يقيد محكمة النقض ما دامت المحكمة الدستورية لم تنته إلى دستورية أو عدم دستورية النص المطعون عليه ولا هي قامت بتفسير نص تشريعي أو جنائي آخر طبقاً للمقرر في شأن طلبات التفسير. ولما كان إعمال القانون الأصلح عملاً بالفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره قيداً على سريان النص العقابي من حيث الزمان وهو مما يدخل في اختصاص محكمة النقض ومن أكثر ما تقوم بتطبيقه منذ إنشائها سنة 1931 بغير دعوى ولا طلب - بحسبانها من قديم الضمان الأوفى للحريات والسياج الأرحب لأمن المجتمع ولها الأثر الواضح في توجيه المشرع بما ترسيه من مبادئ وأحكام انتظمها أسلوبها القضائي الرصين طوال تاريخها الذي تعاظم فيه دورها في فهم القانون وسلامة تطبيقه وتوحيد أحكام المحاكم عليه لذا لم يكن لمحكمة من بعد أن تترخص في قبول دعوى بطلب إلزام الهيئة العامة للمواد الجنائية بأن تقضى على وجه معين مغفلة أن الهيئة قمة المدارج في سلم القضاء الجنائي وحكمها ملزم لمحكمة الموضوع الجنائية عملاً بالفقرة الثانية من المادة 44 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - إلزاماً غير مسبوق بحسبان الهيئة وكما جاء بقضائها لا تعلوها محكمة تراقبها ولا لزام لها من غيرها من المحاكم إلا ما تلزم هي به نفسها نزولاً على مقتضى صحيح القانون.