أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 1153

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ أمين أمين عليوه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جمال الدين منصور وعبد العزيز عبد العاطى ويحيى العمورى ومحمد صلاح خاطر.

(206)
الطعن رقم 2155 لسنة 51 القضائية

1 - تبديد. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". أثبات "بوجه عام". "اعتراف".
الادانة فى جريمة خيانة الأمانة. شرطها؟.
مناط القول بثبوت عقد من عقود الائتمان المبين فى المادة 341 عقوبات؟.
2 - اثبات "بوجه عام". تبديد.
عدم التقيد بقواعد الاثبات المدنية. عند القضاء بالبراءة فى جريمة خيانة الأمانة.
3 - اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تبديد.
عدم التزام المحكمة بالرد على كل دليل من الأدلة عند القضاء بالبراءة ورفض الدعوى المدنية. أساس ذلك؟.
1 - لما كان من المقرر أنه لا تصح ادانة متهم بجريمة خيانة الأمانة الا اذا اقتنع القاضى بأنه تسلم المال بعقد من عقود الائتمان الوارده على سبيل الحصر فى المادة 341 من قانون العقوبات والعبرة فى القول بثبوت عقد من هذه العقود فى صدد توقيع العقاب انما هى بالواقع، بحيث لا يصح تأثيم انسان ولو بناء على اعترافه بلسانه أو بكتابته متى كان ذلك مخالفا للحقيقة.
2 - من المقرر أن المحكمة فى جريمة خيانة الامانة فى حل من التقيد بقواعد الاثبات المدنية عند القضاء بالبراءة لان القانون لا يقيدها بتلك القواعد الا عند الادانة فى خصوص اثبات عقد الامانة.
3 - المحكمة غير ملزمة - وهى تقضى بالبراءة وما يترتب على ذلك من رفض الدعوى المدنية - بأن ترد على كل دليل من ادلة الاتهام لان فى أغفال التحدث عنه ما يفيد حتما انها اطرحته ولم تر فيه ما تطمئن معه الى الحكم بالادانه متى كانت قد احاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تصديه لما ساقه المدعى بالحقوق المدنية من قرائن تشير الى ثبوت الاتهام، ما دامت المحكمة قد قطعت فى اصل الواقعة وخلصت فى منطق سائغ الى مدنية العلاقة بين الطرفين، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل الى جدل فى تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اقام المدعى بالحق المدنى دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح عابدين ضد المطعون ضدها....... بوصف انها بددت المبلغ الموضح بعريضة الجنحة المباشرة والمملوك لـ....... وطلبت عقابها بالمادة 341 من قانون العقوبات والزامها بأن تدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح عابدين قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهمة شهرين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ والزامها بأن تدفع للمدعى مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. فأستأنفت. ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمة مما نسب اليها ورفض الدعوى المدنية.
فطعن المدعى بالحق المدنى فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث ان الطاعن - المدعى بالحق المدنى - ينعى على الحكم المطعون فيه أنه اذ قضى ببراءة المطعون ضدها وبرفض دعواه المدنية قبلها قد شابه الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب وانطوى على خطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه اطرح بأسباب غير سائغة ما ورد بالسند الكتابى المتضمن استلام المطعون ضدها المبلغ الوارد به على سبيل الوكالة لتسليمه الى زوجته رغم ما لهذا السند من حجية قاطعة بعد تنازل المطعون ضدها عن الطعن بتزويره والاقرار بصحته، ورغم انه لا يجوز اثبات عكس ما ورد به الا بالكتابة، والتفت الحكم عما تضمنته ايصالات سداد المطعون ضدها لجزء من المبلغ موضوع الجريمة رغم دلالتها على صحة الاتهام، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بعد ان اورد واقعة الدعوى - وفق تصوير الطاعن - لها بما مؤداه ان المطعون ضدها تسلمت منه مبلغ 5400 جنيه على سبيل الوكالة لتسليمه الى زوجته بالاسكندرية وحررت له ايصالا بذلك المعنى الا انها بددت ذلك المبلغ واختلسته لنفسها - عرض الحكم لدفاع المطعون ضدها من ان المبلغ موضوع ذلك الايصال تسلمته من الطاعن على سبيل المشاركة فى مشروع تجارى، ثم برر قضاءه ببراءتها ورفض الدعوى المدنية قبلها بقوله ".... وحيث ان المحكمة يبين لها من استقراء وقائع الاتهام على الوجه المتقدم ما يدع مجالا لاطمئنانها واقتناع وجدانها الكامل بأن المبلغ المثبت بالايصال العرفى موضوع الاتهام قد سلم من المدعى بالحق المدنى للمتهمة بعقد من عقود الائتمان الواردة حصرا بالمادة 341 عقوبات، ومما يدل على ذلك التصوير الذى نسجه المدعى بالحق المدنى للظروف التى صاحبت دفعه ودفعت لتسليم المتهمة 5400 جنيه والخاص بالمكالمة التليفونية التى تلقاها من زوجته والتى كانت تصطاف بالاسكندرية فعثرت على شقة مفروشة وأنها لذلك طلبت منه بالتحديد مبلغ 5400 جنيه وانه لانشغاله ببعض مهام عمله الوظيفى فأرسل المبلغ مع المتهمة وحرر عليها الايصال موضوع الاتهام، حال كون هذا التصوير الذى لا يمكن للمحكمة الاقتناع به لانه مهما كان انشغال المدعى المدنى الذى لا يعدو ان يكون عمله مدرسا للالعاب الرياضية بالمدرسة...... بالقاهرة وفق ما قرره أمام المحكمة فلم يكن ذلك مانعا له من السفر الى الاسكندرية لمعاينة الشقة المبيعة وتسليم زوجته هذا المبلغ الذى ليس بالقليل ولم يكن سفره وعودته من الاسكندرية يستغرق أكثر من ساعات لن تتعدى نصف اليوم وذلك هو المنطق العادى للامور أو ايضا كان من الممكن لزوجة المدعى بالحق المدنى الحضور للقاهرة واستلام المبلغ المذكور والعودة به لأن شراء شقة مفروشة بالاسكندرية فى يونيو 1972 ليس بالصفة العاجلة التى تستأهل مجرد التأخير لساعات قليلة هى مدة السفر الى الاسكندرية والعودة. هذا فضلا عن ان المدعى بالحق المدنى قرر فى بداية مناقشته أمام المحكمة ان زوجته ابلغته على حد قوله ان ثمن الشقة المبيعة هو مبلغ 6000 جنيه الا انها طلبت بالتحديد مبلغ 5400 جنيه اى بنقص 600 جنيه كان من الممكن سدادها لمقدم ثمن الصفقة ولمدة ساعات قليلة لحين وصول زوجها المدعى بالحق المدنى بباقى الثمن أو سفرها للقاهرة لاحضاره. كل ذلك يؤدى فى يقين المحكمة الى ان الورقة العرفية المثبتة لاستلام المتهمة لمبلغ 5400 جنيها لم تكن عقدا من عقود الائتمان الواردة بنص المادة 341 عقوبات وانما هى فى الحقيقة والواقع ورقة عرفية مثبتة لاستلام المتهمة لمبلغ نقدى من المدعى بالحق المدنى ما من اثر لها سوى الاثر المدنى وليس الجنائى. لما كان ذلك. وكان من المقرر أنه لا تصح ادانة متهم بجريمة خيانة الامانة الا اذا اقتنع القاضى بأنه تسلم المال بعقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر فى المادة 341 من قانون العقوبات والعبرة فى القول بثبوت عقد من هذه العقود فى صدد توقيع العقاب انما هى بالواقع، بحيث لا يصح تأثيم انسان ولو بناء على اعترافه بلسانه او بكتابته متى كان ذلك مخالفا للحقيقة. وكان البين مما تقدم ان الحكم قد انتهى فى استخلاص سائغ الى ترجيح دفاع المطعون ضدها وأقام قضاءه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية على أساس عدم اطمئنانه الى ما ورد بالايصال المقدم من الطاعن على ان المال المسلم الى المطعون ضدها كان على سبيل الوكالة وان حقيقة الواقع ان العلاقة بينهما هى علاقة مدنية، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون له وجه. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان المحكمة فى جريمة خيانة الامانة فى حل من التقيد بقواعد الاثبات المدنية عند القضاء بالبراءة لان القانون لا يقيدها بتلك القواعد الا عند الادانة فى خصوص اثبات عقد الامانة. وكانت المحكمة غير ملزمة - وهى تقضى بالبراءة وما يترتب على ذلك رفض الدعوى المدنية - بأن ترد على كل دليل من ادلة الاتهام لان فى اغفال التحدث عنه ما يفيد حتما انها اطرحته ولم تر فيه ما تطمئن معه الى الحكم بالادانة متى كانت قد احاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة - كما الحال فى الدعوى المطروحة - ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تصديه لما ساقه المدعى بالحقوق المدنية من قرائن تشير الى ثبوت الاتهام، ما دامت المحكمة قد قطعت فى اصل الواقعة وخلصت فى منطق سائغ الى مدنية العلاقة بين الطرفين، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل الى جدل فى تقدير ادلة الدعوى مما لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا والزام الطاعن المصاريف المدنية ومصادرة الكفالة.