أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 1192

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ابراهيم حسين رضوان وحسين كامل حنفى ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسى.

(213)
الطعن رقم 2245 لسنة 51 القضائية

1 - قانون الأحكام العسكرية. مأمورو الضبط القضائى. تفتيش "بغير أذن". اختصاص. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ضباط المخابرات الحربية من أعضاء الضبط القضائى العسكرى فى دائرة اختصاصهم. م 12 من القانون 25 لسنة 1966.
حق رجال الضبط القضائى العسكرى تفتيش الداخلين أو الخارجين مدنيين أو عسكريين. من مناطق الأعمال العسكرية. المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1966. عدم التقيد فى ذلك بقيود القبض والتفتيش المنصوص عليها فى قانون الاجراءات الجنائية. كفاية أن يكون الشخص خارجا أو داخلا من مناطق الأعمال العسكرية لثبوت الحق فى تفتيشه.
العثور أثناء التفتيش على دليل يكشف عن جريمة. أثره: صحة الاستدلال به أمام المحاكم فى تلك الجريمة. علة ذلك؟.
2 - مواد مخدرة "جلبها". جريمة "اركانها" جمارك "أقليم جمركى" "خط جمركى".
جريمة جلب الجواهر المخدرة. مناط تحققها؟.
الاقليم الجمركى والخط الجمركى. فى المواد الثلاث الأولى من القانون 66 لسنة 1963. ماهية كل منهما؟.
تخطى الحدود الجمركية أو الخط الجمركى. بغير استيفاء الشروط المنصوص عليهما فى القانون 82 لسنة 1960. يعد جلبا محظورا للمخدرات. مثال.
3 - اثبات "بوحه عام" "اعتراف".
تزيد الحكم فيما لا أثر له فى منطقه أو النتيجة التى انتهى اليها. لا يعيبه.
1 - لما كانت المادة الثانية عشرة من القانون رقم 25 لسنة 1966 قد حددت أعضاء الضبط القضائى العسكرى ومن بينهم ضباط المخابرات الحربية فى دائرة اختصاصهم، وكانت المادة العشرون من القانون المذكور قد نصت على أن لاعضاء الضبط القضائى العسكرى كل فى دائرة اختصاصه تفتيش الداخلين أو الخارجين من مناطق الاعمال العسكرية، فان مؤدى ذلك أن تفتيش الداخلين أو الخارجين - عسكريين كانوا أم مدنيين - من مناطق الاعمال العسكرية بمعرفة ضباط المخابرات الحربية هو أمر جائز قانونا، ولم يتطلب الشارع بالنسبة للاشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الاجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه فى احدى الحالات المبررة له فى نطاق الفهم القانونى للمبادئ المقررة فى القانون المذكور، بل انه يكفى أن يكون الشخص داخلا أو خارجا من مناطق الاعمال العسكرية حتى يثبت لضابط المخابرات الحربية المختص حق تفتيشه، فاذا هو عثر اثناء التفتيش الذى يجريه على دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها فى القانون العام، فانه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم فى تلك الجريمة لانه ظهر أثناء اجراء مشروع فى ذاته ولم ترتكب فى سبيل الحصول عليه أية مخالفة.
2 - لما كان الجلب فى حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ليس مقصورا على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وادخالها المجال الخاضع لاختصاصها الاقليمى كما هو محدد دوليا، بل انه يمتد أيضا الى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة - ولو فى نطاق ذلك المجال - على خلاف الاحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها فى المواد من 3 الى 6 التى رصد لها الشارع الفصل الثانى من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة وتصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابى من الجهة الادارية المختصة لا يمنح الا للاشخاص والجهات التى بينها بيان حصر، وبالطريقة التى رسمها على سبيل الالزام والوجوب، فضلا عن حظره تسليم ما يصل الى الجمارك من تلك الجواهر الا بموجب اذن سحب كتابى تعطيه الجهة الادارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله فى عمله وايجابه على مصلحة الجمارك فى حالتى الجلب والتصدير تسلم اذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن واعادته الى تلك الجهة، كما يبين من نصوص المواد الثلاث الاولى من قانون الجمارك - الصادر به القانون رقم 66 لسنة 1963 أنه "يقصد بالاقليم الجمركى، الأراضى والمياه الاقليمية الخاضعة لسيادة الدولة" وأن الخط الجمركى هو الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر والدول المتاخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية، ومع ذلك تعتبر خطا جمركيا ضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التى تمر بها هذه القناة وأن يمتد نطاق الرقابة الجمركية البحرى من الخط الجمركى الى مسافة ثمانية عشر ميلا بحريا فى البحار المحيطة به. أما النطاق البرى فيحدد بقرار من وزير المالية وفقا لمقتضيات الرقابة ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التى تحدد بقرار منه". ومفاد ذلك أن تخطى الحدود الجمركية أو الخط الجمركى بغير استيفاء الشروط التى نص عليها القانون رقم 182 لسنة 1960 والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الادارية المنوط بها منحه، يعد جلبا محظوراً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد اجتاز بالمخدرات الخط الجمركى، وذلك بنقلها من الضفة الشرقية لقناة السويس الى الضفة الغربية لها، فان ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به فى القانون.
3 - متى تزيد الحكم بعد ذلك فى القول بأن الطاعن أقر بتحقيق النيابة أنه كلف بالنقل لقاء مبلغ كبير من المال (ثمانمائة جنيه) فى حين انه قرر أن المبلغ مائتا جنيه، هو تزيد لا أثر له فى منطق الحكم أو فى النتيجة التى انتهى اليها من اعتراف الطاعن فى محضر الضبط بأن ما يحرزه مخدر وبفرض خطأ الحكم فى مقدار المبلغ الذى كلف الطاعن بنقل الحقيبة فى مقابله فان هذا الخطأ لا يعدو أن يكون خطأ ماديا لا يعيب الحكم ولا يقدح فى سلامته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: جلب الى أراضى جمهورية مصر العربية جوهرا مخدرا "أفيونا" بدون ترخيص كتابى من الجهة الادارية. وطلبت الى مستشار الاحالة احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات السويس قضت حضوريا عملا بالمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند الأول من الجدول رقم 1 الملحق به مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالاشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

ومن حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجريمة جلب مخدر قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وانطوى على خطأ فى تطبيق القانون وفى الاسناد ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الضبط والتفتيش لأن من قام بهما من ضباط المخابرات الحربية وهم غير مسموح لهم بتفتيش المدنيين، الا أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يصلح ردا، كما أثار فى دفاعه أن التفتيش كان خارج المنطقة الجركية ولم تكن هناك حاجة تدعو اليه من شك أو ارتياب الا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع ايرادا وردا، كما لم يحط الحكم بدفاع الطاعن أن قناة السويس يعتبر خطا جمركيا حكما وأن نقل السلع من احدى ضفتى القناة الى الضفة الاخرى لا يعتبر تهريبا جمركيا. ولم يستظهر الحكم ما اذا كان الطاعن قد تجاوز بفعله الخط الجمركى، وعول فى التدليل على توافر ركن العلم بكنه المادة المضبوطة على أن الطاعن قرر بتحقيق النيابة بأنه كلف بنقل الحقيبة لقاء مبلغ كبير - ثمانمائة جنيه - مع أن ما قرره الطاعن فى التحقيقات هو أن المبلغ مائتا جنيه. كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه بتاريخ 8/ 6/ 1971 وصل لنش المجهود الحربى من الضفة الشرقية لقناة السويس الى منطقة أبو الدرك حيث كان الرائد..... الضابط بالمخابرات الحربية فى انتظاره لتفتيش القادمين عليه كما تقضى بذلك التعليمات، ونفاذا لها قام الشرطى..... بتفتيش المتهم تحت اشراف الضابط فعثر بقاع حقيبته على كمية من الافيون مغطاه بكرتونة وعند مواجهة المتهم بذلك اعترف للضابط بأن شخصا من قبيلة الكرداسة يقيم فى سيناء بوادى أبو عرافه سلمه تلك الحقيبة كى ينقلها للقاهرة ويسلمها لشخص أخر من ذات القبيلة يقيم بحى كوبرى القبة وأنه يعلم أن بداخلها كمية من الافيون ودلك لقاء مبلغ ثمانمائة جنيه تسلم منه مقدما مبلغ مائتى جنيه. وبعد أن حصل الحكم مؤدى أدلة الثبوت عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله "وحيث انه بالنسبة للدفع ببطلان القبض والتفتيش فالثابت أن الضابط الذى قام بهما انما كان يباشر عمله الاساسى فى المنطقة التى ضبطت فيها الواقعة وهى منطقة عسكرية وله صفة الضبطية القضائية فى هذا الخصوص سواء بالنسبة للعسكريين أو المدنيين ومن ثم يكون الدفع فاسد الاساس ويتعين اطراحه" لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية عشرة من القانون رقم 25 لسنة 1966 قد حددت أعضاء الضبط القضائى العسكرى ومن بينهم ضباط المخابرات الحربية فى دائرة اختصاصهم، وكانت المادة العشرون من القانون المذكور قد نصت على أن لاعضاء الضبط القضائى العسكرى كل فى دائرة اختصاصة تفتيش الداخلين أو الخارجين - عسكريين كانوا أم مدنيين - من مناطق الاعمال العسكرية بمعرفة ضباط المخابرات الحربية هو أمر جائز قانونا، ولم يتطلب الشارع بالنسبة للاشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الاجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه فى احدى الحالات المبررة له فى نطاق الفهم القانونى للمبادئ المقررة فى القانون المذكور، بل انه يكفى أن يكون الشخص داخلا أو خارجا من مناطق الاعمال العسكرية حتى يثبت لضابط المخابرات الحربية المختص حق تفتيشه، فاذا هو عثر اثناء التفتيش الذى يجريه على دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها فى القانون العام، فانه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم فى تلك الجريمة لانه ظهر أثناء اجراء مشروع فى ذاته ولم ترتكب فى سبيل الحصول عليه أية مخالفة. لما كان ذلك وكان الطاعن لا يمارى فى انه عند تفتيشه كان قادما من احدى مناطق الاعمال العسكرية وأن التفتيش تم تحت اشراف ضابط المخابرات الحربية فى دائرة اختصاصه، فان تفتيشه يكون صحيحا ويكون الحكم اذ قضى برفض الدفع ببطلان الضبط والتفتيش قد اقترن بالصواب، ولا يعيبه - من بعد - التفاته عن الرد على ما أثاره الطاعن فى دفاعه أن التفتيش كان خارج نطاق الرقابة الجمركية ودون ريبه تقتضيه. لما كان ذلك وكان الجلب فى حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ليس مقصورا على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وادخالها المجال الخاضع لاختصاصها الاقليمى كما هو محدد دوليا، بل انه يمتد أيضا الى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة - ولو فى نطاق ذلك المجال - على خلاف الاحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها فى المواد من 3 الى 6 التى رصد لها الشارع الفصل الثانى من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة وتصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابى من الجهة الادارية المختصة لا يمنح الا للاشخاص والجهات التى بينها بيان حصر، وبالطريقة التى رسمها على سبيل الالزام والوجوب، فضلا عن حظره تسليم ما يصل الى الجمارك من تلك الجواهر الا بموجب اذن سحب كتابى تعطيه الجهة الادارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله فى عمله وايجابه على مصلحة الجمارك فى حالتى الجلب والتصدير تسلم اذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن واعادته الى تلك الجهة، كما يبين من نصوص المواد الثلاث الأولى من قانون الجمارك الصادر به القانون رقم 66 لسنة 1963 أنه "يقصد بالاقليم الجمركى، الاراضى والمياه الاقليمية الخاضعة لسيادة الدولة" وأن الخط الجمركى هو الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر والدول المتاخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية، ومع ذلك تعتبر خطا جمركيا ضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التى تمر بها هذه القناة "وأن يمتد نطاق الرقابة الجمركية البحرى من الخط الجمركى الى مسافة ثمانية عشر ميلا بحريا فى البحار المحيطة به. أما النطاق البرى فيحدد بقرار من وزير المالية وفقا لمقتضيات الرقابة ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التى تحدد بقرار منه". ومفاد ذلك أن تخطى الحدود الجمركية أو الخط الجمركى بغير استيفاء الشروط التى نص عليها القانون رقم 182 لسنة 1960 والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الادارية المنوط بها منحه، يعد جلبا محظورا. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد اجتاز بالمخدرات الخط الجمركى، وذلك بنقلها من الضفة الشرقية لقناة السويس الى الضفة الغربية لها، فان ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به فى القانون، ويكون النعى عليه بالخطأ فى تطبيقه غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على علم الطاعن بأن ما يحرزه مخدر فى قوله "وحيث أنه وان كان المتهم قد اعترف فى تحقيق النيابة بضبط الحقيبة وأنكر علمه بما كانت تحويه من مخدر الا أن المحكمة لا تعول على هذا الانكار وتعتبره من قبيل الدفاع ويدحضه اعتراف المتهم فى محضر ضبط الواقعة وما شهد به الشهود بل ان روايته أمام النيابة أنه كلف بنقل الحقيبة لقاء مبلغ كبير من المال (ثمانمائة جنيه) يقطع بتوافر ركن العلم فى حقه". وكان المستفاد مما أورده الحكم أنه استظهر علم الطاعن بأن ما يحرزه مخدر من اعترافه بذلك فى محضر الضبط، وكان من حق محكمة الموضوع أن تعول على اعتراف المتهم فى هذا المحضر - متى أطمأنت اليه - ولو عدل عنه بعد ذلك فان تزيد الحكم بعد ذلك فى القول بأن الطاعن أقر بتحقيق النيابة أنه كلف بالنقل لقاء مبلغ كبير من المال (ثمانمائة جنيه) فى حين أنه قرر أن المبلغ مائتا جنيه، هو تزيد لا أثر له فى منطق الحكم أو فى النتيجة التى انتهى اليها من اعتراف الطاعن فى محضر الضبط بأن ما يحرزه مخدر وبفرض خطأ الحكم فى مقدار المبلغ الذى كلف الطاعن بنقل الحقيبة فى مقابله فان هذا الخطأ لا يعدو أن يكون خطأ ماديا لا يعيب الحكم ولا يقدح فى سلامته، ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد على غير سند. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.