أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 1204

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدى وأحمد محمد هيكل ومحمد عبد المنعم البنا ومحمد الصوفى عبد الجواد.

(215)
رقم الطعن 2603 لسنة 50 القضائية

1 - اثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
تقدير آراء الخبراء. موضوعى.
قضاء الحكم بالبراءة. تأسيسا على نفى التشابه بين أوراق النقد المقلدة والصحيحة. لا على مجرد عدم اتقان التقليد. لا عيب.
2 - تقليد. تزييف. جريمة "أركانها" "الجريمة المستحيلة". شروع.
تحضير أدوات التزييف واستعمالها فى اعداد العملة الورقية الزائفة. شروع فى جريمة تقليدها. شرط ذلك؟ عدم صلاحية الأدوات لتحقيق الغرض المقصود منها. اعتبار جريمة التقليد والشروع بها مستحيلتين.
1 - لما كان تقدير اراء الخبراء من اطلاقات محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم اليها بغير معقب عليها فى ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتنع بما أورده تقرير قسم ابحاث التزييف والتزوير بشأن الطريقة التى تم بها التقليد وما انتهى اليه التقرير من عدم امكان الانخداع بالاوراق المقلدة فان ما تنعاه الطاعنة فى هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه انه لم يؤسس قضاءه بالبراءة على مجرد عدم اتقان التقليد وانما على نفى التشابه بين أوراق النقد المقلدة والأوراق الصحيحة مما لا يسمح بالانخداع بالاوراق المقلدة وقبولها فى التدواول فانه لا يكون هناك محل للنعى على الحكم فى هذا الخصوص.
2 - من المقرر ان مجرد تحضير الادوات اللازمة للتزييف واستعمالها بالفعل فى اعداد العملة الورقية الزائفة التى لم تصل الى درجة من الاتقان تكفل لها الرواج فى المعاملة هى فى نظر القانون من أعمال الشروع المعاقب عليها قانونا الا ان شرط ذلك بداهة ان تكون الوسائل المستعملة فى التقليد تصلح بطبيعتها لصنع ورقة زائفة تشبه العملة الورقية الصحيحة أما اذا كانت هذه الوسائل غير صالحة بالمرة لتحقيق الغرض المقصود منها ولا تؤدى مهما اتقن استعمالها الى انتاج ورقة زائفة شبيهة بالورقة الصحيحة - كما هو الحال فى صورة الدعوى الماثلة - فان جريمة التقليد فى هذه الحالة تكون مستحيلة استحالة مطلقة والشروع فيها غير مؤثم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما المتهم الأول: أولا: قلد عملة ورقية متداولة قانونا فى الخارج هى الاوراق المالية المقلدة المضبوطة فئة العشرة دنانير اردنية بان اصطنعها على غرار الاوراق المالية الصحيحة على النحو المبين بتقرير قسم ابحاث التزييف بقصد ترويجها. ثانيا: حاز بقصد الترويج وروج العملة الورقية المقلدة سالفة الذكر بأن دفع بها الى التداول على النحو المبين بالتحقيقات مع علمه بتقليدها. المتهمة الثانية: حازت بقصد الترويج ست ورقات من فئة العشرة دنانير الاردنية المقلدة المضبوطة سالفة الذكر مع علمها بتقليدها. وطلبت من مستشار الاحالة احالتهما الى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادتين 2 و20/ 1 و203 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الاسكندرية قضت حضوريا للمطعون ضدها الثانية وغيابيا للأول ببراءة كل منهما مما اسند اليه ومصادرة الاوراق المضبوطة.
فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

وحيث ان النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه اذ قضى بتبرئة المطعون ضدهما من جرائم تقليد عملة ورقية وحيازة وترويج عملة ورقة مقلدة قد شابه الفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب ذلك ان الحكم اقام قضاءه بالبراءة على ان التقليد لم يكن على درجة من الاتقان يمكن ان ينخدع بها احد واستند فى ذلك الى ما انتهى اليه تقريرا قسم ابحاث التزييف والتزوير من ان الأوراق المضبوطة كانت رديئة التفليد ولا ينحدع بها الشخص العادى والى ان التقليد تم بواسطة أدوات مما يستعمله التلاميذ فى المدارس، فى حين أن خبير قسم ابحاث التزييف والتزوير باعتباره اخصائيا فنيا قد ينحو الى التشدد فى تقديره. وانه ليس ثمة ما يمنع من أن يتم التقليد باى وسيلة تؤدى اليه، كما أنه لا يشترط أن يكون التقليد متقنا بل يكفى ان يكون ثمة تشابه بين الاوراق المقلدة والاوراق الصحيحة من شأنه ان يكفل لها الرواج فى التعامل وانخداع البعض بها وقد اغفل الحكم فى هذا الشأن ان المطعون ضدها الثانية قبلت ست ورقات مقلدة كما لم يعرض لما ثبت من الجناية رقم 3218 سنة 1975 المرفقة بالاوراق من ضبط ورقة نقد مقلدة من ذات المصدر مما يشير الى انخداع اكثر من شخص بالاوراق المقلدة هذا الى انه بفرض صحة ما ذهب اليه الحكم فان الوافعة تكون جناية الشروع فى التقليد وذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بعد ان يبين ادلة الاثبات التى ساقتها سلطة الاتهام ومن بينها ضبط ورقة نقد مقلدة بطريقة مماثلة فى الجناية الاخرى المرفقة انتهى الى تبرئة المطعون ضدها الثانية استنادا الى أنها لم تفحصى الأوراق المسلمة اليها من المطعون ضده الاول ولم تتبين انها مقلدة, ثم عرض الحكم لموقف المطعون ضده الاول وخلص الى براءته مبررا قضاءه بذلك فى قوله "ومن حيث انه بالنسبة للمتهم الاول فان هذه، المحكمة تستخلص من تقارير قسم ابحاث التزييف والتزوير ومن أقوال النقيب....... ومن مناظرة المحكمه للاوراق المضبوطة ان التقليد لا يمكن ان ينخدع به الشخص العادى لانه قد تم بادوات الرسم التى يستعملها التلاميذ فى المدارس وبصورة غير متقنة ولا يغير من ذلك ما ثبت من ان المتهمة الثانية (المطعون ضدها الثانية) قد قبلتها من المتهم الاول وذلك لانها احتفظت بها كوديعة له دون ان تفحصهاء. لما كان ذلك، وكان تقدير اراء الخبراء من اطلاقات محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم اليها بغير معقب عليها فى ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتنع بما أورده تقرير قسم ابحاث التزييف والتزوير بشأن الطريقة التى تم بها التقليد وما انتهى اليه التقرير من عدم امكان الانخداع بالاوراق المقلدة فان ما تنعاه الطاعنة فى هذا الشأن يكون على غير اساسء. لما كان ذلك، وكان مفاد ما اورده الحكم المطعون فيه أنه لم يؤسس قضاءه بالبراءة على مجرد عدم اتقان التقليد وانما على نفى التشابه بين أوراق النقد المقلدة والاوراق الصحيحة مما لا يسمح بالانخداع بالاوراق المقلدة وقبولها فى التداول فانه لا يكون هناك محل للنعى على الحكم فى هذا الخصوص، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لواقعة استلام المطعون ضدها الثانية لبعض الاوراق المقلدة من المطعون ضده الاول ونفى صلاحية هذه الواقعة للتدليل على امكان الانخداع بالاوراق المقلدة وذلك بما استخلصه من ان المطعون ضدها الثانية تسلمت تلك الاوراق على سبيل الوديعة ولم تقم بفحصها، وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة ان أوراق الجناية رقم 3218 سنة 1975 الموسكى المنضمه لا تشتمل على ما يفيد قبول الورقة المضبوطة بها فى التداول على العكس من ذلك فان من قدمت اليه تلك الورقة قد اكتشف بمجرد فحصه لها أنها مقلدة عن طريق الرسم باليد، فان ما تنعاه الطاعنة على الحكم فى هذا الشأن يكون على غير أساس لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد تحضير الادوات اللازمة للتزييف واستعمالها بالفعل فى اعداد العملة الورقية الزائفة التى لم تصل الى درجة من الاتقان تكفل لها الرواج فى المعاملة هى فى نظر القانون من أعمال الشروع المعاقب عليها قانونا الا ان شرط ذلك بداهة ان تكون الوسائل الصحيحة فى التقليد تصلح بطبيعتها لصنع ورقة زائفة تشبه العملة الورقية الصحيحة أما اذا كانت هذه الوسائل غير صالحة بالمرة لتحقيق الغرض المقصود منها ولا تؤدى مهما اتقن استعمالها الى انتاج ورقة زائفة شبيهة بالورقة الصحيحة كما هو الحال فى صورة الدعوى الماثلة - فان جريمة التقليد فى هذه الحاله تكون مستحيلة استحالة مطلقة والشروع فيها غير مؤثم ويكون منعى الطاعنة فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.