أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 32 - صـ 1220

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ابراهيم حسين رضوان وحسين كامل حنفى ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسى.

(219)
الطعن رقم 2290 لسنة 51 القضائية

اثبات "خبرة". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". قتل عمد.
تحديد وقت الوفاه. مسألة فنية بحت. المنازعة فيه. دفاع جوهرى وجوب تحقيقه عن طريق المختص فنيا. مخالفة ذلك. قصور واخلال بحق الدفاع.
منازعة الدفاع فى تحديد وقت الحادث. تتضمن المطالبة الجازمة بتحقيق هذا الدفاع والرد عليه. سكوته عن طلب اهل الفن صراحة لتحديده. لا يقدح فى اعتبار دفاعه جوهريا.
اقامة الطاعن دفاعه على نفى وقوع الحادث فى المكان الذى وجدت فيه جثة المجنى عليه. استنادا الى ما ثبت من المعاينة من عدم وجود دماء فى هذا المكان رغم اصابة المجنى عليه بعدة جروح قطعية. دفاع جوهرى. اغفال الحكم الرد عليه. قصور.
متى كان دفاع الطاعنين قد قام على نفى وقوع الحادث فى الزمان الذى حددته شاهدة الاثبات والمكان الذى وجدت فيه جثة المجنى عليه، دلل على ذلك بشواهد، منها ما أثبتته المعاينة من عدم وجود آثار دماء فى مكانها برغم اصابة المجنى عليه بالعديد من الاعيرة النارية التى أحدثت به نزيفا داخليا وآخر خارجيا، وما جاء بتقرير الصفة التشريحية من ان جثة المجنى عليه وجدت فى دور زوال التيبس الرمى ودخلولها فى دور التعفن الرمى، وكان الحكم المطعون فيه قد اغفل كليه دفاع الطاعن انتفاء وقوع الحادث فى الزمان الذى حددته الشاهدة المذكورة، وكان هذا الدفاع يعد دفاعا جوهريا لتعلقه بالدليل المقدم فى الدعوى والمستمد من أقوال شاهدة الرؤية الوحيدة، وينبنى عليه - لو صح - تغير وجه الرأى فيها، مما كان يقتضى من المحكمة وهى تواجه مسأله تحديد وقت الوفاة - وهى مسألة فنية صرف - ان تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغا الى غاية الامر فيها عن طريق المختص فنيا - وهو الطبيب الشرعى - أما وهى لم تفعل، فان حكمها يكون معيبا بالقصور فضلا عن الاخلال بحق الدفاع ولا يقدح فى هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة، ذلك بأن منازعة الطاعن فى تحديد الوقت الذى وقع فيه الحادث يتضمن فى ذاته المطالبة الجازمة بتحقيق والرد عليه بما يفنده. لما كان ذلك وكان الحكم فى معرض رده على دفاعه أن الحادث لم يقع حيث وجدت جثة المجنى عليه، قد اطرحه استنادا الى ثقته فى شهادة ابنة المجنى عليه وما أوراه تقرير الصفة التشريحية من وجود نزيف داخلى بالبطن، وكان هذا الدفاع جوهريا قصد به تكذيب شاهدة الرؤية سالفة الذكر ومن شأنه - ان صح - أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى، فانه لا يسوغ الاعراض عنه سواء بقالة الاطمئنان الى ما شهدت به الشاهدة المذكورة، لما يمثله هذا الرد من مصادرة لدفاع الطاعن، قبل ان ينحسم أمره بتحقيق تجريه المحكمة أو بالرد عليه بما يدحضه من ماديات الدعوى، أو بقالة ان النزيف بجثة المجنى عليه كان نزيفا داخليا ببطنه، غافلا عما سبق ان سجله بمدوناته نقلا عن تقرير الصفة التشريحية أنه الى جانب النزيف الداخلى ببطن المجنى عليه كان يوجد نزيف خارجى أيضا ومن ثم يكون ما أورده الحكم فى هذا الصدد قاصرا عن مواجهة دفاع الطاعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين أنهما (أولا) قتلا...... عمدا مع سبق الاصرار بان بيتا وعقدا العزم على قتله واعدا لهذا الغرض سلاحين ناريين (خرطوشين) وتوجها اليه فى المكان الذى اعتقدا سلفا بوجوده فيه وما ان تمكنا منه حتى اطلقا عليه عدة اعيره ناريه قاصدين من ذلك قتله فاحدثا به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. (ثانيا): المتهم الثانى: أ - أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا ماسورة مصقولة من الداخل - ب - أحرز ذخيرة مما تستعمل فى السلاح النارى آنف البيان بغير أن يكون مرخصا له فى حيازته أو احرازة. وطلبت الى مستشار الاحالة احالتهما الى محكمة الجنايات لمعاقبتها طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا عملا بالمواد 230، 231 من قانون العقوبات 1/ 1، 6، 26/ 1، 4، 30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 المرفق للقانون الاول مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالاشغال الشاقة لمدة سبع سنوات.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

ومن حيث ان مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانهما بجرائم القتل العمد مع سبق الاصرار واحراز سلاح نارى وذخيرته بغير ترخيص، قد شابه القصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع، ذلك بأن من بين ما قام عليه دفاع الطاعنين كذب شاهدة الاثبات الوحيدة......، لشواهد مادية عدداها منها أن المجنى عليه لم يقتل حيث وجدت جثته، اذ ثبت من المعاينة عدم وجود دماء فى مكانها، ولم يكن قتله فى الزمان الذى حددته الشاهدة المذكورة بدلالة ما جاء بتقرير الصفة التشريحيه من ان الجثة وجدت فى دور زوال التيبس الرمى ودخولها فى دور التعفن، الا أن الحكم المطعون فيه رد على بعض دفاعه بما لا يصلح ردا، وسكت كلية عن الرد على البعض الآخر مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى أن الطاعنين اتفقا على قتل المجنى عليه اخذا بالثار وعقدا العزم وبيتا النية على ذلك بعد تفكير ورؤية، واعدا لذلك سلاحين ناريين وتوجها الى حيث كان يقوم المجنى عليه برى حقل الاذرة الخاص به وما أن اقتربا منه حتى أطلق عليه احدهما طلقة من سلاحه النارى اصابته بين صدره وذراعه الأيمن، وعندما جرى خارجا من زراعته أطلق واحد منهما طلقة أخرى أصابته فى بطنه وهو مستلق على ظهره اثر سقوطه أرضا، كما أطلق عليه أحد الطاعنين طلقة ثالثة اصابته فى رأسه - وذلك على مرأى ابنته - وقد أودت هذه الاصابات بحياته. وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال ابنة المجنى عليه وزوجته وما ورد بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليه من أنه "اصيب وهو على قيد الحياة بثلاثة أعيرة خرطوش مطلقة من سلاح أو أسلحة من طرازها، سواء كانت بندقية أو مقروطة أو فردا، على النحو التالى: (1) عيار أصاب أيسر الوجه معمر بمقذوفات رشية أطلق من مسافة قريبة تقدر بالسنتمترات حكما بشكل الجرح وفتحة الدخول والاسواد البارودى حوله، وكان الاطلاق من الامام الى الخلف أساسا: (2) عيار أصاب يمين الصدر والعضد الايمن معمر بمقذوفات رشية وقطع رصاصية مطلق من مسافة جاوزت أقصى مدى لتجمع المقذوفات أى تعدت أربعة أمتار فى حالة استعمال سلاح طويل الماسورة أى بندقيه، وتقل المسافة تبعا لنسبة قصر ماسورة السلاح وكان اتجاه الاطلاق من اليمين الى اليسار أساسا: (3) عيار أصاب البطن من عيار 16 ومعمر بمقذوفات رشية وقطع رصاصية ومطلق من مسافة قريبة تقدر - بالسنتيمترات بين فوهة السلاح والمجنى عليه وكان اتجاهه من الامام الى الخلف أساسا وأن ما سلف روعى فيه الوضع العادى القائم للجسم فى تحديد اتجاهات الاطلاق للأعيرة الثلاثة، وأن وفاة المجنى عليه تعزى الى اصاباته النارية سالفة الذكر بما أحدثته من كسور بعظام الوجنة وعظم العضد الايمن وما صحب ذلك من نزيف داخلى وخارجى". لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعنين قد قام على نفى وقوع الحادث فى الزمان الذى حددته شاهدة الاثبات.... والمكان الذى وجدت فيه جثة المجنى عليه، دلل على ذلك بشواهد، منها ما اثبتته المعاينة من عدم وجود آثار دماء فى مكانها برغم اصابة المجنى عليه بالعديد من الاعيرة النارية التى أحدثت به نزيفا داخليا وآخر خارجيا، وما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن جثة المجنى عليه وجدت فى دور زوال التيبس الرمى ودخولها فى دور التعفن الرمى، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل كلية دفاع الطاعن انتفاء وقوع الحادث فى الزمان الذى حددته الشاهدة المذكورة، وكان هذا الدفاع يعد دفاعا جوهريا لتعلقه بالدليل المقدم فى الدعوى والمستمد من أقوال شاهدة الرؤية الوحيدة، وينبنى عليه - لو صح - تغير وجه الرأى فيها، مما كان يقتضى من المحكمة وهى تواجه مسألة تحديد وقت الوفاة - وهى مسألة فنية صرف - أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغا الى غاية الامر فيها عن طريق المختص فنيا - وهو الطبيب الشرعى - أما وهى لم تفعل، فان حكمها يكون معيبا بالقصور فضلا عن الاخلال بحق الدفاع, ولا يقدح فى هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة، ذلك بأن منازعة الطاعن فى تحديد الوقت الذى وقع فيه الحادث يتضمن فى ذاته المطالبة الجازمة بتحقيق والرد عليه بما يفنده. لما كان ذلك, وكان الحكم فى معرض رده على دفاعه أن الحادث لم يقع حيث وجدت جثة المجنى عليه، قد اطرحه استنادا الى ثقته فى شهادة ابنة المجنى عليه وما أوراه تقرير الصفة التشريحية من وجود نزيف داخلى بالبطن، وكان هذا الدفاع جوهريا قصد به تكذيب شهادة الرؤية سالفة الذكر ومن شأنه - أن صح - أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى، فانه لا يسوغ الاعراض عنه سواء بقالة الاطمئنان الى ما شهدت به الشاهدة المذكورة، لما يمثله هذا الرد من مصادرة لدفاع الطاعن، قبل ان ينحسم أمره بتحقيق تجريه المحكمة أو بالرد عليه بما يدحضه من ماديات الدعوى، أو بقالة ان النزيف بجثة المجنى عليه كان نزيفا داخليا ببطنه، غافلا عما سبق ان سجله بمدوناته نقلا عن تقرير الصفة التشريحية أنه الى جانب النزيف الداخلى ببطن المجنى عليه كان يوجد نزيف خارجى أيضا, ومن ثم يكون ما أورده الحكم فى هذا الصدد قاصرا عن مواجهة دفاع الطاعن بما يوجب نقضه والاعادة بغير حاجة الى بحث باقى وجوه الطعن.