أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 1248

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومحمد شعبان باشا وعبد الرحمن أبو سليمة وعبد الرحمن فهمي نواب رئيس المحكمة.

(173)
الطعن رقم 48022 لسنة 59 القضائية

إثبات "بوجه عام". استيقاف. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه. موضوعي. شرط ذلك؟
تعويل الحكم المطعون فيه على توافر ظرف الليل لقيام المبرر للاستيقاف والتفاته عن دفع الطاعن بما يخالف الثابت بالأوراق. خطأ في الإسناد يعيبه.
الأدلة في المواد الجنائية. ضمائم متساندة.
مثال لتسبيب معيب للتدليل على توافر حالة الاستيقاف في جريمة إحراز مخدر.
إذ كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان استيقافه والقبض عليه وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفع بقوله: "..... وتلتفت المحكمة عن ذلك الدفع إذ الثابت لها من أقوال ضابطي الواقعة التي تطمئن إليها أنه ما أن شاهدهما المتهم على تلك المسافة القريبة في مواجهته حتى بدت عليه أمارات الارتباك وتردد في سيره واضطرب في حركته بتلفته يميناً ويساراً في ذلك الوقت المتأخر من الليل الأمر الذي يرتب قيام حالة من الريبة في شأنه تشكلها تلك الظروف مجتمعة بما يبرر استيقافه لاستيضاح أمره....." ويبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن استيقاف ضابطي الواقعة للطاعن كان أثناء سيره - نهاراً - في الساعة الواحدة والنصف مساء. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه وتقرير الصلة بين هذا الإجراء وبين الدليل الذي تستند إليه سلطة الاتهام أياً ما كان نوعه من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب. غير أن ذلك مشروط بأن تكون قد التزمت الحقائق الثابتة بالأوراق وخلا حكمها من عيوب التسبيب. وإذ كان البين مما سبق أن الحكم المطعون فيه استند - من بين ما أسند إليه - إلى توافر ظرف الليل في القول بقيام المبرر للاستيقاف ورفض دفع الطاعن بما يخالف الثابت بالأوراق، فإنه يكون معيباً بالخطأ في الإسناد، وإذ كان لا يعرف مبلغ الأثر الذي كان لهذا الخطأ في عقيدة المحكمة لو تفطنت إليه، وكانت الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 22 من يونيه سنة 1989 عملاً بالمواد 1، 2، 37، 38، 43 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند 103 من الجدول الأول الملحق والمعدل مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه خمسمائة جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر "هيروين" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد ذلك بأنه دفع ببطلان استيقافه لعدم قيام ما يبرره بيد أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغ به إطراحه واستند إلى ما حصله من أقوال ضابطي الواقعة من أنهما استوقفا الطاعن أثناء سيره الساعة الثانية صباحاً - بعد منتصف الليل - في حين أن الثابت بالأوراق على لسان هذين الضابطين أنهما استوقفا الطاعن - نهاراً - الساعة الواحدة وخمسون دقيقة مساء ولو سلم الحكم من هذا الخطأ لكان من المحتمل أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان استيقافه والقبض عليه وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفع بقوله: "....... وتلتفت المحكمة عن ذلك الدفع إذ الثابت لها من أقوال ضابطي الواقعة التي تطمئن إليها أنه ما أن شاهدهما المتهم على تلك المسافة القريبة في مواجهته حتى بدت عليه أمارات الارتباك وتردد في سيره واضطرب في حركته بتلفته يميناً ويساراً في ذلك الوقت المتأخر من الليل الأمر الذي يرتب قيام حالة من الريبة في شأنه تشكلها تلك الظروف مجتمعة بما يبرر استيقافه لاستيضاح أمره...." ويبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن استيقاف ضابطي الواقعة للطاعن كان أثناء سيره - نهاراً - في الساعة الواحدة والنصف مساء لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه وتقرير الصلة بين هذا الإجراء وبين الدليل الذي تستند إليه سلطة الاتهام أياً ما كان نوعه من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب. غير أن ذلك مشروط بأن تكون قد التزمت الحقائق الثابتة بالأوراق وخلا حكمها من عيوب التسبيب. وإذ كان البين مما سبق أن الحكم المطعون فيه استند - من بين ما أسند إليه - إلى توافر ظرف الليل في القول بقيام المبرر للاستيقاف ورفض دفع الطاعن بما يخالف الثابت بالأوراق، فإنه يكون معيباً بالخطأ في الإسناد، وإذ كان لا يعرف مبلغ الأثر الذي كان لهذا الخطأ في عقيدة المحكمة لو تفطنت إليه، وكانت الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي ما يثيره الطاعن في طعنه.