مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السادس (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1942 لغاية 29 أكتوبر سنة 1945) - صـ 363

جلسة 20 ديسمبر سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة منصور إسماعيل بك، وبحضور حضرات: جندي عبد الملك بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

(277)
القضية رقم 2086 سنة 13 القضائية

حكم. متى يعتبر الحكم حضورياً؟ عند حضور المتهم الجلسة التي حصلت فيها المحاكمة وأتيحت له فرصة الدفاع عن نفسه. الحضور الاعتباري غير مقرّر في الإجراءات الجنائية. طلب المتهم حجز القضية إلى آخر الجلسة. إجابته إلى طلبه. انسحابه بعد ذلك. نظر الدعوى في غيبته والحكم فيها. هذا الحكم غيابي. حق المتهم في المعارضة فيه. الطعن فيه بطريق النقض. لا يجوز.
إنه وإن كان صحيحاً أن المقصود بالحضور في نظر المادة 162 من قانون تحقيق الجنايات هو وجود المتهم في الجلسة بشخصه أو بوكيل عنه في الأحوال التي يجوز فيها ذلك ولو لم يتكلم ويدافع عن نفسه، إلا أنه يشترط، لاعتبار الحكم حضورياً، أن يكون المتهم قد شهد الجلسة التي حصلت فيها المحاكمة وأتيحت له فرصة الدفاع عن نفسه. فإذا كان قد حضر جلسة أو جلسات سابقة ثم تخلف عن الحضور في جلسة المرافعة، أو كان قد حضر عند النداء في الجلسة ثم انسحب قبل أن تنظر قضيته فحصلت المحاكمة والمرافعة في غيابه، فإن الحكم يعتبر غيابياً. وذلك لأن الحضور في المواد الجنائية يجب أن يكون حقيقياً، أما الحضور الاعتباري الوارد ذكره في قانون المرافعات المدنية والتجارية فلا يعتد به في إجراءات المحاكمة الجنائية. فإذا كان الثابت بمحضر الجلسة أن المتهم بعد أن طلب حجز القضية إلى آخر الجلسة وأجابته المحكمة إلى طلبه انسحب، ثم لما نودي عليه بعد ذلك لم يحضر فنظرت المحكمة الدعوى في غيبته، وقضت بإدانته، فإن هذا الحكم لا يمكن أن يعتبر حضورياً. فإذا وصفته المحكمة الاستئنافية التي أصدرته بأنه حضوري ففوّتت بذلك على المتهم المعارضة فيه فإنها تكون قد أخطأت. ولكن خطأها هذا لا يجوّز للمتهم أن يطعن فيه بطريق النقض ما دام له أن يعارض فيه رغم وصفه بأنه حضوري. ذلك لأن الطعن بطريق النقض لا يجوز إلا بعد استنفاد طرق الطعن العادية وصيرورة الحكم نهائياً.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى فيما ينعاه على محكمة الموضوع أنها أخطأت إذ وصفت الحكم المطعون فيه بأنه حضوري، مع أنه (الطاعن) لم يحضر في الجلسة التي حصلت فيها المحاكمة والمرافعة، وعللت ذلك بأسباب خاطئة ففوّتت عليه فرصة المعارضة فيه، لأن قلم كتاب النيابة امتنع عن قبول التقرير منه بالمعارضة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية ومما أثبته الحكم المطعون فيه أن الطاعن حضر في أوّل جلسة مع وكيله وطلب تأجيل نظر الدعوى فرفضت المحكمة إجابته إلى هذا الطلب لأن الدعوى سبق تأجيلها دفعتين: الأولى لمرض الطاعن، والثانية لمرض محاميه، فعاد وطلب حجز القضية لآخر الجلسة للاطلاع عليها فأجابته المحكمة إلى طلبه هذا، ولما نودي في آخر الجلسة لم يحضر فنظرت الدعوى في غيبته، وقضت بإدانته - وقالت في صدد وصف الحكم "إنه ليس ثمة من شك في أن الحكم في الواقع وتطبيقاً للمادة 162 من قانون تحقيق الجنايات حكم حضوري، لأن تلك المادة نصت على أن المتهم إذا لم يحضر بنفسه ولم يرسل وكيلاً عنه يجوز الحكم في غيبته. وفي هذه الدعوى قد حضر المتهم فعلاً بالجلسة وأبدى طلبين ولكن لم يشأ الدفاع عن نفسه. وأن قضاء محكمة النقض قد استقرّ على أن المقصود بالحضور بالجلسة في نظر المادة 162 من قانون تحقيق الجنايات هو الوجود المادي للمتهم في الجلسة فإن حضر ولم يتكلم ولم يشأ الدفاع عنه نفسه فالحكم يكون حضورياً. وأن الذي يؤكد أن الشارع الأهلي قصد بالحضور الوجود المادي فقط أنه تعمد في قانون المرافعات الأهلي مخالفة التشريع المختلط والقوانين الفرنسية التي نصت على نوعين للغياب: الغياب الحقيق الذي لا يحضر فيه المدعى عليه والغياب المعنوي الذي يحضر فيه المدعى عليه ولكن لا يدافع عن نفسه".
وحيث إنه وإن كان صحيحاً أن المقصود بالحضور في نظر المادة 162 من قانون تحقيق الجنايات هو وجود المتهم في الجلسة بشخصه أو بوكيل عنه في الأحوال التي يجوز فيها ذلك ولم يشأ أن يتكلم ويدافع عن نفسه، إلا أنه يشترط لاعتبار الحكم حضورياً أن يكون المتهم قد شهد الجلسة التي حصلت فيها المحاكمة والمرافعة وأتيحت له فرصة الدفاع عن نفسه. فإذا كان قد حضر في جلسة أو جلسات سابقة، ثم تخلف عن الحضور في جلسة المرافعة، أو كان قد حضر عند ندائه في الجلسة ثم انسحب قبل أن تنظر قضيته فحصلت المحاكمة والمرافعة في غيابه، فإن الحكم يعتبر غيابياً. وذلك لأن الحضور الاعتباري المنصوص عليه في قانون المرافعات المدنية والتجارية غير مقرر في إجراءات المحاكمة الجنائية.
وحيث إنه لما كانت الثابت في الحكم ومحضر الجلسة أن الطاعن بعد أن طلب حجز القضية إلى آخر الجلسة وأجابته المحكمة إلى طلبه انسحب من الجلسة، ولما أن نودي بعد ذلك لم يحضر، فنظرت المحكمة الدعوى في غيبته وقضت بإدانته - لما كان ذلك هو الثابت فإن هذا الحكم لا يمكن أن يعتبر حضورياً، لأن إجراءات المحاكمة قد حصلت في غير وجوده ودون أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه، ومن الخطأ اعتباره حاضراً المحاكمة بعد انسحابه.
وحيث إن الخطأ في وصف الحكم لا يغير من حقيقة الواقع. ولما كان الثابت بالحكم المطعون فيه وبمحضر الجلسة أن المحاكمة حصلت في غيبة الطاعن فإن له أن يعارض في الحكم رغم وصفه بأنه حضوري. وما دام باب المعارضة فيه لا يزال مفتوحاً، فلا يجوز الطعن فيه بطريق النقض، لأن الطعن بهذا الطريق لا يصح إلا بعد استنفاد طرق الطعن العادية وصيرورة الحكم نهائياً.